|
ولي لُغَةٌ كانت تُعدُّ رِفادا |
بسَطْتُ لها قلباً فجلَّ وسادا |
عَشِقْتُ لها حتى صُهِرْتُ بنورِها |
وعشتُ دهوراً سيِّدا وعِمادا |
فَجِئتُ لِعَصْرٍ قد تَبَدَّلَ أهلُهُ |
حكيتُ فقالوا ياغريب تفادى |
تنكَّرَ لي قومي وأبناءُ جِلْدتي |
وبودِلْتُ عمداً جفوةً وسوادا |
فَصِرْتُ غريباً في الدِّيارِ كأنّني |
أُغالِبُ موجاً والشِّراعُ تمادى |
أُحَدِّقُ في البحرِ الفسيحِ لَعَلَّني |
أُصادِفُ حُرّاً قد أبانَ رشادا |
يُغيثُ مُريداً للفصاحَةِ بعدما |
تفطَّرَ قلباً واسْتحالَ وِدادا |
يُغَلُّ كجانٍ لايُرادُ لهُ البقا |
يُقادُ لِسجنٍ بالشُّذوذِ يُنادى |
وينطِقُ صوتاً لايُرَدُّ جوابُهُ |
كأنَّ حُروفَ العُرْبِ تنشُدُ زادا |
وعودِيَ بالتَّغْريبِ في أرضِ أُمَّةٍ |
تضُمُّ كِتاباً عُزْوةً وسِنادا |
إذا سَمِعوا الفُصْحى تفيضُ بلاغَةً |
أغاروا عليها زُمْرَةً وفُرادى |
أليسَ بني قَوْمي البلاغَةُ دأبُنا |
وعِشْنا ملوكاً لانُقاسَمُ ضادا |
وليسَ بهذي الأرْضُ من هُوَ فوقنا |
تسَيَّدَ أرضاً ألْسُناً وعِبادا |
فكيفَ نَشُذُّ اليومَ عن وهَجِ الهُدى |
ونَسْخَرُ مِنْهُ بل نُعِدُّ حِدادا |
أنَسْلُبُ من لُبِّ البنينِ بداهَةً |
ونهدمُ رُكْناً قد أفادَ وجادا |
ونحجُبُ نوراً بالسَّليقةِ قد سما |
وأجْلى قلوباً تسْتَضيئُ وِهادا |
فصاحَتُنا عَزَّتْ وأنجبَتِ العُلا |
ودهْراً بها عزَّ القشيفُ وقادا |
وأثرتْ فنوناً للحضارةِ وارتقت |
شعوباً فأضْحَتْ في الفجاجِ تُهادى |
تَعَهَّدَها الأجدادُ مثل فروضِهم |
فطالتْ بروجاً في السماءِ بِعادا |
لقد وهبوا الأمجادَ جذوةَ فِطْرَةٍ |
فوا أسفاً صارَ الإباءُ رمادا |
ونحنُ وهَبْنا الْمَجْد جذوةَ موقِدٍ |
فمدَّ لنا جَمْراً وزادَ عِنادا |
فهل ترجِعُ الأنوارُ تملأُ مُنْحَنىً |
تعودُ بنهجٍ لوتَقَدَّرَ عادا |
لَحَرْفٌ من الرحمانِ ميَّزَ أُمَّةً |
حَريٌ بني قومي يصيرُ عتادا |