أنا شاعرٌ غيرَ أنِّي ولدْتُ
و قد ماتَ كلُّ الجماهيرِ
كل الذين يستنشقونَ القصائدَ ، و الأغنيات
ومن يسألونَ القوافيَ بعد القوافِي
هلْ من جَديدْ؟
ولدتُ ، و قدْ صوَّحَ الزرعُ
و الْتَاثَ هذا الصباحُ
و أَصْفَرَ من مائِهِ البحرُ و النهرُ ، فهْو جليدْ
ولدْتُ ، وما فِي عكاظٍ سوَى قُبَّرَهْ
و إلاَّ رقيعٌ يغازلُ عصرَ التفاهةِ بالهَمْهَمَاتِ
بكلِّ البذاءاتِ دونَ انقطَاعٍ
بوجهٍ شريدْ
غريبٌ أنا في عُصُور التلَوُّثِ
قدْ شاهَ وجْهِي
و ضاعتْ مواويليَ الموجَعَاتُ
على بابِ هذا الفراغْ
وكلُّ قصيدْ
فماذا سأكتبُ يا أصدقَائي ؟؟
و ماذا أسجِّلُ في دفترِ الذكريَات ؟؟
ماذا سأكتبُ ، و الشعرُ في هذه القريةِ الآسِنَهْ
تعكَّرَ واسْودَّ من جانبيهْ
ترهَّل كالثوبِ
يا أصدقائِي
و أصبحتُ : في دفترِي من عِثَاري ندُوبٌ
وفي كلِّ قافيةٍ حشْرجَهْ.
و في كل لحنٍ حديثُ اغترابْ
و نجوى وحِيدْ
وُلدْتُ ، و للحرفِ طعمُ الفراغِ
و للأغنياتِ مرايَا الشَّجَنْ
و كلُّ الذِين يحبُّونَ ، أو يكرهونَ لغاتُ الجَنادِبِ
لغوُ المراكبِ
لغْطُ الحديدْ
ولِي معطفٌ منْ أبِي
وريفٌ كصدْرِ أبِي
و للدفء في جانبيهِ أنامِلُ
تمتدٌّ في كل عصْرٍ
و تجتاحُ كلَّ مديدْ
و في معطفي وهجُ الشرق ، لحظُ المهَا
مآذنُ تصدَعُ في كلِّ ليلٍ بنُورْ
و تقذفُ في القلبِ ، وحيَ السَّماَ
حمائمُ للحبِّ
في خفقِهَا للأغانِي نشِيدْ
ومِنْ غُنْجِها في " الأغَانِي " هوًى
تَرجَّعَ في وكُناتِ الأصائلِ
في هدْأَةِ البحْرِ
في زبَدِ المَوجِ
في كلِّ فجٍّ ، ورمْلٍ ، وبِيدْ ...
وفي معطَفِي يا رفاقِي
حكَايا عن الشمسِ
تختالُ خلفَ البُنودْ
وتنْشُر من ظلِّها في انتصَارْ
صدَى أغنيَهْ
وعزْفَاتِ عُودْ
وتعتَجِرُ السّلْمَ نحوَ المدائنِ نحوَ الفتُوحْ
و تُرسلُ خلفَ ضَفائِرِها
ألْوِيَهْ ..
و في معطفي للمسافاتِ حرفٌ
و للأزمنَهْ
و للوجَعِ العربِيِّ المضمَّخ بالقهرِ خلفَ السُّدُودْ
لماذا أبَاهُ الشتاءُ ؟؟
و فِيمَ زَوَى عَنْ مواويلِهِ كُلَّ عِيدْ
كأنيَ أصبحْتُ : ما فِي وسَادِي مُنًى
ولا في الكنانِة إلا نشيجْ
يعالجُ من دائِهِ
ما يزيدْ..
تهاوتْ مآذنُ هذِي القرَى
و جاشَتْ بصدرِي همُومُ السِّنينْ
و في معطفِي مغزلُ الأمنياتْ
عصا السحرِ
صيحَاتُ فجرٍ وليدْ
وليسَ لمثلي من الأمرِ شَيء
كفاني المؤونةَ مَنْ أودَعُوهَا
عرائسَ شمعٍ ، و أشباحٍ ليلْ
وضحْك القرودْ
فماذا ستحملُ هذِي العناكبُ خلفَ الكُوَى ؟
وماذَا ستكتبُ غيرَ السّدَى ؟؟
وغيرَ السَّفاسِفِ
غيرَ الصديدْ
تهاوَتْ عكاظُ على بائعِيها
وشاهتْ منابتُنا ، و الغضَا
فيا معطَفي قد عراكَ السُّكوتُ
و صرتَ غَريبًا
فأينَ ستمضِي
وأينَ ترِيدْ..؟؟