سؤال حيرني ..............

بعد يوم ثقيل الوطأة وأكثرها ضجيجاً
سألني أحدهم كيف كان الرشيد يتمايل من ثمالة الخمر بأقداح الغانيات
ويقطف التفاح ، بينما كان يمد السيف حتى طال بلاد الواق واق ؟؟
حاولتُ أن أشحد عقلي وسألتُ الله أن يجود عليّ بإجابة تخرجني من هذا المأزق
وبعد تفكير اضنى تلابيب عقلي ، لم أعثر على الإجابة
أصبحتُ مثل سائح خرج من سفينة نوح يمشي على أرض نيويورك
وكررتُ السؤال على نفسي
من يكتب التاريخ ؟ وكيف ومتى ؟
ابتداء من صهيل القهوة العربية حتى السوق الأوروبية
ومن سقوط غرناطة حتى محاكم التفتيش الدولية
هل ما وصلنا من التاريخ هو تلاطم أكاذيب وطلاسم أساطير؟؟
ام هو حقيقة ؟؟
وهل ما جاء عن قيس بن الملوح صحيحا ؟؟
وهل كادتْ شجرة الدر تحفر على خديها خالا عندما تنازلت عن العرش ؟؟
وهل كان جمال زنوبيا يذيب قرص الشمس ؟؟
وهل فضلت أن تفصل روحها عن الجسد بيدها قبل أن تنام على جمر اورليانوس ؟
وهل كان الماركسيون يبكون الطاغوت فوق رؤوسهم ؟
وهل كان كافور يتوق الى شعر المتنبي ؟
وهل وهل وهل ؟؟
متى يُكتب التاريخ ؟ ومن يكتبه ؟ وأين يكتب ؟
وهل يكتبه من يخرج منتصرا من المعركة ؟
ام المهزوم ؟؟
أم من هم في الساحة على صفوف المتفرجين ؟؟
وهل لُونَ التاريخُ برؤية شخصية من الكاتب ؟؟
وهل يتم تلوينه باللون الأبيض أم الأسود ؟
أنا شخصيا قرأتُ حادثة واحدة بأكتر من رواية وأكثر من تفسير
فما ذنب الأجيال القادمة؟؟
**

العلوم وفلسفة العلوم

الفكر وطريقة التفكير

التاريخ والتأريخانية ( بالهمزة)

الفرق بين هذه المصطلحات الستة ... يثير الآن موجة من الأسئلة المعرفية


ويحاول العقلاء تقديم الاجابة

ولأن ديننا علمنا أن سيدنا إبراهيم عليه السلام يسأل الله أكبر من هذه الاسئلة فأجابه .. ليطمئن قلبه


فنحن نرحب في الواحة بمثل هذه الأسئلة

أخي الحبيب : أنا أنتظر جوابك على الأسئلة لأبدأ معك الحوار


\

تقبل بالغ تقديري

يقول "راسل" (العلم هو ما أعرفه، والفلسفة هي ما لا أعرفه).
اي أن السؤال فلسفة و فكر
وهو مفتاح الامتداد الفكري و المعرفي
و الجواب يكمن في العلم

لنا أن نتسائل و نطوف في مدارات الإستفهام لاستجلاء المعنى و تصويب المسار

و العلم حكم بما يحويه من مناهج و منطق يفضي لليقين العلمي

ليستمر الحوار

خليل المعرفة اليوم سؤال و مصطلح

تحياتي

بعد يوم ثقيل الوطأة وأكثرها ضجيجاً
سألني أحدهم كيف كان الرشيد يتمايل من ثمالة الخمر بأقداح الغانيات
ويقطف التفاح ، بينما كان يمد السيف حتى طال بلاد الواق واق ؟؟

وما الدليل هنا

وهذه مصيبة ان نصدق ان البكّاء الذي اذا ذكر بلقاء الله بكى الى ان يبل لحيته بانه شارب للخمر ومترنم مع رقص الغواني
اخواني هذا الرشيد الذي فتح الله له وانار له الدنيا الذي امطر له الله السحب انى امطرت اتاه خراجها فهل يعقل ان نصدق ما قيل من دس عنه بانه شارب للخمر
رجل يحج سنة ويجاهد سنة هل يعقل
لذى نشات حيرتك
ما الرشيد يا اخي بشارب خمر ومن يقول ذلك فاقول له ما لك من عقل
التاريخ لابد ان ينظف من ما علق به من تدليس وقد دلس عليه كثيرا من ابواب عدة
واليك مقتطف من جمع نصوصه فاعل خير ...

