إسراء في الغياب
وكأن خطوكَ بالمسافة مولع
تمشي وظلكَ باغترابكَ موجع
لا أنتَ عدتَ ولا بلغتَ مدينة
كم كنتَ تذكرها وعينكَ تدمع
أجّل رحيلك - لا عليك - وخذ يدي
إن ضاقت الدنيا فحِلمك أوسع
هبني خرائطكَ القديمة.. لا تسل
من أيها نهر العروبة ينبع
من ذا سواكَ له وفاؤك للمدى
يا ممعنا في التيه.. ليتك ترجع
ضللتَ حزنك وابتسمتَ مكابرا
وخدعتَ من فوق الجراح ترفعوا
كن ما تشاء فأنتَ وحدك مخلص
للأرض حين الآخرون تمنعوا
إذ بايعوكَ لكي تكون أميرهم
وعلى قتالكَ في الخفاء تبايعوا
سرقوا صباكَ، وجوه من أحببتهم
فسرقتَ منهم ما عليه تبايعوا
ما أبشع الزمن المزيف وجهه
ولغدر من أسكنت قلبك أبشع
يا مستباح الضوء ليلك ما له
صبح، أما للشمس عندك مطلع
أحلامكَ انطفأت ودربكَ موحش
تاهت خطاكَ وتاه منكَ الموضع
وتدق أبواب العروبة مرهقا
ووراءها من لا يرى أو يسمع
كـلـّت يداكَ ولم تصدق أنه
ما للعروبة أي باب يشرع
ستلفكَ الذكرى ويحضنك الصدى
ويلف صوتـَك في غيابك برقع
روحي وروحك توءمان، هو الأسى
نحو اغتيالي واغتيالك ينزع
لا تبتئس من كيد من آخيتهم
فالصبر يبقى والمكائد ترفع
حاصر عدوكَ بالبسالة واثقا
أن البسالة للمحاصر تشفع
وابدأ بما كان الختام لسالف
من شيبه تاج الشباب يرصع
خبئ غمامكَ علَّ قلبك من دم
- إن جف يوما - منه ماء يرضع
إن بعثروا أحلام عمركَ لا تخف
أو بعثروا فيك البلاد.. ستـُجمع
إن تبكِ لا تخجل.. بكاؤك نخوة
سر انتصاركَ في انكساركَ مودع
لا تخش موتكَ إن سقطتَ مقاتلا
سيُتِم هذي الحرب بعدكَ رُضَّع
إن يحصدوكَ فسوف تنبت خُفية
عشبا على أرض الصبا يترعرع
مثل انخطاف الطرف يفلت عمرنا
منا، ونمضي حين لا نتوقع
لملم تفاصيل الوصية وانسها
وامكث قليلا.. إن موتك فاجع
قد توقظ الماضي حكاية صورة
ويسوق من غابوا لصدرك شارع
المخلص للوجع
خالد