أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: أغفوت ؟!

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    العمر : 35
    المشاركات : 41
    المواضيع : 3
    الردود : 41
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي أغفوت ؟!

    السلام عليكم إخوتي الكرام ..

    أغفوتِ أم ما زلتِ ساهرةً
    إني هناك أكابد السُهْدا

    وتكاد تقتلني مصامدتي
    كبرا لأبدو الصابر الصلدا


    صحبي : الليالي السودُ : ساحرةً
    شمطاءَ تزجي البرق والرعدا

    والحزنُ : تياها بـمِـنْجَلهِ
    سكران يحصد مهجتي حصدا

    والشك أعيا العقل همهمة
    تفري النهى وتشتت الرشدا

    و الخوف - ملء الأفق - يوعدني
    ويشق لي في جوفه لحدا

    والشعر – مُهْترئا - يمزقني !

    و فحيح أسئلة تؤرقني ...

    ومجامع الجهال ترجمني ..
    .. و تظل تزري بي : " .. أتى إدّا ..!

    هذا الفتى الأفاق !.. تسكنه
    جنّ الهوى !.. بُعدا له بعدا ! "

    و جناني المكدود يهتف بي
    متمزقا حزنا : " كفى وجدا

    فلقد نزفتُ دما وعاطفةً
    و العزم كلَّ ونابضي أكدى "

    ***

    ألديك يا هاتيك محض هوى
    حلو فيترع مهجتي شهدا

    أم أن حبك سوف يترعني
    صابا ويكسوني الشقا بُرْدا

    فلقد مللت نفاق أقنعة
    جلت " الكرام " وأخفت الرُّبْدا

    ومللت هذا الناس ما فتئوا
    يتقاصفون الجهل و الحقدا

    ومللت مضطجعي على حَسَكٍ
    و مللت سهدا هدّني هدّا

    ووددت لو أنـّا بنائية ٍ
    فيحاء لا نشقى ولا نردى

    حيث الجمال البكر يرفدنا
    بطرائف تجتاحنا سعدا

    حيث الزمان يمر مختبئا
    يخفي الأسى و الـ" قَبل " والـ" بَـعدا "

    أؤويك في أحضان فاغية
    كانت لأحلام الشذا مهدا

    لا جار ثَمَّ سوى مطوقةٍ
    حيرانةِ الـتَّحنان لا تهدا

    ومشاغب ٍمرح يقيم على
    أعتابنا يصفي لنا الودا

    ويظل يزعجنا بسقسقة ٍ
    سكرى فنرشق عشه وردا

    يأوي إلينا الليلُ إن قلقت
    أحلامه أو عارك السهدا

    ويزورنا الإصباح مبتهجا
    يهدي الندى والطيب والندّا

    حتى إذا ألفاك ساءلني
    متضاحكا " أتحبها جدا ؟ "

    ضاحكته وأجبت : " أعشقها
    عشقا كنفح العطر أو أندى

    عشقا كعمق الروح خالدة ً
    والليل ِ ما أخفى وما أبدى

    ولعمرها ما بـيْ مفاتـنُـها
    نهدا بديع الكِبْر أو قَدّا

    فجمالها عَرَضٌ ستهْصِرُهُ
    سنن الذبول الصمُّ لا بدّا

    والروح تبقى حية أبدا
    تفني الردى و تجدد العهدا

  2. #2
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    العمر : 35
    المشاركات : 41
    المواضيع : 3
    الردود : 41
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    أود أن أدرج هنا نقدا للقصيدة كتبه صديق ناقد وأديب مبدع ، وهو الأستاذ سحبان مشوح ..
    وردا لي على نقده .
    وأريد أن أنبه الإخوة إلى أن نقد الأستاذ سحبان كان بعد إرسالي إليه قصيدتين هذه إحداهما ، ولكنه ركز في نقده على هذه و أشار إلى الأخرى ضمنا حين استخدم ضمير التثنية إشارة إلى ( قافيتيّ ) في مطلع رسالته البليغة ، وفي ختامها حين أورد بيتا منها هو : ( يا إلهي وحبيبي وطبيبي ومعيني ) .

