أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: انحرافات خالص جلبي

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    Exclamation انحرافات خالص جلبي

    انحرافات خالص جلبي

    شيخ (العصرانيين) في القصيم !!



    إعداد
    سليمان بن صالح الخراشي



    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد: فلا زالت بلادنا –حفظها الله وثبتها على الحق- ملاذاً آمناً لكل من يريد إقامة دينه ودنياه من أبناء المسلمين على اختلاف هوياتهم، وملتقىً لهم بما خصها الله به من وجود الحرمين الشريفين على أراضيها. وقد أمَّها الكثير منهم، ما بين كبير وصغير، وعالم وجهل، فعاد فئام إلى أهاليهم وقد استقامت أحوالهم الدينية –ولله الحمد- بعد أن تبصروا وتفقهوا في تلك الأحوال وفق ما جاء في الكتاب والسنة، وهو ما لم يجده كثير منهم في بلاده نظراً للظروف التي مرت بالعالم الإسلامي، مما لا يجهلها أحد.
    ولكن بقي فئات قدمت إلى هذه البلاد (متشربة) البدعة ومخالفة الكتاب والسنة، راضية بما هي عليه من انحراف، قد انتكست فطرتها، فرأت المعروف منكراً والمنكر معروفاً.
    أتت وقد تشبعت قلوبها من أئمة الضلال ببغض دعوة الكتاب والسنة التي تقوم عليها بلادنا –ولله الحمد- ، فلم ترض أن تتنازل عن ما هي عليه من باطل.
    وهذه الفئة صنفان:
    1- صنف أتى لهذه البلاد طالباً للعيش، وجوار الحرمين الشريفين، غير ساعٍ في نشر بدعته وانحرافه بين أهلها، إما خوفاً( ) أو عدم حماس لها، مما جعله يتستر عليها ولا يُسر بها إلا لخواصه الأدنين ، جاعلاً شعاره قول المتنبي:
    ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
    عدواً له ما من صداقته بدُ !
    وقول الآخر :
    ودارهم ما دمت في ( دارهم ) وأرضهم ما دمت في ( أرضهم ) !

    وهذا الصنف قد كفانا مؤنة الرد عليه وفضحه، لما هو عليه من تستر وتحفظ من نشر بدعته وانحرافه، فهو (مبتدع) غير داعية إلى بدعته .
    فمثل هذا يناصح برفق، ولا يرد عليه علناً، لكي لا تشتهر بدعته، أو تأخذه الحمية في نصرتها.
    2- والصنف الآخر: كالأول تماماً في بدعته وانحرافه، لكنه لم يخضع كما خضع الأول ! ولم يستتر كاستتاره ، بل جاهر ببدعته وانحرافه، مستعملاً كل أسلوب متاح لترويج ذلك بين شباب هذه البلاد؛ لكي يصرفهم عن دعوة الكتاب والسنة إلى ما يوافق مشربه.
    فهو لأجل ذلك يُصنف الكتب، ويكتب في الصحف والمجلات، ويشارك في الندوات .
    وهؤلاء يختلفون في بدعهم ومشاربهم؛ فمنهم الأشعري الخَلَفي، والصوفي الخرافي، والمعتزلي العقلاني.. الخ
    إنما يجمعهم كلهم: (بغض دعوة الكتاب والسنة) ومحاولة صرف الشباب عنها إلى أهوائهم.
    فهذا الصنف يجب على دعاة الكتاب والسنة أن يتصدوا له، وأن يفضحوه بين الناس، ويُشهّروا به في الآفاق؛ حتى يدع بدعته أو يكف عن بثها ونشرها.
    والطبيب خالص جلبي من هذا الصنف ! فهو قد قدم إلى هذه البلاد منذ عشرات السنين مستقراً في بلاد القصيم! ليعمل في أحد مستشفياتها.
    قدم وقد تشربت نفسه انحرافات عديدة ظنها حقاً يجب أن يبشر به الناس حوله.
    قدم وفي نفسه (أشياء) من دعوة الكتاب والسنة التي لم يجد فيها بغيته! ولم تُرض طموحه! لهذا فما أن ألقى عصاه في بلاد القصيم وطاب له المقام فيها، حتى شمر عن ساعديه في نشر انحرافاته وأفكاره التي استولت على نفسه. فبدأ يؤلف الكتب، وينشر مقالاته في مختلف الصحف، ويجتمع بالآخرين لينقل إليهم ما عنده؛ هادفاً من هذا إلى تجميع الشباب حول أفكاره التي آمن بها ورضيها، ولا زال على هذا الحال!
    قد يقول قائل ممن يعرف ما عند الدكتور: يا فلان لقد ضخَّمت القضية، فالرجل ليس عنده سوى مذهب (السِّلم ونبذ العنف) الذي آمن بجدواه بعد أن جرَّب غيره، في بلاده، وهذا المذهب (السلمي) الخانع مع أعداء الأمة لن يؤمن به الشباب مهما حاول الدكتور؛ نظراً لمخالفته للفطرة ولطبائع البشر قبل مخالفته لشريعة رب العالمين –كما سيأتي- .
    فأقول: نعم ، فكرة الدكتور الكبرى وهي الدعوة إلى السِّلم (مع الجميع!) لن تشد أحداً من الشباب إليها كما قلت ، بل سيتخذها بعضهم سخرياً في زمنٍ لا يؤمن إلا بمبدأ واحد هو القوة، ولو تعامى الدكتور عن ذلك.
    لذا فأنا لا أخاف على الشباب من هذه الفكرة الخيالية الحالمة، إنما أخاف عليهم من حواشيها! ومتطلباتها! ؛ لأن الدكتور –كما سيأتي- جعل لنجاح هذه الفكرة شروطاً ينبغي أن تتحقق في المؤمنين بها، وهو ما أخافني منه على الشباب!؛ فهو يرى أن العالم ينبغي أن يعيش في سلم عام، يتحقق له عن طريق:
    1- احترام وجهات النظر والرأي الآخر مهما كان !
    2- حرية الإنسان في الدعوة إلى ما يعتقده في كل مكان!
    3- حرية الإنسان في التنقل بين العقائد والأديان!!
    4- إلغاء ما يعارض ذلك، وهو حد الردة !!
    5- أن الحقيقة المطلقة لا يملكها أحد من البشر!!
    إلى غير ذلك من الشروط والحواشي الخطيرة! ، وهي ما نجح الدكتور في بثها في عقول بعض الشباب ممن يسمون (بالعصرانيين) ، وساعده على ذلك أن هذه الحواشي والأفكار الفرعية تلائم عصر العولمة! وترضخ للضغوط المعاصرة التي لا يجهلها أحد، إضافة إلى أنها تريح النفوس البطالة التي تعبت من الدعوة إلى دين الله الحق وأصابها (طول الأمد) والملل !
    فجاء الدكتور يستثمر هذا كله، ويستفيد منه في نقل أفكاره إلى عقول بعض شبابنا ممن نراهم يدندنون كما ما يدندن الدكتور.
    أما فكرته الكبرى (وهي الدعوة إلى مذهب السلم) فلا أظنها تلقى الرواج والقبول عند الشباب ، كما لقيته هذه الأفكار الفرعية.
    لهذا كله: كان لابد من عرض أفكار الدكتور –ولو بإيجاز- تحت مجهر الكتاب والسنة؛ ليتبين للشباب ما عند الرجل من انحرافات ، لتكون هذه الرسالة عوناً لهم تركها أو الحذر منها .

    ولعل الشباب الذي تأثر بدعاوى (العصرنة) و (التمييع) يراجع نفسه، ويجدد حياته ، ويعود إلى سبيل النجاة بعد أن تنكب عنه سنين عددًا ، أضاعها في الترويج لهذه الأفكار ( العصرانية ) المنحرفة .

    وليتعظ المرء من هؤلاء بحال من سبقوه من أساطين العصرنة الذين أرادوا تشذيب الإسلام حتى يوافق عقولهم القاصرة وعصرهم المتقلب ، ولكنهم لم يجنوا من ذلك سوى ضياع الدين وخسارة الدنيا ، والعياذ بالله .

    ولا تزال لهم قدم سوء في هذه الأمة التي ضللوها عن دينها القويم .

    فليعتبر ناصح نفسه بحالهم ومآلهم ، ولا تأخذه العزة بالإثم أن يعود إلى الحق ؛ فإن ( الحق قديم ).
    أسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى صراطه المستقيم ، وأن يباعد بيننا وبين البدعة وأهلها ، وأن يوفق الدكتور جلبي للخلاص مما وقع فيه من انحرافات .

    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه (أجمعين)

    كتبه
    سليمان بن صالح الخراشي
    1/7/1422هـ

    يتبع
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    تعريف بالدكتور (( خالص جلبي )) :
    - هو الدكتور خالص مجيب جلبي كنجو من مواليد القامشلي، سورية 1945م، تخرج من كلية الطب ، جامعة دمشق 1971م، وتخرج من كلية الشريعة، جامعة دمشق 1974م، وحصل على الزمالة الألمانية (تخصص جراحة) من ألمانيا الغربية 1982م.
    يعمل حالياً رئيساً لوحدة جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الملك فهد التخصصي بالقصيم .
    من مؤلفاته:
    1- الطب محراب الإيمان (جزءان).
    2- ظاهرة المحنة.
    3- النقد الذاتي .
    4- الإيدز الطاعون الجديد.
    5- عندما بزغت الشمس مرتين: قصة السلاح النووي.
    6- أين يقف العلم اليوم .
    7- ثلاث مقالات ، أبحاث في العلم والسلم.
    8- مخطط الانحدار .
    9- سيكولوجية العنف واستراتيجية الحل السلمي.
    10- العصر الجديد للطب .
    11- جدلية القوة والفكر والتاريخ .
    - يكتب الدكتور مقالاته في صحف ومجلات متنوعة، أبرزها جريدة الشرق الأوسط، ومجلة الفيصل، وزاويته بجريدة الاقتصادية .
    - الدكتور متزوج من ليلى سعيد أخت المفكر (المادي) المشهور جودت سعيد، الذي كان له أثر كبير في فكر خالص جلبي –كما سيأتي- ، وكما يعترف الدكتور نفسه.


    يُتبع

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    خالص جلبي متأثر بجودت سعيد:
    لكي نفهم خالص جلبي لابد أن نفهم (أخ زوجته) جودت سعيد، فالدكتور متأثر به جداً، ويكاد أن يكون رجع صدى لصوته بصورة شكلية مغايرة. والدكتور لا يخفي هذا الأمر بل يفخر به، فهاهو يهدي كتابه (في النقد الذاتي) إليه قائلاً ((إلى أخي المفكر جودت سعيد، فهو الذي غرس النباتات الأولى لهذا الإتجاه عندي)) (ص7).
    ويقول في نفس الكتاب: ((لابد من ذكر فضل خالص للأستاذ جودت سعيد في إثارة هذا الجانب العقلي ودفعه للنمو)) (ص11).
    ويثني في كتابه (سيكولوجية العنف) (ص12) على كتاب (شيخه) جودت (حتى يغيروا ما بأنفسهم) ويرى أنه "جدير بالمراجعة والتأمل" .
    يقول الأستاذ عادل التل بعد أن عرض لمجموعة من أفكار جودت سعيد: (( يتابع جودت على هذه الأفكار : خالص جلبي وزوجته ليلى سعيد…)) (النـزعة المادية في العالم الإسلامي ، ص 83 ) . (وانظر أيضاً ص 69 و ص99)
    قلت : ولكي نفهم جودت سعيد لابد من قراءة كتبه ومقالاته التي ينشرها بين المسلمين ، وكذا قراءة كتاب الأستاذ عادل التل (النـزعة المادية في العالم الإسلامي: نقد كتابات جودت سعيد، محمد إقبال ، محمد شحرور، على ضوء الكتاب والسنة) وقد قمت بهذا ولخصت كتاب الأستاذ التل مع بعض الزيادات في بحث بعنوان (انحرافات جودت سعيد) سأنشره قريباً –إن شاء الله-
    وأوجزه في نقاط :
    1- يعد جودت سعيد أبرز دعاة مذهب (السّلم) ونبذ ما يسميه (بالعنف)، فهو يدعو إلى هذا بكل ما أوتي من استطاعة، وقد خصص له جلَّ كتبه ومقالاته، وعلى رأسها كتيبه الشهير (مذهب ابن آدم الأول) .
    2- يرى أن هذا المذهب (مذهب السلم) هو الأنجح في حل قضايانا، وتحقيق أهدافنا ، بخلاف غيره، ولو كان الجهاد! .
    3- يرى أن (الوحي) و (النبوة) قد انتهى دورهما !! وأن لنا أن نستبدل ذلك (بقراءة التاريخ والسنن الكونية) ! ، ولهذا نجده لا يُعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يجعله مرجعاً له. بل –والعياذ بالله- يرى أن الرجوع إلى الكتاب والسنة مما يزيدنا فرقة واختلافاً!!
    4- يتابع الفلاسفة (أهل التخييل) في أمور الغيب !
    5- يمجد الفلاسفة والكفرة ويُعظم أفكارهم؛ من أمثال سقراط وغاندي وماركس وكونت وغيرهم، لاسيما إذا كانوا يخدمون فكرته.
    6- يحرف المعاني الشرعية؛ كمعنى الشرك ومعنى العبادة…، بمعانٍ مخترعة من عنده.
    7- يطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    8- يؤمن بفكرة (النشوء والارتقاء) البائدة ! .
    9- يُحرف آيات القرآن الكريم بما يخدم أفكاره.

    قلت : هذه بعض انحرافات جودت سعيد، ولتوثيقها ومعرفة المزيد عنه، مع تفنيد هذه الانحرافات ، انظر : (انحرافات جودت سعيد) .


    يُتبع

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    التلميذ يتابع شيخه :
    تابع خالص جلبي شيخه جودت سعيد في أفكاره السابقة كلها، وعلى رأسها (الدعوة لمذهب السلم) الذي استحوذ على معظم كتاباته –كما سيأتي- وفي ظني أن الذي دعاه لهذا أمران :
    1- قربه من جودت سعيد، فهو متزوج من أخته – كما سبق- ، ومعلومٌ أن القرين بالمقارن يقتدي، وأن الصاحب ساحب، ولهذا نعلم حكمة (النهي عن مجالسة المبتدعة) الذين يلقون الشبه في ذهن المرء فيشككونه في أمر دينه ، حتى يرى المنكر معروفاً والمعروف منكراً. مهما ادعى المرء أنه ذو حصانة من هذا التأثر، أو أن مبدأ (النهي عن مجالسة المبتدعة) ينبئ عن عدم ثقة بما لدى الإنسان من حق .. الخ ما يردده (العصرانيون) في زماننا.
    2- أنه اتخذ مبدأ (العنف) و (العمل السري) في مطلع حياته، فلما لم يثمر هذا المبدأ سوى التعرض للسجن والتنكيل من قبل السلطة الحاكمة في بلاده، انقلب الرجل إلى الضد من ذلك، و (كفر) بما كان يؤمن به سابقاً من جدوى (العنف) و(العمل المسلح)، وأصبح لفعله الأول ردة فعل عليه بعد خروجه من السجن قادته إلى (تطرف) آخر على الجهة المقابلة، وهو الدعوة إلى (مذهب السِّلم) ونبذ كافة أنواع (العنف) ولو كان من ضمنها الجهاد المشروع !
    بل قاده ذلك إلى تقبل (الآخر) والدفاع عن معتقداته وحريته في نشر تلكم المعتقدات مهما كانت ! بدعوى (الحرية) و (الحوار) و (قبول وجهات النظر) و (الآراء المختلفة) … الخ ما يدندن حوله عصرانيو اليوم .
    يقول خالص في مقدمة كتابه (سيكولوجية العنف واستراتيجية الحل السلمي) –الذي خصصه للدعوة إلى مذهب السلم- : ((منذ ظروف المعتقل في عام 1974م ما زال هذا البحث ينمو عندي ويترسخ)) (ص 24).
    ويقول –أيضاً- : ((ثم سجلت خطة العمل المستقبلية في كتابي (ظاهرة المحنة) مؤكداً على ضرورة تطهير ساحة العمل من (العنف) و (التنظيمات السرية) (المرجع السابق، ص 25) .
    فالرجل قد عالج الخطأ بخطأ آخر أعظم منه. فهو في مطلع شبابه لم يلتزم منهج السلف أهل السنة والجماعة في التعامل مع الحكام، من حيث الصبر على جَوْرهم وظلمهم مع الاستمرار في الدعوة إلى الحق إلى أن يقضي الله أمره، استجابة للأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الآمرة بذلك، مع عدم الالتفات إلى دعاوى (التثبيط) أو الاتهام بالخوف أو التخاذل إلى آخر دعاوى المتحمسين أو المبتدعة من الخوارج أو المعتزلة.
    ولكن الدكتور آثر مذهب (الخروج) على الحاكم والتأليب عليه، والانخراط في الأعمال السرية للإطاحة به، مما أدى به إلى السجن ؛ لأن الحاكم سيدافع حتماً بما أوتي من قوة عن سلطته ولن يفرط فيها بسهولة، كما قد يتوهم البعض .
    فلما علم الدكتور –بعد حين- خطأ مسلكه الأول ، لم يصححه بالتزام مذهب السلف أهل السنة والجماعة في عقيدته ودعوته، بل ارتد إلى الطرف الآخر وهو نبذ (العنف) بكافة ألوانه والتنفير منه، والدعوة إلى (مذهب السلم) الذي ظن بجهله اتباعاً لشيخه جودت أنه سيسود العالم في يومٍ ما !! –كما سيأتي- .
    فقاده هذا (التطرف) تجاه الجهة المقابلة إلى عدة انحرافات خطيرة سترى شيئاً منها فيما يلي –إن شاء الله-. فكان كما قيل:
    إذا استشفيتَ من داء بداء
    فأقتل ما أعلك ما شفاك !
    وأنا لن أتهم الدكتور –وكذا شيخه- كما فعل البعض، بأنهما مجردُ صنيعتين من صنائع أعداء الأمة (من اليهود والنصارى) ، استخدموهما لترويج مذهب (السلم) بين أفراد الأمة وشبابها لإماتة روح الجهاد التي تقلق الأعداء -كما هو معلوم- .
    أنا لن أفعل هذا؛ لأنه لا دليل مؤكد عليه حتى الآن، بل سأتعامل معهما كمنحرفَيْن من مئات المنحرفين الذين مروا على أمة الإسلام، هادفاً التحذير من أطروحاتهما التي قد تروج على البعض ؛ نظراً لتماشيها مع ضغط الواقع المعاصر!


    يُتبع

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    فإلى انحرافات الدكتور:
    الانحراف الأول: دعوته إلى مذهب "السِّلم" أو "السلام"، ونبذه لجميع أنواع ما يسميه "بالعنف" دون تفريق بين حقٍ وباطل. وحصره مفهوم الجهاد الشرعي في الدفاع عن البشر المظلومين (أياً كان دينهم) المكرهين على تغيير آرائهم واعتقاداتهم، وذلك بعد قيام الدولة الإسلامية بواسطة الطريق السلمي، أما قبل قيامها فلا يجوز أيُّ نوع من أنواع الجهاد (المسلح) ! .
    وإليك شيئاً من أقواله تبين هذا ، ثم التعقيب عليها:
    - يقول الدكتور تحت عنوان (أنظمة فكرية أربعة في كيفية استعمال العنف): ((توجد أربعة أنظمة فكرية، أو أربع لغات في جواز استخدام العنف ومشروعيته من حرمته وعدم جواز استخدامه:
    1- فاللغة الأولى هي شريعة الغاب : القوي فيها يأكل الضعيف ولا يوجد أي ظل لأي قانون ضمن الدولة الواحدة أو بين الدول، وهي مرحلة مشى فيها الجنس البشري، وهو يودعها تقريباً الآن، وقد يعترض من يقول: لا ، إن الوضع لم يتغير، وهذا ينسف كل إمكانية أو تحقيق أي تطور عن الإنسان والجنس البشري عموماً، وهو تصور غير صحيح، في ضوء إنجازات الجنس البشري حتى الآن، من نظام الأمم المتحدة، ومحكمة لاهاي للعدل الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، ومعاهدة جنيف لأسرى الحرب، ومنظمة الهلال والصليب الأحمر الدوليين… الخ . وهذا لا يعني الكمال في الإنجاز، ولكنها خطوة متواضعة، في طريق تحقيق الكمال الإنساني، والدولة العالمية الواحدة، لتأمين الخبز، ودحر المجاعات، واحتكار السلاح ، وإيقاف الحروب.
    2- واللغة الثانية هي لغة الديموقراطيات الغربية: وتؤمن بالعنف لإطاحة الحكومات الظالمة المستبدة، وتحرم العنف بعده، ويصب معهم في الاتجاه نفسه تيار (الخوارج) من التاريخ الإسلامي، الذين لم يؤمنوا باستقراطية الحكام (أن يكونوا من قريش مثلاً)، فالإنسان الأسود (كونه من الشرائح المستضعفة في قاع المجتمع) يمكن أن يتولى منصب الرئاسة، كما هو الحال في نيلسون مندلا، في جنوب أفريقيا الآن، وهذا التصور كان مستحيلاً في تلك الأيام، كما آمنوا بالثورة المسلحة، لتغيير الحاكم المنحرف (وهو ما تفعله جماعات الإسلام السياسي في الوقت الحاضر، حيث أحيت مذهب الخوارج من جديد)، فالخوارج رأوا في الحكم الأموي، أنه غير إسلامي وظالم؛ فوجب الإطاحة به، على كل حال هم يُكَفِّرون مرتكب الكبيرة ، ولقد كفَّروا عليّاً واستباحوا دمه، ثم قتلوه في النهاية، وقد استنفدوا طاقتهم في الصراع مع الأمويين، وجعلوا الدولة الأموية تنـزف حتى الموت، وسقطت كالتفاحة الناضجة ليست بأيديهم، ولا بأيدي آل البيت المنتظرين بفارغ الصبر، بل بيد العبّاسيِّين المحنَّكين، المختبئين في الظلام المجهولين!
    3- واللغة الثالثة هي لغة الأنبياء: الذين حَرّموا صناعة الحكم بالقوة المسلحة وبالعنف، من خلال الانقضاض على الحكومات القائمة، حتى لو كان مجيئها إلى السلطة بالسيف وبالعنف، فاللاشرعية لا تزال باللاشرعية، بل بالشرعية، والخطأ لا يزال بالخطأ ، بل يُقَوم بالعمل الصحيح، وهذا ما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي غيّر المجتمع بالفكر وسلميّاً، فحين فشل في اختراق مجتمع مكة والطائف، نجح في نشر دعوته في أهل يثرب، التي ستأخذ اسم مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك (المدينة المنورة) ، حتى تفشى الإسلام في مجتمع المدينة، فلم يذهب إليهم على ظهر الدبابات بانقلاب عسكري، بل خرجوا لاستقباله، في مظاهرة ضخمة، ضمت أهل المدينة من الرجال والنساء، في مشاركة رائعة، مع فرقة موسيقية كاملة،( ) والكل ينشد: طلع البدر علينا،( ) معلنين خضوع مجتمع المدينة للفكرة الجديدة ، دون سفك قطرة دم واحدة، وهذا التحول المدهش، في مجتمع المدينة المنورة سابقاً وبهذه الطريقة السلمية، غاب عن أعين المسلمين منذ ذلك الوقت، وعطلوا سنة عظيمة من سُنن الإسلام، في كيفية بناء المجتمع أو معالجته حين الانحراف، وتبخر الحكم الراشدي تحت حرارة العنف ودمويته، وانزلق المجتمع الإسلامي، إلى ليل التاريخ، حيث المغامرون والانقلابيون يتناوبون قنص السلطة الدموي دون رحمة، ولم يخلص العالم الإسلامي من هذا المرض حتى اليوم، وأعيد مذهب الخوارج، بكل عنفوانه وقوته مرة أخرى، في مناطحة الحكومات، واستنفاد الجهود في معارك مدمرة، بحيث توقفت عملية نقل السلطة السلمي، وتحول المجتمع إلى شرائح، لا يثق بعضها ببعض، وتوقف الحوار، وأضمرت النفوس الحقد والتآمر، وسُفِكت الدماء غزيرة.
    4- وأما اللغة الرابعة: فهي بعد قيام الحكم الشرعي، فإذا صار الحكم شرعياً، استطاع وسُمح له بالجهاد المسلّح، بعد أن بنى مجتمع (اللاإكراه).
    عند ذلك، من لا يريد أن يدخل في السلم، ويريد أن يُكره الناس على أي دين ومبدأ وفكرة، فهذا يتصدى له المجتمع الإسلامي (مجتمع لا إكراه في الدين)، فهذا هو مجال الجهاد، أي حماية الناس من الفتنة (الإكراه) ( ) (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة)، (والفتنةُ أشدُّ منَ القتلِ)، وهذا يتولد منه مجموعة هامة من المعاني: الجهاد هو لحماية المخالف، والجهاد أداة واحتكار للعنف بيد السلطة، والسلطة أي سلطة، لا يسمى ما تفعله جهاداً، حتى يتم وصولها إلى الحكم برضا الناس، فالجهاد هو ذو جانبين في المجاهِد (بكسر الهاء) والمجاهَد (بفتح الهاء) ضدّه، فلا جهاد إلا بيد سلطة وصلت إلى الحكم برضا الناس، ولا جهاد إلا ضدّ من يمارس الظلم على الآخرين بإخراجهم من ديارهم وأديانهم بالقوة المسلحة (لا يَنهَاكُمُ الله عنِ الذينَ لم يُقاتلُوكُمُ في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسِطُوا إليهِمْ)) ( ) .
    قلت: هذا المقطع الطويل يوجز لنا الفكرة التي يدندن حولها الدكتور في كثير من كتاباته .
    فالتغيير (أي تغيير السلطة الظالمة) يكون سلمياً دون (عنف) أو (استخدام سلاح)، وبعد الوصول إلى السلطة من قبل (السلميين) يجوز استخدام (الجهاد) أو (السلاح) أو (العنف) لا لنشر الإسلام وحماية الدولة الإسلامية !! إنما لحماية المكرهين على تغيير آرائهم ومعتقداتهم فقط !! .
    وهذا فيه تلبيس عجيب من الدكتور الذي لو تابع مذهب السلف أهل السنة والجماعة بعد نبذه للعمل السري الحربي المسلح لأراح نفسه وجنبها تحريف الحقائق الشرعية وتزويرها – هداه الله- .
    فنصوص السنة تفصل في هذه المسألة التي أرقت الدكتور حتى جعلته يصنف كتابه هذا، وتخبر بأن الحاكم (المسلم) الظالم الجائر لا يجوز الخروج عليه بالسلاح ، وعلى هذا استقر مذهب السلف . أما إذا ارتكب هذا الحاكم كفراً بواحاً ظاهراً فإنه يجوز الخروج عليه بالسلاح وتغييره إذا كان المسلمون لديهم القدرة على ذلك، وأقواله صلى الله عليه وسلم كثيرة مشهورة في تقرير هذا؛ من أوضحها ما رواه عوف بن مالك –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم))، قال: قلت : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال : ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)) أخرجه مسلم .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : ((ستكون بعدي أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ ، ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع)) قالوا : أفلا نقاتلهم؟ قال : ((لا ، ما صلوا )) أخرجه مسلم( ).
    فالجهاد أو ما يسميه الدكتور (بالعنف!) يجوز استخدامه من قبل المسلمين قبل الوصول للسلطة –لا كما يزعم الدكتور- وذلك في الحالة السابقة ، وأقواله صلى الله عليه وسلم تشهد بهذا ، وهي لا تخالف سيرته صلى الله عليه وسلم التي حاول الدكتور أن يوهمنا أنها تعارض هذا ، لأنه هو نفسه الآمر بذلك الجهاد أو (الخروج) الشرعي.
    انحرافات أخرى للدكتور تفرعت عن انحرافه الأول:
    قلت : فترتب على (غلو) الدكتور في هذا المذهب الغريب مذهب السِّلم وعدم العنف انحرافات كثيرة، سأذكرها مع مقولة أو أكثر للدكتور تشهد لكل واحدة منها ، ثم أعقب عليها بإيجاز بما يبين للقارئ بطلانها:


    يُتبع

  6. #6
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    1- الدكتور يؤمن بأن الحروب ستنتهي !
    يقول الدكتور: "كانت الحروب قديماً تؤدي دوراً من الغنائم والأسلاب والرقيق ، واليوم فات وقتها ، فكما تم إلغاء الرق فالعالم في طريقه لإلغاء مؤسسة الحرب" (سيكولوجية العنف، ص143).
    قلت : هذا مقولة إنسان خيالي يسبح عقله في ما يتخيله مثالياً، لا أساس لها من الواقع.
    وهي –أيضاً- مقولة إنسان لا يؤمن بحكمة مشروعية الجهاد في الإسلام! حيث ارتبطت الحروب عنده فقط بالغنائم والأسلاب والرقيق والأمور (المادية) التي تناسب تفكيره (المادي)! التي متى ما استغنى الناس عنها –كما يزعم الدكتور- سيتوقف (القتال)!! ( ) متغافلاً عن أن الجهاد في الإسلام لا تأتي هذه الأمور (المادية) إلا تبعاً لحِكَمِهِ العالية ومقاصده الشريفة؛ وعلى رأسها (إعلاء كلمة الله في الأرض)، ونشر دينه، واكتساب المجاهدين الأجر العظيم الوارد فيمن جاهد لأجل ذلك، وغير ذلك من المقاصد الشريفة( ).
    فليست مقاصد الجهاد في الإسلام هي مجرد الغنائم والرقيق كما يزعم جلبي الذي ينظر للأمور بتفكير (مادي).
    وأيضاً: ففي كلامه هذا مصادمة لنصوص الشريعة (الآمرة) بالجهاد والمخبرة عن استمراره إلى يوم القيامة؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم في مسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:(الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
    بل هذا من جملة عقائد أهل السنة الثابتة عندهم دون شك، قال الطحاوي –رحمه الله- في عقيدته : ((والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين ، برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما)) ( )
    ويقول الشيخ علي العلياني في كتابه (أهمية الجهاد، ص 186): "لا ينتهي جهاد الكفار إلا إذا أسلموا أو خضعوا لحكم الإسلام ودفعوا الجزية" .
    وأيضاً: ففي كلامه السابق مصادمة للنصوص الشرعية (المخبرة) عن استمرار القتال (من جميع الأطراف) ! على وجه الأرض إلى أن تقوم القيامة، ومن راجع ما جاء في أشراط الساعة علم هذا ، ويأتي على رأس ذلك مقاتلة المسلمين لليهود التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، وكذا خروج يأجوج ومأجوج ، وغير ذلك .
    فكلام الدكتور باطل (شرعاً) و (قدراً) .
    ثم قوله (تم إلغاء الرق) ليس فيه دليل على (تحريم) الرق أو أن الإسلام قد جاء بما يشين –كما يوهم كلامه- .
    بل الرق باقٍ ما بقي الجهاد ، ولا حرج منه . وإجماع (العالم) على إلغائه لا يغير من حكمه شيئاً في الإسلام ؛ لأن الإسلام يُحْتج به ولا يُحتج عليه بالأمور الواقعة. ولو فعلنا هذا لحللنا كثيراً من المحرمات التي (استباحها) أو (أذن بها) العالم اليوم .
    يقول الشيخ عبدالله بن يابس –رحمه الله- في تعقبه على بعض الكتاب : ((وإذا كان القتال ماضياً إلى قيام الساعة، والكفار موجودين في كل زمن فسنة الإسلام جواز الاسترقاق لمن استولوا عليه بطريق الحرب)) ( ).
    ويقول الدكتور علي العلياني راداً على بعضهم ممن يرى رأي الدكتور: ((من الأحكام الإسلامية المتعلقة بالجهاد التي حرفها تلاميذ الاستشراق والاستعمار: حكم الرق، حتى إنا نرى بعض أولئك الضعاف المهازيل من قليلي العلم والتقوى الذين أعجبوا بمبادئ الدول الغربية والشرقية من الدول الكافرة والملحدة يعتذرون عن رب العالمين في تشريعه للجهاد، ويعللون إباحة الإسلام للرق بتعليلات ساقطة من عند أنفسهم، لم يدل عليها دليل من كتاب ولا سنة…))( )
    وقال رداً على من قال: بأن الإسلام لا يتعارض مع إلغاء الرق من العالم اليوم !: ((هذا كذب صراح وافتراء على الإسلام …. وهل يظن هذا الكاتب أن المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عام 1842م عندما وُقعت اتفاقية دولية تحرم الرق كانوا يعملون غير مباح؟! نعوذ بالله من هذا التحريف المشين)) ( ) .


    يُتبع

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    2- الدكتور يتمنى قيام دولة عالمية واحدة !!
    يقول الدكتور تحت عنوان (الدولة العالمية كمقصد أعلى للبشر) : "إن وجود دولة عالمية تحتكر العنف من الدول سيحقق الأمن عالمياً، فندخل العصر الذي تتوقف فيه الحروب" ويقول : "الأمل أن تتحقق الدولة العالمية الواحدة في مدى القرنين القادمين أو ربما أسرع…. عندها تنتهي لعبة الحروب نهائياً ، ويلغى عصر الجوع" !! (سيكولوجية العنف..، ص158) .
    ويقول في موضع آخر : "الطريق ما زال طويلاً لإقامة الدولة العالمية التي ستحتكر السلاح والخبز، فتلغي الحروب بين الدول، وتنهي عصر المجاعات" (المرجع السابق، ص 218)
    قلت : لا زال الدكتور يحلم ويمني النفس! وليته إذ مارس (حلمه) و (أمنياته) هذه مارس ذلك لوحده أو بين أهله إذاً لكففت القلم عنه وقلت
    إذا تمنيتُ بتُّ الليل مغتبطاً إن المنى رأس أموال المفاليس !
    ولكن حلمه هذا تحول إلى فكرة تشغل ذهنه ، ثم سوّلت له نفسه نشرها وتكتيل الأنصار حولها ، فعندها لزم الرد، وإيقاظ الدكتور من نومه.
    أما أن فكرته عبارة عن حلم ، فهذا يعرفه كل مسلم، وكل من له عقل، وقد قضى الله (كوناً) هذا الخلاف بين البشر وقدَّره .
    يقول سبحانه عن البشر (ولا يزالون مختلفين) .
    وليس معنى هذا –كما يتوهم البعض- أن يرضى المسلم بهذا الاختلاف ويقره ولا يحاول تغييره ؛ لأن هذا الأمر مما يحبه الله ولذلك قدره!! .
    فهذا قول من لا يفرق بين إرادة الله (الكونية) وإرادته (الشرعية)، -كما هو معتقد أهل السنة-، ويخلط بينهما ، فيظن أن الله إذا قدر وأراد (شيئاً) بإرادته (الكونية) ينبغي للمسلم أن يقر ذلك ويرضاه ، وهذا قول شنيع، يلزم منه أن يقر صاحبه الكفر والمعاصي ويرضى بها، ولا يحاول تغييرها! والله تعالى يقول (ولا يرضى لعباده الكفر) ، مع أنه واقع في الأرض بإرادته سبحانه (الكونية) لا (الشرعية) .
    فاختلاف البشر واقع ولا يزال مستمراً ، وقد أراده الله بإرادته (الكونية) التي لا يخرج عنها شيء من المقدَّرات، ولكنه لم يرده (شرعاً)، بل أراد لعباده جميعاً أن يعبدوه ويوحدوه ، والمسلم مطالب بعدم الرضا بهذا الاختلاف ، والسعي لإزالته بما يستطيع، ومحاولة جمعهم على الكتاب والسنة. والله أعلم.
    ثم ليت الدكتور حينما خالف هذا الأمر الكوني بحلمه وأمنيته تلك حلم وتمنى بأن يجتمع العالم في دولة (إسلامية) واحدة، تحكم بشريعة الله –سبحانه وتعالى-، وهو حلم كل مسلم.
    لكنه لم يفعل هذا ، بل تمنى دولة عالمية واحدة تطعمه من الجوع وتؤمنه من الخوف!! مهما كان دينها أو مذهبها!! كل هذا لا يهم عند الدكتور، مادام ينام هانئاً آمناً ممتلئاً بطنه بالخبز والماء البارد، ونعوذ بالله من دناءة المطلب.


