أسئلة وإجابات على هامش قصيدة كذب الشعر للمبدع مكي النزال
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=56894
والتي وجدنا ضرورة لنقل الحوار القائم على هامشها إلى موضوع خاص
مسـار» بقلم الفرحان بوعزة » آخر مشاركة: الفرحان بوعزة »»»»» قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» تطبيق نظرية النظم على آية في فهمها إشكال» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» أنا المحب رسول الله» بقلم لؤي عبد الله الكاظم » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» كنْ طموحًا» بقلم تفالي عبدالحي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» قبور وقصور» بقلم بهجت عبدالغني » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ((..عاديـــتُ قلبـــي..))» بقلم هبة الفقي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الميسر والقمار فى القرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» مَصر» بقلم علي الطنطاوي الحسيني » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»
أسئلة وإجابات على هامش قصيدة كذب الشعر للمبدع مكي النزال
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=56894
والتي وجدنا ضرورة لنقل الحوار القائم على هامشها إلى موضوع خاص
كأني بالأمر توقف هنا ولم نقرأ بعد استجابة الدكتور سمير العمري لطلب شاعرنا مكي النزال تفصيل ما وقف عليه من أبيات ثقيلات في ميزان الشعر ووجه ثقلها، وتوضيح ما أشار إليه من حالة تنافر عام بين صدور الأبيات وأعجازها
وهذا لعمري يضيع علينا فرصة الاستفادة من قراءة متأنية ونقد إيجابي بناء من شاعرنا العملاق د. سمير العمري في رائعة شعرية للمبدع مكي النزال
وهي فرصة تعلّم وتعليم لن نرضى بتفويتها، وأنا هنا أضم صوتي لصوت شاعرنا النزال في طلبه تفصيل ما جاء في تعليق الأمير من عناوين
وسنكون بانتظار
تحيتي
الكريمة ربيحة الرفاعي:
ما كان لي من أرب فيما فعلت إلا الخير والود وتقدير النص وصاحبه حين ألتفت إليه بعمق وعناية ، وليس لي من أرب أن أغضب أخا أقدره وأحمل له الود ، وحين وجدته منزعجا رافضا لمداخلتي فكأنه تقال المدح واستثقل النصح فرأيت أن أصمت عما تحدثت عنه حرصا على صادق الود وعابق الإخاء خصوصا وقد رأيت في النصح تأكيدا لهذا ورأى أخي الكريم مكي عكس ذلك كما استشعرت ، وخصوصا أن أخي مكي عاد للرد ولم يشر برغبته على ما سألت من مدى رغبته بالعودة بنصحي.
ولأن مثلك بهذا التواضع الجم وأنت الشاعرة التي لا يكاد يشبهها أحد ، ولأن مثلك لا يرد له طلب ، ولأن أخي مكي يظل عندي كريما كبيرا فإني أعود برأيي راجيا أن يكون فيه النفع والفائدة المرجوة.
الأخ الكريم والكبير مكي:
أنا أخي من يستغرب أن تتهمني بأنني أثيرت حفيظتي ففيم ولم؟؟ أنا كما شرحت ما أردت إلا إظهار الود وممارسة ذات المنهج المعتمد في الواحة منذ أكثر من عشر سنين ، والتناول النقدي يكون عادة في مستويات مختلفة فما نصفق له من شاعر عادي لا نقبله من شاعر متميز ، وما نرضاه من شاعر متميز لا نقبله من شاعر كبير ، وحين يكون النقد إنما يكون على قدر الشاعر وقدر حرفه.
وأنت أخي الكريم لست بحاجة لإثبات شاعريتك الكبيرة فإنا نعلمها ونشهد بها ، ولك أن تقول ما شئت عن نفسك وعن شعرك ، ولكن لا أجد الافتخار بالارتجال أمرا مستحبا فكل الشعر ارتجال ثم قد ينقحه البعض من باب العناية ويحمد أمثال هؤلاء ، ثم إن ردي كان مدحا كريما وليس استخفافا أو استقلالا لا سمح الله. ومهما يكن من أمر فإني وكما قلت لك فالود عندي أهم مما سواه ، وأرجو أن يكون فيما سأقوله هنا ما يخدم النص ويحقق النفع والفائدة للجميع كما قلت أنت.