    نقد الأستاذ سحبان :

    أيها الشاعر .. بل يا أخا الشعراء .. وحامل لوائهم إلى الجنة إن شاء الله1 ..
    هذه وقفة عجلى بين يدي قافيتيك .. حيث تحلقان بي إلى سمائهما .. فليس لي أن أرتقي وحدي من غير شك أو ريب .. وسط انشغال فكري ومعمعة فقهية ومعترك أصولي .. حيث رغب إلي صديق عزيز مساعدته في بحث حول الفروق الفقهية ونظرية التجديد .. فاعذر سطوري وما شابها من اضطراب وعجل .. تسير إليك خجلى يغشاها العُثار .. وما كان منها ذاك إلا ارتعادة بين يدي قافيتيك .. فدندن إذا وصلتك .. بقول الجواهري:
    كم هز دوحك من قزم يطاوله
    فلم يطله ولم تقصر ولم يطلِ
    ثم اسمع قول شيخنا المتنبي:
    لم يحك نائلكَ السحابُ وإنما
    حُمَّت به فصبيبها الرُحَضاء2
    في هذه الوقفة .. نقد علمي .. ونقد "رومانسي"3 .. ولا سبيل لمثلي أن ينقدك وإنما هو رأيٌ بإعجاب وتقريظٌ برغبة ورهبة ...
    لقد أتيتَ في قصيدتيك ببناء تعجز عنه " العرامس الذلل "، وبسبك شعري وشاعري يُخرج الركين الرزين عن وقاره .. حتى لتحسبه لشدة ما اعتراه .. متدلِّها أو مخمورا.. وما به من ذلك شيء ...
    فبناء قصيدتك ساحر فتان .. يضطرب اضطراب الفنن الفارع .. بين نسيم "العبارة" العليل .. وحين يعتليه طائر "المفردة" الصدّاح ...
    إلا أني أردته عربيا أصيلا لا تداخله فنون الآخر مهما جملت .. فلا حاجة بنا إلى التفريع بقولك: "وفحيح أسئلة تؤرقني .. ومجامع الجهال ترجمني" وضع ما تحمله هاتان العبارتان من معان في قالب عربي موروث .. مع ما في عبارتك من فن وإبداع ...
    لمفرداتك رنين خاص ووقع شهي على نفس المتذوق لأدبك وفنك، ولقاموسك انفساح عريض على معاجم اللغة لا يضيِّق من سعته إلا استخدام كلمات دون مستوى القصيدة، أو وضع واحدة كان غيرها أولى منها في موضعها .. فمن ذلك قولك: "مصامدتي" فعلى الرغم من صوابه في مكانه إلا أن شاعريته دون شاعرية القصيدة، وكذلك قولك: "فاغية" فكأنها مستجلبة إلى مكانها قلقة في موضعها من حيث المعنى .. فالفغوة والفاغية هي الرائحة الطيبة، أو نَوْر كل نبت، أو نبت خاص، فأن يكون لها حضن ولو على سبيل المجاز أراه اعتسافا وتكلفا في المعنى .. على الرغم من جمال هذه الكلمة في موضعها التصويري الهائل .. كما أنني لم استطع أن أرى الليالي سوداء وشمطاء في آنٍ .. إلا إذا أردت مزج البرق بسوادها .. حينها كان يجب أن يكون البرق فيها أصيلا لا مسوقا .. وقد استخدمت كذلك: " أكابد السهدا" وهو تعبير لاكته ألسنة الناس كثيرا .. ولست أدعو إلى استخدام الغريب .. ولكن خيالك المحلق واطلاعك الواسع وحصيلتك الكبيرة .. قادرة على خلق تعبير شاعري جميل وجديد .. ولك أن تحلق في إبداعك كما تشاء .. وكيف تشاء ..
    وما أروع قولك:
    صحبي : الليالي السودُ :
    ساحرةً شمطاءَ تزجي البرق والرعدا
