|
يَا سَــابِقَ الفَضْلِ قَدْ أَعْلَيْتَ بُنْيَانَـا |
فَأَنْطَقَ الْحَمْدُ عَيْنَ الفَخْرِ عِرْفَانَا |
وَرَدَّدَ القَلْبُ فِيْمَا هَزَّهُ جَذَلٌ |
آنَ الإِخَـــاءُ فَجَدِّدْ عَهْـــدَهُ الآنَــــا |
لَكَمْ سَرَتْ بِغَرِيْبِ الدَّارِ مُدْلِجَةٌ |
فِي المَشْرِقَيْنِ وَعَاشَ الوَجْدَ أَزْمَانَا |
وَكَمْ غَشْتْهُ مِنَ الأَيَّامِ غَاشِيَةٌ |
يَظَلُّ مِنْ رَوْعِهَا الوُجْدَانُ حَيْرَانَا |
فَمَا أَزَلَّ مَرِيْرُ العَيْشِ مُحْتَسِبَاً |
وَلا أَطَاشَ لَذِيْذُ العَيْشِ نَشْوَانَا |
لا يَحْفَظُ الدَّهْرُ حَالاً فِي تَقَلُّبِهِ |
وَلا يَزَاوَرُ مِمَّا شَانَ أَوْ زَانَا |
قَدْ هَذَّبَ النَّفْسَ مِنِّي فِي تَجَمُّلِهَا |
عِلْمِي بِأَنَّ يَدَ الرَّحْمَنِ تَرْعَانَا |
وَمَا سَعِدْتُ كَسَعْدِي بِالذِّي وَهَبَتْ |
كَفُّ تَجُوْدُ وَقَلْبٌ بِالوَفَا صَانَا |
الْحَرْفُ مُعْتَرِفٌ وَالفَضْلُ مُزْدَلِفٌ |
وَالقَلْبُ مُرْتَجِفٌ شَوْقَاً وَتَحْنَانَا |
سُلافَةُ الشِّعْرِ قَدْ أَذْكَتْ مَشَاعِرَهُ |
أَمِّا الوَفَاءُ فَقَدْ أَنْشَاهُ سَكْرَانَا |
خُذْهَا إِلَيْـــكَ أَبَا الأَشْعَارِ وَارِفَـــةً |
تَخَالُهَا أَعْيُنُ الإِحْسَـــاسِ بُسْتَانَـــا |
خُذْهَا تَزُفُّ إِلَى العَلْيَاءِ ذَا أَدَبٍ |
مُقَدَّمَاً فِي الكِرَامِ الغُرِّ إِنْسَانَا |
لَقَــدْ رَوَيتَ بِلِيْنِ القَـــوْلِ رَابِيَةً |
كَأَنَّنِي بِالنَّدَى قَدْ نُلْتُ رِضْوَانَا |
وَأَنْجَبَ الصِّدْقُ مِنْ رَحْمِ الوِدَادِ فَتَىً |
حُلْوَ الشَّمَائِلِ حُرَّ النَّفْسِ صَوَّانَا |
يُرَوِّضُ الْحَرْفَ حَتَّى يَمْتَطِيْهِ وَمَا |
مِثْلُ ابْنِ بِيْسَانَ فِي التِّبْيَانِ فَرْسَانَا |
هَبْنِي أَبَا يُوْسُفَ الأَشْعَارَ صَادِحَةً |
إِنِّي أَصَبْتُ بِهَذَا الشِّعْرِ إِدْمَانَا |
وَسِرْ مَعِي نَهْتَدِ النَّجْمَ الذِي احْتَفَلَتْ |
عَيْنُ الزَّمَانُ بِهِ لِلطُّهْرِ عُنْوَانَا |
الْحَقُّ صَاحِبُهُ وَالْعِزُّ جَانِبُهُ |
أَمَّا الشُّمُوْخُ فَيَسْعَى حَيْثُمَا كَانَا |
تَخَالُهُ البَّدْرَ إِلا أَنَّ غُرَّتَهُ |
بِسَاطِعٍ مِنْ جَمَالِ الْنَفْسِ تَغْشَانَا |
أَهْدَى إِلَى لُغَـةِ الأَعْرَابِ رَوْنَقَهَــا |
تَفَنَّنَتْ كَالرِّيَــاضِ الغُـــرِّ أَلْوَانَــــا |
وَيَنْسِــجُ الْحَرْفَ فِي أَشْـــعَارِهِ نَسَقَاً |
يَفُـوقُ مَرْتَبَــةَ الدِّيبَـــاجِ إِتقَانَــا |
كَأنَّمَا اسْـــتُودِعَتْ فِي كُلِّ قَافِيَــــةٍ |
مُنَّمَقَـــاً سَـــاحِرَ الأَلْفَــــاظِ فَتَّانَـــا |
إِذَا تَدَبَّــرَ أَجْــزَى فِي تَدَبُّــرِهِ |
وَإنْ تَفَكَّرَ غَضَّ الفِكْرُ أَجْفَانَا |
بِوِدِّكُمْ يَا جَمَالُ النَّفْسُ قَدْ سَبَقَتْ |
مِنِّي الشِّغَافَ وَغَنَّتْ فِيْكَ أَلْحَانَا |
إِلَيْكَ مِنْكَ أَبُثُّ الْمَدْحَ مَعْذِرَةً |
فَالشِّعْرُ قَصَّرَ وَالتَّعْبِيْرُ قَدْ خَانَا |
لِمِثْلِ جُوْدِكَ تُزْجَى كُلُّ نَاصِيَةٍ |
مِنَ الْمَشَاعِرِ يَا أَعْلَى الوَرَى شَانَا |
عَهْدِي لَكُمْ مُخْلِصَاً مَا عِشْتُ أَحْفَظُهُ |
فَإِنْ قَضَيْتُ فَإِنَّ اللهَ مَوْلانَا |