بداية دعني أختار ما رأيتهن أبيات ثقيلات في ميزان الشعر لرقي المبنى والمعنى والتناسق البنائي والجرسي مع المعنى وبين الصدر والعجز:
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ = لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
حين يهمي الظلامُ مُزنَةَ شوْقٍ = أنزوي خلفَ أحرفي وابتهالي
لن تنامي على أسرّةِ وَرْدٍ = إن زرعتِ الأشواكَ في أوصالي
أقصِري عنْ لجاجةِ الشّكّ يا من = فيكِ أُنثى تضمّخَتْ بالجمالِ
دعْكِ منْ حُرقةِ اللظى في جنوبي = واسكني الثلجَ في أقاصي الشمالِ
أشرعَ الدهرُ بابَهُ لرؤانا = لا تجوري عليْهِ بالأقفالِ
هذه أبيات مبهرات وثقيلات في ميزان الشعر برأيي وكل ما فيها يستحق الثناء مبنى ومعنى وتركيبا.
ثم لنبدأ "النقد" بالإشارة عموما إلى قضية قطع همز الوصل في حوالي 5 مواضع وهو مما لا يقبل من شاعر بحجمك على الأقل عندي.
ثم إني رأيت في العديد من المواضع التي رأيت بعض الألفاظ لم توظف جيدا أو أن هناك ألفاظ أنجع توظيفا للصورة وللمعنى في مواضع أخرى ولأن هذا الأمر مدخلا لجدل لا ينتهي وخاضع للذائقة الخاصة غالبا فإني لن أخوض في الأمر وإن كنت سأورد مثالا واحدا فقط بهذا الخصوص كي يشرح الفكرة.
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بانشغالي
هنا البيت صحيح وجميل ، وانشغالي تخدم المعنى ، ولكني وجدتني أقرأ البيت هكذا:
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بظلالي
هنا سيكون هناك صور متداخلة متراكبة تخدم مدى الاحتدام الشعوري بين الأمل والألم وبين اليأس والرجاء ، ناهيك المقابلة بين الضور والظلال ، وكذا عمق الصورة حين يكنى بالظلال عن الانشغال وغيره من المكدرات ، وكذا الطرح الفلسفي حين نعلم أن الليل لا يشكل الظلال بل الضوء وغير ذلك كثير.
أناْ روحٌ مُسافرٌ عُمقَ صمتي = حائرًا، مُتعَبَ الخطى في خيالي
الروح مؤنثة وهذا أربك التركيب عندي فالذي أراه صوابا لغة هو أن تقول أنا روح مسافرة أو في اقل حال أن تكون أنا روح مسافرًا. أنا مبتدأ مرفوع تقديرا وروح خبر مرفوع ظاهرا ومسافر هنا لا مكان لها من الإعراب إلا حالين إما نعت مرفوع لروح وحينها يجب تأنيثها أو حال منصوب لأنا ، ولا يمكن رفعها خبرا بعد الخبر "روح".
لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا = ذائبًا كالحياء في أسمالي
المرء يذوب حياء أو من حياء وليس كالحياء فالحياء لا يذوب. كان يمكن تجاوزا أن تقول "ذائبا بالحياء في أسمالي".
لا أُجيدُ الغناءَ في حفلِ يُتمي = بَيْدَ أنّي كَسَبتُ جاهي ومالي
هذا أحد أمثلة ما قلت من عدم الانسجام بين الصدر والعجز فالصدر جميل رائع ولكن ما علاقة العجز بالأمر؟؟ ما سياق كسب الجاه والمال في بيت يسبق يتحدث عن الحياء وعن براءة الأطفال ثم صدر يتحدث عن اليتم والحزن ثم بيت لاحق يتحدث عن التحدي والحيرة والتفكر في المآل؟؟ شخصيا اجتهدت كثيرا في وضع احتمالات معان تنسجم فلم أجد.
لطمتني صروف دهري كثيرًا = وتقمّصْتُ وِقفةَ الأبطالِ
تقمصت؟؟ التقمص ليس مما يفتخر به أو يعتد بمآله خصوصا هنا في قصيدة فيها اعتداد كبير بالنفس وأجد اللفظة ليست مناسبة مطلقا للجو العام وللسياق وللبيت وللمعنى.
