|
دخلتْ فؤادي غِرّةً وخفاءَ |
صينيةٌ كفراشةٍ بيضاءَ |
ما استأذنتْ من حاجبٍ هرِمٍ ولا |
طرقتْ لصاحبِه الخجولِ حياءَ |
هي نفخةٌ كالبعثِ يقرَعُ بغتةً |
فيهبُّ ميْتٌ يفركُ الرمداءَ |
وقفتْ إزائي تتقي مطراً هوى |
بالسحرِ منها فهي تنقطُ ماءَ |
محمرّةٌ وجناتُها من برْدِه |
كالخَوخِ يسبي لونُه إغراءَ |
ودقيقُ أنفٍ مَسّه قطْرٌ غدا |
كالسيفِ مبتلاًّ يشعُّ مُضاءَ |
والوجهُ بدرٌ في استدارتِه على |
قِصَرٍ يُقرِّبُ للعَيانِ سماءَ |
يا فتنةً للعينِ إن واجهتَها |
وطفولةً إن أدبرتْ تتراءى |
كلماتُها نغمٌ جرى في مسمعي |
ما مَلَّ منه بُكرةً ومساءَ |
لغةٌ كإيقاعِ الرنينِ إذا يدٌ |
قد أوقعتْ فوق البلاطِ إناءَ |
هي رنّةٌ في إثْرِ أخرى حرفُها |
متموسقٌ لم تُملِه إملاءَ |
شِنْ شَنْ وشو شي كالخليلِ مدندناً |
تقطيعَ بيتٍ في العروضِ غناءَ |
ترنو إلى مطرٍ وكلّي ناظرٌ |
خَلْساً إلى قمرٍ لعتمي جاءَ |
قلَقٌ يغلِّفُها وبي فرَحٌ بدا |
فظّاً يُريبُ فتستديرُ جفاءَ |
أغريبةَ الأوطانِ قلبي موطنٌ |
لكِ فاسكنيه منزلاً وخِباءَ |
وجفونيَ التعبى ترفُّ بلهفةٍ |
فتلحّفيها مِئزراً وغطاءَ |
أيقظتِ غفوةَ شاعرٍ متقاعسٍ |
نسي الهوى والشعرَ والشعراءَ |
ونفختِ من روحِ الحياةِ بقبرِه |
فرمى الترابَ ولملمَ الأشلاءَ |
أوريتِ من زندِ الفؤادِ رطيبَه |
فإذا الرمادُ به غدا رمضاءَ |
وتوقّف المطرُ الغَيورُ فغادرتْ |
فتوقّف النغمُ الطروبُ فِجاءَ |