يروي ابن خلدون ـ بعد ما ذكر حديث المفترين على هارون الرشيد ـ فيقول :
وأين هذا من حاله وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة ، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء ، ومحاورته للفضيل بن عياض ، وابن السماك ، والعمري ، ومكاتبته لسفيان الثوري ، وبكاؤه من مواعظهم ، ودعاؤه بمكة في طوافه ، وما كان عليه من المحافظة على أوقات الصلاة ، وشهود صلاة الصبح لأول وقتها .
ثم يقول : حكى الطبري وغيره ، أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة نافلة ، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً.
ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أن الرشيد : كان من عادته في كل حجة يحجها أن يوزع أموالاً طائلة وصدقات عظيمة ، على سكان الحرمين الشريفين وفقراء الحجيج .
ثم يقول : ولم يسبقه في مثل هذا خليفة قبله ، وربما كان السبب في عنايته بالحج ، واهتمامه بالترفيه عن أهل مكة المكرمة والمدينة المنورة، أنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل توليه الخلافة فقال له : إن هذا الأمر صائر إليك ، فاغزو وحج ووسع على أهل الحرمين .
إن التدين في سلوك الرشيد لم يكن صلاة رياء أمام الناس ، ولا حجاً يباهي به في كل موسم ، أو صدقات يعلنها ليمدحه رجال الدين ، وإنما كان الوازع الديني يقظاً في سر الرشيد وعلانيته ، يكره المراء والجدال في الدين ، ينقاد للصواب كلما تبين له وجه الحق ، يعلّم الوعاظ كيف يعظون.
يذكر ابن كثير في البداية والنهاية : أن الرشيد كان يطوف يوماً بالبيت ، إذ عرض له رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، إني أريد أن أكلمك بكلام فيه غلظة ، فقال له الرشيد : لا ، ولا نعمت بعيش ، قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني ، فأمره أن يقول له قولاً ليناً .
أي بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون وقال لهما : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ).
ويروي ابن كثير أيضاً فيقول :
يروي أبو معاوية الضرير محمد بن حازم فيقول : كنت أجالس الرشيد ، وأروي له الأحاديث ، فما ذكرت أمامه كلمة ( النبي ) صلى الله عليه وسلم ، إلا سمعته يقول : صلى الله على سيدي رسول الله .
إذن لحساب من هذه الافتراءات ، إن الذين عنوا بنشر أخبار المجون عن السادة الشرفاء ، هم جماعة من الذين انهمكوا في اللذات المحرمة ، وأغرموا بهتك قناع المخدرات ، رغبة في التأسي بهؤلاء العظماء ، الذين صوروهم بالصورة التي أرادوها لهم ، حتى يجعلوا منهم قدوة لهم فيما يرتكبونه من الموبقات.
وأغلب الظن أن الذين تولوا كبر هذا الدس في حياة هارون الرشيد ، هم جماعة من الشيعة الذين كانوا حريصين على تلويث تاريخ الشخصيات العظيمة من العباسيين ، حتى يتقربوا إلى العلويين ، كما أن هناك طائفة أخرى من الشعوبيين الفرس ، الذين أصابتهم نكبة البرامكة بالحرمان من النفوذ والعطاء ( والبرامكة : ينسبون إلى خالد بن برمك ، وهو أول من تمكن منهم في دولة بني العباس ، وكان أبوه برمك من مجوس بلخ ) فأخذوا يتقولون على الرشيد ما لم يقله ، وينسبون إليه ما لم يفعله ، من الأمور التي تطمس محاسنه من صفحات التاريخ.
نقرأ كثيراً عن القادة والزعماء الأوربيين ، فلا نجد أحداً من المؤرخين يلقي بالاً لسيرته الشخصية ، فلا يحكم على الرجل إلا بما قام به من أعمال عامة تضر بالدولة أو ترفع من شأنها.
أما إذا قرأنا تاريخنا ، فإننا نرى العجب في العناية بالسير الخاصة والأخلاق الشخصية المحضة ، وأسرار بيوت الأعلام البارزين ، حتى ترى أنهم يدخلون في حجرة نومهم ، ليسردوا من أخبارهم ما لا يمكن الحصول معه على شهود يوثق بهم ، في مثل هذه الأخبار التي نسجوها من محض خيالهم .
ولو عرف أولئك المتزلفون ، أنهم زرعوا بذوراً لأعداء الإسلام ، مما جعلوا منه فيما بعد أشواكاً لوخز الإسلام في رجاله وأبطاله ، لما خطوا كلمة في ذلك.
وكل ما نرجوه من القارئ الواعي ، أن لا يأخذ هذه المنقولات على علاتها ، ويجب أن يضع نصب عينيه دائماً هذه الحكمة : إذا كان المتكلم مجنوناً ، فيجب أن يكون السامع عاقلاً.
ثم أترك الحكم للمنصفين من القراء العقلاء من أهل العلم والمعرفة ، ليقولوا في هذا الرجل كلمة التاريخ.
اتمنى ان حيرتك قد انتهت