    والحزنُ : تياها بـمِـنْجَلهِ
    سكران يحصد مهجتي حصدا
    والشك أعيا العقل همهمة
    تفري النهى وتشتت الرشدا
    والخوف - ملء الأفق - يوعدني
    ويشق لي في جوفه لحدا
    والشعر – مُهْترئا - يمزقني ! ..
    فهلَّا عرفتنا أكثر بصحبك هؤلاء .. وهلا قلت لنا فيهم قولا بليغا يجعلك أعظم من تحدث عن الليل إذا ادلهم، والحزن إذا تغشم، والشك إذا تلبس، والخوف إذا أوعد .. أما الشعر .. فقد قلته هو .. وكفانا ما قلته ...
    وانظر إلى قول تميم البرغوثي وهو شاعر مقدم، وصاحب نظم رائع رائق:
    أنا عالم بالحزن منذ طفولتي
    رفيقي فما أخطيه حين أقابله
    وإن له كفا إذا ما أراحها
    على جبل ما قام بالكف كاهله
    يقلبني رأسا على عقب بها
    كما أمسكت ساقَ الوليد قوابله
    ويحملني كالصقر يحمل صيده
    ويعدو به فوق السحاب يطاوله
    فإن فرَّ من مخلابه راح هالكا
    وإن ظل في مخلابه فهو آكله
    فانظر كيف أرانا الحزن – بمنظاره هو – وصوره لنا حتى ما يخطئ أحدٌ أن حزنَه متلفُه لا محالة .. غير أن فرقا هائلا بين كنانة مفرداتك، ومنظار تصويراتك، وبين ما عند الرجل .. بلا بخس ولا تطفيف ...
    وفي قولك البديع: " ومللت هذا الناس ما فتئوا يتقاصفون الجهل و الحقدا "
    وما قبله وما بعده .. من روائع تسجل في مقولات الخالدين .. وهنا تختبئ كثير من المعاني كان حريا أن تتضح وتعلن عن نفسها .. لو أرخيت لها اللجام ...
    أيها الساحر .. فتنت لبي بقولك: " حيرانة التحنان لا تهدا " .. أي لسان تثنى فنطق بها .. وأي شفاه اضطربت فلفظتها .. لا .. فهذه لا تلفظ .. بل تلتقط لترقى إلى سماء الإبداع .. وهناك تحتل مكانا عليَّا لا ينازعها غيرها عليه .. وانظر إلى كلمة "حيرانة" .. نعم .. هي حيرانة أشد الحيرة .. بين إطراب ونياح .. إطراب لك وللفاتنة إلى جانبك .. وبين نياح على هلكى النفاق والجهل والحقد هناك ...
    أيها العاشق .. "أتحبها جدا" .. أتعشقها "عشقا كنفح العطر أو أندى" .. والله إنه لعشق رقيق .. فهل تعشقها كذلك حقا؟ .. وكالليل؟ .. ووالله لا يستعلن هذا الحبُّ الطاهر الرقيق إلا في ليل خفي .. فهل يبدي لك شيئا لا نراه؟ ..
    ثم ما أقسى تعبيرك على أنفس العشاق .. " سنن الذبول الصم لا بدا "
    أيها الباسق .. سأتوقف هنا .. فقد أرهقتني صَعودا ...
    ثم استمع إلي حين أقول ...
    أتسائلها وأنت تعرف الإجابة ؟!.. أم أن حسن ظنك بالأنثى وشوقَك المتأجج إليها قد ألهمك غفلة طويلة المدى، عميقة الأثر ؟.. أم أن عشقك لها وهُيامك بها .. قد أورثك خُمارا غطى على بصرك وبصيرتك ؟.. أظننتها ساهرة هنا .. تنتظر رحمةَ جفنيك بك .. علَّها تجود بلحظة إغماض ؟.. أم أن قلقا عراك .. فتنازع نفسَك ثورةٌ وخضوع .. وكبرٌ واستكانة؟.. أم هو حبٌ مكين .. غلبك على نفسك .. وفتنةٌ لا مفرَّ منها .. عشيَتْ بها بصيرتك .. فلم تعبأ بإجابة .. ولم ترغب بمعرفة ؟.. بل لم تبق منك مُنّةٌ سوى شيءٍ من صبر .. وبقيةٍ من جلد...
