انحرافات خالص جلبي
شيخ (العصرانيين) في القصيم !!
إعداد
سليمان بن صالح الخراشي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلا زالت بلادنا –حفظها الله وثبتها على الحق- ملاذاً آمناً لكل من يريد إقامة دينه ودنياه من أبناء المسلمين على اختلاف هوياتهم، وملتقىً لهم بما خصها الله به من وجود الحرمين الشريفين على أراضيها. وقد أمَّها الكثير منهم، ما بين كبير وصغير، وعالم وجهل، فعاد فئام إلى أهاليهم وقد استقامت أحوالهم الدينية –ولله الحمد- بعد أن تبصروا وتفقهوا في تلك الأحوال وفق ما جاء في الكتاب والسنة، وهو ما لم يجده كثير منهم في بلاده نظراً للظروف التي مرت بالعالم الإسلامي، مما لا يجهلها أحد.
ولكن بقي فئات قدمت إلى هذه البلاد (متشربة) البدعة ومخالفة الكتاب والسنة، راضية بما هي عليه من انحراف، قد انتكست فطرتها، فرأت المعروف منكراً والمنكر معروفاً.
أتت وقد تشبعت قلوبها من أئمة الضلال ببغض دعوة الكتاب والسنة التي تقوم عليها بلادنا –ولله الحمد- ، فلم ترض أن تتنازل عن ما هي عليه من باطل.
وهذه الفئة صنفان:
1- صنف أتى لهذه البلاد طالباً للعيش، وجوار الحرمين الشريفين، غير ساعٍ في نشر بدعته وانحرافه بين أهلها، إما خوفاً( ) أو عدم حماس لها، مما جعله يتستر عليها ولا يُسر بها إلا لخواصه الأدنين ، جاعلاً شعاره قول المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدواً له ما من صداقته بدُ !
وقول الآخر :
ودارهم ما دمت في ( دارهم ) وأرضهم ما دمت في ( أرضهم ) !
وهذا الصنف قد كفانا مؤنة الرد عليه وفضحه، لما هو عليه من تستر وتحفظ من نشر بدعته وانحرافه، فهو (مبتدع) غير داعية إلى بدعته .
فمثل هذا يناصح برفق، ولا يرد عليه علناً، لكي لا تشتهر بدعته، أو تأخذه الحمية في نصرتها.
2- والصنف الآخر: كالأول تماماً في بدعته وانحرافه، لكنه لم يخضع كما خضع الأول ! ولم يستتر كاستتاره ، بل جاهر ببدعته وانحرافه، مستعملاً كل أسلوب متاح لترويج ذلك بين شباب هذه البلاد؛ لكي يصرفهم عن دعوة الكتاب والسنة إلى ما يوافق مشربه.
فهو لأجل ذلك يُصنف الكتب، ويكتب في الصحف والمجلات، ويشارك في الندوات .
وهؤلاء يختلفون في بدعهم ومشاربهم؛ فمنهم الأشعري الخَلَفي، والصوفي الخرافي، والمعتزلي العقلاني.. الخ
إنما يجمعهم كلهم: (بغض دعوة الكتاب والسنة) ومحاولة صرف الشباب عنها إلى أهوائهم.
فهذا الصنف يجب على دعاة الكتاب والسنة أن يتصدوا له، وأن يفضحوه بين الناس، ويُشهّروا به في الآفاق؛ حتى يدع بدعته أو يكف عن بثها ونشرها.
والطبيب خالص جلبي من هذا الصنف ! فهو قد قدم إلى هذه البلاد منذ عشرات السنين مستقراً في بلاد القصيم! ليعمل في أحد مستشفياتها.
قدم وقد تشربت نفسه انحرافات عديدة ظنها حقاً يجب أن يبشر به الناس حوله.
قدم وفي نفسه (أشياء) من دعوة الكتاب والسنة التي لم يجد فيها بغيته! ولم تُرض طموحه! لهذا فما أن ألقى عصاه في بلاد القصيم وطاب له المقام فيها، حتى شمر عن ساعديه في نشر انحرافاته وأفكاره التي استولت على نفسه. فبدأ يؤلف الكتب، وينشر مقالاته في مختلف الصحف، ويجتمع بالآخرين لينقل إليهم ما عنده؛ هادفاً من هذا إلى تجميع الشباب حول أفكاره التي آمن بها ورضيها، ولا زال على هذا الحال!
قد يقول قائل ممن يعرف ما عند الدكتور: يا فلان لقد ضخَّمت القضية، فالرجل ليس عنده سوى مذهب (السِّلم ونبذ العنف) الذي آمن بجدواه بعد أن جرَّب غيره، في بلاده، وهذا المذهب (السلمي) الخانع مع أعداء الأمة لن يؤمن به الشباب مهما حاول الدكتور؛ نظراً لمخالفته للفطرة ولطبائع البشر قبل مخالفته لشريعة رب العالمين –كما سيأتي- .
فأقول: نعم ، فكرة الدكتور الكبرى وهي الدعوة إلى السِّلم (مع الجميع!) لن تشد أحداً من الشباب إليها كما قلت ، بل سيتخذها بعضهم سخرياً في زمنٍ لا يؤمن إلا بمبدأ واحد هو القوة، ولو تعامى الدكتور عن ذلك.
لذا فأنا لا أخاف على الشباب من هذه الفكرة الخيالية الحالمة، إنما أخاف عليهم من حواشيها! ومتطلباتها! ؛ لأن الدكتور –كما سيأتي- جعل لنجاح هذه الفكرة شروطاً ينبغي أن تتحقق في المؤمنين بها، وهو ما أخافني منه على الشباب!؛ فهو يرى أن العالم ينبغي أن يعيش في سلم عام، يتحقق له عن طريق:
1- احترام وجهات النظر والرأي الآخر مهما كان !
2- حرية الإنسان في الدعوة إلى ما يعتقده في كل مكان!
3- حرية الإنسان في التنقل بين العقائد والأديان!!
4- إلغاء ما يعارض ذلك، وهو حد الردة !!
5- أن الحقيقة المطلقة لا يملكها أحد من البشر!!
إلى غير ذلك من الشروط والحواشي الخطيرة! ، وهي ما نجح الدكتور في بثها في عقول بعض الشباب ممن يسمون (بالعصرانيين) ، وساعده على ذلك أن هذه الحواشي والأفكار الفرعية تلائم عصر العولمة! وترضخ للضغوط المعاصرة التي لا يجهلها أحد، إضافة إلى أنها تريح النفوس البطالة التي تعبت من الدعوة إلى دين الله الحق وأصابها (طول الأمد) والملل !
فجاء الدكتور يستثمر هذا كله، ويستفيد منه في نقل أفكاره إلى عقول بعض شبابنا ممن نراهم يدندنون كما ما يدندن الدكتور.
أما فكرته الكبرى (وهي الدعوة إلى مذهب السلم) فلا أظنها تلقى الرواج والقبول عند الشباب ، كما لقيته هذه الأفكار الفرعية.
لهذا كله: كان لابد من عرض أفكار الدكتور –ولو بإيجاز- تحت مجهر الكتاب والسنة؛ ليتبين للشباب ما عند الرجل من انحرافات ، لتكون هذه الرسالة عوناً لهم تركها أو الحذر منها .
ولعل الشباب الذي تأثر بدعاوى (العصرنة) و (التمييع) يراجع نفسه، ويجدد حياته ، ويعود إلى سبيل النجاة بعد أن تنكب عنه سنين عددًا ، أضاعها في الترويج لهذه الأفكار ( العصرانية ) المنحرفة .
وليتعظ المرء من هؤلاء بحال من سبقوه من أساطين العصرنة الذين أرادوا تشذيب الإسلام حتى يوافق عقولهم القاصرة وعصرهم المتقلب ، ولكنهم لم يجنوا من ذلك سوى ضياع الدين وخسارة الدنيا ، والعياذ بالله .
ولا تزال لهم قدم سوء في هذه الأمة التي ضللوها عن دينها القويم .
فليعتبر ناصح نفسه بحالهم ومآلهم ، ولا تأخذه العزة بالإثم أن يعود إلى الحق ؛ فإن ( الحق قديم ).
أسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى صراطه المستقيم ، وأن يباعد بيننا وبين البدعة وأهلها ، وأن يوفق الدكتور جلبي للخلاص مما وقع فيه من انحرافات .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه (أجمعين)
كتبه
سليمان بن صالح الخراشي
1/7/1422هـ
يتبع