الفيلسوف
خلّياه يَبُحْ بأسرار ذاتِهْ
ويُوَقِّعْ على هوى أغنياتِهْ ..!
لم يزل بادي الوقار .. كَتُوماً
هدْأةُ الصمت بعثرت ذكرياتِهْ
المعاني في دربه موحشاتٌ
هدَّها الغيبُ في لظى غمراتِهْ !
كبقايا تنهُّدات شقيٍّ
قاب قوسين حتفه من لهاتِهْ
والهناءات دونه موصداتٌ
والرّزايا على شفير نجاتِهْ
والوجود البريء عين عليه
سُقتُماه يعيث في أمنياتِهْ
سلِّياه بالبعد عنه مليًّا
قد أغارت عيناكما عذباتِهْ !
وروى الدهر عنكما نبأ الجو ..
.. ر عليه ، أجل .. وأروى ثقاتِهْ
وسرى في خياله ـــ سريان الـ ..
.. ــنور ـــ أنْ قد سلبتما لذّاتِهْ
فامحُوَا ما رسمْتُما في رؤاه
من سطورٍ .. ما باركت خطواتِهْ
في تراتيله الشجيّة بعثٌ
لظلالٍ .. ذوت غداة مماتِهْ
ضارباتٍ غصونها كالأماني
في أعالي الهوى وفي فلسفاتِهْ
شاخصاتٍ أحلامها نحو صوتٍ
بابِلِيٍّ .. تتيه في نغماتِهْ !!
ذاب كالوجد لحنه في حشاها
وانتهى السحر ، فامتطى معجزاتِهْ
كلما أطفأ اللغوب فتيلاً
بعث الحبُّ شمعةً من رفاتِهْ
كان مِن قبلُ هكذا .. ثم ماذا ؟!
ثم أغرقتما شراع ثباتِهْ !
كان كالصبر ، أينما حلَّ قامت
جنةٌ .. عرضها مدار حياتِهْ
تَسَعُ النازحين ـــ طرًّا ـــ إليها
وبها الفجر يجتني ثمراتِهْ
إنْ تنادى : هل امتلأْتِ ؟ تُجِبْ : هل
من مزيدٍ ؟! وذاك من آياتِهْ
فإذا طائفٌ كسرب جرادٍ
طاف بالويل في رؤى نسماتٍهْ !
بدّد الحلم كالشتاء .. وأذوى
كخريف الردى .. سنا زهراتِهْ
وأغاض الجداول الزّرق فيها
وسقى الطين من لمى أُحجياتِهْ
انظرا .. كيف يُستباحُ نُضار الـ ..
.. ــعمر .. واللّيل غارقٌ في سباتِهْ ؟!
انظرا .. كيف يسخر الشجن الأر ..
.. عَنُ من لحنه .. ومن ملهماتِهْ ؟!
ألأنّ الشـــهـــاب طـــــوعُ يديِهْ
يمتطي صهوه إلى رغباته ؟!
كيفما شاء .. أين شاء من الكو..
ن .. متى شاء .. في سحيق جهاتِهْ
يترقّى به إلى مسكن الزُّهر ..
.. الدراري ، يتيه في حجراتِهْ !
في النُجَيمات صاغ أبهى قصيدٍ
أحْفَظَ الحسنَ بعضُ أدنى صفاتِهْ
وتدلّــى على جـــــــدار هـــواه
وَترُ الغيب .. مستمدّاً عظاتِهْ
ذاهبٌ في فنونه .. عائدٌ من
شَتْلة النور .. سابحٌ في فراتِهْ
الخرافات أطبقتْ شفتيها
وأصاخت إلى صدى كلماتِهْ !!
كان مِن قبلُ هكذا .. ثم ماذا ؟!
ثم ـــ ظلماً ــ أطفأتما زَنبقَاتِهْ !
كان في غيمةٍ يسافر .. غيثاً
ليس يخشى سوى على ليلَكاتِهْ
فالرياح التي تشيّع دنياه ..
.. أثـــارت في قلــــبه زفـــــراتٍهْ
ملكاً كان .. عرشه في رحيل الشـ ..
ــشوق .. والكون ذاب في لحظاتِهْ
ورسولاً إلى العقول .. كريماً
أيقظ الفكر من ردى سكراتِهْ
قيّدتْه صَلاته دون قيد
فلماذا سخرتما من صَلاتِهْ ؟!
خليّاه .. فلم يزل فيلسوفاً
حِكَمُ الحرف والهوى من بَناتِهْ !
وهب الله كلَّ أرض هباتٍ
كان منها .. بل كان أغلى هباتِهْ !
** **
عبد المنعم حسن ..
**************
الأربعاء : 14 / 1 / 1429هـ