    وأيُّ صحب أولئك حولك ؟!.. أم أيُّ خلان هم الذين يرافقونك أو ترافقهم ؟! أهم أشرار تلوذ منهم بقافيتك ؟!.. أم هم ملهموك هذه القافية .. تجمع من خصائصهم ما بين سُدفة ليل بهيم، وتلبُّث حزن مقيم، وحيرة شك عقيم، وسكرة موت تسلب السكينة والقرار، وتبدل الحيرة والبوار ؟!...
    أمَّن تلك الفاتنة التي سكبت في روحك هذا الحب ؟.. ومن تلك التي سقتك ذلك الشهد الحلو ؟.. ومن تلك التي ألقت في روعك هذه المعاني .. فكرهت هذا النفاق الراسخ، وذلك الحقد المتأثِّل في قلوب أناس حولي وحولك فجرى مع دمائهم وفي عروقهم .. حتى رغبتَ إليها بهذا المنتأى وذلك المعتزل .. ليس حولك وحولها سوى ذات طوق غلبتها الحيرة .. فأرسلتْ لحنها اللهيف وشجوها الرهيف .. تهديك طربا مُنْعِما هنا لا تبالي هي به .. وتنوح هناك على أناس هلكى بنفاق أولئك الأقوام وحقدهم ؟!...
    ثم .. أحقا تحبها يا سيدي ؟.. ذلك الحبَّ الذي تخطَّى الموت وأفناه، وأدرك أدهار الإنسانية دون أن يشيخ أو يهرم، وعرف النهار بجلبته فاستتر .. والليل بسكناته فاستعلن، وخالط أجساد الناس وأبشارهم، وتلبَّس أرواحهم وقلوبهم، واضطرب بين ضلوعهم وفي صدورهم، وتعلَّق أناسٌ بأردانه وأطرافه .. وتعلَّق من الناس شيءٌ فيه .. فتوهموا تغيُّرَه وتحوُّلَه ؟!...
    ذلك الحبَّ الذي تهتَّكت أرواحٌ من حوله، وابيضت عيونٌ بدموعه، وزفرت صدورٌ بأنَّته، واضطرمت قلوبٌ بناره، فما بالى .. ولن يبالي ؟!...
    أعتقدت أن الحبَّ شافيك .. مما ألمَّ بك أو كان فيك .. من ليلٍ كثيف الظلام .. كأنما قد احترقت نجومه وأقماره .. فاستوى فيه إغماض الجفن وانعقاده .. أو حزنٍ تشبَّث في أركان نفسك .. أو تشبَّثتَ به .. حتى ظنَّ من يراك أنه فِلْذة نفسك .. وحُشاشة روحك .. لا تفارقه في معتركِ حدثٍ جلل .. أو شكٍ ضرمت ناره في قلبك، واشتعل أواره في صدرك .. حتى انتسف كلَّ آثاره .. أو خوفٍ تملَّكك فأوصد عليك منافذ السكينة والقرار .. أو شعرٍ يردد عليك أوهاما .. ويغري بك جهالا .. يرمونك عن لؤم طبع، وضغينة نفس؟...
    أظننت ذلك حقا ؟.. لست أدري إن كان ظنك حقيقة أو وهما ؟.. ولكني ساءلت شيخنا الذي خاطب الرياح مرَّة "بصرخة ملهوف طعين أفنى الليالي انتظارا" .. ولم تجبه .. ولم تأبه بندائه وصرخته .. فما ألفيتُ منه سوى نظرة عميقة الغور بعيدة المدى .. "تنبيك بالخبر اليقينِ" .. تنبيك أن الرياح " مضت على أذلالها لا تنصت ولا تسمع" ولا ترى ...
    لكنَّ الظن الذي لا يخيب .. ذلك النداء الحبيب .. إلى القريب المجيب .. " يا إلهي وحبيبي .. وطبيبي ومعيني" .. تجلَّ بلطفك على " ظامئٍ أنهكته الدروب تهاوى عَياءً على موردِ" ...
    الظامئ المنهك
    سحبان فاروق مشوح