تَنشُدين الكمالَ من مُسْتَثارٍ = لا تثوري، فلستُ عَبْدَ الكمالِ
لماذا عبد الكمال ولست ربه؟؟ رب الكمال هو من يمتلك الكمال أو يسعى إليه ليكون صاحب كمال ، أما النفس البشرية فقد جبلت على حب الكمال والحقيقة أن الكمال يستعبد القلوب مهما قست ، ولذا كان استعمال عبد الكمال هو صورة عكسية ومناقضة للطرح الذي أردت أنت.
أناْ أرضٌ تعُجُّ بالزهرِ نبتًا = نظرةٌ منكِ تستبيحُ احتلالي
لا أُطيقُ الرياحَ تجتاحُ وجهي = والصراعاتِ تستبيحُ اغتيالي
هنا بيتان متتاليان تكررت فيهما لفظة تستبيح وهي مستثقلة من شاعر كبير مثلك.
ثم إن هذين بيتان يمثلان دليلا واضحا على مستوى الربط على مستوى البيت فالأول متنافر بلا رابط يقوي التركيب إلا السياق ، والبيت الثاني رائع في ربطه وفي سياقه.
خذلتْني النجومُ إذ كُنتُ بَدرًا = أبذُلُ النورَ في عيونِ الليالي
أعتقد أنك هنا لم تنصف الصورة المرادة إلآ إن كنت بحق تريد أن تكون ما يعني هذا البيت.
الذي فهمته من نصك بأن السماء ذرفتك نجمة شعر ، فالنجم هو الأعلى والذي ينبثق منه الضورء والبدور هي مجرد انعكاس له ، وهنا سرقتك الصورة عن المعنى فأردت أن تبرز البدر ليوافق عيون الليل فرفعت غيرك على قدر نفسك وجعلت من خذلك نجما وأنت بدرا ، ولا تحسب أنني أغفل عن الصورة التي سرقتك من المعنى ولكن وجدت أن ما أقول ألزم للنص من حيث المعنى بل ومن حيث الصورة ورأيته أن يكون هكذا:
خذلتْني البدور إذ كُنتُ نجما = ينضح النورَ في عيونِ الليالي
هنا يكون المعنى أصح وأوثق لما تريد ويكون نور النجم كمعنى وليس كموقع سببا لكشف الظلمة بفجر أمل أو إبهار.
سرّحي شَعرَ ليْلتي..، هدهديها = داعبيها بالقصّ كالأطفالِ
هنا استوقفني التوظيف مرة أخرى فالقص لا يكون للمداعبة بل للهدهدة ولذا كأن أنسب لو قلت:
سرّحي شَعرَ ليْلتي..، د اعبيها= هدهديها بالقصّ كالأطفالِ
أوجعيني بالكيّ علّيَ أبرا = أنقذيني من حيْرَتي والهزالِ
قرأتها هنا وهزالي فهي أنسب للمعنى وأوقع للجرس.
لمْ تُصِبْ غيمةُ الرجاءِ يباسي = أدبَرَتْ بالرواءِ خلف الجبالِ
ليس المهم أخي أين أدبرت الغيمة إلا إن كان سيضيف للنص أما أن تغيب خلف الجبال فهذا مما سيكون حشوا لإكمال الصدر الجميل ليس إلا.
هكذا كُنتُ سائرًا وسأبقى = بين حُلمٍ وواقعٍ وخيالِ
هنا مثال آخر لحشو اللفظ فالحلم والخيال مترادفان هنا في هذا السياق.
هذا بعض أهم ما رأيته راجيا أن يكون فيه ما يفيد.
تحياتي
قCOLOR="Blue"][/COLOR]لعمري إنه لأغرب نقد شعري سمعته في حياتي يا دكتور رعاك الله!
وفرضٌ لما تريد لا ما يريد الشاعر والشعر
أخي الكريم
الشاعر يقول ما يشاء هو ويعني ما يريد هو لا مايريد الغير وإن خنقناه هكذا فلن يقول أحد الشعر البتة!
وأنت هنا لا تحلل القصيدة لطلاب كي يفهموها، بل تجادل شاعرًا في مكنونات نفسه ولغته وطريقة تعبيره وتصويره!
ولئن رددتُ تفصيلاً لطال السجال مدى عمرينا - أطال الله في عمرك - وربما أعود لذلك بعد حين.
خذ مثلاً: لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا = ذائبًا كالحياء في أسمالي .. صورة رائعة وفريدة لم يطرقها أحد قبلي!
