هذه المساهمة كتبت من طرف الأخ نقوس المهدي. و قد نشرتها هنا نيابة عنه.
رابط النص الأصلي
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...t=62184&page=4
على سبيل التقديم
تحاول مثل هذه النصوص الملتزمة التعرض لقضايا نضال الشعوب والمقاومة من حالاتها المختلفة، وبقدر تأصل تلك العذابات وتنوعها وتكرار فصولها وسيناريوهاتها تتعدد اوجه الإضافات أيضا، والتفنن في التعامل مع القضية بشتى شجونها وتشعباتها الإنسانية. وبمختلف التقنيات الفنية التي يتداخل فيها السردي بالسياسي بالاجتماعي وما شاكل ذلك.. ..
إن هذا النوع من السرود حمال معاني ورسائل فكرية وسياسية واجتماعية وغيرها.. اذ يرتبط في مضمونه الفني بنضال الشعوب وانعتاقها، وبقيمته التاريخية أيضا.. لهذا فان مضمون القصة وفكرتها لا يخرجان عن كونهما حدثا بسيطا في ظاهره. لكن بحبكة متقنة من القاصة للتعبير عن سخرية الواقع، وبتواطؤ مع جمالية السرد ومتانة اللغة، والجمل القصيرة وعير تقنية الفلاش باك، وبطريقة تتشابك فيها مجموعة من الذكريات الأليمة والممضة واستحضار ماض بأكمله.. وعبر الانتقام الضمني بالصمت واللادموع والشرود تحاول قتل الغول الذي هيمن على ذاتها وتفكيرها وناء عليها بكلكله لسنين عديدة محدثا شرخا وتشظيا في الروح. وتوظيف العديد من المتقاطعات التي تشكل جوهر حبكة النص الذي يختلف في توصيفه للوطن وللقضية
نبتدئ اقصوصة " بالروح بالدم " بخروج البطلة سلوى في موكب وداع احد الشهداء وبشعار بالروح بالدم.. هذه الكلمة الجنائزية التي تلهب الحماس وتمجد الوطن.. ذلك ان تيمتي الدم والروح اللازمتنان الأساسيتان في متن النص أضحتا من مؤثتات المشهد البطولي والنضالي لشعب مضطهد ينافح من اجل التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار، وعنوانا لفصول درامية من مسلسلات تحرر الشعوب من الاضطهاد والقهر لا بفلسطين وحدها فحسب، بل شعارا كوسموبوليتي على سائر دروب الحرية بالعالم اجمع
وفي هذا الزمان الوجيز الفاصل بين لحظات خروج الجنازة ووصولها للمقبرة تحدث أشياء وتطرأ أفكار وهواجس وتحتضر حياة مليئة بالانكسارات. عبر خطين متوازيين. يشكلان الفاصل المشترك في حبكة النص السردي، نداءات تقارع أجواء السماء بمقابل شهيد يوارى الثرى، وهتافات تمجد الشهيد بمقابل قلق وجودي ومونولوغ داخلي مكرور تجتره سلوى بطلة النص وعماده.. وبين عمليتي الصعود والهبوط، والشهادة والخطيئة يتواتر الحكي وئيدا حزينا شجيا يتوغل عميقا في ذات مكلومة مرتين. بفقدان الوطن وفقدان الشرف.. وخلال الطريق التي تبدو طويلة وملتوية واللحظات الثقيلة على النفس تتواتر الذكريات الأليمة محدثة شرخا في الذاكرة المكلومة، مما يفسر أنها تعرضت في وقت ما لحادث اغتصاب على يد نفس الشهيد. الذي سبب لها ندوبا لا تلتئم.. وكان صدى الهتافات التي تبين في البداية انها رعود ومطارق تحيق بالبطلة يخف تدريجيا ليحل محله ارتياح نفسي عميق وتواشج عاطفي، وبدأت الكوابيس التي انهكتها تخف وتضمحل، وأخذت تحس بذبيب الانعتاق يسري في أوصالها وكأن عبئا انزاح عن قلبها كلما احذ الموكب في الاقتراب من المقبرة.. ليزول نهائيا حينما يوارى الجثمان الثرى لتتقدم سلوى أمام الملأ بعد أن تخلصت من هواجسها وعقدها وتكسر عاليا جدران وسدون الصمت الرهيب لتصيح بالروح بالدم.. لا تمجيدا وإجلالا للحظة بل تشفيا وانتقاما لذاتها ولتدفن ماضيها المؤلم والجريح.. ولا غرابة أن يأتي اسم سلوى المجبول معناه من كل ما ينسي جبال الهموم والذكريات الأليمة والانكسارات.. واجتماعية غيره.. ذلك ان موت الغريم هو الخلاص لهذا الوطن برمته