بعدَ القرآنِ الكريم.
الشعرُ الفصيح ,,الموزونُ المقفَّى ,الذي تجرِي أنهارُه ضمنَ حدودٍ معينةٍ ,,في بحورٍ معيَّنةٍ ,,ومن غيرِ المسموح أن تختلطََ مياهُه العذبةُ بملوحةِ البحار ,,
هو ممَّا لا ريبَ فيه ,,تلكَ الأعمدةِ الرخاميَّةِ الشامخة ,,العاليةِ جداً ,,العظيمة ,,الراسخةِ في عمقِ التاريخ ,,الجميلة ,,القويةِ الأثرية ,الحديثة,,,التي تقفُ بوجة عوادِي الزمن ,,حاملةً على أكفِّها صرحَ اللغةِ العربية ,والأدبِ العربي, بكل ضخامتِه وفخامتِه ,وروعتِه,, واقفةً فيه تحتَ الشمس ,,تحتَ الرعدِ,, والمطرِ,, والبرق,, صامدةً بقوة ,,غير مباليةٍ بالقرونِ ,ولا السنينِ,, ولا الأيامِ التي تمرُّ خلفَ بعضِها مسرعةً أو بطيئة ,,غيرَ مباليةٍ بكلِّ عواصفِ الرمال,, ولا مدِّ البحارِ وفيضاناتِها ,,ولا بالشهبِ المحرقةِ القادمةِ من الشَّمسِ بسرعةِ الضوء .
{مع أننَّا نرى الكثيرَ منه مجرَّدَ نظمِ كلمات ,ولا علاقةَ له بالشعرِ البتَّة }.
الشِّعرُ الحُر ,,,والذي لا أعرفُ له أي إسمٍ غيرَ هذا .
هذا الشعرُ الجميل ,,الذي تحرَّرَ من قيودِه وانطلقَ للأفاق ,يغازلُ النجومَ ,والغيوم َ,والأمطار ,,مرفرفاً بجناحيِه ,ماراً بروعةِ الشفقِ فوقَ القلاعِ,, والبلادِ,, والمدائنِ,, والبيوت ,,كأسرابِ العصافيرِ الملوَّنة
ما هو
إلا لوحاتٍ ساحرةٍ تزيِّنُ جدرانَ صرحِ الأدبِ العربي,, صاحبِ الجلالةِ,, والفخامةِ,, والسموِّ,, والروعة
{مع أنناَّ نرى الكثيرَ منه مجرَّدَ تكديسِ كلامٍ فوقَ كلام ,وغيرُ مفهومٍ ولا معلومٍ ,ولا علاقةَ له بشعرٍ,, ولا بنثرٍ,, ولا بأدبٍ,, بل نراهُ فقط هذيانَ نائمٍ أو مخمورٍ أو مجنون }!!!!!
لندع يماماتَ الشعرِ تنطلقُ بحرية ,,تجري في أنهارٍ لها ,في بحورٍ لها ,,في حدودٍ لها
أو في هواءٍ أو أثيرٍ غير محدود.
الجميلُ المفيدُ,,, سيبقى
والتخاريفُ البلهاءِ والتي لا تعجبُ أحداً ,سوفَ تتلاشى لوحدِها,, وبدونِ قرارٍ من أحد
وهذا ما سوف يحصل
لو مشيتُ في ظلامٍ دامسٍ,, وتعثرْتُ ووقعْت
فهذا لا يعني أننَّي عمياء!!!
ولو كنتُ تحتَ المطرِ,, وتدفَّقَ الماءُ من ثيابِي وشعِري
فهذا لا يعني أننَّي أبكي!!
وإن ابتسمْتُ للأطفالِ,, وترغلتُ بلغتِهم الضاحكة
فهذا لا يعني أننَّي سعيدة
فعبثاً تحاولُ البحثَ عني يا صديقي
إذا لمْ ترَني بعينِ البصيرة ,,وتسمعَني بأذنِ البصيرة
فما الرؤيا بالعينِ إلا صورةٍ معكوسةٍ تلتقطُها آلة
وما السمعُ بالأذنِ إلا ذبذباتٍ مسافرةٍ في الأثير,,, لا تلتقطها إلا آلةٌ أيضاً
فإن كنتَ لا تريدُ أن تسمعَني,,, فلا تقتربُ بسمعِك من صوتِي أكثر
إن كانَ هذا لا يضيرُك
فهو يجرحُني حتى النخاع
إذا رأيتَ أحداً يتعمَّد إذلالَ من هو دونه
فاعلمْ أنَّه ذا نفسٍ ذليلةٍ ,,وضعيفةٍ ,,وجبانة
ويتصوَّر
أنَّه يدافعُ عنها ,,أو ينتقمُ لها
أما إنْ رأيتَ أحداً يحترمُ من هو دونَه,, ويقدِّرُه ,,ويحاولُ بناءَه بدلَ تحطيمِه
فاعلمْ أنَّه ذا كبرياءٍ عظيمةٍ
يرَى الدُّنيا من عليائِه
ولا يخافُ إلا الله فقط
ماسة