قصة المأساة
قصيدة من بدايات تجاربي الشعرية، أحببت نشرها لعلّ فيها عظة عبرة لمن يفكرون بتجزئة المجزأ
هو الجهلُ في قومي توالتْ مصائِبُهْ
فتاهوا بليلٍ مُدلَهِمٍّ غياهِبُهْ
فأغرى بهمْ بعضاً على حِينِ غِرَّةٍ
فظنَّ الأخُ الحِبَّ الشقيقَ يُحارِبُهْ
فمدَّ اليدَ الطولى إلى صَدرِ أُمِّهِ (1)
لِيُمنَعَ مِنْ نهرِ المحبَّةِ شاربُهْ
فصاحتْ: ألا ترعى الأخوّةَ يا فتى
وتفخرُ إنْ أعلَتْ أخاكَ مناقِبُهْ ؟
فأغواهُ شيطانُ الجهالةِ مُوشِيَاً
: سينتزعُ السُلطانَ إنْ عَزَّ جانِبُهْ
فهمَّ بهِ قتلاً وأَشهرَ سيفَهُ
وكانتْ عُيُونُ الحاقِدِينَ تُراقِبُهْ
أعَانُوهُ في بَترِ اليمينِ نِكايَةً
وقدْ ظنَّ أنْ تعلُو بِذاكَ مراتِبُهْ
فولولتِ الثكلى لفقدِ حُماتِها
وناحتْ على مَجدِ الأباةِ نَوادِبُهْ
فشقَّتْ يدُ المحتلِّ ثوبَ عفافِها
وداستْ على طُهرِ الترابِ كتائِبُهْ
وخَطَّ بأنهارِ الدِّماءِ خريطةً
على ثوبِها المهتوكِ بانتْ مآرِبُهْ
وقسَّمها بالسيفِ -شُلَّتْ يَمينُهُ -
لِيَمنَحَنَا الحقَّ الذي هُوَ سَالِبُهْ
فأودعَنا عِشرينَ سِجناً مُزخرَفاً
بِراياتِ مَجدٍ يخدعُ العينَ كاذِبُهْ
مرشَّحةً للانقِسامِ كما يَرَى
لِتَزدادَ مِنْ كُثرِ السجونِ مكاسِبُهْ
مُنِحنا بِها حُرِّيَّةً في حُدودِها
تموتُ على الحدِّ الذي هُوَ ضَارِبُهْ
لَبِسَنا بها ثوبَ المذلَّةِ والشقا..
نجوعُ ونعرى؛ كي تَتِمَّ مطالِبُهْ
ولا يرتضي بالسِّلْمِ فوقَ ترابِنَا
إذا لمْ يُحكَّمْ شرعُهُ ومذاهبُهْ
ومَنْ يعصِ للمُحتلِّ أمراً فإنَّهُ
يُزاحُ عنِ الكرسي، ويُرفعُ نائِبُهْ
وإنْ سوَّلتْ للحُرِّ نخوةُ قومِهِ
مُقاومةَ الغازي؛ تُداسُ شوارِبُهْ
فلا حقَّ في العيشِ الكريمِ لِمَنْ رَنَا
إلى النُّورِ في ليلٍ تَعِزُّ كواكبُهْ
***
كفرتُ بكابوسِ الجهالةِ والعَمَى
ومزَّقتُ أستارَ الظلامِ؛ أُحاربُهْ
وأشعلتُ مصباحَ الهدايةِ داعِيَاً
إلى العلمِ : يا أحرارُ ، هذي مواكبُهْ
فمدُّوا أياديكمْ، ورصُّوا صفوفكمْ
وثوروا على الجهلِ الذي ذلَّ صاحِبُهْ
وسيروا إلى العلياءِ بالعلمِ والتُّقَى
فما ذلَّ مَنْ بالعلمِ سارتْ مراكِبُهْ
فَيَا قومَنَا التاريخُ عادَ ، ومجدنا
رهينٌ بـقولِ: (اقرأ)، فهيا نُواكِبُهْ
لقد صِغتُ مأساتي .. فهلْ آنَ حَلُّها؟
كَفَى العُربَ من ذُلِّ الشتاتِ نوائِبُهْ
***
ياسين عبدالعزيز الهمداني
29/ذي الحجة/1429هـ
1/12/2008م
ــــــــ
(1)المقصود بالأم : أرض الوطن العربي