    1) هو استبشار وأمل .. وقياس بعلة الرحمة والسعة.
    2)أردت الصورة دون المعنى .. حيث رسم المتنبي بريشته لوحة لقصور غيث السحاب في جانب عطاء الكريم.
    3) أجز لي أن أقولها .. فقد أكرهت وقلبي مطمئن بلغة العرب.

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    العمر : 35
    المشاركات : 41
    المواضيع : 3
    الردود : 41
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي


    وهذا ردي عليه :

    كان من فضلك – زادك الله رفعة – أن أسغبت على أخيك ثيابا من الإطراء هو ليس لها بأهل ، وإنما رأيته بعين كرمك ، وعين الرضا الكليلة ، والصداقة التي أتيه بها كما تتيه العروس بحليها .
    وقد والله أطلت عليك حتى أمللتك ، ولكن لي عندك دالة ..
    حَقُّ الأخوة أن أُدل..........عليك دلَّ أخٍ ضنينْ
    وأغيب عنكَ بدون أن.......أدلي بعذر أو أبينْ
    وأنا محملك إلى قلبك الكبير سلاما واعتذارا كله محبة وندم ، وما عهدت منه إلا سعة عفوه وكرمه المحب فعسى ألا أخيب .
    قاتل الله القلم ، أي عصي هو ..
    فكيف إذا بلي برؤية الثقلاء والجهلاء والمتعالمين واللحانين وقد اعتلوا المنابر وسودوا الصفحات و تصدروا المجالس ، وصنعوا لأنفسهم عند الناس منازل عالية يتبخترون فيها كالديكة ، و يمخرقون على الناس بما وصفه شيخنا ناقلا عن شيخنا : ( هل هو إلا كما قالت الكاهنة : أفٍ وتف ، وجورب وخف . قيل : وما جورب وخف ؟ قالت : واديان في جهنم )
    رحم الله الشيخين !
    أيها الحبيب ..
    حين قرأت مسائلك ، وجدتني مقتنعا بجل ما قلت ، وسوف أعمل في القصيدة قلمي حتى أخرجها بما يرضيك ، وسأجهد في ذلك بالقدر الذي تسمح به قريحتي الكليلة وشيطاني خذرف قبحه الله ، وأنا مخبرك خبره بعد قليل .
    على أني وقفت أمام بعضهن عاجزا إلا عن مخالفتك ..
    ولا بأس علي إن كان اختلافي معك محض مشاكسة لا تقوم مقام الجدل المتطلب البرهان القاطع ..
    فما أنا إلا كما قال شيخ المعرة ، قدس الله سره :
    يكلفني القاضي الجليل مسائلا
    هي النجم قدرا بل أعز وأطولُ
    ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها
    جديرا ولكن من يودك مقبلُ

    وهكذا قرر وُديك أن أقبل ..والله والمستعان .
    ولعل أول ما أخالفك فيه هو عين الموضوع الذي تجادلنا حوله حتى كاد الواحد منا أن يصرخ :
    قربا مربط النعامة مني
    وحتى جفت الحلوق ، وبلغت القلوب الحناجر ..
    ولكنا ما ظننا الله الظنون ..
    ولا بصداقتنا ومحبتنا والتقدير العميق المتبادل .. فما أحد منا إلا قال ما قال غيرة على لغته وضنا بها أن تسف أو تفقد هويتها أو تركد ..
    فأما غيرتك فإني لا أعجب منها وأنت ابن هذه العربية دما ولسانا ..
    وما أتعجب وقد نمتك كرائم هاشم ، وأرضعتك لبن الفصاحة في المهد صبيا ..
    وأنت جذيلها المحكك ، وعذيقها المرحب ، والفصيح المليح النطق والقلم ..
    بيد أن ابن عمك يرجوك ألا تخشى عليه استصغارا لهذه العربية يجعله يتسول اللغات الأخرى - مستخذيا - حتى تجددها ..
    فالتجدد والحركة جزء من طبيعة هذه اللغة الخالدة ، وما من خالد إلا ارتبطت طبيعته بالقدرة على الحركة و التغير ، ذلك أن الجامد لا يلبث أن يفنى ..
    وحاشى هذه الحسناء أن تفنى ..
    فهي التي آنست الأعراب في بواديهم ، و رافقت النبيين في جهادهم ، وسامرت الملوك في قصورهم ، و العلماء في صوامعهم ، والحسان في مخادعهن ، والمغنين في مجونهم ، والعشاق في مرابع الهوى ، وكانت لغة العباد في محاريب البكاء ، و الملأ الأعلى في السماء ..
    لبست ثيابا مختلفة باختلاف الأحوال ، لفظا وشكلا ومعنى ..
    وتأثرت وأثرت ..
    ولم تتبدل أصالتها و فصاحتها وشاعريتها .
    وما ينبغي أن تكون مستعصية على تغيير إلا إن كان هذا التغيير يمس هويتها و وروحها وسماتها الأساسية ، أو يلحق بها عجمة ترنق فصاحتها الإلهية الوضع ..
    وتحت التغيير الذي لا يمس روحها يندرج التنويع النغمي الذي يشمل البحور التي أبدعت بعد الخليل ، و الموشحات التي خلقها ترف القصور ورقة الحضارة ، و شعر التفعيلة الذي كانت الحاجة إليه مسرحية بالدرجة الأولى ..
    (وإن كان شعر التفعيلة تعدى النمط المسرحي أو الملحمي الذي كان لا ينبغي أن يكثر وجوده خارج مضماره ..)
    ولقد حاولت أن أمارس نوعا – سُبقت إليه - من التغيير النغمي في قصيدتي بالتفريع الذي أشرت إليه ، وأحسب أنه لا يمس روح العربية ، ولا يفسد أصالتها إن شاء الله ..
    أرجو ذلك وأستغفر الله إن أخطأت الصواب .
    انتهيت من الأولى ..
    والثانية هي الفاغية ..
    وأسأل الله أن يملأ حياتك بالفواغي ، حقيقة ومجازا .
    أما المعنى المراد هنا فهو النبت الطيب الرائحة الذي جعلته المأوى ..
    وليكن زهرة أو أقحوانة أو زنبقة أو نبتا عطريا خياليا ، وما أظن أن اللفظ يضيق بهذا ..
    واستحضاري كلمة أحضان هنا إنما كان لمنح المكان دفء الحضن وحنانه ورقته ..
    كأن أقول أؤيك في أحضان وردة ..
    فلو قلت أؤويك في وردة وجدت أن المعنى خسر بعدا دافئا كنت أريد حضوره .
    وما أجد نفسي بعد هذا إلا موافقك فيما ذهبت إليه في الحكم على الليالي الشمطاء والسهد الذي أكابده ..
    فجزاك الله خيرا وقبح الله الليالي والسهد .
    أيها العزيز ..
    سأخبرك الآن بخبر خذرف ، في معرض التعليق على حديثك عن إيجازي في الوصف ..
    فخذرف – على وزن خنـزب – سماه شيطان الشعر الأكبر بهذا الاسم لما رأى من سرعة همهمته ، و طيش وسوسته ، و هذيانه بما لا تكاد أن تستبينه أذن ..
    سماه خذرف من الخذرفة وهي السرعة .. وقاتله الله ما أسرعه ..
    ثم سلطه على المعذب البائس يمارس عليه خذرفته و جنونه ومجونه ..
    فهو ما يلبث أن يأتي حتى يذهب ، ولا يسر إلي بوسوسة حتى يهرب ..
    هو وسواس خناس ، غير أنه لا يخنس من الذكر وإلا كنا امتنعنا عنه إلى أن يتم..
    لكنه شيطان مزاجي ناري المزاج ، خبيث النفس ، يأتي فجأة حيث لا أريد إتيانه ، ويذهب فجأة حين أكون كالمرجل ..
