قصيدة من أجمل قصائد الوحدة العربية
وهي من قصائد البردوني التي كتبها في عهد الإمام أحمد حميد الدين سنة 1956م
لبّيك وازدحمت على الأبواب *** صبوات أعياد و عرس تصابي
لبّيك يابن العرب أبدع دربنا *** فتن الجمال المسكر الخلّاب
فتبرّجت فيه المباهج مثلما *** تتبرّج الغادات للعزّاب
واخضرّت الأشواق فيه و المنى *** كالزهر حول الجدول المنساب
و مضى به زحف العروبة و الدنى *** ترنو ، و تهتف عاد فجر شبابي
إنّا زرعناه منى و جماجما *** فنما و أخصب أجود الإخصاب
و يحدّق التاريخ فيه كأنّه *** يتلو البطولة من سطور كتاب
***
عاد التقاء العرب فاهتف يا أخي *** للفجر ، وارقص حول شدو ربابي
و اشرب كؤوسك واسقني نخب اللّقا *** واسكب بقايا الدنّ في أكوابي
هذي الهتافات السكارى و المنى *** حولي تناديني إلى الأنخاب
خلفي و قدّامي هتاف مواكب *** و هوى يزغرد في شفاه كعاب
و الزهر يهمس في الرياض كأنّه *** أشعار حبّ في أرقّ عتاب
و الجوّ من حولي يرنحه الصدى *** فيهيم كالمسحورة المطراب
و الريح ألحان تهازج سيرنا *** و الشهب أكواب من الأطياب
إنّا توحّدنا هوى و مصائرا *** و تلاقت الأحباب بالأحباب
أترى ديار العرب كيف تضافرت *** فكأنّ " صنعا " في " دمشق " روابي
و كأنّ " مصر " و " سوريّا " في مأرب " *** علم و في " صنعا " أعزّ قباب
لاقى الشقيق شقيقه ، فاسألهما *** كيف التلاقي بعد طول غياب ؟
***
اليوم ألقى في " دمشق " بني أبي *** و أبثّ أهلي في الكنانة ما بي
و أبثّ أجدادي بني غسّان في *** ربوات " جلّق " محنتي و عذابي
و أهيم و الأنسام تنشر ذكرهم *** حولي فتنضح بالعطور ثيابي
و أهزّ في ترب " المعرّة " شاعرا *** مثلي : توحّد خطبة و مصابي
و أعود أسأل " جلّقا " عن عهدها *** " بأميّة " و بفتحتها الغلّاب
صور من الماضي تهامس خاطري *** كتهامس العشّاق بالأهداب
***
دعني أغرّد فالعروبة روضتي *** ورحاب موطنها الكبير رحابي
" فدمشق " بستاني " و مصر " جداولي *** و شعاب " مكّة " مسرحي و شعابي
و سماء " لبنان " سماي وموردي *** " بردى " و دجلة و الفرات شرابي
رديار " عمّان " دياري ... أهلها *** أهلي و أصحاب العراق صحابي
بل إخوتي و دم " الرشيد " يفور في *** أعصابهم و يضجّ في أعصابي
***
شعب العراق و إن أطال سكوته *** فسكوته الإنذار للإرهاب
سل عنه سل عبد الإله و فيصلا *** يبلغك صرعهما أتمّ جواب
لن يخفض الهامات للطاغي و لم *** تخضع رؤوس القوم للأذناب
وطن العروبة موطني أعياده *** عيدي ، و شكوى إخوتي أوصابي
فاترك جناحي حيث يهوى يحتضن *** جوّ العروبة جيئتي و ذهابي
يا ابن العروبة شدّ في كفّي يدا *** ننفض غبار الذلّ و الأتعاب
فهنا هنا اليمن الخصيب مقابر *** ودم مباح واحتشاد ذئاب
ذكّره بالماضي عسى يبني على *** أضوائه مجدا أعزّ جناب
ذكّره بالتاريخ واذكر أنّه *** شعب الحضارة مشرق الأحساب
صنع الحضارة و العوالم نوّم *** و الدهر طفل في مهود تراب
و مشى على قمم الدهور إلى العلا *** و بني الصروح على ربى الأحقاب
و هدى السبيل إلى الحضارة و الدنى *** في التيه لم تحلم بلمح شهاب
فمتى يفيق على الشروق و يومه *** يبدو و يخفي كالشعاع الخابي
***
يا شعب مزّق كلّ طاغ وانتزع *** عن سارقيك مهابة الأرباب
واحذر رجالا كالوحوش كسوتهم *** خلعا من " الأجواخ " و الألقاب
خنقوا البلاد وجورهم و عتوّهم *** كلّ الصواب و فصل كلّ خطاب
لم يحسبوا للشعب لكن عنده *** للعابثين به أشدّ حساب
صمت الشعوب على الطغاة و عنفهم *** صمت الصواعق في بطون سحاب
فاحذر رجالا كالوحوش همومهم *** سلب الحمى والفخر بالأسلاب
شهدوا تقدّمك السريع فأسرعوا *** يتراجعون به على الأعقاب
لم يحسنوا صدقا و لا كذبا سوى *** حيل الغبيّ و خدعة المتغابي
***
قل للإمام : و إن تحفّز سيفه *** أعوانك الأخيار شرّ ذئاب
يومون عندك بالسجود و عندنا *** يومون بالأظفار و الأنياب
هم في كراسيهم قياصرة وهم *** عند الأمير عجائز المحراب
يتملّقون و يبلغون إلى العلا *** بخداعهم و بأخبث الأسباب
من كلّ معسول النفاق كأنّه *** حسنا تتاجر في الهوى و ترابي
و غدا سيحترقون في وهج السنى *** و كأنّهم كانوا خداع سراب
و تفيق "صنعاء " الجديد على الهدى *** و الوحدة الكبرى على الأبواب
مع خالص ودي