بسم الله الرحمن الرحيم
لا يزال قلب تلك الأرض نابضا بالحياة ، يمد دفء الشمس عروقه بالأمل ، و يسقيه غيث الرحمن فيضا من الرضا ؛ فيكسو أديمها نبت جديد ، قوي الأصول ، عظيم الجذور ، ليغدو ـ وعين الله ترعاه ـ زخارف من ورود ، و نقوش من زهور .
روضة تبهج النفس ، وجنة تسعد الروح ، و مشهد يكحل العيون سعادة قبل أن تسكن القلوب ، فتزور أطياف المنى الخيال ، و تطرق الأماني أبواب الأحلام ، وأحلامنا رقيقة ، رفيقة ، نخشى عليها دوما الاغتيال .
و لكن طيب رائحة أوراق الورد ، و رقة شذى بتلات الزهر ؛ يدعوان إلى الاقتراب منها و استنشاق عبيرها .
سبحان من ( أحاط الورد بالأشواك ) ؛ فإذا اللمسة تدمي الحلم ، و تشك الفؤاد ، و تدمع العين .
و نفرق ، هل تغدو أحلامنا نسيجا من هباء ؟ وقد نسجناها تارة خيوطا من شعاع شمس كل صباح ، و تارة خيوطا من شعاع قمر كل مساء ، فغدت لوحة موسومة بسنوات عمر قضيناه .
و نجزع ، أكل سعادتنا سطور على ماء ؟ و قد حفرناها مرة بأظافر الأسى كلما أصابنا الدهر بسهامه ، ومرة بدموع العين كلما عصر الزمان قلوبنا بهمومه ، فغدت أحفورة تشهد على بلاء عظيم ابتلوناه .
أتنسينا وخزة الأشواك أريج الورود وعبق الزهور ؟
ليل الألم لا بد راحل ، ونجم الوجع لا ريب آفل ، و شمس الفرح ستشرق من جديد لتكسو الأرواح ضياء وسناء ، و تبقى تلك الأرض هنا أو هناك خصبة تزهر فيها مع طلعة الجوزاء كل يوم أزهارا و ورودا لا تخلو من الأشواك ، لها عبير لا يزول مدى الأيام .
ما وأدت يوما حلما ، و لكني أسعى لتحقيقه .