بانَتْ فما رَجَعَت والبَيْن مذبحة ( على البسيط )
بانتْ فما رجعت والبين مذبحـــة لمثل قلبي تشظّى وهو مفلـول يا صاحب الليل إنّ الليل مرتســـخ يا صاحب العشق إنّ الحب مبــذول مضناكَ معسول حبّ حاطه الحــذر وا حُرقة من فم بالأجّ مأهــــول يا قاتلي في النوى قد هاجني شغـفٌ لظبية طرفها والوطف مكحــــول يا وجه قاهرة قد حلّ بي كَمَــــد يَرُضّني رضّة سيقتْ لمقتـــــول لم الجوى ناره قد سُعّرت أمــــدا تضرّمت لهبا بالجوف محمــــول أوّاه من وجع لا يُرتجى سَكَنُـــه لمّا تمادى بها دلّ وتذليــــــــل سئّآل رحمتها ، طَلاّب عفّتهــــا مسحور مجدولها كالسِّتر مســــدول كم من أغنّ ألِفْتُه على شــــدن ومُقلة فتكتْ فتكا بتنكيـــــــــل أورثني في الحياة حبها ألمــــا سيق لقلبي ، وقلبي اعتلّ مهــــزول فَبِتّ في سقم صريع وجنتهــــا وبتّ في حبها ليلا كَمَكْبـــــــول تَيْنع حال تغزّلي بها فرحـــــا كالزهر يُروى بماء وهو مشمــــول رُضابها العسل وريحها الشـــذَر ممشوقة القَدّ ليِّن ومصقـــــــول كأنّ في روحها للربط مَتْيَهــــة أتِيْه فيها كدرب سِيْم مجهــــــول وكلما بذختْ بفتنة سحــــــرتْ حتى تُصَيِّره لا بُدّ مفعـــــــول كأنها جسد حلّ به ذهـــــــب لو أنه يُنتقى لعاد مجبــــــــول تشفى بأنفاسها نفسي كأن بهــــا نفل لروحي يمدها بمأمـــــــول ونحرها ظلّ يفتري بلا وهـــــن صنوف حُرقته ، بالصّلْي موكـــول أوثقني سحرها وثاق مجرمـــــة قاتلة ، لحظها كالسيف مسلــــول كفاكَ من وَلَع تُحسّه لهبـــــــا فالقلب في قلبها قد بات مغلــــول رفقا هداكِ الذي حَبَاكِ نافلة الــــ حُسْن لوجهٍ ونور فيه موصـــــول أُهديكِ حبي وما أهديكِ من غَـــزَل أُشْرِبته شرْبة كالماء معلـــــــول لله دَرّ الفتى إذ قالها غــــــزلا أتقنها في سياق جدّ معســــــول بانت سعاد فقلبي اليوم متبـــول متيّم إثرها لم يُجز مكبـــــــــول
ــــــــــــــــ
حسين الطلاع
11/12/2009
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] : بانت أي بعُدت وغابت
[2] : البين هو البعد .
[3] : المفلول هو المكسور المقطوع .
[4] : الأج هو اللمعان .
[5] : الحرق المسبب بالجمر
[6] : المقصود بالفتى هو الشاعر العملاق كعب بن زهير بن أبي سُلمى ، صاحب الرائعة ( بانت سعاد ) ،،، وهي اللامية المشهورة التي ترجمت إلى الإيطالية ، وقد اهتم بها المستشرق Rene Basset فترجمها إلى الفرنسية مشروحة شرحا جيدا بتقديم رفيع المستوى لكعب بن زهير .
وهو شاعر مخضرم ولد في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم .
ومجمل القضية : أن كعبا أرسل إلى أخيه بُجير بن زهير بن أبي سُلمى ينهاه عن الإسلام .
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأوعد كعبا على فعلته تلك ، ومن أوعده رسول الله كان القتل جزاءه .
فعلم بجير بوعيد الرسول فأرسل إلى أخيه كعب يقول : ويحك ،،، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوعدك لما بلغه عنك ، وقد كان أوعد رجالا بمكة ممن كانوا يهجونه ويؤذونه فقتلهم .
فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فَطِر إلى رسول الله فإنه لا يقتل من جاءه تائبا ،،، وإلا فانج إلى نجاتك ، فإنه والله قاتلك .
فهلع كعب وضاقت عليه الأرض بما رحبت ،،، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم متنكرا ، فلما صلى الفجر وضع كعب يده في يد رسول الله وقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد أتى مستأمنا تائبا ، أفتؤمنه فآتيكَ به ؟
قال النبي : هو آمن .
فحسر كعب عن وجهه وقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هذا مكان العائذ بك ، أنا كعب بن زهير .
فأمّنه رسول الرحمة صلوات الله وسلامه عليه .
ثم أنشد رائعته على البسيط ( بانت سُعاد )
وقد بدأها جريا على عادة العرب بالغزل بحبيته القاسية سعاد فتغزّل بها ثم وصفها وصفا دقيقا ، ثم ذكر شيئا من معاناته في إخلاف مواعيدها ، وأن مواعيد الوصال عند النساء كمواعيد عُرقوب .
وعرقوب هذا من العماليق من أهل اليمامة وهي مدينة الخَرْج حاليا جنوب مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية تبعد عنها مسافة 60 إلى 80 كيلو متر ، كان قد وعد أخاه بالتمر ، وكان يبتدع السب تلو السبب للتأجيل ،،، حتى فقد أخاه الأمل في الحصول على التمر .
وقد ضرب به المثل في إخلاف الوعد فقالوا : مواعيد عُرقوب أخاه بيترب .
ويَتْرِب ( ياء وتاء وراء وباء ) هو الإسم القديم لليمامة في زمن العماليق سكان المنطقة أنذاك وهم ( عمليق وجديس وعبيل وطسم ... الخ ) من العرب البائدة ،،، وليست هي يثرب الإسم القديم للمدينة المنورة ،،، نسبة إلى يثرب بن قانيه بن إرم بن عبيل ... بن سام ، أول من بنى المدينة المنورة وسميت بإسمه وهو أول من زرع النخلة بها .
ـــــــــــــــ
ثم تسلسل كعب حتى ذكر تخلي الأحبة عنه بسبب الوعيد ، فقال عدة أبيات من الدهاء والحكمة بمكان ، بحيث ينال رضا رسول الله فقال :
وعند بلوغه :
فقلت خلّوا طريقي لا أبا لكــــم فكل ما قدّر الرحمن مفعول كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول أنبئتُ أن رسول الله أوعدنــــي والعفو عند رسول الله مأمول مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة ال قرآن فيها مواعيظ وتفصيل لا تأخذني بأقوال الوشاة ولـــــم أذنب ولو كثرت عني الأقاويل
إن الرسول لنور يستضاء بــــه وصارم من سيوف الله مسلول
أعطاه الرسول بردته الشريفه ،،، فاشتراها معاوية بثلاثين ألف درهم وتوارثها الخلفاء يلبسونها في الأعياد والجمع تبركا بها .
ــــــــــــــ
لله درك يا كعب ما أدهاك وما أحكمك ،،، ولا عجب !!! فمن أبوك ؟؟؟
.