وَهَبوكِ مَائِي
الخبر:
عَبْرَ أَنابِيبَ تَمْتَدُّ وَسَطَ مَنازِلِ قَرْيَةِ الجفتلك، تَنْسَابُ المِيَاهُ مِنْ خَزَّانَيْنِ عَلَى سَفْحِ جَبَلٍ، بِالقُربِ مِنْ ثُكْنَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ إسْرائِيلِيَّةٍ، لكنّ هذهِ المياهَ لَيسَتْ لِأَهالي القَرْيَةِ العَطْشَى، بلْ تَتَّجِهُ صَوْبَ مَزَارِعِ المُسْتَوْطِنينَ وَسُكَّانِ مُسْتَوْطَنَةِ «مِسواة».
وَيَقُولُ أَهَالي القَرْيَةِ إِنَّهُمْ يَسْمَعُونَ خَرِيرَ المِياهِ فِي الأَنابيبِ المَارَّةِ مِنْ جانِبِ المَنازِلِ، في الوَقْتِ الَّذي يَنْهَضُونَ فِيهِ صَباحَ كُلِّ يَوْمٍ سَعْيًا وَراءَ مَصْدَرٍ جَديدٍ لِلْمِياهِ لِمَزْروعاتِهِمْ أو لِإِطفاءِ ظَمَأَهُم.
فَمَاذا تَقُولُ القَرْيَةُ بِعَطَشِها لِلْمُسْتَوْطَنَةِ؟
قَدْ غَافَلَ السُّرَّاقُ أَهلِي
صَادَرُوا حَقّي اسْتَباحُوني
أَنا المُلْقاةُ في
وَجَعِ القَضِيَّةِ أُحْتَضَرْ
وَتَقومُ فَوْقَ تُرابيَ المستوطناتُ ومِنْ دَمي
يَتَبادَلُون النَّخبَ أَشبَاهُ البَشَرْ
يَتَكاثَرُونَ كَذَرِّ نملٍ فِي زمانٍ مِن حَياتِي
قَاتِمٍ مُتَلاطِمٍ مُرٍ عَسِرْ
عَطْشَى أَنَا
وَيْلٌ لِمَن سَرقُوا حُقُوقِي
مائيَ المَقدورَ لي
فِي سِفرِ تَوزِيعِ الرّواءِ عَلَى امتِدادِ الأَرضِ
مُذْ وَضَعَ المَلِيكُ الخَالِقُ الأَرزاقَ
قَدَّرَ سَهْمِيَ المَكتُوبَ وَانتَقَصُوهُ مَا أَغنَتْ نُذُرْ
مَنَحُوكِ حَقِّي فِي الحَياةْ
وَتَنَافَسُوا فِي غَرسِ أَرضِكِ بِالزُّروعِ
بَنَوْكِ فَوقِي
بِالعَطَايَا أَمطَرُوكِ
وَبِالدُّرُوعِ تَحَصَّنُوا وَمِنَ انتِقَامَي حَصَّنُوكِ
وَفَي ثَرَايَ أَنا التَّفَنُّنُ فِي اقتِلاعِ الغَرْسِ تَرويعِ الخَلائِقِ
قَهرِ أَطلالي بِنارٍ مِنْ سَمائِي تَنهَمِرْ
بِدَمي رُوِيتِ وَتَشرَبِينَ دُمُوعَ صَبرِي
تَفتَرينَ فَهَلْ رَضِيتِ!
وَهَلْ كَفَاكِ لِتَهنَئِي وَأَنَا الأَسِيرَةُ
جَرَّعُونِي القَهرَ مَحْلًا قَيدَ نارٍ فِي عُرُوقِي تَستَعِرْ
إِنِّي هُنَا الظَمَأُ المُقِيمُ تَشِيبُ فِي يَبَسِي الطُّفُولَةُ
وَالجَمَالُ مُهَشَّمٌ
وَالمَوتُ صَارَ غلالَتي
وَمَرارُ دَهرِي يَحتَوي نَسلِي وَأَهلِي يَحتَوِينِي
وَالمُعَنّى لا يَئِنُّ وَلا يَنوحُ وَيصْطَبرْ
تَتَمَدَّدينَ وَتَكبُرينَ وَتَنعُمينَ بِكُلِّ مَا لِي مِن نَعيمٍ ضَاعَ منّي
مُنذُ أَدمَنتُ التَّمَنِّي والتَّأَنّي
فاستُبِحْتُ كَأنَّ بَعضِي لَيسَ مِنّي
غَيرَ أَنِّي لَنْ أَمُوتَ وَلنْ أَقَرّْ
فَقِفِي، خُذِي بِلَظى احتِرَاقِي العَهدَ دَيْنًا
فَانتِقامُ الحُرِّ مُرّْ
وَغَدًا سَيُشعِلُكِ الأُبَاةُ جَحِيمَ أَجدَاثٍ
فَلا جَالوتَ تُسعِفُهُ الدُّروعُ وَلا حُصونَ لِمَن غَدَرْ
وَلَقَد عَرَفتِ الطِّفلَ يَومَ يَهُبُّ مُنتَصِبًا
وَيَمتَشِقُ الحَجَرْ