الأخ المبدع المتألق .. حارس كامل .. تحية طيبة ..
وما زالوا في كهفهم ينتظرون / عنوان يفيد الديمومة والاستمرار ،يخبرنا عن عدم تغيير مدة انتظار القوم ،انتظار بدأ حدوثه في الزمن الماضي وسوف يمتد إلى زمن المستقبل .. وهذا ما كشفته الجملة الأخيرة في النص بعدما تجولنا بين جغرافية النص الشيقة / ومازال بقية القوم في كهفهم يلهثون..خلف صمتهم يتوارون /
قوم اختاروا الكهف كفضاء للحفاظ على حياتهم ، هربوا من واقعهم المظلم فسقطوا في ظلمة أشد على النفس والفكر والحركة ..
وضعيتهم لا تسمح لهم بالكلام ، خافوا من فقدان حياتهم مع أنهم يفقدونها شيئاً فشيئاً وسط ظلام أنفسهم .. تصوير جميل لهذه الوضعية عندما أثث لها السارد بلغة بليغة شيقة تصور أقسى الخوف والرعب .. قد تبدو لنا أن الصورة جامدة في الظاهر ، ولكنها متحركة في الداخل ،فقلوب القوم قد تحولت إلى كهف مظلم .. فهم لا يستطيعون الخروج من قلوبهم المظلمة ..إنهم صامتون ، لكنهم يتكلمون في أنفسهم ، يتحدثون مع خواطرهم ، يتساءلون ، يتصورون ، يقرأون النتائج .. كأنهم يوجدون من شدة الخوف تحت نار هادئة ، ولما وصل الغليان ذروته وقع الانفجار من أحدهم ..
عمل السارد على تكسير هذه الوضعية لكي لا يتسرب الملل للقارئ من طول الترقب والانتظار إلى ما سيحدث من جراء هذا الصمت المطبق على القوم .. فعمد إلى زحزحة الوضعية لينقلنا إلى وضعية أخرى لما تجرأ الرجل وتكلم .. فكشف عن نفسه وعزم على التحدي ، والعمل على خرق وتمزيق هذه الوضعية ، فنصب نفسه زعيماً وقائداً بعدما أفلح في جمع خلق آخر من حوله كأنه استبدل قوماً بقوم ..
جميل ذلك التوازي بين جماعة ضعيفة ،خائفة ، هاربة ، متواكلة وغير فاعلة .. وجماعة أخرى تولدت قوية ،متوكلة ، فاعلة ومتحدية تساهم في التغيير والتحرر..
اختار السارد كلمة الكهف لتعميق دلالة النص ، يتميز الكهف بالظلمة والرطوبة والنتانة .. سمات يمكن أن تنطبق على قلوبهم وأفكارهم ومواقفهم المتخاذلة وهم داخل كهف مجتمعهم ..
والكهف الذي تحدث عنه النص ما هو إلا رمز لمجتمع ضيق مظلم له سمات مشتركة مع الكهف الواقعي ، قوم يملكون قلوباً هشة مهزوزة يسكنها الرعب / يحسبون كل صيحة عليهم / ومن تم فإنهم سيموتون في كهفهم رغم تحرر البلاد وبزوغ قمر جديد ..
جميل ما كتبت وأبدعت أخي حارس..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..