بارك الله بك أخي الحبيب والشاعر الأريب مازن على هذا المرور ، وأنا أظن أنه قصد هذا البيت أيضا وأخي مجذوب لع ذائقة شعرية فذة وقراءة مميزة للمعاني ، وأدرك هنا في هذا البيت تلخيصا لمفهوم شعري أصيل وردا على تنظير حداثي طويل.
وأما رأيك الكريم فهو محل تقديرنا ، وأما توضيحنا باعتبار زعمنا أن ما اخترناه لم يأت إلا مقصودا بذاته لمعنى أوسع واشمل فأقول:
أما إن كنت تعترض على المعنى كون اختلاف العقل عن القلب محلا لا مكانا فإني أؤمن بما قرر الله تعالى من أن العقل محله القلب كما ورد في قوله تعالى:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.
وبهذا فإن العقل لا يكون في المخ بل في القلب وإنما دور المخ الاستيعاب والتنفيذ ، وعليه فإن العقل مرتبط بالقلب والمعنى الذي سقناه ينبثق من هذا المفهوم.
وإما إن كنت تعترض على معنى الصهر في القلب فإن ذلك مما نراه أكثر موائمة للمعنى المراد من عدة نواح تتفق والسياق الذي قيلت فيه من ناحية وللمعنى المجرد من ناحية أخرى.
أما السياق فجاء في رد على الأخ الحبيب رابحي عبد القادر باعتبار تبنيه فكرة أن الشعور هو مرجعية الشعر وومرتكزه ، ورأي أزعم أنه يراه من أنه يعيب القديم والتزام الشكل والجرس فأحببت أن أشير إلى أن الحروف كدم في قلب كبوتقة وأن العقل يصهر المعنى المراد ، وميزة الصهر هنا هو أن ذلك يرمز لحرارة العاطفة كتفنيد للزعم بأن شعر البيت يفتقر للعاطفة ويوضح سياق الأبيات التي تليه كيف أن العقل متى صهر المواضيع بحرارة العاطفة خرجت مزيجا مميزا وفق خصائصة فإن انساق على نسق كان شعرا وإلا كان نثرا. ثم هي رد على نصه الذي عنونه "جمر النواة" فكان الصهر والبوتقة أقرب لما أراد ردا ، ناهيك المعنى العام من أهمية إجادة سبك المعاني بالصهر لأن المعاني لا تكون متجانسة غالبا فإن سكبت سكبا تعذر هضمها أو فهمها كونها لم تنصهر في بوتقة واحدة.
وأما إن كنت تعترض على المعنى من حث أن العقل لا يصهر فهذا مما أرد عليه بتأكيد أهمية العقل في الصهر لا السكب من حيث قيمة الجهد المبذول للصهر طاقة عقل وحرارة عاطفة ، ومن حيث أهمية الناتج المسكوب من تجانس وتناغم وانسجام.
كذا أخي أنتهج في كتاباتي عموما وشعري خصوصا من معان كثيرة أحملها اللفظ الواحد ، واشكر لك هنا أن أتحت لي فرصة توضيح هذا النهج بهذ المثال.
تحياتي