أيها الغائب ..
تختبئُ الكلماتُ خلفَ تناهيد الليل،ترتجف في زوايا الصمت ، لا تفصح عن كنه أسرارها حتى يميط الظلام لثامه، ويرفع الصبح رايته ، لتخرج في أزيائها التنكرية المعتادة كل صباح ، تستعرض بأوجهٍ شاحباتٍ بقايا بريقٍ زائفٍ، تلوذ به من وقع الأسئلة المتكررة عن سبب التلعثم الدائم ، غارقة في فكرها السادر نحو رحلة المساء القادم في قاقلة الصمت المهاجرة نحو المجهول ، تمرُّ بها الأشياء دون معانٍ واضحة أو لون أو رائحة، حتى يعود المساء مجدداً ،حاملاً معه أمتعته السوداء القاتمة المملة ، لتعود الكلمات إلى زاوية الصمت المرعبة ،يسبقها همس ضعيف متحشرج يتناهى في امتدادات تناهيد خافتة يصنعها الألم المكبوت ،النابع من روح مدنفةٍ حملتَها طوال النهار. فهل تأتي أيها الغائب وبيدك حبل نجاتي، أو دوائي الذي ينقذ حياتي، فأنت الوحيد القادر على منح كلماتي قوة المواجهة ، وشجاعة الخطاب ، وهل ستمنحني فرصة البوح بما يجيش في خاطري دون خوف أو وجل ، أم سَتدَعُني كعادتك أُواجه مصيري وسط ركام الأسئلة الحائرة في أعينِ المارة ، كي يضمحل ما تبقى من صمودي وكبريائي. وأتهاوى مع بقايا أملي الضعيف المتشبث بعودتك.
بقلم : أ/ علي معشي