انتصار
يا بنات الحي!
ويا فتيان الحمى !
العين مسمومة، لا تشربوا دمع الدمى
يا غادتي، عودي... لا تستقي
ودعي الطريق يخلو للنائحات
لا تلوميني فما افترقنا إلا لنلتقي
ستُبكي الشمسُ جباهَ الحصادين غداةَ غدٍ
وتلهب حقل الشوك آن الظهيرهْ...
وذات مساء ترين البدر يخلع ما أهداه الشعراء من حلل سندسيهْ
يوم باع الناس أشجار الزيتون
وفسائل النخل الطريّه،
بما وزعوا على موائد القمار !
وما أغدقوا على الغواني من عطايا
في ساحة نصبتْ فيها مشانق للأبرياءْ
ملّ سمعي تفاصيل الأخبار
لكني مجبر على الجلوس بهذه الغرفة الكئيبهْ.
أمام شاشة يَنَـزُّ ما يعرض عليها كذبا وتخريفا...
ما أصدق لسان الناصح وهو يحتضر!
مثلما يزهو ضباب آخر الليل،
حين تهزمه إشراقة الصباح المنبلجْ.
ما افترقنا إلا لنلتقي ...وإلى الأبد
مثلما انتصر عيسى عليه السلام
إذ لم يصلبه أحد.
انتصر الشهداء حين باعوا الرخيص
واسترخصوا الغالي...
عانقوا الخلود وتركوا سفينة الموت تغرق بمن عليها
وشيعوها بابتسامة وهي ترسب للقاع
لم يعبأ أيّ منهم بصخب الذعر في عيون الأبالسهْ
ولم يسأل أيّ منهم أيان يوم الساعهْ.
شهدتُ أمس مبارزة الصبر للألم
في عين شريدة قصَّرتْ عمر الفراغ ودفنته في العجين.
خبزة واحدة تكفي طعام يوم لطفلتي
لكن كل كتب الدنيا لن تشبع عقلها...