تقول: المرء يذوب حياء أو من حياء وليس كالحياء فالحياء لا يذوب. كان يمكن تجاوزا أن تقول "ذائبا بالحياء في أسمالي .. وأقول: ولماذا يا سيدي لااقول أن الحياء هو الذي يذوب وأنا الشاعر؟ لماذا يجب أن أقول ما قال غيري.. هل هناك خطأ مافي اللغة؟ هي صورة جاءت هكذا وهي أن الحياء هو المشبه به ذائبًا لا مذابًا فيه! شعر يا دكتور وليس مقالة.. وكذلك كلما تفضلت به وما هو ليس مطلوبًا بالمرة فأنت ببساطة تريد أن أقول ما في بالك لا ما في بالي.. وثق أن أي شاعر ولو كان للمتنبي يمكن ان يقال عنه لو قال ولو فعل..!
الروح: مذكر إلا إن عنت النفس .. وهنا سندخل في ما أريد وما تريده لي مرة أخرى
البدور تستقي نورها من النجوم؟ لا أدري...!
تقول قل ظلالي؟ أراها أبعد ما يكون عن الصواب.. فما في الليل من ظلال حيث لا ضوء فيه.. وأنا والله أردت انشغالي ولم أحشُ اضطرارا..
أخي الكريم..، أنت تغرق في الكلاسيك وتريد للشاعر أن يكون ظلاً لغيره ورأيي أنه لن يكون شاعرًا إلا إذا ابتكر وجدّد وإن بدا مختلفًا لمن تعوّد أن يقرأ الشعر كقوالب جاهزة.
ولكلٍّ رأيه وتقبل امتناني لاهتمامك ووقتك الذي أنفقت .. رعاك الله.
.
راق لي ماتفضل به الدكتور سمير من نقد كان درسا رائعا تابعته من خلال حوارية مثمرة
ولكن فضلا من سموكم كنت أطمع في كرمكم توضيحا لما ذكرت هنا من الصور المتداخلة المتراكبة وكيف تخدم الاحتدام الشعوري بين المتناقضات التي ذكرت ؟
وكذا توضيحا للطرح الفلسفي هنا لتعم الفائدة
دمت أميرنا رائعا
ولي عودة للنص مرة أخرى
تحاياي
أنا كقارئة اعجبتني القصيدة جدا وقرأت فيها شعرا ممتعالطمتني صروف دهري كثيرًا = وتقمّصْتُ وِقفةَ الأبطالِ
تقمصت؟؟ التقمص ليس مما يفتخر به أو يعتد بمآله خصوصا هنا في قصيدة فيها اعتداد كبير بالنفس وأجد اللفظة ليست مناسبة مطلقا للجو العام وللسياق وللبيت وللمعنى.
تَنشُدين الكمالَ من مُسْتَثارٍ = لا تثوري، فلستُ عَبْدَ الكمالِ
لماذا عبد الكمال ولست ربه؟؟ رب الكمال هو من يمتلك الكمال أو يسعى إليه ليكون صاحب كمال ، أما النفس البشرية فقد جبلت على حب الكمال والحقيقة أن الكمال يستعبد القلوب مهما قست ، ولذا كان استعمال عبد الكمال هو صورة عكسية ومناقضة للطرح الذي أردت أنت.
