بِسْمِ الكَريمِ قَصَدْنَا واحَةَ العُمَري
فيها رياضٌ زَهَتْ بِالحَرْفِ والفَكَرِ
ثُمَّ الصَّلاةُ على الهَادي وَقُدْوَتنا
والآلِ والصَّحْبِ مَنْ سادوا على البَشَرِ
يا دَوْحَةَ الخَيْرِ يا حِصْنًا يُجَمِّعُنا
يا مَوْكِبَ النُّورِ يا مَاسًا لِذي نَظَرِ
ها قد اتينـاك باسم الحب في ولـه
لننثر الحرف بين الناس كالدرر
ميراثنا الشعر بالأوزان نرسـله
على الخفيف كما الحسون في الشجر
فتسـتفيق طيور مـا لهـا عــدد
تدغـدغ الفجر في عزف على وتـر
وتغــرق الـروح في تسـبيح بارئهـا
فينتشي الكــون جذلانــا من الخـدر
من ذا يؤمُّ جنانَ الحرفِ أجملَها
ولم يُعِدَّ له فرشًا على السُّـرُرِ؟
من ذا يرودُ نقـاءَ الفكرِ في سَـعَةٍ
فلا تطيـبُ له السُّـكْنى بلا كَدَرِ؟
إني لممْتُ الجَنا من فيضِ روضتِها
فكيـفَ لا أقْتفِي حمَّالةَ الثَّمَـرِ؟
أهوى سناها ، وأهوى طيب الأثرِ
كلاهما في الهوى زادٌ لمعتبرِ
رسمتُ أحلامها المثلى مؤرّجةً
قلادةً من جُمان الذوق والعبرِ
طوبى لمن حضروا مرحى لمن شعروا
في الود ما ذكروا إلا حمى العمري
فاسكب شذاك على مرأى خرائدها
قـبّل رفارفها في أجمل الصورِ
مرابع الفكر فيها أينعت وزهت
كـأنها اقتبست وحياً من القمرِ
يا نخلة شمخت والرطب أثقلها
من وافر الحرف والإبداع والثمر
السعف كسوة خلان بها لاذوا
من الدنية والسفساف والكدر
للجذع يسند ظهراً كل من رصدوا
زيفاً لحرف في حل وفي سفر
يا وردة بأريج ساحر عبقت
الحسن كللها تاجاً من الشذر
تعهّدتْ كلَّ مجْدٍ عزَّ مطْلبُهُ
فلا تزالُ إلى العلياءِ في سَفَرِ
على فؤادي مسمّاها إذا ذُكِرَتْ
كأنّهُ نسْمةٌ في ساعةِ السّحَرِ
فدمْ على العهدِ إعلاءً لرايتِها
وهبْ لها مسكنًا في القلبِ والبصرِ
وهاتِ ممّا حباكَ اللهُ منصِفةً
من روضةِ الشّعرِ عن فوّاحةِ الزّهَرِ
ودَعْ سواها إذا ما كنتَ ذا نظَرٍ
فليسَ يغنيك إلا (واحةَُ العُمَري)
أبليتُ يا واحة الاقــلام أشرعــتي
بين الفنارات والاشعــار في اثَـري
كمْ رَفْرَفَتْ في زوايا البحْثِ اجْنِحَتي
والشمس اضغاث احلامٍ دَهَـتْ حُفَري
حتى اذا ما طويــل الليلِ كبّلَني
بانتْ تباريـحُ ميناءٍ طَوَى سَفَري
فاسّابَقَتْ نحوَ تلْكَ الرّوض قافيَـــتي
عطْشى . تجرُّ الأسى جرّاً الى السّمَرِ
انّي وكُلّ الرؤى في النومِ تشْهَدُ لـي
حَقّقْتُ باسْمِ انتسابـي لاسْمِكُمْ وَطَري
قَـــدْ جِئْتُها وَجِلًا أرْنو إلى قِمَـــــمٍ
خَضراءَ مُبهرةٍ أُحْيي بها صُحُري
فَوجــدْتُ أنِّــيَ في أفْيائِـــها وَرِقٌ
كَالعودِ أغْدَقَ في نَيْسانِها الخَضِرِ
نزلت فيها وفي أحناء أوردتي
ذكرى تموج تباري الموج في الخطر
وقفت فيها أصيلا لا أبارحها
أفيء فيها ظلالا من ربى العمري
فقلت : ما روضة في مثل طلعتها
والحسن لا يبدو اذا ما غاله الجدري
أرْسى قواعدَها في الفكرِ ذو خَطَرٍ
يَذُبُّ عَن أصْلِها ما حَلَّ مِن خَطَرِ
لا يَرتَضي أَجْرَها زَيفًا ولا مَلقًا
بالحق أسَّسهَا والحَقُّ في الأُطُرِ
في اللهِ نَحْسَبُهُ كَفُّ العَطاءِ سَخَتْ
مِنْهُ ولَو رَغِبَتْ فاضَتْ مِنَ الدُّرَرِ
يَبْغي لها نُجُبا يَرْعَوْنَ حُرْمَتَها
يَحْمي مَوارِدَها مِنْ حاسِدٍ أَشِرِ
لِكُلِّ شائِبَةٍ آبٍ ولَو صَغُرَتْ
( فَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ )