ثلث الشعب كان يدرك بأنه حزب بدائي لا داعي للتصويت عليه. وثلثهم كان يرى فيه تواضعاً سياسياً يمشي على أربعة أقدام. والثلث الأخير كان يراهن على بلادته أملاً في الحصول على التشغيل. وحين طرح الحزب نفسه ونحسه على رصيف الانتخابات، صوتوا عليه بالإجماع. وما إن وضع الأمين العام مؤخرة حزبه على كرسي الحكومة، حتى بدأ مسلسل الاعتقالات.. قبل أن تنقضي تسعون يوماً من عهده الرشيد، تمكن من العودة بالبلاد والعباد حوالى تسعين سنة إلى الوراء، وهو طبعاً في طريقه إلى العصور الوسطى، ومن ثم يشد الرحال مباشرة إلى بداية القرن الأول للهجرة إذا لم يستيقظ الشعب في الوقت المناسب. ولكن انتبه الشعب أخيراً إلى فداحة الخطأ الذي ارتكبه حين أعطى صوته لحزب عبارة عن تحجر مبين. خرج الناس إلى الشوارع، وصاحوا بأعلى صمتهم. عندما سألتهم إحدى القنوات الفضائية عن سبب هذا الصمت الرهيب، كتبوا بالطباشير على الزفت قائلين:
معذرة، فلقد أعطيناهم الصوت، ولم يبق لنا إلا الصمت.
***