    فكيف - وهذه حال شيطاني - أن أستبين منه كل ما يصف وكل ما يريد ..
    إنما هي نفثات شيطانية هنا وهناك ، أخلطها بمزيج من الألفاظ ، مع دندنة وجعجة و وعوعة ، وقليل من الدخان والأضواء لتخرج شيئا شبيها بالشعر أتطفل به على موائد أهل الشعر .
    و لا أكتمك ما أشعر به من هيـبة أمام هذه اللغة ..
    فأنا أوغل فيها كالطفل الذي يجهل السباحة يوغل في البحر ، وإنما يكون إيغاله بقدره ، وهربه من هجمات الموج أكثر من عزائمه ، حتى إذا ظفر بصدفة رماها الموج قريبا منه ، التقطها فرحا مسرورا ..
    لكن فرحه ما يلبث أن ينقلب ( حزازا من الوجد حامزا ) ، إذ الصدفة تنبي عن ما في البحر من كنوز ، وما أعجزه عن الوصول إلى الكنوز !
    أخشى كثيرا أن أتهجم على هذه اللغة مسهبا في الوصف ، فيفلت مني الزمام وأسوق الألفاظ سوقا فاسدا ، وأقيم بناء مهلهلاً يغضب علي هذه اللغة الشاعرة .
    ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه ..
    فما أنا بان الرومي لأكتب القصائد الطوال الجياد دون أن أسفّ وأفسد ، ولكني أسأل الله المعونة ..
    فسأحاول التوسع بالقدر الذي أستطيع وعسى ألا أكون جاهلا بقدر أمنا العربية .
    ****
    أرأيت أم كلثوم ؟!
    أرأيت مدى ولهي بإطرابها ؟!
    ثم ، أتدري أني طربت حين استمعت إليك طربا كطربي حين استماعي إليها ..
    و ما في ذلك عجب ..
    فإن كان تطريبها في حنجرتها ، فتطريبك أنت في قلمك ..
    وقد ألبستَ مشاعري ثوبا قشيـبا من الكلمات جعلني أراها جديدة ، وأحس بها إحساسا ما عهدته قبل ، لقد أحسست بها ترف بين كلماتك نغما كذلك النغم العبقري الذي كان يرف حول تلك القصيرة الطروب !
    وإن كنت أشعر بين الفينة والأخرى بخوف ينسرب إلى نفسي خلال كلماتك ، لكن الاطمئنان ما يلبث أن يعود ..
    فالخالق الرحيم إنما جعل هذه الأنثى سكنا ..
    وما أرق وأجمل هذا التعبير ! سكن ! (لتسكنوا إليها .. )
    إنما هي السكن الذي يُـؤْوَى إليه بعد طول الطريق ، ومشقة السير ، ووحشة الليل ، وقسوة التنافس ، و عمق الحسرة على هذه الكائنات المستكلبة ..
    فإذا أجن الليل ، كانت المودةَ الماحية ، والرحمةَ السابغة ، والحبًّ المداوي ..
    فتسكن النفس ، ويطمئن القلب ، ويعيش المنهك لحظات من الاطمئنان والحبور تنسيه ما خلف من مآس ، وما ينتظره من أهوال ..
    وإنما هي هنيهات ، تعدل ما أتى ويأتي من الزمان ..
    ورحم الله أمير الشعراء ..
    لا أمس من عمر الزمان ولا غد *** جمع الزمان فكان يوم رضاكِ
    لحظات تغسل القلب بالماء والثلج والبرد ، فيعود أبيضَ أبيضَ كزنبقة عذراء ما عرفت إلا طهر الثلج وصفاء السماء ..
    وليكن في المأوى ما فيه مما تعافه النفس أو تزوَرّ عنه ..
    فالمسافر يأوي إلى ظل خيمة فيراها قصر منيفا ، والظامئ المتهاوي على النبع لا يفحصه بالأشعة !
    وإنما نحن سفْر ، وليس لنا إلا ما للمسافر من سكن ..
    وعند الله المستقر .
    ورحم الله أبا فهر ..
    لو كان وجد في تيهه سكنا لما خاطب الريح ، ولما بقي متأبدا يأبى السكون ..
    غير أن نفسه العزيزة الحساسة صدمت بحية سوداء سالخة لدغتها فأفسدت رأيها في النساء
    وإن فيهن من كانت أقدر على لم شعثه ، و إيواءه في سكن من الحب والحنان ..
    ولكن لعل الله حرمه هنا ليعطيه هناك ..
    (في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر )
    أسال الله أن يجمعني وإياك به عند سيد المرسلين ، نشرب من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا ..
    وأن يجعل لنا من أمرنا رشدا ..
    والسلام عليك ورحمة الله ..
    أخوك المحب الداعي لك بالخير
    إبراهيم العبّادي