وأتابع هذا الحوار العلمي لأستفيد
لي هنا سؤال رجاء
ما هي أهمية توظيف اللفظ وقيمته في الشعر
وهل يشكل استخدام لفظة بدلا من أخرى معضلة أو عيبا في القصيدة؟
تقديري واحترامي
أنا مع أخي الشاعر مكي النزال في أن الشاعر يقول ما يشاء هو ويعني ما يريد هو، ولا شيء يبرر أن نخنقه أو أن نفرض عليه أن يقول ما نريد
لكن هذا لا يمنع أن بعض الألفاظ التي يستخدمها الشاعر تكون أقل ملاءمة للموقع الذي استخدمت فيه من غيرها، ومن حقنا أن نقول رأينا فيها إذا كنا مهتمين بالشاعر وبالشعر
فهل هو تلقين لنا كشعراء لأن نقول ما يريد الناقد أو القاريء حين يبدي رأيا فيما نقول،؟
أقلقني هذا الأمر جدا وحيرني
سؤالي موجه لأميرنا الدكتور سمير العمري الذي أدين له وللواحة بتطور كبير في شعري بعد أن جئت الواحة بالكاد أكتب شبه شعر
هل تريد بتوجيهاتك لنا أن تجعلنا ظلا لك أو لشعراء معينين؟
وهل تقصد في نقدك الذي ننتظره لقصائدنا كي نتعلم ونتطور، أن تجعلنا نقول ما تريد؟
بانتظار ردكم سيدي
الإخوة الكرام , تحية وبعد :
ليس دفاعا عن أحد , أقول :
يحق للشاعر أن يقول ما يريد , و لا يحق لأحد أن يملي عليه ما يقول , ولكن من حقنا على الشاعر أن يوصِلَ إلينا ما يريد ,
لا نريد أن يبقى المعنى في قلب الشاعر , و إلا سيفقدنا كقراء له , فالمتلقي هو مرآة الأديب , وهو بالتالي جمهوره , فإن فُقد التواصل بينهما فتلك مصيبة لكلا الطرفين .
عندما يستعمل الشاعر مفردة ما في مكان ما و تكون ضبابية الرؤية , بعيدة الملاءمة لذلك المكان , فإن المعنى سيكون حتما ضبابيا , لكن إن استعمل المفردة بشكل جديد مبتكر يلائم تلك المفردة فإنه يحيي المفردة ويأتي بصورة أو معنى جديد يحسب له , و إلا فسوف يحسب عليه .
وكان قديما ينزع عن الشاعر لقب الفحولة لأمر نراه اليوم بسيطا .
حبذا لو تراجعوا كتاب الموشح للمرزباني وستجدون كيف كان يلام الشاعر الكبير على بيت قاله ليس فيه عيب إلا التقديم والتأخير , طبعا إذا كان هناك مندوحة عن ذلك ؛ أما الضرورات فكان يُؤخذ على الشاعر استخدامها , ونقول يؤخذ على الشاعر وليس الشويعر , أما الاضطرار فيكون في سهوة واحدة ليس أكثر , و إلا قلنا له أما أسعفتك لغتك كي تحيد عنها .
أضرب مثلا من كتاب الموشح :
روي عند الخليفة عبد الملك بن مروان بيت الأعشى :
أتاني يؤامرني في الصبو .... ح ليــــلا فقلت غادِها
قال عبد الملك بن مروان : أساء , لو قال هاتها .
إن الأعشى – و هذا بتقديري - أراد القول أن الصبوح تكون في الغداة والغبوق في العشي على نهج العرب , و ربما أراد أن يكون الشيء في مكانه .
نعود لتفسير قول عبد الملك :
فالصبوح لها عدة معان ( كل ما يؤكل ويشرب صباحا , اللبن المحلوب صباحا , الخمرة ) , أما الأول فيفسد المعنى , و أما الثاني والثالث فيناسبان المعنى ؛ غير أن كلمة يؤامرني جعلتنا نكون أميل إلى أنها الخمرة , و مع كلا المعنيين فإن استمهالها إلى الغداة إفساد لها فلا يجوز استمهالها , رغم أن كلمة غادِها لا تسيء إلى تركيبة البيت و معناه , لكن مارمى إليه الخليفة أن مثل هذه الأمور لا تستمهل إن حضرت .
أرجو أن أكون أوضحت شيئا مفيدا .
محبتي للجميع
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله .... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
تحية للشاعر مكي النزال على صفحاته المشرقة بجمال الشعر و نور الأدب .
و أحب أن أشكر كل من شارك و أضاف لنا في موضوع النقد ،
أخص بالذكر الدكتور سمير العمري الذي استفدنا كثيرا من ملاحظاته.
فهذه هي المدرسة الحقيقة ، التي تخرّج الشاعر العارف و الواثق ،
و نحتاج إليها لتطوير و تجويد كتاباتنا .
و لي رأي شخصي في المسألة النقدية و هو أنها تتخذ طابع النسبية
و قد يدور حولها الخلاف ، إلا فيما يتعلق بثوابت اللغة ،
لذلك فأي نقد موجه للمعاني أو الصور و يمس روح النص يكون خاضعا للرأي ،
و يبقى من حق الناقد إبداء رأيه ، كما من الحق المبدع الأخذ به أو تركه .
دمتم و الواحة .
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594