|
مالحٌ في فمي الفراتُ النميرُ |
ودجىً في عيني الصباحُ المنيرُ |
خدّد القهرُ وجنتيَّ مَسيلاً |
كلما جفَّ جادَهُ المقهورُ |
وجبيناً ملوَّحاً بشقاءٍ |
خُطَّ وشمٌ في متنِهِ محفورُ |
ما أنا غيرَ هيكلٍ من رَميمٍ |
كيف يحيا ذا الهيكلُ المنخورُ |
لم يُبقِّ الزمانُ فيَّ محلاً |
من معاشٍ لدودةٍ تستميرُ |
هدّني الدهرُ مُثقلا فأنا أحـ |
ـبو على هامشٍ وأنّى المَسيرُ |
ليست الدارُ لي بدارِ مقامٍ |
فمتى ترتضي الظعينَ قبورُ |
ونجومي غارت وراء سديمٍ |
مُغطَشٍ همُّهُ الذي لا يغورُ |
ما ليومي تجهّم الصبحُ والليـ |
لُ به فهو منكرٌ ونكيرُ |
لا يكفّانِ عن سؤالي فلا يجـ |
ـري لساني ولا جواباً يحيرُ |
أبداً لا يقرُّ لي وجهُ أمرٍ |
أرتضيه ولا يقرُّ سريرُ |
خسر النومَ مَن رعا الهمَّ ليلاً |
واشتراه منه الخليُّ القريرُ |
أقطع الليلَ بالدخانِ كأني |
مرجلٌ يغتلي وماءٌ يفورُ |
مُستكنٌّ على جِمارٍ وإني |
بدخاني من رمضِها مستجيرُ |
ضامني الدهرُغربةً وشقاءً |
أينما سرتُ فالشآمُ يسيرُ |
كلما شِمتُ بارقاً كذّب الصحْـ |
ـوُ بروقي وربعُ جاري مَطيرُ |
قيل هاجِرْ لعلَّ جدَّك في غيـْ |
ـرِ مكانٍ فأين جدّي العثيرُ |
وتغرّبْتُ أضرب الأرضَ سعياً |
فكأني حيث ابتدأتُ أدورُ |
إنما طائري معي-لا تلُمْ جدّاً |
ولا رزقاً- وفوق رأسي يطيرُ |
(تعبٌ كلُّها الحياةُ فما أعْـ |
ـجبُ إلا) ممن عَراهُ سرورُ. |
. |
. |
نقطةٌ خطَّها يراعي ولم يُكْـ |
ـملْ كأنّ البيتَ الأخيرَ أخيرُ |
فهل استنفد المدادَ به أم |
خانني في وسْطِ الشَّكاةِ شعورُ |
وتأمّلتُ أسطري فإذا بي |
مستشيطٌ مما تلتْهُ السطورُ |
خاطرٌ مدَّ باصبعٍ نحوَ وجهي |
إنك اليومَ يا فتى مثبورُ |
راعني الكفرُ والجحودُ مريعٌ |
إنْ صحا من نومِ الضلالِ ضميرُ |
نفثةٌ من شيطانِ شعرٍ غَويٍّ |
كافرٍ من قبلي وبئس الكفورُ |
أيُّ غنجٍ هذا الذي ماع مني |
كعذارى ضاقت بهنَّ الخدورُ |
أشَقاءٌ فأين منك اصطبارٌ |
وبغيرِ البلاءِ كيف الصبورُ |
ولمن تشتكي الضنى؟ ألِعبدٍ |
فجميعُ الأنامِ مُضنىً فقيرُ |
أم لربٍّ تشكو له من قضاءٍ |
نازلٍ خُطَّ قبلَه مقدورُ |
أفلا تستحي من اللهِ تشكو |
هُ جَهاراً وهو الحكيمُ الخبيرُ |
أوَ تدري أين الصلاحُ بأمرٍ |
وإلى اللهِ في عُلاهُ الأمورُ |
رُبَّ شرٍّ سخِطتَهُ كان خيراً |
وإذا الخيرُ شرُّه مستطيرُ |
لو شكوتَ الحَرورَ ضِقتَ ببردٍ |
حارَ فيك الهجيرُ والزمهريرُ |
ورميضُ الصدرِ الذي تشتكي مُتـْ |
ـرَعُ كأسٍ تفيضُ منه الصدورُ |
كلُّ قلبٍ جيّاشُ همٍّ كأنّ الـ |
همَّ آيٌ إلى الحياةِ يُشيرُ |
لو صفا العيشُ لامرئٍ لابتغى |
هماً يسلّيه والهمومُ سميرُ |
كم غنيٍّ قد مَلَّ طولَ فراغٍ |
وكذا يقتضي الهمومَ شغورُ |
هاتفٌ صاحَ في سكونِ ضميري |
فصحا غافلٌ وقلبٌ خديرُ |
ودمٌ صاخبٌ بأوردتي يصْـ |
ـرخُ إني حيٌّ ففيم القبورُ |
في انتظاري أحبّةٌ سأراهم |
ربما طال موعدي المنظورُ |
إنْ يطِبْ عيشُهم فلي طيّبٌ |
يحـْـلو مذاقاً به الطعامُ المريرُ |
وإذا ماؤهم صفا راقني الشرْ |
بُ وإنْ رنَّق المياهَ غديرُ |
ومضةٌ من هداية اللهِ شعّتْ |
فانجلى عن عيني الظلامُ المُغيرُ |
وتفقّدتُ طائري فوق رأسي |
فإذا الأفْقُ باسمٌ مستنيرُ. |