    يتبع

  8. #8
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    3- الدكتور يدعي أن الغرب المتحضر ترك (العنف) و (الحرب) !
    يقول الدكتور: "غدت الحرب موضة قديمة يمارسها المتخلفون، وكل بؤر النـزاع والحروب في العالم اليوم هي في معظمها مناطق المتخلفين " !! (المرجع السابق، ص 164) .
    قلت : كل متابع للأحداث يعلم بطلان هذا القول ومخالفته للواقع، بل (العنف) و (الحروب) مستمرة ما دام هناك بشر مختلفون ، دون تفريق بين (متحضر) و (متخلف) كما يزعم الدكتور.
    وشاهد ذلك من الواقع كثير: فهذه زعيمة التحضر (أمريكا) لا تزال تمارس عنجهيتها وعنفها مع المسلمين ؟ كما حدث في السودان وأفغانستان .
    وهذه روسيا تفعل ذلك في الشيشان .
    وهذه إسرائيل وهي من الدول المتحضرة عندك بلا شك! لامتلاكها للتكنولوجيا والصناعة المتطورة، غارقة في أوحال الحرب مع العرب بين حين وآخر .
    إن قال الدكتور: ما يحدث من روسيا وأمريكا ليست حروباً، إنما هي حملات تأديب ! أو نحو ذلك. أقول له :
    هذه التي تسميها (حملات تأديب) أليست هي عنفاً في نظرك؟! هي كذلك بلا شك، وهذا مما ينقض قولك ؛ لأن من مارس (العنف) الجزئي سيمارسه (كلياً) عندما يحتاج إليه ! ويحمى الوطيس.
    أيضاً: فقل لي –بالله- متى خلت البلاد (المتقدمة) من الحروب؟! أليست الحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها إلا قبل خمسين عامًا تقريباً، فكيف حكمت بهذا الحكم خلال هذه المدة القصيرة ؟ ! ومثل هذه الأحكام لا تبنى إلا خلال قرون.
    ثم أقول: لقد غاب عنك، أن هذه الدول المذكورة لم تدع (الحروب) في السنوات الأخيرة نظراً (لتقدمها) أو (لتحضرها) كما تزعم بل ودعتها لأنها تعلم أن حروب اليوم لو وقعت لأكلت الأخضر واليابس، ولأحرقت الجميع بنارها؛ نظراً لتطور الأسلحة ، فسبب تركهم -إن سلمناه لك – هو خوفهم من الموت ومن الهلاك ، ولا علاقة (بالتحضر) في هذا الأمر.


    يتبع

  9. #9
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    4- (المتقدم) يحل مشاكله بالحوار لا بالعنف ، عند الدكتور!
    يقول الدكتور: "العالم اليوم فيه شريحتان: شريحة ودعت الحرب وتحل مشاكلها بالحوار، وشريحة لم تصل إلى هذا المستوى، فتحل مشاكلها بالصدام والسلاح" ! (المرجع السابق، ص144) . (وانظر ص 164 و219 وما بعدها)
    قلت: وهذه كذبة أخرى للدكتور يؤيد بها (أحلامه) !
    ونحن لم نر هذا الحوار في تعامل أمريكا مع السودان أو أفغانستان !
    ولم نره في تعاملها مع العراق !
    وهكذا لم نره في تعامل الروس مع الشيشان .
    ولا في تعامل اليهود مع المسلمين الفلسطينيين .

    5- الصراع بين الناس لا يمكن حله إلا بالسلام !
    يقول الدكتور: "هذا الصراع بين الإنسان وأخيه لا يمكن تحويله أو إلغاؤه إلا بالسلام" (المرجع السابق، ص184) وكثيراً ما يردد الدكتور بأن (العنف لا يحل المشكلة) (سيكولوجية العنف ، ص152، وانظر : ص168، 211).
    قلت : وهذا ليس على إطلاقه ! بل بعض الصراعات تُحل بالسلام وبالصلح ، وبعضها –وهي الأكثر- لا تحل إلا بالقوة والعنف !! وشاهد هذا من التاريخ القديم والمعاصر كثير لا يخفى على عاقل . فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا لو تعامل بمنهجك هذا مع الكفار لما استجابوا له، ولما خضد شوكتهم ، وكسر هيبتهم، وحل بديارهم .
    ولقد أحسن القائل:
    دعا المصطفى دهراً بمكة لم يُجب
    وقد لان منه جانبٌ وخطـابُ
    فلما دعا والسيـف صلـتٌ بكفه
    له أسلمـوا واستسلموا وأنابوا
    وهكذا خلفاؤه لو فعلوا ذلك مع الفرس والروم وغيرهم لما ازدادوا إلا ضعفاً وتراجعاً .
    وفي عصرنا الحاضر رأينا السلاح والعنف يحل كثيراً من الأمور والصراعات المستعصية، فعلى سبيل المثال: حادثة توحيد البلاد السعودية لم تتم -بعد توفيق الله- إلا بهذا ، وإلا لكنا شراذم شتى لو طبقنا فكرة الدكتور! وهكذا توحيد اليمن لم تحله المؤتمرات والحوارات ، إنما حلته أفواه الرشاشات وأزيز العربات والطائرات ! قال الشاعر:
    والشر إن تلقه بالخير ضقت به
    وإن تلقه بالشر ينحسم
    بل شاهد ذلك من الدول التي يزعم الدكتور أنها (متقدمة) واضح جداً، فهذه الولايات المتحدة لم يتحقق لها هذا الارتفاع الدنيوي في الأرض إلا بسبب خوضها للحروب الطويلة مع مستعمريها من الإنجليز وغيرهم .
    ثم مع جاراتها في سبيل توحيد الولايات إلى أن تحررت، ثم تطورت، ثم سيطرت( ) ولو أخذت بمبدئك هذا لما كان لها هذا الشأن .
    والأمثلة كثيرة
    لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
    حتى يراق على جوانبه الدم

    6- إلغاء الحروب وقيام هيئة الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية هو حلم الأنبياء عند الدكتور!! .
    يقول :" إن الجنس البشري بلغ من النضج ما يجعله يحقق الحلم النبوي القديم ، في إلغاء مؤسسة العنف جملة وتفصيلاً ، وكل ما قرب إليها من قول وعمل، والمؤسسات الدولية اليوم هي نطف بدائية لأفكار عظيمة نادى بها الأنبياء" !! (سيكولوجية العنف، ص 151)
    قلت : هذا من الافتراء على الأنبياء -عليهم السلام – الذين كان حلمهم ودعوتهم بنص القرآن هو أن يعبد الناس رب العالمين وحده، ولا يشركوا به شيئاً، قال تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
    وما من نبي إلا وقد مارس (القتال) وأمر به لتحقيق هذا الحلم والهدف، لا كما يُلبّس الدكتور. قال سبحانه (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا) ، وهذه سيرهم عليهم السلام حافلة بذلك .
    أما المؤسسات الدولية فحاشا الأنبياء أن تكون هي أحلامهم ! وما هي إلا مؤسسات صليبية متسترة ، قامت لأجل خدمة مصالح دول الكفر –أخزاها الله، وهذا مما قد تبين صراحة لكل عاقل يتدبر مواقفها المخزية في العالم. ( )


    يتبع

  10. #10
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.08

    افتراضي

    7- الإسلام (سلمي) عند الدكتور!
    يقول الدكتور : محاولاً تقرير فكرته (الباطلة) بإلصاقها بالإسلام " التربية (السلمية) تنطلق من روح الإسلام ، التي تريد المحافظة على الإنسان وليس قتله وتدميره" (المرجع السابق، ص 199) .
    قلت : بل التربية (الجهادية) هي التي تنطلق من روح الإسلام التي تريد أن تكون كلمة الله هي العليا في الأرض، وتقتل كل من (يعترض) ذلك، وآيات الكتاب العزيز وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم تشهد لهذا، وهي مما يعلمه كل مسلم يقرأ القرآن، فلا نحتاج لبسطها للدكتور الذي لا تخفاه ! ولكنه يتابع هواه !

    8- الدكتور يطالبنا بعدم رد الأذى !
    يطالب الدكتور قراءه كثيراً بـ( عدم رد الأذى بالأذى) اتباعاً لمنهجه السلمي (المرجع السابق، ص52) .
    قلت : وهذا معارض للقرآن الكريم ! يقول الله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ويقول (وجزاء سيئة سيئة مثلها)
    فرد الأذى بالأذى لا حرج منه، بل هو مطلوب أحياناً؛ إذا كان الأذى المقابل لا يندفع إلا به ، كما سبق .
    ومع ذلك فالصفح والعفو ( في محله) أفضل، قال سبحانه (وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين* ولمن انتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل *إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) . فهل بعد قول الله من قول ؟ !
    9- الجهاد ليس لنشر الإسلام عند الدكتور !
    يقول الدكتور:" الجهاد ليس لنشر الإسلام ، بل لحماية الرأي الآخر، ولتطبيق مبدأ "لا إكراه في الدين" أي دين أو مذهب أو عقيدة ، تركاً أو اعتناقاً، فالجهاد هو لحماية التعددية داخل المجتمع الإسلامي" !! (سيكولوجية العنف، ص12-13) (وانظر : ص 128،155) .
    وفي (ص 163) يفتري الدكتور على شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- بأنه يرى بأن الجهاد في الإسلام دفاعي وليس هجومياً ! بل زاد في الافتراء زاعماً بأن الشيخ يرى أن الجهاد هو للدفاع (عن المظلوم) ! .
    يقول هذا المفتري : " وقرر هذا الإمام ابن تيمية ، وهو أن الجهاد لم يُشرع لنشر الإسلام، بل للدفاع عن المظلوم، ويدخل ضمنه حماية حرية الرأي والعقيدة ، والتعبير داخل المجتمع الإسلامي" .
    قلت : الدكتور لا يستطيع إلغاء الجهاد من الإسلام بالكلية، نظراً للأدلة الصريحة الواضحة الكثيرة الواردة في تقريره، ولو استطاع ذلك لفعله دون تردد!! لأن هذا الجهاد يؤرقه وينقض عليه فكرته الباطلة من الأساس ، ويجعلها غريبة على الإسلام والمسلمين .
    عندما علم الدكتور ذلك، لجأ إلى طريقة أخرى لإزاحة هذا الجهاد من طريقة، ومحاولة إذابته وتمييعه، وهي أنه وافق إخوانه من المنهزمين بأن الجهاد في الإسلام لم يُشرع إلا للدفاع عن الدولة الإسلامية ، لا لنشر الإسلام في الأرض، ثم زاد الدكتور انحرافاً أو لم يرضه صنيع إخوانه، فزعم أن الجهاد إنما هو للدفاع عن المظلومين في الأرض لا للدفاع عن الدولة الإسلامية !! فزاد ضغثاً على إبالة( ).
    وقضية الجهاد هل هو دفاعي أم هجومي ، هي من القضايا التي أثارها المنهزمون في العصر الحديث استجابة لضغوط الأعداء ، وادعوا أن فيها خلافاً ، وأن الصواب هو أن يكون الجهاد دفاعياً ، كل هذا استحياء من دينهم أن يعلنوه كما هو دون خوف أو مجاملة لأحد، وكأنهم يسترون عورة من العورات! والعياذ بالله.
    وقد تصدى علماء المسلمين في هذا الزمان وبعض الكتاب لهذه الفكرة الباطلة (وهي أن الجهاد في الإسلام دفاعي فقط) ، وبينوا ما فيها من تلبيس وتمييع للدين، كالشيخ سليمان بن سحمان ، والشيخ سليمان بن حمدان، والشيخ عبدالرحمن الدوسري، والشيخ ابن باز –رحمهُ الله-، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ الجعوان، والشيخ قادري، والشيخ عابد سفياني ، وسيد قطب، وأخيه محمد، وعبد الكريم زيدان، وغيرهم.
    وخلاصة رأي علماء أهل السنة في هذه المسألة هو ما ذكره الشيخ الألباني –يرحمه الله- في تعليقه على العقيدة الطحاوية (ص 49)، حيث قال :" اعْلَمْ أن الجهاد على قسمين:
    الأول: فرضُ عين، وهو صد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين، كاليهود الآن الذين احتلوا فلسطين، فالمسلمون جميعاً آثمون حتى يخرجوهم .
    والآخر: فرضُ كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وهو الجهاد في سبيل نقل الدعوة الإسلامية إلى سائر البلاد حتى يحكمها الإسلام، فمن أسلَمَ من أهلها فبها، ومن وقف في طريقها قوتِل حتى تكون كلمةُ الله هي العليا، فهذا الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، فضلاً عن الأول، ومن المؤسف أن بعض الكتاب اليوم ينكره، وليس هذا فقط، بل إنه يجعل ذلك من مزايا الإسلام!" .
    أما افتراء الدكتور على شيخ الإسلام بأنه يرى أن الجهاد هو للدفاع ، فهو افتراء قديم من المنهزمين الذي طاروا فرحاً برسالة عن القتال منسوبة زوراً إلى الشيخ –رحمه الله- ذكر فيها هذه الفكرة الباطلة التي تخالف أقوال الشيخ وأفعاله الصريحة في نقضها. ولهذا فما زال العلماء -بين حين وآخر- يبينون كذب هذه الرسالة المنسوبة لشيخ الإسلام-رحمه الله-، وأترك المجال للشيخ علي العلياني ليزيد هذا الأمر تفصيلاً( ) . قال –حفظه الله- :
    "وزعم أهل الدفاع بأن شيخ الإسلام ابن تيمية المعروف بفضله وعلمه واطلاعه على مذاهب العلماء يوافقهم فيما ذهبوا إليه بأن القتال في الإسلام للدفاع! واعتمدوا في هذا الزعم على رسالة تباع في الأسواق بعنوان (قتال الكفار) طبعت مع مجموعة رسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية عام 1368هـ وضربوا صفحاً عن أقوال ابن تيمية المتعلقة بالجهاد في سائر كتبه التي قد ثبتت نسبتها إليه يقيناً ككتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول وكتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وكتاب السياسة الشرعية ورسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يشيروا ولو من طرف خفي بأن لابن تيمية أقوالاً تخالف ما في رسالة القتال التي يعتمدون عليها ويذيعونها بين الناس، وهكذا الهوى المنحرف يفعل بأصحابه الأفاعيل !! .
    ورسالة القتال المنسوبة إلى ابن تيمية لم تصح نسبتها إليه فلم يذكرها أعرف الناس بكتب ابن تيمية وهو تلميذه المحقق ابن القيم ضمن مؤلفات ابن تيمية وقد أفرد لمؤلفات ابن تيمية رسالة خاصة عدد فيها أكثر ما ألفه ابن تيمية من كتب ورسائل وفتاوى فذكر ما يقرب من المائتين ولم يكن من بينها رسالة القتال( )، وقد رفض هذه الرسالة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم جامع فتاوى ابن تيمية ولم يدخلها ضمن الفتاوى إذ قال( ) (ولم أضع في هذا المجموع إلا ما أعرفه لشيخ الإسلام وقد أعرضت عن نـزر قليل نسب إليه كمنظومة في عقائد ونقل محرف لترك البداءة بقتال الكفار وقد رد عليه الشيخ سليمان بن سحمان وأوضح تحريفاته في عدة كراريس) قلت : وقد ردّ على هذه الرسالة المنسوبة إلى ابن تيمية العالم المحقق الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان المدرس بالمسجد الحرام رحمه الله رحمة واسعة وذلك بكتابه القيم (دلالة النصوص والإجماع على فرض القتال للكفر والدفاع) المطبوع في دار الطباعة والنشر في عَمّان، جاء في مقدمته ما يلي :
    (أما بعد فقد وقفت على رسالة منسوبة لشيخ الإسلام وعلم الهداة الأعلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى ورضي عنه مضمونها أن قتال الكفار سببه المقاتلة لا مجرد الكفر وأنهم إذا لم يقاتلونا لم يجز لنا قتالهم وجهادهم على الكفر، وأن هذا القول هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار واستدل لما زعمه ببعض آيات شبه بها ولبس، وأولها على غير معناها المراد؛ بها مثل قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) الآية وقوله (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وقوله (لا إكراه في الدين) وحديثين حرفهما لفظا ومعنى وضرب صفحاً عن الآيات المحكمة الصريحة التي لا تحتمل التأويل والأحاديث الصحيحة التي تكاد تبلغ حد التواتر في الأمر بقتال الكفار والمشركين حتى يتوبوا من كفرهم ويقلعوا عن شركهم، وهذه طريقة أهل الزيغ والضلال يَدَعون المحكم ويتبعون المشابة كما أخبر الله عنهم في قوله تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) ولما رآها بعض من ينتسب إلى العلم وليس من أهل الدراية والفهم صادفت هوى في نفسه فطار فرحاً ظاناً أنها الضالة المنشودة وراجت لديه بمجرد نسبتها لشيخ الإسلام فسعى في طبعها ونشرها على كذبها وقشرها.
    وما علم المسكين أنه قد استحسن ذا ورم وأنها محض افتراء وتزوير على الشيخ وقد نزه الله شيخ الإسلام عن هذا الخطل الواضح والجهل الفاضح والخوض في شرع الله بغير علم ولا دراية ولا فهم، ولكن الأمر كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه للحارث بن الأحوص لما قال له أتظن: أن طلحة والزبير كانا على باطل؟ فقال له: (يا حارثه إنه لملبوس عليك إن الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله). فهذا الذي طبعها ونشرها ممن لا يعرف الحق إلا بالرجال فهو ملبوس عليه كما قال أمير المؤمنين. لأنه لو عرف الحق في هذا الباب لما راجت عنده هذه الرسالة ولقابلها بالإنكار والرد ونبذها نبذ النواة لأنها تتضمن إبطال فريضة دينية هي ذروة سنام الإسلام، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، وقد جاء في حديث مرسل (أن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند حلول الشهوات) فبالبصر النافذ تندفع الشبهة وبالعقل الكامل تندفع الشهوة . وحيث أن ما جاء في هذه الرسالة مخالف لنصوص الكتاب والسنة ولما أجمعت عليه الأمة في الصدر الأول ومخالف أيضاً لما نص عليه شيخ الإسلام نفسه في كتبه المشهورة المتداولة المعروفة لدى الخاص والعام: الجواب الصحيح والصارم المسلول ومنهاج السنة والسياسة الشرعية وغيرها من كتبه التي سنذكر نصه فيها بالحرف ونحيل على الكتاب ليسهل الوقوف عليه لمن أحب ذلك، وليعلم أن هذه الرسالة مزورة عليه ولا تصح نسبتها إليه بوجه من الوجوه وأن من نسبها إليه فقد شارك المفتري في عمله وما يترتب عليه من إثم، وبما أن الله تعالى قد أوجب على أهل العلم البيان وعدم الكتمان في قوله عز من قائل (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) ولما لم أر من قام بهذا الواجب ولا أعاره من العناية والأهمية جانباً إلا أنه بلغني أن شيخنا الشيخ سليمان بن سحمان قد رد عليها ولكن أصبح رده غير موجود، وخوفاً من أن يظن أن هذه المسألة من مسائل النـزاع فضلاً عن أن يظن أنها من مسائل الإجماع فيغتر بها جاهل لا تفريق له بين الحق والباطل والحالي والعاطل أو يحتج بها ملحد منافق مجادل مشاقق تصديت لبيان ما فيها من فساد وتحريف وإلحاد…. وقد ارتكب واضع هذه الرسالة ومفتريها بعمله هذا أنواعاً من المحرمات والعظايم؛ فمنها الفرية على الله تعالى بأن هذا شرعه ودينه الذي شرعه لعباده وقد قال تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم) ، قال قتاده هي لكل مفتر إلى يوم القيامة . ومنها الإلحاد في آيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم وتأويلها على غير معناها المراد بها. ومنها الكذب على إمام من أئمة المسلمين ونسبة ما لم يقل إليه وقد نقل فيها بعض عبارات من الصارم المسلول وغيره من كتب الشيخ تصرف فيها أسوأ التصرف ليوهم أنها من كلام الشيخ ولكن ركاكة مبانيها وتناقض عباراتها ومعانيها يدل دلالة ظاهرة على أنها لم تصدر من كاتب قدير فضلاً عن عالم نحرير كشيخ الإسلام رحمه الله تعالى، إنه لو فرض أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أو غيره من أهل العلم المقتدى بهم غلط في مسألة من المسائل مع قيام الدليل من الكتاب والسنة على خلاف ما قاله لم يوافق على ذلك لأنه ليس بمعصوم من الخطأ فهو أسوة غيره من المجتهدين الذين يصيبون وقد يخطئون وهم مأجورون على اجتهادهم في الصواب والخطأ فمن أصاب فله أجران أجر على اجتهاده في تحري الحق وأجر على إصابته، ومن أخطأ فله أجر على اجتهاده في تحري الحق وخطؤه مغفور له؛ لما روى عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) رواه البخاري. ولكن هذه المسألة ليست من أفراد المسائل التي ربما يحصل فيها الاشتباه ويقع فيها الخطأ ويكون فيه مجال للاجتهاد بل هي أصل من أصول الدين وفرض من فروضه ينبني عليها كثير من أحكامه ولا مجال للاجتهاد فيها لوضوح أدلتها من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم( )، وقد اطلعت على الرسالة المذكورة فاتضح لي ما اتضح للشيخ سليمان بن حمدان رحمه الله من أن الرسالة منحولة على الشيخ وفيها عبارات كثيرة مأخوذة من كتبه، ولقد حرص واضعها على عدم ذكر جهاد الابتداء والطلب بينما الناظر في مؤلفات ابن تيمية المشهورة يجد أن قوله في الجهاد لا يخالف إجماع المسلمين بل يوافقهم وقد نقل بنفسه الإجماع كما تقدم قريباً ونص على وجوب جهاد الابتداء والطلب في مواضع من كتبه فقال في كتابه القيم الجواب الصحيح (….. فإذا وجب علينا جهاد الكفار بالسيف ابتداء ودفعاً فلأن يجب علينا بيان الإسلام وإعلامه ابتداء ودفعاً لمن يطعن فيه بطريق الأولى والأحرى …)( ) وقال في كتابه الصارم المسلول (…. لما نزلت براءة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتدئ جميع الكفار بالقتال وثنيهم وكتابيهم سواء كَفّوا أم لم يكفوا) ( ).
    وبهذا تظهر براءة ابن تيمية من تلك الرسالة المخالفة للإجماع ولأقواله هو بنفسه)) ( )
    10- مبالغته في الاستدلال بقصة ابَنْي آدم –عليه السلام- على مذهب شيخه الفاسد:
    كما فعل شيخ جلبي: جودت سعيد من الغلو في قصة ابَنْي آدم –عليه السلام- والاستشهاد بها على مذهبه الفاسد، وبنى على هذه القصة كتابه المشهور (مذهب ابن آدم الأول)، كذلك صنع تلميذه جلبي، فَحَمَّل هذه القصة من المعاني (الباطلة) مالا تحتمله، ومن ذلك قوله: "عندما استخدم القرآن في قصة ولدي آدم كان يهدف إلى تدشين أسلوب جديد في الصراع الإنساني، وحلّ النـزاعات، فبعد أن أعلن إبراهيم عليه السلام إلغاء القربان الإنساني والتضحية به، حمل مع كل إمكانات الانتقال من العالم العتيق وفكره المتخلف، إلى العالم الجديد في تدشين آليات نفسية جديدة، لحلَّ نزاعات الجنس البشري، فولد آدم الأول أراد إزالة فشله، في عدم قبول القربان منه، بالتصفية الجسدية للطرف الآخر، كأسلوب لحل المشكلات (لأقتلنَّك) بالتشديد، ولكن ابن آدم الثاني الذي يمثل حركة انتقال الإنسان من مرحلة الرعي والصيد إلى مجتمع الزراعة والقانون، شرح موقفه بشكل واضح، إنه تخلى عن القوة من طرف واحد، في حركة ذكية لفهم طبيعة التطور الجديدة في مسار الحياة الإنسانية.
    في قصة ولدي آدم يجتمع الاتجاهان (الرَّجعي) الذي يريد حلّ مشاكله (بيده) فيقتل، و (التَّقدمي) الذي يرى في تدشين مؤسسة (الدولة) الفرصة التاريخية لأمن المجتمع، ونزع العنف من يد الأفراد، واحتكار الدولة له، وتطبيق القانون، فيقفز الوجود الإنساني إلى عتبة جديدة في تطوير نفسه، في التّخلي عن العنف، داخل مؤسسة الدولة، سواء في مقاومتها، أو الوصول إليها، فلا تزال اللاشرعية باللاشرعية، وهي حركة الأنبياء في التاريخ،(سيكولوجية العنف، ص216-217).
    قلت: هذا من مبالغاتك وتهويلاتك في سبيل نصرة مذهبك الفاسد! ويكفي للرد عليك أن يُقال بأن الذي قصَّ هذه القصة علينا، وهو الله سبحانه وتعالى، هو الذي فرض الجهاد وقتال الكفار! فكيف تزعم أن الله أراد بهذه القصة (تدشين أسلوب جديد في الصراع الإنساني وحل النـزاعات)؟ أليس هذا من الكذب والتلبيس على القارئ؟! عندما حملت هذه القصة القرآنية على معانٍ باطلة قد استقرت في نفسك، وهذا من التفسير بالهوى .
    فابن آدم (المقتول) لم يقتل أخاه بعد أن علم بنيته في قتله تورعاً منه رحمه الله أن يبوء بإثم قتل النفس بغير الحق الأول في تاريخ البشرية ، فتُحمل عليه أوزار من تبعه في هذه السنة السيئة، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((ما من نفس تُقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها ؛ لأنه أول من سن القتل))( )
    11- الدكتور يقول: مفاهيمنا ستسود العالم !
    يقول الدكتور: "هذه المفاهيم سوف تعم العالم في النهاية؛ لأنها صوت الحفاظ على الجنس البشري" (المرجع السابق ،ص 91)
    قلت: يقول الله تعالى (تلك أمانيّهم) ! ويقول (ليس بأمانيكم) !
    ويقول الشاعر:
    منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى وإلا فقد عشنا بها زمناً رغداً

    الانحراف الثاني: تحريفه للآيات والأحاديث والمعاني الشرعية:
    وهذا من الانحرافات التي استقاها واستفادها جلبي من شيخه جودت سعيد، حيث أن هذا الأخير قد تميز وتفرد في تحريف معاني النصوص الشرعية بما يوافق هواه، غير عابئ بمعانيها الحقيقية التي أجمع عليها المسلمون، وليس المقام مقام تبيين ذلك من كلام جودت لأن له موعداً لن نخلفه إن شاء الله.
    أما تلميذه النجيب فسأذكر لك شيئاً من تحريفه للتفاسير والمعاني الشرعية بما يبين لك مقدار تعظيم هذا الرجل للنصوص ، حيث يقوم بمهارة بتحريفها ولي أعناقها زاعماً أنها تشهد للمعنى الفاسد الذي تقرر في ذهنه مسبقاً، وإليك نماذج من ذلك:
    أولاً: تحريفه لآيات الكتاب العزيز:
    1- مضى تفسيره (الفتنة) في قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) بأنها الإكراه، وإنما هي الشرك( )
    2- ومن ذلك : قوله: (يجب أن نعترف أن الحوار الفعَّال النشط يحتاج دون شك إلى أرضية فكرية خصبة، وطاقة نفسية، وتحرر فكري، وانكسار قيد التقليد، ولكنه مع هذا يبقى مفتاح دخول وتجاوز العقبة (فلا اقتحم العقبة)) ! (سيكولوجية العنف، ص 98)
    قلت : (العقبة) فسرها الله بقوله بعدها (وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يومٍ ذي مسغبة ، يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة)
    3- ومن ذلك : قوله: (بقدر نمو الوعي والتراكم المعرفي ، والسمو الأخلاقي، تتراجع وتضمر مؤسسة العنف، حتى يتخلص الجنس البشري من العنف كلية (حتى تضع الحرب أوزارها) ! (سيكولوجية العنف، ص 120) .
    قلت: آية (حتى تضع الحرب أوزارها) ليس معناها كما يزعم هذا الضال نهاية الحرب (أو الجهاد) من العالم !! بل معناها يشهد له ما قبلها، قال تعالى (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّاً بعدُ وإما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها) قال ابن كثير –رحمه الله- : ((حتى إذا أثخنتموهم) أي أهلكتموهم قتلاً (فشدوا الوثاق) الأسارى الذين تأسرونهم ، ثم أنتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيرون في أمرهم إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجاناً، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم وتشارطونهم عليه) ( ) وقال ابن عباس (حتى تضع الحرب أوزارها): حتى لا يبقى أحد من المشركين( ) وقال قتادة: حتى لا يكون شرك( ).
    قلت : بل جاء في تفسير هذه الآية ما يُكذِّب هذا الفهم الفاسد الذي فهمه الدكتور، فقد قال النواس بن سمعان –رضي الله عنه- فُتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحٌ فأتيته فقلت: يا رسول الله ، سُيِّبت الخيل ووضعوا السلاح ، فقد وضعت الحرب أوزارها وقالوا: لا قتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كذبوا الآن جاء القتال، الآن جاء القتال، إن الله جل وعلا يزيغ قلوب أقوام يقاتلونهم ويرزقهم الله منهم؛ حتى يأتي أمر الله على ذلك، وعقر دار المؤمنين الشام)) ( )
    فحق لنا بعد هذا أن نُكذِّب الدكتور على فهمه السقيم !
    4- ومن ذلك : قوله تحت عنوان (المغزى العميق لتأسيس المفهوم السلمي في المجتمع) : (إن القرآن استخدم كلمات جميلة حينما اعتبر أن الذي يلقي بالسلام يجب عدم اعتباره كافراً (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً)) (سيكولوجية العنف، ص 133) .
    قلت: وما دخل هذا بما تدندن حوله؟! فالآية تطالب المؤمنين بأن يحكموا على الأشخاص بظواهرهم، فمن سلَّم علينا لا يجوز لنا أن نرميه بالكفر قبل أن نتبين ذلك منه. وليس فيها أي دليل أو إشارة إلى ما تردده من مفهوم السلم الذي يلغي الجهاد الشرعي.
    5- ومن ذلك : قوله : (ربما لا يوجد كتاب كالقرآن استخدم مصطلح (ظلم النفس) ؛ لأن وضع اليد على هذه البؤرة الحساسة يقود إلى حل مشكلة الإنسان والتخلص من علاقات القوة، والعودة إلى العلاقات الإنسانية، عندما يعتاد الإنسان أن يلغي آلية لوم الآخرين (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)) (سيكولوجية العنف، ص 181-182).
    قلت: تفسير الآية هو أن الإنسان شهيد على نفسه بما عمل، وسيشهد عليه سمعه وبصره ويديه ورجليه وجوارحه يوم القيامة ، (ولو ألقى معاذيره) أي ولو جادل واعتذر بباطل فلن يُقبل منه( ) .
    فليس في الآية ما يحاول أن يوهمنا الدكتور إياه ؛ من عدم لوم الآخرين مهما خالفوا الحق وجانبوا الصراط المستقيم !
    6- ومن ذلك : قوله بعد أن تحدث عن أهمية (التعددية الفكرية) في المجتمع ! قال بأن ذلك (بداية تأسيس مناخ يسمح للمجتمع بالتعبير والوجود والنمو المتبادل (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً))!!(سيكولوجية العنف، ص244-245)، وهذه من أغرب تحريفات الدكتور للآيات ! فكل مسلم يعلم بأن الآية خطاب من الله لموسى عليه السلام بأنه سيشد عضده بأخيه هارون، ويمده بالسلطان والحجة لمواجهة فرعون وقومه، والدكتور حرَّفها إلى أن الأفكار المتعددة في المجتمع المسلم (مهما كانت !!) يشد بعضها بعضاً!
    ألا بعداً لهذا التحريف !
    قال سبحانه محذراً الدكتور ومن شاكله ممن يحرفون آيات الله ويفسرونها بأهوائهم (إن الذين يلحدون في آيات الله لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة ، اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير) . قال ابن عباس : الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه( ).
    قلت : ومن صنع هذا الصنيع بكلام الله –تعالى- فقد شابه اليهود الذين (كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه) فليحذر الدكتور أن يصيبه ما أصابهم .
    ثانياً : تحريف الدكتور للسنة
    1- من ذلك : قوله عن حديث :(( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) ( ): (يظن بعض الناس أن هذا الحديث يخص المسلمين باعتبار أنه قال : إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . في محاولة لفهم عنصري مغلق … الخ) (سيكولوجية العنف، ص 172).
    قلت : فالدكتور يرى بأن هذا الحديث عام لكل الناس! فلوا التقى مسلم بكافر بسيفيهما ، فالاثنان في النار وإن كان الكافر حربياً !! وهذا ما لم يقل به أحد من المسلمين( ) ، وهو من الشذوذات الكثيرة لهذا الرجل.
    ثالثاً: تحريفه للمعاني الشرعية
    1- من ذلك : قوله (حق الفيتو: الشرك الأكبر، هو الذي يعيق ولادة عالم سليم…) ! (سيكولوجية العنف، ص159).
    فالشرك الأكبر عند الدكتور هو حق الفيتو ! وهذه من آثار (العصرنة) التي قلبت مفاهيم الرجل ! ولكنه عند أهل السنة : ((أن يجعل الإنسان لله نداً في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته)) ( ).
    2- ومن ذلك : قوله: (الحج إذن احتشاد تظاهرة الإنسان لإيقاف تقديم القرابين البشرية، وتدشين السلام العالمي) !! (سيكولوجية العنف، ص210) (وانظر ص227).
    قلت: انظر -وفقك الله- كيف تضخمت فكرة (السِّلم) في ذهن الدكتور حتى لم يعد يرى سواها أينما اتجهت به قدماه! وتأمل كيف (جيَّر) الركن الخامس من أركان الإسلام في سبيل دعم هذه الفكرة الباطلة ، زاعماً أن الحج إنما فُرض لإيقاف (الحرب)! متغافلاً عن أن من فرض الحج لعبادته قد فرض الجهاد أيضاً! فنعوذ بالله من التلبيس .
    الانحراف الثالث: دعوته إلى ما يسمى (الحرية الفكرية) !
    يقول جلبي معلقاً على قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) : (إن الإسلام – بكلمة ثانية – سوف يجاهد من أجل أن يسمح للطرف الآخر الذي لا يؤمن به بالبقاء ، بل بالمحافظة عليه ، بل بحمايته من أجل أن يعبر عن رأيه حتى ولو كان معارضاً للإسلام) (سيكولوجية العنف، ص56)، ويقول هازئاً من حد الردة في الإسلام!: (لنتصور سيارة تملك إمكانية المشي للأمام فقط، بدون إمكانية الرجوع للخلف، إن هذا يمنع إمكانية المناورة، بل سيجعل حركة السيارة قريبة من المستحيل … الخ ) (المرجع السابق ، ص 127).
    ويقول أيضاً: "المجتمع الإسلامي المكان الوحيد المسموح به بممارسة كل الأفكار، والتقاء كل الثقافات بالتعايش والتعبير" (المرجع السابق، ص234)
    ويقول أيضاً: "إن صلاح الكون وجماله بالتنوع والتعددية" (المرجع السابق، ص239).
    ويقول أيضاً: "إن المحافظة على الآخر هي محافظة على الذات" (المرجع السابق، ص244).
    قلت : هذه بعض عبارات الدكتور في تقرير الحرية الفكرية في المجتمع المسلم، وأن الإسلام يقبل الاختلافات بل يحميها!، وهذا يعني أن الإسلام –والعياذ بالله- يقبل أن يُعلن الكافر كفره، والمبتدع بدعته دونما حساب أو عقاب !! وهذا لا يقول به مسلم يفقه دينه.
    ومشكلة جلبي ومن يرى رأيه ممن يسمون بالمفكرين المسلمين أنهم لا يفرقون بين إرادة ومشيئة الله الكونية وبين إرادته ومشيئته الشرعية. فهم عندما يرون الكفر والبدع والانحرافات واقعة في المجتمع المسلم في زمان ما يظنون -بجهلهم- أن الله يرضى بهذا وأن الإسلام يُقره، جاهلين أن الأمر قد يقدره الله (كوناً)؛ لأنه لا شيء يخرج عن قدرته سبحانه، ولكنه تعالى لا يرضاه شرعاً؛ كما قال تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر) فالله لا يرضى الكفر (شرعاً) ، رغم وقوعه في الأرض بقدرته (الكونية) .
    فوقوع الكفر والانحراف في الأرض ليس مسوغاً للمسلم أن يرضى به أو يقره أو يفرح به ! بل مطلوب منه أن يكافحه بما استطاع .
    فهولاء المفكرون عندما يقرؤون التاريخ الإسلامي ويرون أن الفرق المبتدعة؛ كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة، بل والفلاسفة، وغيرهم منتشرة في فترة من الفترات، يتخذون من هذا الأمر مدحة للإسلام وأنه يقر الاختلافات الفكرية –زعموا- !! متغافلين عما سبق ذكره.
    ومما يشهد لهذا أنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القدوة للمسلمين، لم يكن صلى الله عليه وسلم يرضى بهذا الذي رضي به المفكرون، بل حذر صلى الله عليه وسلم من الاختلافات ومن البدع، وأمر بقتال مشركي العرب، وبقتل المرتد –كما سيأتي- وبقتال الخوارج … الخ. فأي حرية فكرية يزعمها الدكتور ؟!
    ولا يظنن ظان أن هذا مما يُذم به الإسلام –والعياذ بالله- ، بل هذا مما يُمدح به ؛ لأنه يقود معتنقيه إلى رضا الله –سبحانه- ، ويباعدهم عن الكفر ويحذرهم منه، نفعاً لهم، وقبل هذا كله: ينبغي أن يعلم المسلم أن لله الأمر كله، يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد .
    أما اليهود والنصارى من أهل الكتاب فإنهم إنما يُقَرون على كفرهم إذا رضوا بدفع الجزية، والتزام عدم دعوة المسلمين لكفرهم ، ولهم الحماية بموجب عقد (الذمة) بالشروط التي بينها العلماء ، فأي تعبير للرأي المخالف يدعيه الدكتور ؟ !
    الانحراف الرابع: أن الدكتور كثيراً ما يردد : بأن الحق المطلق لا يمتلكه أحد!!
    فمن ذلك قوله :" إن الحقيقة النهائية والمطلقة والشمولية لن يملكها أحد" (سيكولوجية العنف، ص243). ويقول :" ليس كل رأي يصدق في قول الحقيقة أو يرويها أو يزعم قنص الحقيقة الحقيقية النهائية المطلقة، أو يحتكر الوصاية على الحقيقة" (المرجع السابق، ص240) (وانظر: ص101،109)
    قلت: هذه الفكرة من الأفكار (الكفرية) –والعياذ بالله- التي تورط بها الدكتور؛ لأنها تساوي بين الحق والباطل، والإسلام والكفر، بدعوى أننا لا ندري في أيٍ تكون (الحقيقة)!! .
    فإن كان الدكتور يشك في (إسلامه) –والعياذ بالله- ويظن أنه قد لا يكون فيه الحق! فنحن –ولله الحمد- لا نشك في أن الإسلام هو دين الله الحق الذي يجب على كل إنسي وجني أن يدين الله به، ومن لم يعتنقه فهو كافر.
    وأما دعوى (نسبية الحقيقة) فهذه دعوة قد تلقفها الدكتور من الغربيين، انظر لردها مقالاً مفيداً للأستاذ غازي التوبة في مجلة المجتمع (عدد 1337) بعنوان (بين نسبية الحقيقة والنص القطعي الثبوت والدلالة) ( ) جاء فيه قوله:
    (والآن أعود إلى نسبية الحقيقة التي تتصادم مع النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة الذي يؤدي إلى ثبات الحقيقة، وأتجاوز الظروف التاريخية التي جعلت نسبية الحقيقة جزءاً أساسياً من ثقافة الغرب، التي تختلف عن ظروفنا التاريخية وأتساءل: هل حقاً ليس هناك ثبات في الحقيقة؟ ومن أين جاء النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة في ثقافتنا الإسلامية؟ وما سنده الواقعي في صيرورة الكون؟
    إن الإجابة عن الأسئلة السابقة تقتضي أن نقرر أن هناك ثباتاً في الحقيقة، وإلا لما سميت حقيقة، وبشكل أدق جاء الثبات في الحقيقة من ثبات بعض النواميس التي تحكم الكون، ومن الفطرة التي قال الله عنها : (فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) ( ) .
    ومن مظاهر الفطرة الثابتة على مدار التاريخ: التعبد، وحب التملك، والتجاذب بين الذكر والأنثى، وإعلاء قيم الصدق والأمانة، وإسفال قيم الكذب والخيانة.. الخ لذلك جاء النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة في الشريعة ليعبر عن تلك الحقائق الثابتة المنغرسة في الفطرة، فكانت أحكام العقيدة وأحكام العبادات ثابتة، لأنها تتعلق بفطرة التعبد، وكانت أحكام فرضية الزكاة وتحريم الربا، وتشريع حد السرقة ثابتة، لأنها تتعلق بفطرة حب التملك، وكانت أحكام الخطبة والزواج والطلاق ثابتة لأنها تتعلق بفطرة التجاذب بين الذكر والأنثى، وكانت أحكام مدح الصادقين وإجزال مثوبتهم ثابتة لأنها تتعلق ببعض الأخلاق الفطرية.
    وفي النهاية نقول: طالما أن هناك فطرة ثابتة لا تتغير فهناك حقائق ثابتة لا تتغير، وهذا ما قادت الظروف التاريخية أوروبا لإنكاره، وليس بالضرورة أن يكون الصواب مع أوروبا).
    قلت: ومما يشهد لهذا ما حكاه الله عن المشركين الذي كانوا يغيرون الحقائق ويدعون نسبيتها ! ويحللون الشهر المحرم عاماً ويحرمونه عاماً آخر، فأنكر الله عليهم ذلك التلاعب بالحقائق ، وقال (إنما النسيء زيادة في الكفر يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله ، فيحلوا ما حرم الله زُين لهم سوء أعمالهم).
    والدكتور جلبي قد زُين له سوء عمله ، فأصبح يتلاعب بالحقائق ، ويشك فيها، فحق لنا بعدها أن نتلو عليه الآيات الربانية التي فيها ذم (الشكاكين)؛ كقوله تعالى عن الكفار (وإنهم لفي شك منه مريب) وقوله (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) ؛ لعله يتنبه إلى خطورة هذه الفكرة التي تورط بها؛ لأجل الدفاع عن أهل الباطل والكفر والضلال.
    ونعوذ بالله أن نكون في (شك) من ديننا، أو أن نساوي بين الإسلام والكفر ، وبين الحق والباطل .
    الانحراف الخامس : قوله الشنيع بأن النصوص لا تحل المشاكل !!
    يقول جلبي عن معركة صفين : "إن التحاكم القديم إلى النصوص لم يحل المشكلة، إن لم يكن قد زادها تعقيداً ؟ " !! (سيكولوجية العنف، ص42)
    قلت : نعوذ بالله من (الكفر) و (الضلال) ! فما أشنعها من كلمة يا دكتور ، كيف تكون نصوص الكتاب والسنة لا تحل المشاكل والله قد أمرنا عند الاختلاف بالرجوع إليها ؟! قال سبحانه: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلكم خير وأحسن تأويلاً) "وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتابُ والسنة"( ) .
    وقوله تعالى (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) يدل على "أن من لم يتحاكم في محل النـزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر"( ) .
    قلت : وقد أخبر الله تعالى عن المنافقين بأنهم هم الذين لا يريدون حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ويفرون منهما، ويلجئون إلى حكم (الطاغوت) ، أياً كان هذا الطاغوت: رئيس قبيلة ، أو حاكم دولة، أو قانوناً، أو سنناً وتاريخاً –كما يردد جلبي!- أو غيرها من الطواغيت المختلفة .
    قال تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً) ( ).
    فنعوذ بالله أن نكون من أهل (النفاق) .
    الانحراف السادس: دعوته إلى الديمقراطية (الكفرية) :
    (انظر كتابه السابق، ص12،56) .
    قلت : والديمقراطية فكرة جاهلية كافرة، تجعل التشريع بيد البشر، وتقر الكفر وترضى به ، وتفرق الأمة… الخ مفاسدها وكفرياتها التي بينها العلماء والكتاب( ).
    الانحراف السابع: ادعاءاته المتكررة تبعاً لشيخه بأن الله قد أمرنا أن نأخذ أحكامنا من النظر في أحوال الماضين والنظر في الكون:
    وقوله الشنيع ((بانتهاء النبوة))!! (انظر : ص49 من كتابه السابق).
    قلت: هذه الفكرة (المادية) قد استقاها جلبي من شيخه جودت سعيد، الذي ما فتئ يرددها في كتبه، محاولاً صرف الأمة عن (الوحي) إلى (السنن) كما يزعم! وقد ناقشها –بما لا مزيد عليه- الأستاذ عادل التل في كتابه (النـزعة المادية في العالم الإسلامي) فليراجع. وهي فكرة (كفرية) تُحَقر الكتاب والسنة وأنه لا حل فيهما للبشرية الآن، إنما انتهى دورهما !! وبقي دور (السنن) المستمرة! .
    فهي فكرة يكفي ذكرها ليتبين بطلانها لكل مسلم، يعظم الكتاب والسنة، ويتبرأ من (الكفر) وأهله.

    الانحراف الثامن: غلوه في مدح الغرب
    وزعمه بأن حضارته "ليست حضارة مادية كما يزعم البعض" ! بل يراها جلبي حضارة روحية أيضاً!! وفي مقابل هذا يقول عنا بأننا "لا نملك نحن حضارة روحية" !! (المرجع السابق، ص 241-242) .
    قلت : حبك الشيء يعمي ويصمّ !
    وقارن ما قاله هذا المغرم بالغرب بما قاله الشيخ محمد قطب –وفقه الله- : " المسلم إذا عرف دينه وعرف تاريخه سينظر إلى الحضارة الغربية نظرة الأجيال الأولى من المسلمين للحضارات الجاهلية التي كانت تحيط بهم، فيها أشياء نافعة يستفيد منها من أجل ترسيخ قدمه في الأرض، وفيها مفاسد ومهاوٍ وموبقات، فيأخذ النافع الذي يستفيد به، ويطوعه لعقائده ولقيمه ولمبادئه ولمفاهيمه، وينظر باستعلاء المؤمن إلى المفاسد والمهاوي والموبقات، فيبتعد عنها ويحاذر أن يقع فيها … فيكتب له الفلاح في الدنيا والآخرة"( )
    قلت: فقارن بين نظرة الكاتب المسلم المعتز بدينه، ونظرة المعجب بالغرب، الظان بدينه وحضارته ظن السوء .
    ومفاسد الغرب وتهاويه في الأمور الأخلاقية وأمور القيم لا يحتاج لكثير عناء لإثباته، فهو واضح وضوح الشمس، لكن العيون الرمد تعمى عنه! .
    " وعين الرضا عن كل عيب كليلة "

    الانحراف التاسع: عدم تأدبه مع نوح – عليه السلام –
    وذلك بقوله عنه : " نوح عليه السلام فشل في مهمة تغيير المجتمع "!! (في النقد الذاتي،ص 71)
    قلت: هذه كلمة شنيعة في حق نبي الله نوح –عليه السلام- ، الذي لم يفشل –كما يزعم الدكتور-، بل عمل ما كلفه الله به؛ وهو تبليغ رسالته إلى قومه، كما قال سبحانه (وما على الرسل إلا البلاغ المبين) ، فهذه هي مهمة الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- وقد أدوها بنجاح لا فشل فيه، وأما هداية الخلق أو غيرها، فليست من مهماتهم ، كما قال سبحانه (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) .
    وأذكر أن بعض العلماء قد كفروا الدكتور الكويتي أحمد البغدادي عندما استخدم هذه العبارة في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم .
    فهل يتعظ الدكتور، ويتورع عن إطلاق هذه العبارة الشنيعة؟!

    الانحراف العاشر : دفاع الدكتور عن الزنادقة والملحدين في تاريخنا !
    ومن ذلك : أنه كتب مقالاً في جريدة الشرق الأوسط (عدد 7532) بعنوان (أحرقوا أحياء لآرائهم) ، يشنع فيه على خالد القسري لذبحه الزنديق الجعد بن درهم شيخ الجهمية، ويدافع فيه عن السهروردي الملحد وعن الحلاج!! الذي قال فيه الذهبي –رحمه الله- :"مقالته نبرأ إلى الله منها؛ فإنها محض الكفر، نسأل الله العفو والعافية، فإنه يعتقد حلول البارئ –عز وجل- في بعض الأشراف، تعالى الله عن ذلك"( )
    قلت: وهذا الانحراف من الدكتور سببه اقتناعه بفكرة حرية الفكر والتعبير عن الرأي ، مهما كان هذا الرأي ، كفرياً أو مبتدعاً!! كل هذا لا يهم عند الدكتور –كما سبق- ، ولهذا فهو يدافع عن كل زنديق أو ملحد أظهر زندقته وإلحاده.
    وسيأتيك أنه يعارض حد الردة !! نعوذ بالله من الضلال

    الانحراف الحادي عشر: إنكار الدكتور لحد الردة !!
    يقول :" الخطأ يحق له أن يعيش ، ولا يُقتل الإنسان من أجل آرائه مهما كانت " !! (سيكولوجية العنف، ص148).
    ويقول معترضاً على حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم بقتل المرتد : ((في المجتمع الإسلامي مجتمع اللاإكراه لا يُقتل إلانسان من أجل آرائه أيا كانت الأفكار ، سواءً تركاً أو اعتناقاً … إلى أن قال : وهذا يفند الاتجاه العام للمفهوم السائد بقتل المرتد؛ لأن المرتد هو الذي يعتنق مبدأ ثم يتركه، فكيف تسمح الحرية الفكرية لاعتناق مبدأ ثم تحبسه فيه ؟! إنه لا حرية فكرية مع هذا الحجر ، فهذه المقولة –أي قتل المرتد- تدشن العصبية الفكرية باتجاه واحد…الخ ما قال " ! (المرجع السابق، ص126-127) .
    قلت : قتل المرتد ليس من المفاهيم السائدة يا دكتور، بل هو حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنك تتبع هواك، فما وافقه أخذت به ولو لم يكن من دين الإسلام ، وما عارضه رفضته ولو جاءت به النصوص القطعية والعياذ بالله.
    والاعتراض على حكم المرتد شنشنة قديمة نعرفها من العصرانيين الذين يخجلون من أحكام دينهم، ولقد أعجبني ردٌ للشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- على واحدٍ من هؤلاء( ) قد اعترض على هذا الحكم زمن الشيخ ، فقال الشيخ :(تحدث المؤلف عن عقوبة الاعتداء على الدين بالردة" حديثاً غريباً، لا ندري ما وجهه! فكان مما قال: "أما العقاب الدنيوي لهذه الجناية، وهو القتل، فيثبته الفقهاء بحديث يروى عن ابن عباس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه . وقد تناول العلماء هذا الحديث بالبحث من جهات : هل المراد من بدل دينه من المسلمين فقط، أو هو يشمل من تنصر بعد أن كان يهودياً مثلاً؟" إلى أن قال .. "وقد يتغير وجه النظر في هذه المسألة، إذا لوحظ أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحاً للدم، وإنما المبيح للدم هو محاربة المسلمين" إلى آخر ما قال!
    أما أولاً: فإن حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) حديث صحيح لا شك في صحته، والراجح عند العلماء أنه فيمن ارتد عن الإسلام فقط. فاختلاف العلماء في فهمه وذهاب بعضهم إلى أنه عام يشمل غير المرتد، ممن خرج من دين غير الإسلام إلى دين آخر غير الإسلام، لا يكون علة للحديث حتى يبطل كل معناه، كما يريد المؤلف أن يذهب. فإن هذا مذهب عجيب في إبطال السنة ونقض دلالتها على الأحكام، فما من حديث إلا اختلف الناس في تأويله وفهمه، فمصيب ومخطئ.
    وأما ثانياً: فما أعرف "أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد" وما أرى لهذا دليلاً ولا شبه دليل . وإنما يتلاعب بعض المتقدمين ممن يرون نفي السنة كلها، منهم من يصرح، ومنهم من يتحايل بمثل هذه الألفاظ الموهمة. وقد تكفل العلماء بالرد على نفاة الأحاديث، وعلى متأوليها المتلاعبين بها، وعلى من زعم تحكيم اصطلاحات المتكلمين في الشريعة وأدلتها، فيفرقون بين "القطعي" و"الظني" ويزعمون أن الأحاديث كلها من "الظني" وأن "الظن" الذي هو الشك أو نحوه لا يصلح دليلاً. وأنا أعتقد أن الأستاذ المؤلف العلامة يعرف من هذا الشيء الكثير ويعرف أن دلالة الأحاديث الصحيحة دلالة قطعية في مجموعها، وأن اختلاف العلماء على اختلاف الروايات في بعض الشيء منها، لا ينفي حجتها القطعية فيما دل عليه مجموعها، ولا يبطل الاحتجاج بتفاصيلها المختلف فيها في الرواية بعد الاجتهاد في الترجيح. وقد قلت في نحو هذا المعنى في شرحي على "اختصار علوم الحديث" تأليف الحافظ ابن كثير (ص25) "والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي، سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما. وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني، لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل" .
    وأما ثالثاً: فإن الأمر بقتل المرتد عن الإسلام لم يثبت بما يسميه المؤلف العلامة "حديث الآحاد" ، وإنما هو شيء ثابت بالسنة المتواترة، معلوم من الدين بالضرورة، لم يختلف فيه العلماء، أعني لم يختلفوا في أن "المرتد يقتل"، أعني أنهم لم يختلفوا فيما يسميه الناس في اصطلاحهم اليوم "المبدأ" وإن اختلفوا في بعض التفصيل، تبعاً لاختلاف النظر في التطبيق، تطبيق "المبدأ" على الفروع، وتطبيقه على الحوادث.
    نعم ، إن الدستور المصري نص على"حرية الأديان" ففهم الناس أن قصد واضعيه إباحة الردة عن الإسلام لمن شاء وحماية المرتدين، ثم صار هذا كالعقيدة البديهية عندهم، حتى صاروا يرون غيرها منكراً، يعرفون المنكر، وينكرون المعروف، فأظن أن الأستاذ المؤلف، وهو يلقي هذا الكتاب دروساً على خريجي كلية الحقوق (طلبة الليسانس) أراد أن يتألفهم ويقرب إليهم أحكام الشريعة حتى لا ينفروا منها، فغلبه ما أراد من ذلك، ليجمع بين ما ورد من الأحاديث في قتل المرتد، وبين ما قرره الدستور طبقاً لمبادئ "التشريع الحديث" !! التي تأكد ضربها على بلادنا بما جاء في معاهدة "منترو".
    وإن الأستاذ المؤلف العلامة لأجلّ في نفسي وأعلم، من أن أظن به أنه لم ير الأحاديث الصحيحة التي وردت في ذلك، ولم يقرأها في مصادرها من دواوين الحديث، فيما تلقى من شيوخه وأساتذته كما تلقينا، وفيما قرأ لطلابه ومريديه كما يقرأ شيوخ العلم وأساطينه. ولكنه حين أراد أن يكتب هذا البحث، وجهه حرصه على تألف طلابه ورغبته في إقناعهم بفضل التشريع الإسلامي وجهة أخرى، أنسته شيئاً كثيراً، وهو العالم الباحث الواسع الاطلاع.
    ولقد جاء هو في كتابه (ص128) في نصوص النهي عن القتل بحديث من الأحاديث الواردة في قتل المرتد، قال : ((ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)) وهذا حديث عبدالله بن مسعود في البخاري وغيره.
    وقد جاء في معناه أيضاً حديث عثمان بن عفان، حين ثار به الثائرون وحصروه وأرادوا أن يقتلوه، فقال: " وبم يقتلونني؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً فيقتل بها. فوالله ما أحببت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله، ولا زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا قتلت نفساً، فبم يقتلونني؟". وأظن أن هذا صريح وواضح في أن عثمان ومن سمعه من الصحابة، وهم عرب يفهمون كلام العرب على وجهه، وهم الذي حضروا التشريع وفهموا مقاصد رسول الله وأسرار الشريعة: فهموا أن الردة عن الإسلام وحدها موجبة لقتل المرتد، فما يظن واحد منهم أن عثمان كان خارجاً على الدولة محارباً للمسلمين! وهو رئيس الدولة، والذين حرصوا على قتله هم الخارجون المحاربون.
    ومن ذلك أيضاً: حديث أبي موسى الأشعري إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم والياً على اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل "فلما قدم عليه قال: انزل، وألقى إليه وسادة، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال : هذا كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينه فتهوَّد، قال: لا أجلس حتى يُقْتل، قضاء الله ورسوله، فقال: اجلس ، نعم، قال: لا أجلس حتى يُقْتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به فقتل" . وهذا حكم بَيّن كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم)( ) .

    الانحراف الثاني عشر : مبالغته في ذم الدولة الأموية :
    كقوله : "كارثتان دخلتا المجتمع الإسلامي ولم يعاف منهما حتى الآن: الكارثة الأولى في تسلل بني أمية إلى السلطة …" (في النقد الذاتي، ص304) وقد أداه هذا الغلو في ذمهم إلى لمز معاوية –رضي الله عنه- (كما في كتابه سيكولوجية العنف، ص157).
    وبنو أمية برغم ما قد يقعون فيه من الأخطاء إلا أن دولتهم كانت من أفضل الدول الإسلامية ، وانتشر الإسلام فيها انتشاراً لا يجحده إلا مكابر، فكان الأولى بالدكتور أن يحفظ لهم حسناتهم كما أحصى عليهم أخطاءهم .
    وأما معاوية –رضي الله عنه- فيكفيه شرفاً صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولن يضيره حقد أو عداء الرافضة ومن تابعهم من الجهلة .

    الانحراف الثالث عشر: إعجابه الشديد –كشيخه- بغاندي الهندوسي!
    بل والإدعاء بأنه أحد "أعلام الإصلاح الاجتماعي " ! (ظاهرة المحنة، ص97-98).
    قلت: العجوز (غاندي) كان من أعلام الإصلاح الهندوسي!! وكان حاقداً على المسلمين ، وإن ستر هذا الحقد بتقيته المعروفة . يقول الأستاذ محمد المجذوب في كتابه (مشاهداتي في الهند) (ص59):
    "وقد بلغني من مصادر موثوقة أن ثمة حواراً جاداً قد ينتهي قريباً إلى تحول مليون من الطبقة المنبوذة إلى الإسلام. وقبل ثلث قرن ظهرت بادرة تاريخية من هؤلاء المنبوذين أوشكت أن تصير بهم إلى المجموعة الإسلامية في تحول جماعي، إلا أن المسلمين لم يحسنوا متابعة الحدث إلى نهايته فأفلتت الفرصة من أيديهم، وكان لغاندي أثره الكبير في تجميد تلك الحركة أيامئذ إذ فتح للمنبوذين أبواب المعابد التي كانت مغلقة في وجوههم ، وتعهد لهم برد الكثير من الاعتبار الإنساني إليهم بعد الاستقلال إذا هم حافظوا على انتمائهم للنحلة الهندوسية، وإنما فعل ذلك خشية أن تزداد بهم قوة المسلمين" .
    قلت: هذا نموذج واحد لحقده على المسلمين ، ومن تتبع أقواله وأفعاله وجد الكثير.

    خاتمة:
    وبهذا الانحراف ينتهي ما أردت جمعه من انحرافات هذا الدكتور النازل بأرضنا؛ لعله أن يكون فيها ما يوقظ القلوب الغافلة التي قد تنخدع بكتب الرجل ومقالاته، وتغفل عن انحرافاته التي لابس (الكفر) شئ غير يسير منها ، ولعل من دقق في تلكم المقالات والكتب وجد انحرافات أخرى غيرها.
    وإنني لا أستبعد أن يكون الدكتور قد تورط في فكرة (الدعوة إلى وحدة الأديان)!!؛ لأن شيخه قد قال بها –كما سيأتي في رسالة (انحرافات جودت سعيد)- ، ولأنه في كثير من أفكاره وانحرافاته يحوم حولها. فهو مثلاً –كما عرفنا- لا يفرق بين المسلم والمرتد والكافر ، فالجميع له الحق في إبداء رأيه، والجميع يؤمن بحرية الفكر، ورأينا دندنته حول نسبية الحقيقة .
    فمن يقرأ كتابات الرجل لأول مرة لا يدري أهو مسلم أم غير مسلم! لأن أفكاره توافق الجميع!! ومصدره –كما علمنا- ليس هو مصدر المسلمين (الوحي) ، بل مصدراً مشتركاً بين البشر؛ هو التاريخ والسنن ! .
    فلعل الدكتور إلى الآن لم يجد الفرصة المناسبة للتعبير عن هذه الفكرة الباطلة (وحدة الأديان)!
    ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم( ) .
    قال تعالى (قل انتظروا إنا منتظرون)
    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عادات هامة لتحرير الجهد (د. خالص جلبي)
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى إِعَادَةُ الصِّيَاغَةِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 26-08-2012, 08:16 PM
  2. خالص العزاء للدكتور سلطان الحريري
    بواسطة أهداب الليالي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 52
    آخر مشاركة: 18-06-2007, 09:19 PM
  3. خالص التعازي للأخت الحبيبة خلود في وفاة أخيها
    بواسطة سحر الليالي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 30-04-2007, 07:27 AM
  4. الى امي ..مع خالص التحية
    بواسطة خليل الحلبي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-03-2003, 12:08 PM