جنازةميلاد..
د. مختار وحرم
ثلجٌ ونـار
ومغارةٌ فيها توارى
ألف غار
و عجائزٌ يحكين للدنيا
لأطفالٍ صغار
عن موسم قد كان في أيامنا
يدعى نهار
ومواكبٌ تمضي تزف جموعها
بالدمع جثمان انتصار
وأرى على تلك الجموع
كآبةً
وأرى ملامح ذلةٍ
قسمات بؤسٍ وانكسار
وأرى غريباً
وجهه للناس مألوفٌ
فيبعث فيَّ مرآه احتقار
يبني هنا
ما بين أجدادي
وأحفادي
جدار
ويبث في أعمارنا
أنباء ميلاد احتضار
***
سقطت قلاع النور
من طول الليالي
والحصار
عزل الزمان
عن العروش هنا
حماة الأبرياء
ومضى ملوك الحق
واستولى على الدنيا
عبيدٌ أدعياء
ساد الظلام
فآثر الفجر الوليد الانتحار
بؤساً لقومٍ
ساد فيهم أشقياء
***
في الأفق يبدو
جيش أبرهةٍ
تسانده أبابيل السماء
بمعاول الكفر البغيض
يهد كعبتنا
وينبش في قبورالأنبياء
تمضي جحافله
يرفرف فوقها
علم اليهود
وجنوده ..
إن جاز يوماً
أن نسميهم جنود
كأسٌ .. وغانيةٌ
وعود..
أشلاؤنا تبكي..
تغني..
هاهي انطفأت ليالينا
ونحمل بين أضلعنا
قلوباً لاتثار
ما عاد حتى
للشعارات الكبيرة
والأماني والوعود
أدنى وجود..
***
ثلج ونار
وعلى المشارف
جيش أبرهة الضئيل
يغتال في
تاريخنا المجد القتيل
يمضي
وينشر في أراضينا المجازر
والخرائب والدمار
وأمامه كلبٌ ذليل
يرنو إلينا ساخراً
فقد استطاع اليوم ما لم
يستطع إنجازه
بالأمس فيل
إذ هد كعبتنا
ودمر في مرابع حينا
بنيان جيل
لا تسألوا كيف استطاع
فكلنا
شخصٌ جبانٌ خائفٌ
أو خائنٌ وغدٌ عميل
أحلامنا
تستقبل الغازي لنا
بعد انتظار
طوعاً تقبله
وتهدي رأسه
إكليل غار
***
ويسير جيش الغاصبين
على أراضينا
فنسمع في الفضاء
مرثاة كعبتنا التي
صارت كــسلوانا هباء
من دربه قد فر خوفا
كل أرباب المراعي
والديار
كان الفرار قرار أصحاب القرار
فتناثرت كل القلوب
على الدروب
وأصبح الذل الخيار
والأرض صارت دوحةً
مجروحة الأغصان
عقتها الثمار
يبكي على
أفيائها الثكلى هزار
فأهيم وحدي تائهاً
في ظلمة الأوهام
أبحث عن نهار
يقتات جرح القلب
من عجزٍ ويأسٍ
وانكسار
ماذا تخبئ
ياغدي خلف الستار
***
ثلجٌ ونار
ومغارةٌ
فيها توارى ألف غار
ومواكبٌ تمضي
تعيد إلى جراح الأرض
جثمان النهار