  4. #4
    الصورة الرمزية جهاد إبراهيم درويش شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 2,675
    المواضيع : 86
    الردود : 2675
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    شاعري ..
    أهلاً وسهلاً بك ..
    آمل أن يطيب لك المقام في واحتنا الغناء
    نص جميل وبوح جميل ..
    يطاوعك فيه الحرف وتنساب الصور ..

    دمت مبدعا

    ملاحظة :
    والشعر – مُهْترئا - يمزقني !

    و فحيح أسئلة تؤرقني ...ــــــــــــــــ أظن أن البيت ناقصاً هنا

    ومجامع الجهال ترجمني ..
    .. و تظل تزري بي : " .. أتى إدّا ..!

    هذا الفتى الأفاق !.. تسكنه
    جنّ الهوى !.. بُعدا له بعدا ! "

    و جناني المكدود يهتف بي
    متمزقا حزنا : " كفى وجدا

    فقلد نزفتُ دما وعاطفةً ـــــــــــــــــــــــأع تقد أنك تريد القول فلقد

    تمنياتي لك بكل التوفيق
    دمت متألقا

  5. #5
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    العمر : 35
    المشاركات : 41
    المواضيع : 3
    الردود : 41
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    أهلا بك أستاذ جهاد .
    اشكرك على مرورك و تنبيهك على الخطأ المطبعي الذي قمت بتعديله .
    أما ما أشرت إليه من نقص فهو ليس كذلك ، إنما هو تفريع نغمي مقصود ، وقد جرى النقاش حوله في النقد والرد المنشورين في الأعلى .
    أهلا بك على الدوام .

  6. #6
    الصورة الرمزية جهاد إبراهيم درويش شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 2,675
    المواضيع : 86
    الردود : 2675
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    عذراً يا صديقي ..
    كتبتُ ردي فبل نزول النقد الذي أشرت إليه ..
    وقد نزل ردي وما ألحقته بالقصيدة من نقد متتابعين ..
    أياً يكن :

    وها أنا وفد قرأته ..
    دعني أبارك لك ما حباك الله به من حسن الجنان وعبق البيان

    تمنياتي لك بالتوفيق
    مع التحية

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    الأستاذ ابراهيم
    جميل جميل هذا البوح
    وما أراني إلا أعايشه
    اتصور المناظر المحيطة
    أجالس رياضها وأستمع وأستمتع بتغريد طيورها
    ارافقك حرفا بحرف وكلمة بكلمة
    تصوير شعري موفق وجال ما بعده جمال
    دمت ودام نبضك

  8. #8
    الصورة الرمزية محمود فرحان حمادي شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : العراق
    العمر : 62
    المشاركات : 7,102
    المواضيع : 105
    الردود : 7102
    المعدل اليومي : 1.29

    افتراضي

    الشاعر المبدع إبراهيم العبادي
    بعد هذا القصيد الثر الرصين
    والنقد الفاره الخميل
    لم يبق لنا إلا أن نحيي رفيقًا ألِقًا حل واحتنا فطاب به المكان
    أحسنت الأداء بمفردة تميس بكبرياء الإبداع
    حللت أهلا ونزلت سهلا
    تحياتي وإلى مزيد

  9. #9
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    العمر : 35
    المشاركات : 41
    المواضيع : 3
    الردود : 41
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    أهلابك مرة أخرى أستاذ جهاد ..
    أشكرك على عودتك التي تنبي بخلقك الرفيع ..
    وأرجو أن أكون مستحقا لما قلت ..
    شكرا لك دائما ..
    ولك كل التحيات .

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    الشاعر الفذ ابراهيم العبادي
    فائق الروعة كان هطولك على بياض لوحة أحلتها روضة خلابة
    بتمكن مميز تمسك زمام الحرف وأنفاس القاريء
    أهلا بك مبدعا في أفياء واحتنا

    دمت بألق

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة