كان تم حذف هذه القصيدة باعتبارها مخالفة لضوابط المشاركة التي تلزم الجميع ، ولكني استأذنت من السادة المشرفين أن أعيدها ليتم الرد عليها بما يناسب ، ولتكون دليلا ساطعا على القصيدة وصاحبها الذي رأى أن يجهل علينا وأن يقدح فيمن هم أهل مدح وماحضي نصح ، فالواحة تحمل رسالة أخلاقية وتعليمية تنتصر لها قبل أن تنتصر لشخوصها.
وإني رأيت أن أرد على هذه القصيدة موجها للفكر نحو دروب ناهضة واعية ومعلما للشعر من يتحسس فيه طريقه آملين أن يكون في ردنا ما يفيد وأن ينضح عنه عبق الوعي وعبير الحرف الناضج.
أرجو أن تقبلوا هذه القصيدة المثيرة و الساخرة
لم أجد القصيدة مثيرة ولا ساخرة فليتك شرحت كيف رأيت هذا في نصك؟؟
تقبلوا معها محبتي لكم جميعاً.
مع تقديري واحترامي للسادة الشعراء وخاصة أساتذتنا الذين ورد اسمهم هنا
شكرا لك ولكن كيف تزجي المحبة ثم التقدير والاحترام لمن تقول بأنك تهجوهم وبأنهم لا يستحقون شعر المدح؟ أما من مغالطة عجيبة هنا؟؟
على العموم سنحاول أن نحسن الظن ونحملها على محمل حسن ، وسنعتبرها تجاوزا حقك في حرية التعبير.
الآن دعنا نرى ما حمل نصك لغة ومضمونا.
ألا ليتَ الحُطيئة في زمانيْ
ليحضركمْ و يجلس في مكانيْ
من حقك أن تجعل الحطيئة نبراسك وأن تذود به هاجيا ، ولكنه أتراه سيقبل حرفك الذي وقع في الكثير من الأخطاء حتى لا يكاد يسلم بين كما سيأتي.
هنا في هذا البيت فيم حشرت اللام في العجز فالسوء لغة أن تقول ألا ليت الحطيئة في زماني يحضركم. وكان عندك الكثير من المخارج المناسبة كأن تقول "يوافيكم ، يقوم لكم ... "
سيهجيكمْ فتُطلقُ ألسنتكمْ
و يُنصفنيْ و يلعنُ مَنْ دعاني
هجا يهجو وليس يهجي ولذا كان عليك أن تقول سيهجوكم.
ثم لو أنصفك بحق لهجا حرفك أضعافا. و"يلعن من دعاني"؟؟ وما علاقة من دعاك بالأمر حتى يلعن؟؟ ثم من هو الذي دعاك؟؟ أهي القافية ما دفعك لهذا أم ماذا؟؟
ويوصفكمْ بأقبحِ ما لديهِ
و يجعل جمعكمْ كالطيلسانِ
الصواب لغة هو "ويصفكم" وليس كما جاء في البيت.
ثم إن من يحمل القبح لا ريب قبيح ، ولا أحسب في هذا كله ما يفخر به عاقل أو يتحدث به محترم.
أما الطيلسان فهي هنا مفردة تأتي بصورة عجيبة. أنت تريد هجاء الجمع فتمدحه من حيث لا تعلم ذلك أن معنى المفردة يحمل صورة محببة محبذة ورفيعة عكس ما أردت فكأني به الجهل بالمفردة وملاحقة القافية.
أَغابَ الرَّأي أمْ غيبتُموهُ
خلطّمْ جذوتيْ بالإحتقانِ
لست أدري بحق ايها الفاضل راي من الذي غاب هنا.
الصواب هي خلطتم ، وحين ننظر للفظة الاحتقان نجد أن الخلط غير وارد من حيث المعنى فليتك اخترت لفظة مناسبة.
وتلكَ قصيدة ٌ فيها سُئِلتُمْ
فلا ردٌّ و لو ذماً أتاني
هذا بيت سليم لغة بحمد الله ، ولكن وجدت أن أوضح لك أيها الكريم أننا لا نذم أحدا ولا نقصد الإساءة لأحد وردودنا لا تحمل إلا الخير يشكره كل كريم ويجحده كل لئيم ، ولا يردنا عن هذا السبيل مدح مادح أو قدح قادح فلسنا ممن يغريه قدح أو يغويه مدح.
وما ألفيْتُ بوحيَ تفهموهُ
ولست أودُّ تصفيقَ الأماني
لم حذفت النون من الفعل تفهمون وهو الذي لم يسبقه جازم ولا ناصب وكان حري بك أن تكتبه "تفهمونه".
ثم ما هو التوظيف لمفردة "تصفيق" في سياق العجز؟؟ كأني خلتك أردت "تصديق"
لَبِئسَ الشعر شعر الفخرِ فيكمْ
و نِعمَ الهجي فيكمْ لو جَناني
بعيدا عن المعنى المشوش في قولك لو جناني فإني أقول لك لا والله ما أصبت ولا أنصفت في قولك هذا فأهل الواحة أكابر كرام محترمون يستحقون المدح والتقدير والإكبار ، ولا أحسب يهجوهم إلا رب جهل أو جهالة وإني أعيذك أن تكون من أمثال هؤلاء.
فيكم هنا ليست في تقديري ما يخدم المعنى الذي أردت وإنما أراك أردت "الفخر بكم"
والهجي ليست صحيحة والصواب هو الهجو.
عيون الشعرِ وثَّقها تراثٍ
وليس الشعر أحسنهُ الأغاني
نعم ، هناك شعر يعيش في الخواطر متى ارتقي مبنى ومعنى وأداء ، ومتى كان فيه خير للناس أو قيمة تنفعهم ، ولكن تراث حقها هنا تنوين الضم فاعلا وليس الجر.
أحسن الشعر ما كان موافقا للحالة وما كان سويا لغة وسبكا ومضمونا ، وهذا له أهله وخاصته ، والرأي فيما يحسن أو يقبح حق عام لكل قارئ ، فالنفوس تتفاوت والأقدار تتمايز.
بفقرِ النقدِ يُشهر ناقديكم
فصبَّ النقدَ في يمِّ التهاني
أولا التصحيح اللغوي فالصواب أن تقول ناقدوكم وليس ناقديكم.
وثانيا .. كان أجدر بك أن تنصف فلا تغالط نفسك في الامتعاض من النقد ثم الاعتراض على عدم النقد ، والتبرم من الإشارة إلى الأخطاء ثم انتقاد المدح في الردود. هذا كله يوصل إلى معنى أرجو أن لا يكون هو واقع الحال لديك ، والواحة هي صرح اللغة والأدب الجميل وهي الغنية بالنقد الهادف الصادق فلا فقر فيها ولا قفر في وديانها.
وقفتُ مقارناً نصاً بنصٍ
ببعض العلمِ من شخصٍ أناني
لقد لعن الله كاتم العلم ، ولا أعلم الأناني إلا يحفظ العلم ويكتمه عن غيره أثرة فكيف علمك شخص أناني؟؟
وكدتُ أُجيدُ أشعارَ البياسي
ويسبقُ خيلَ فرسانٍ حصاني
الأخ الشاعر محمد البياسي شاعر مميز وله عندنا تقدير واحترام ، وليتك تصل يوما لمستواه إذن تحقق مجدا ، ولكني أستأذنك أن لا يكون تناول لشخصه الكريم في هكذا نص خصوصا وأنه غائب عن الواحة ونرجو أن تحترم غيبته.
أما حصانك فالميدان أمامه لا يصادر أحدا حقا في فوز متى كنت أهلا له فاجتهد وثابر فربما تصل أيها الكريم.
ألا لو قلتُ للعمريّ بيتاً
لتمتم قائلاً : أينَ المعاني
لم يعرف عن العمري أنه يتمتم حين رأي يل يقوله صريحا جليا ، وما عرف عن العمري إلا أنه منصف حتى لشانئ ، وأنه يمحض النصح لا يرجو به إلا وجه الله حفاظا على اللغة والأدب ، ولسنا نجبر أحدا أن يلتزم ما نقول أو ننصح به فليأخذ أو فليدع ، ولكننا لن ندع الدور الذي حملناه حين نكص عنه الجل الجليل نحتمل في سبيله الأذى ولا نستخدمه كلآخرين في بناء العلاقات وتبادل المنفعات.
وآخر لستُ أدري كيف يرضى
كأنَّ سموَّهُ ملَكَ الجنانِ
أولا ملك الجنانا بنصبه مفعولا به.
وثانيا أترفع عن الرد على سخريتك هنا راغبا غير عاجز.
فيا أدباءَ أمَّتنا تعالوا
وإلا سوف يفضحكم بياني
عجبت لهذا التهديد في مثل هذا السياق ، فهل تظن أيها الكريم أنك بمثل هذا ستسوق إليك أدباء الأمة؟؟ أم تراك ممن يتفاخر بما يستحيي منه الحر الكريم؟؟
لأن الشَّعب أسقطَ كلّ شيءٍ
و ملَّ و كلَّ من هذا التواني
الآن فقط أفهم هذا المنهج العجيب في نصك هذا. أنت إذن ممن يستلهم مما يحدث في بلادنا العربية من رغبة في التحرر من الجور والطغيان إلى مزاعم الحرية التي تعني االفوضى وإسقاط كل قيمة وتحويل العلاقة بين البشر إلى شرع غاب يتجرأ فيها الصغير على الكبير ويسيء فيها الجهول على الحكيم ويتباهى بالفاجر بفجره والعاهر بعهره. أحقا تريد مثل هذه الحرية؟؟ بل أهي حرية حقيقية؟؟ ليتك أيها الفاضل تتمعن قليلا في معنى الحرية الفوضى لتدرك أنها أخطر ما يكون ، بل إن شرع الغاب لا يسير إلا وفق ضوابط محددة ومن يخالفه يقضي غالبا.
وبالمناسبة ... ربيع الواحة بدأ قبل أي ربيع وهي لا تحتاج ثورة فهي حالة ثورية في المشهد الأدبي العربي ولكنها تحتاج إلى أحرار بالمعنى الكريم للحرية وتحتاج إلى صادقين يعتصمون بحبل الوئام ويستعينون بقوة الاحترام ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وذي الواحاتُ ساحاتي وربيْ
سأهجو كلَّ من يرضى هواني
الواحة هي ساحة كل حر كريم وكل طالب علم وباذل جهد وصاحب صدق ، وأهلا بك ومرحبا دوما على ضفاف الحرف السامق والأدب الواثق والهدف النبيل والخلق القويم. وثق بأننا لا نهين أحدا ، ولا نقبل بالهجاء متى تناول الشخص إلا أن يكون عاما ، وما أعدت هذه المشاركة إلا لأنها تتناولني أنا وأنا أعفو عما قلت وأصفح الصفح الكريم.
رفعتُ اليك بال(إيميلِ ) صوتي
وملئ الكونِ أحرارٌ تراني
بل ملء هكذا.
والأحرار لا أحسبها تؤيدك فيما أتيت إذ تسيء لمن أحسن إليك وتجهل على من يحلم ويمحض الصدق.
فإن لم تستعرْ كلّ القوافي
فوا خجل العروبة يا زماني
لا خجل للعروبة في مثل هذا ، ولكن الخجل كل الخجل لها حين تفقد قيمها الأخلاقية واحترامها لنفسها ولغيرها.
أنت شاعر يحتاج لصقل لغته مفردة ونحوا ويحتاج لسبك أفضل وأراك تجيد بشكل عام الوزن والعروض وألمح لك في بعض قصائدك لمحات ساطعة ، فثابر وتعلم ولا تستعجل الخطى أو تسلك مثل هذه السبل.
دمت بكل الخير والبركة!
وأهلا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي