|
شم النسيم يكون طول العامِ |
لا أن يكون بمفرد الأيامِ |
فنسيم جو من صنائع رحمة |
لله ربي الواحد العلامِ |
بالجو آيات حسان أشرقت |
بجمالها بتصفح لأنامِ |
ودروس تعليم وفهم دافق |
بتمعن الأرواح والأفهامِ |
وتكوّن السحب الخفيفة تمتطي |
ظهر الرياح بسيرها لأمامِ |
وتشكّل السحب الثقيلة وُقِّرت |
بالماء بين سحائب لركامِ |
والودق يخرج من خلال تكثف |
من بردها المتكاثر المتنامي |
والبرق يلمع بالسنا لمعانه |
والعين تبصر ومضه بغمامِ |
والغيث يهطل من عطاء إلهنا |
بالخير للأرجاء والأقوامِ |
وتغيّر الأجواء بين فصولها |
من صنع ربي مانح الإنعامِ |
وهبوب ريح أو رياح نشرها |
ببشير بسط أو نذير حِمَامِ |
وعواصف الإعصار شب حريقها |
بصواعق النيران بالإضرامِ |
وقدوم حر بالسموم مؤججا |
ضيق النفوس بلفحة الآلامِ |
وذهاب برد قارص بتخومه |
يأوي لجسم لائذا بعظامِ |
وخريف دهر مقبل في شيبه |
بعد الشباب الوافر الإقدامِ |
أوراق أشجار تودع غصنها |
بعد اصفرار شاحب الأقدامِ |
وبزوغ برعم نضرة وملاحة |
بغروس روض سابغ الإلهامِ |
للمغرمين بكون ربي حفنا |
بالنور يسكب سلسبيل مرامِ |
للذاكرين الصادقين قلوبهم |
دوما تسبح ربها بسلامِ |
وتنال من فضل الإله تدبرا |
في كونه المتألق المترامي |
بربيع أزهار السرور تفتحت |
برحيق شهد باهر الأكمامِ |
وورود دوحات الربوع تألقت |
بجلال حسن بالملاحة نامي |
والنحل يقبل باشتياق هيامه |
للورد .. والأزهار باستلهامِ |
هذا التمازج بانبلاج وداده |
بطهور عشق موغل بغرامِ |
يهدي لنا فيض المصفَّى بالشفا |
ينساب فيها بابتهاج مسامِ |
ويحل بالأمعاء برءا صافيا |
للجسم يسري في أحب وئامِ |
إن الجلوس بأيكة مخضرة |
للقلب واحة راحة بتمامِ |
والطير بالأوكار يبني قشها |
منقارها في دقة الإلمامِ |
بشموخ هندسة البناء بخبرة |
مغروسة بالسر والإعلامِ |
أمشاج تصوير بديع تستقي |
كأس البراعة بانهمال هيامِ |
وسطوع شمس بالفضاء بضوئها |
باليوم حتى نلتقي بمنامِ |
بالليل بدرٌ سابح بجماله |
يمضي بنور ماحق لظلامِ |
وبصيد أسماك بلحم لين |
من بحرها أو نهرها لطعامِ |
سبحان ربي ذي الجلال بأمره |
تقدير أشياء بدت بنظامِ |
في يوم زينة رتعهم وخروجهم |
(موسى) يبز جحافل الأوهامِ |
ويصك فرعون اللئيم هزيمة |
دوت أنارت مهجة لكرامِ |
عرفوا الحقيقة آمنوا بقلوبهم |
لله نالوا نعمة الإسلامِ |
بالصبح كانوا ساحرين وبالمسا |
كانوا بفردوس النعيم السامي |
في يوم زينة آل فرعون انتهى |
عصر التجبر في شهود عوامِ |
وتقهقر الفرعون جهرا واختفى |
بالذعر مدحورا مع الأسقامِ |
والناس عادت للبيوت بقلبها |
وعي بصمت أو حروف كلامِ |
فرعون ليس إلهنا فإلهنا |
رب الوجود مصرف الأعوامِ |
فرعون ليس الرب قطعا إنه |
كذاب قوم في قيود لئامِ |
ما أجمل الإيمان حل بنوره |
في قلب (سحار) ثوى بمقامِ |
في جذع نخلة صلبه بشهادة |
بشجاعة خفاقة الأعلامِ |
اعطى البرية كلها انموذجا |
للصبر في عز له بقيامِ |
بالصدق صاروا مؤمنين تصدروا |
ركب الضياء بمنهج إسلامي |
واذكر لـ(آسية) المنيرة صبرها |
وثباتها في لجة الإظلامِ |
حقا أنار الله مهجتها رجت |
لله جيرته ببيت تسامي |
بالخلد بالفردوس طاب رجاؤها |
نتلوه بـ(التحريم) بالإكرامِ |
يا من تشم نسيمهم شم الشذا |
برقائق هبت بطيب مهامِ |
هبت بها الأخيار رغم وجودهم |
في عصر فرعون الهوى المتعامي |
من شد بالأوتاد كل معارض |
واستخدم الفتك الشديد الدامي |
من أسرف الإسراف كفرا جالبا |
لعموم عيش موغل بحرامِ |
فثوى غريقا ناجيا متنقلا |
بمتاحف مفتوحة لفئامِ |
حتى يروه محنطا بلفائف |
لفته لفا متقن الإحكامِ |
ونقول هذا من تجبر آنفا |
هذا العدو لشرعة الأحكامِ |
يا يوم زينة بالكتاب مسجلا |
في آي (طه) أُوحيت لتهامي |
فيها من الآلاء عبرة مبصر |
متدبر لدقائق الإفهامِ |
شموا النسيم بكل وقت .. سبحوا |
رب الوجود بخافق استسلامِ |
لله رب العرش جل جلاله |
بوفاء صدق العهد والإلزامِ |
صلى الإله على النبي وآله |
ما طل عطر الزهر بالآكامِ !! |