حين نطقت أول كلمة عربية كانت نعم، فكنت أجمل طفلة، أذهلت كل من رآك وأنت تتعثرين وتقفين أقوى مستندة على يديك وراحتيك الطريتين وتتعجلين المشي مرة ثانية وتكونين أقوى وتضحكين فرحة حين عرفت طريقك فكانت خطواتك واثقة جميلة، وابتسامتك عذبة تشرق وجهك... أعشق ظلك ألثم ثغرك صغيرة، أحنو إليك وأرعاك وتكبرين بلجاء كحلاء زجاء نجلاء حمراء لمياء شماء غيداء ملساء ردماء، يتضاعف حسنك يوماً بعد يوم، تفيض كل ثناياك بجود كالغمام فغلبت كل عقل وأسرت كل متيم، زانك أدب فسموت رفعة وآثرت وصالاً لكل عزيز شريف، فكنت أجمل البنات حسنا وقدراً... وحان قطافك فرضيت لك من تأنسين إليه، حسن الخلقة، بهي رفيع، يعرض عن كل بذيء، وينصرف عن كل قتات نمام منان، يصون لسانه عن كل قبيح، سليم الصدر لا يتلون، كريم الطبع حسن الصفح، شديد البأس، سخي يكره السحت ويمقته، إن سألت عنه كريم وإن قصدت مجلسه بسط يده بالعطية، يتجاوز ويعفو وهو قادر، يغض البصر ويصرف النظر عن كل سقط فاجر،يعلم أن بعض الناس أصحاب في النعم والويل إن زلت القدم،لا يجهر بسوء ولا يسوء ظن أحد، ليس من أهل المعاندة والجدال...
وحين تلاقيتم ذرفت كل دمعة رفق ولين فكنت نجيبة مهيبة كريمة، تصونين خلق ودين، فأنت بشرى لكل راع وأمل كل حيران تائه، وجدت بغيث حلو فنبت من بين كل حبة رمل عود وغصن ومن كل غصن وريقات وزهرات، وأثمرت حباً وأرضعت عزاً ونبت منك كل أصل كريم فكنت مهرة تعدو وتسبق كل من انطلق، وإلى الله المرجع والمآب .