مظلمة يورثها التاريخ
مظلمة يورثُها التاريخ
*****************
بدا التّاريخُ منهمكا بأوراقٍ يُقَلِّبُها
كمهمومٍ
بأخبار عن الموتى
ولم يسأل
عن ا لأحياء
فوق الرّفِّ ماتفعل
تلظت من لظى الطّغيان في معزل
وغصت من غبار القبو أحرفها
فطلّت فجأةً ورقة
وقد شاخت معالِمُها
على عُكّازِها وقفت
تحاكِي سيّدَ الأزمان
وتروي بعضَ ما حملت
من الآلام والأسقامِ
ومن جرثومة الأزلام
والأفكارِ والأقلام
وقالت سيدي التاريخ
أتذكُرُني!
أنا أحداثُ مظلمةٍ
تورِّثُني مدى الأعوام
تقلبني على مهلٍ
وتركنني إلى أجل
وتستثني عصافيري
من التغريد والأحلام
أنا عذراءُ مازالت طهارتها
بلا عرسٍ
بلا مهرِ
أتذكرني!
أنا آخرُ الأوطان في الدنيا
بلا دولة
ولا عملة
ولا حفلة
رهانا باعني الشّيطان للطُّغيان
أنا من جرّني بلفور
للجلاّدِ والعسكر
بوعدٍ ساوم الأجلافَ في ثمني
بجرمٍ سافرٍ أحمر
بكفِّ اللؤمِ أوقعني
إلى الأخدودِ والنارِ
وأجرى نفحة الشّيطان
ليُجري القهرَ في وطني
بخبثٍ غيرَ
الأقوالَ
والأفعالَ
والمظهر
وأخفى كلّ أوراقٍ لحريتي
ومافيها من الآمالِ والأنصاف
فمن بالٍ
لسان ريمو
إلى لندن
لكامب ديفد
إلى نيو يورك
إلى مدريد
إلى أوسلو
سلام ساذج يغدو
وخطّ قبلنا أحمر
وفيتو أقفل المحضر
وعلجٌ
أجّج العدوان
في الأرجاء واستأثر
ألا ياسيّدَ الأزمان
محالٌ ينبتُ الهيكل
على جسدي
ولو قامت هنا ضدّي
يهوذا كلها والجان
محالٌ أنني أُطوى
ولو كلّ المدى أدبر
ولو غطّوا بدرعِ الليلِ أُمنيتي
بغدرٍ آسنٍ أسود
ومهما غلّظوا الأسوار
وفاض الدّمُّ كالأنهار
سأبقى في المدى أزأر
هنا وطني
هنا قدسي
هنا زيتونيَ الأخضر
وفي أعتابي الجنّاتُ والكوثر
محالٌ سيدي التّاريخ أن أخسر
ومن قدسي إلى الرحمن
معراجٌ بهِ أفخر
وفي أكنافِهِ الميعادُ والمحشر
ستزوي الأرض قوتهم
تسوقُ النارُ حسرتهم
تزفُّ الناس ناحيتي
تلفّ الساق بالساق
إلى المحشر
إلى المحشر
سأبقى في حنايا القدس
وحتى هاهنا أحشر
وإن بانت على خدّي تجاعيدي
ستبقى همّتي تروي أناشيدي
محالٌ سيدي أخسر
محالٌ سيدي أخسر
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود فرحان حمادي