الأستاذ جهاد عفانة

لقد طرحت أسئلة جوهرية خطيرة ..
إن المسلم اليوم ليتحير إزاء هذا الكم الهائل من الروايات التاريخية التي تصل إلى حد التضارب والاختلاف المروع ، ثم يتبادر السؤال إلى الذهن : أين الصحيح من السقيم ؟
ان المسألة هنا تحتاج الى جهود كبيرة من قبل المؤرخين وأهل الاختصاص والمهتمين بالتاريخ لغربلة هذه الروايات ، اننا احرزنا مثلاً خطوات رائعة في مجال دراسة الأحاديث النبوية وفرز الصحيحة منها عن الموضوعة ، من حيث دراسة السند من خلال علم ( الجرح والتعديل ) ، ودراسة المتن ..
وآن لنا الآن ان نسحب هذه التجربة الى مجال التاريخ ، فنفحص الروايات التاريخية من حيث دراسة الرجال الذين نقلوا الينا هذه الروايات ، فان كان فيهم ضعيف او كذاب او ... لا نأخذ بروايته .
مثلاً يقول اهل التاريخ ان كتاب ( الاغاني ) للاصفهاني ليس له أية قيمة تاريخية ، انه يدرس لطلبة اللغة العربية لما فيه من بلاغة وفصاحة ، أما تاريخيا فهو .. لا شيء ..
فلننتبه الى ذلك ..
اما سؤالك :
من يكتب التاريخ ؟ وكيف ومتى ؟
متى يُكتب التاريخ ؟ ومن يكتبه ؟ وأين يكتب ؟
وهل يكتبه من يخرج منتصرا من المعركة ؟
ام المهزوم ؟؟
أم من هم في الساحة على صفوف المتفرجين ؟؟
وهل لُونَ التاريخُ برؤية شخصية من الكاتب ؟؟
وهل يتم تلوينه باللون الأبيض أم الأسود ؟
أنا شخصيا قرأتُ حادثة واحدة بأكثر من رواية وأكثر من تفسير
فما ذنب الأجيال القادمة؟؟
أقول : مع الأسف ، إننا لم نكتب تاريخنا ، لقد كتبه لنا غيرنا من المستشرقين ومن شاكلهم ، وهؤلاء كانوا يضعون السم في الدسم .

وهناك مسألة أخرى مهمة أيضاً وهو أننا في كتابة التاريخ الإسلامي نركز على التاريخ السياسي أو العسكري وعلى أخبار الأسرة الحاكمة فقط ، وننسى تاريخنا الحضاري ، التاريخ الذي اقتبس الغرب منه قبسة فأضاء لها ظلام قرونهم الطويلة ..

هذه نقاط وضعتها على عجالة هنا ، فأرجو أن تكون واضحة ..

مع خالص تحياتي

العلوم وفلسفة العلوم
الفكر وطريقة التفكير
التاريخ والتأريخانية ( بالهمزة)
الفرق بين هذه المصطلحات الستة ... يثير الآن موجة من الأسئلة المعرفية
ويحاول العقلاء تقديم الاجابة
ولأن ديننا علمنا أن سيدنا إبراهيم عليه السلام يسأل الله أكبر من هذه الاسئلة فأجابه .. ليطمئن قلبه
فنحن نرحب في الواحة بمثل هذه الأسئلة
أخي الحبيب : أنا أنتظر جوابك على الأسئلة لأبدأ معك الحوار
\
تقبل بالغ تقديري

طاب مساؤك بكل خير أخي خليل
مع أنني حرصتُ على توقيعي ليكون _ بنت القدس _ إلا أنني دايما أُخاطب بصيغة المذكر في هذا المنتدى لا أدري لماذا
على كل حال

إن بداية التاريخ مجهولة ولا يمكننا أن نضع نقطة واضحة للحضارة
أعتقد أن من يكتب الدراما التاريخية هو المنتصر بأغلب فصولها كيفما يشاء وحسب مصلحته
وهناك كاذبين بارعين استطاعوا تجنيد الرأي العام والسلطات والجهات الأمنية وبعض الأطراف العالمية بعد أن أطلقوا أكاذيبهم بشتى أنواعها
لا ادري هل لقصر ذات اليد التي يحس بها المهزوم أم لعجز الضعيف أمام القوي
إذا هل تشاركني الرأي أن ما وصلنا من التاريخ كان أكثره أضغاث أحلام ؟
أنتظر ردك

اعتذر بشدة عن خطأ التأنبث والتذكير ... أختنا النقية جهاد

أعتقد أن التاريخ شئ وكتابته شيئ آخر أختي الكريمة ...
التاريخ هو الوقائع .. التي قد نراها بجماجمنا فقط ... وهنا تكمن العلة


العلة في عقليتنا نحن

ككتاب من ناحية وكمتلقين من ناحية أخرى ...


عقليتنا تنحاز دوماً للمشاعر

وسمى العقل ( علي الوردي ) سماه مهزلة

ماذا لو تتأملين كتابه الهام جداً

مهزلة العقل البشري

لأبدأ معك حواراً معرفياً ... أوفى ؟


\

بالغ تقديري

يقول "راسل" (العلم هو ما أعرفه، والفلسفة هي ما لا أعرفه).
اي أن السؤال فلسفة و فكر
وهو مفتاح الامتداد الفكري و المعرفي
و الجواب يكمن في العلم
لنا أن نتسائل و نطوف في مدارات الإستفهام لاستجلاء المعنى و تصويب المسار
و العلم حكم بما يحويه من مناهج و منطق يفضي لليقين العلمي
ليستمر الحوار
خليل المعرفة اليوم سؤال و مصطلح

تحياتي

العلم والثقافة هما المترجم الأمين لضمير الأمة والسفير المتجول للإرث الحضاري التاريخي
والفلسفة تُعبر عن الفكر الراقي وتداعيات المستقبل والحاضر
إذا
قد نضيف ثرءا فكريا لثقافتنا
أشكرك أخي عبد الصمد على زيارتك التي راقت لي
تحياتي

وما الدليل هنا
وهذه مصيبة ان نصدق ان البكّاء الذي اذا ذكر بلقاء الله بكى الى ان يبل لحيته بانه شارب للخمر ومترنم مع رقص الغواني
اخواني هذا الرشيد الذي فتح الله له وانار له الدنيا الذي امطر له الله السحب انى امطرت اتاه خراجها فهل يعقل ان نصدق ما قيل من دس عنه بانه شارب للخمر
رجل يحج سنة ويجاهد سنة هل يعقل
لذى نشات حيرتك
ما الرشيد يا اخي بشارب خمر ومن يقول ذلك فاقول له ما لك من عقل
التاريخ لابد ان ينظف من ما علق به من تدليس وقد دلس عليه كثيرا من ابواب عدة
واليك مقتطف من جمع نصوصه فاعل خير ...

يروي ابن خلدون ـ بعد ما ذكر حديث المفترين على هارون الرشيد ـ فيقول :
وأين هذا من حاله وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة ، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء ، ومحاورته للفضيل بن عياض ، وابن السماك ، والعمري ، ومكاتبته لسفيان الثوري ، وبكاؤه من مواعظهم ، ودعاؤه بمكة في طوافه ، وما كان عليه من المحافظة على أوقات الصلاة ، وشهود صلاة الصبح لأول وقتها .
ثم يقول : حكى الطبري وغيره ، أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة نافلة ، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً.
ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أن الرشيد : كان من عادته في كل حجة يحجها أن يوزع أموالاً طائلة وصدقات عظيمة ، على سكان الحرمين الشريفين وفقراء الحجيج .
ثم يقول : ولم يسبقه في مثل هذا خليفة قبله ، وربما كان السبب في عنايته بالحج ، واهتمامه بالترفيه عن أهل مكة المكرمة والمدينة المنورة، أنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل توليه الخلافة فقال له : إن هذا الأمر صائر إليك ، فاغزو وحج ووسع على أهل الحرمين .
إن التدين في سلوك الرشيد لم يكن صلاة رياء أمام الناس ، ولا حجاً يباهي به في كل موسم ، أو صدقات يعلنها ليمدحه رجال الدين ، وإنما كان الوازع الديني يقظاً في سر الرشيد وعلانيته ، يكره المراء والجدال في الدين ، ينقاد للصواب كلما تبين له وجه الحق ، يعلّم الوعاظ كيف يعظون.
يذكر ابن كثير في البداية والنهاية : أن الرشيد كان يطوف يوماً بالبيت ، إذ عرض له رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، إني أريد أن أكلمك بكلام فيه غلظة ، فقال له الرشيد : لا ، ولا نعمت بعيش ، قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني ، فأمره أن يقول له قولاً ليناً .
أي بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون وقال لهما : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ).
ويروي ابن كثير أيضاً فيقول :
يروي أبو معاوية الضرير محمد بن حازم فيقول : كنت أجالس الرشيد ، وأروي له الأحاديث ، فما ذكرت أمامه كلمة ( النبي ) صلى الله عليه وسلم ، إلا سمعته يقول : صلى الله على سيدي رسول الله .
إذن لحساب من هذه الافتراءات ، إن الذين عنوا بنشر أخبار المجون عن السادة الشرفاء ، هم جماعة من الذين انهمكوا في اللذات المحرمة ، وأغرموا بهتك قناع المخدرات ، رغبة في التأسي بهؤلاء العظماء ، الذين صوروهم بالصورة التي أرادوها لهم ، حتى يجعلوا منهم قدوة لهم فيما يرتكبونه من الموبقات.
وأغلب الظن أن الذين تولوا كبر هذا الدس في حياة هارون الرشيد ، هم جماعة من الشيعة الذين كانوا حريصين على تلويث تاريخ الشخصيات العظيمة من العباسيين ، حتى يتقربوا إلى العلويين ، كما أن هناك طائفة أخرى من الشعوبيين الفرس ، الذين أصابتهم نكبة البرامكة بالحرمان من النفوذ والعطاء ( والبرامكة : ينسبون إلى خالد بن برمك ، وهو أول من تمكن منهم في دولة بني العباس ، وكان أبوه برمك من مجوس بلخ ) فأخذوا يتقولون على الرشيد ما لم يقله ، وينسبون إليه ما لم يفعله ، من الأمور التي تطمس محاسنه من صفحات التاريخ.
نقرأ كثيراً عن القادة والزعماء الأوربيين ، فلا نجد أحداً من المؤرخين يلقي بالاً لسيرته الشخصية ، فلا يحكم على الرجل إلا بما قام به من أعمال عامة تضر بالدولة أو ترفع من شأنها.
أما إذا قرأنا تاريخنا ، فإننا نرى العجب في العناية بالسير الخاصة والأخلاق الشخصية المحضة ، وأسرار بيوت الأعلام البارزين ، حتى ترى أنهم يدخلون في حجرة نومهم ، ليسردوا من أخبارهم ما لا يمكن الحصول معه على شهود يوثق بهم ، في مثل هذه الأخبار التي نسجوها من محض خيالهم .
ولو عرف أولئك المتزلفون ، أنهم زرعوا بذوراً لأعداء الإسلام ، مما جعلوا منه فيما بعد أشواكاً لوخز الإسلام في رجاله وأبطاله ، لما خطوا كلمة في ذلك.
وكل ما نرجوه من القارئ الواعي ، أن لا يأخذ هذه المنقولات على علاتها ، ويجب أن يضع نصب عينيه دائماً هذه الحكمة : إذا كان المتكلم مجنوناً ، فيجب أن يكون السامع عاقلاً.
ثم أترك الحكم للمنصفين من القراء العقلاء من أهل العلم والمعرفة ، ليقولوا في هذا الرجل كلمة التاريخ.
اتمنى ان حيرتك قد انتهت

قد يكون ما وصل من التاريخ مجحفا في حق الرشيد
لكن يجب ان لا تننظر للأمور من ثقب صغير ويجب أن لا ننكر ما أصاب التاريخ من خراب ودمار وتزوير
لهذا كنت أتسائل
ما الصحيح وما الخطأ
أشكرك على هذا الشرح المفيد
تحياتي

الأستاذ جهاد عفانة
لقد طرحت أسئلة جوهرية خطيرة ..
إن المسلم اليوم ليتحير إزاء هذا الكم الهائل من الروايات التاريخية التي تصل إلى حد التضارب والاختلاف المروع ، ثم يتبادر السؤال إلى الذهن : أين الصحيح من السقيم ؟
ان المسألة هنا تحتاج الى جهود كبيرة من قبل المؤرخين وأهل الاختصاص والمهتمين بالتاريخ لغربلة هذه الروايات ، اننا احرزنا مثلاً خطوات رائعة في مجال دراسة الأحاديث النبوية وفرز الصحيحة منها عن الموضوعة ، من حيث دراسة السند من خلال علم ( الجرح والتعديل ) ، ودراسة المتن ..
وآن لنا الآن ان نسحب هذه التجربة الى مجال التاريخ ، فنفحص الروايات التاريخية من حيث دراسة الرجال الذين نقلوا الينا هذه الروايات ، فان كان فيهم ضعيف او كذاب او ... لا نأخذ بروايته .
مثلاً يقول اهل التاريخ ان كتاب ( الاغاني ) للاصفهاني ليس له أية قيمة تاريخية ، انه يدرس لطلبة اللغة العربية لما فيه من بلاغة وفصاحة ، أما تاريخيا فهو .. لا شيء ..
فلننتبه الى ذلك ..
اما سؤالك :
من يكتب التاريخ ؟ وكيف ومتى ؟
متى يُكتب التاريخ ؟ ومن يكتبه ؟ وأين يكتب ؟
وهل يكتبه من يخرج منتصرا من المعركة ؟
ام المهزوم ؟؟
أم من هم في الساحة على صفوف المتفرجين ؟؟
وهل لُونَ التاريخُ برؤية شخصية من الكاتب ؟؟
وهل يتم تلوينه باللون الأبيض أم الأسود ؟
أنا شخصيا قرأتُ حادثة واحدة بأكثر من رواية وأكثر من تفسير
فما ذنب الأجيال القادمة؟؟
أقول : مع الأسف ، إننا لم نكتب تاريخنا ، لقد كتبه لنا غيرنا من المستشرقين ومن شاكلهم ، وهؤلاء كانوا يضعون السم في الدسم .
وهناك مسألة أخرى مهمة أيضاً وهو أننا في كتابة التاريخ الإسلامي نركز على التاريخ السياسي أو العسكري وعلى أخبار الأسرة الحاكمة فقط ، وننسى تاريخنا الحضاري ، التاريخ الذي اقتبس الغرب منه قبسة فأضاء لها ظلام قرونهم الطويلة ..
هذه نقاط وضعتها على عجالة هنا ، فأرجو أن تكون واضحة ..
مع خالص تحياتي

نعم حضارتنا حُفظت على رفوف يأكلها التراب
فهذا هو قانون الطبيعة البقاء للأقوى والأفضل
فعلينا على الأقل الإقرار بالضرورة الثقافية في تمييز الآليات الصحيحة من الخاطئة ، يجب أن نخلق معايير جديدة لكتابة التاريخ
من يدري ربما سنقرأ في المستقل تزويرا مخيفا للدين الإسلامي ربما أقرت به الأجيال القادمة من يدري
أشكرك أخي بهجت على هذا الشرح المميز
أختك بنت القدس