صافي السجيّةِ مُسْـودٌّ به الأُفـقُ
ما ودّعَ الهمَّ حتى زارهُ الأرَقُ
صافي السجيّةِ إذ تُـبْلى سريرتُهُ
يضيقُ بالخَلْقِ ما أزرى بهمْ خُلُقُ
في كلّ مأْدُبـةٍ للعيشِ مقتَسَمٌ
إلا الفتـى.. ما لهُ من زادهمْ طبَقُ
يئِسْتُ من زمنٍ أمسى النّقاءُ بهِ
ضربَ السذاجةِ والأدرانُ تنطلـقُ...
حيقَ النديُّ بهِ من كلّ ضائقةٍ
كآخرِ الشمسِ وارى نورَها الغسَقُ
وللخبيثِ فضـاءاتٌ يجـوسُ بهـا
كفارسٍ.. وله الأسبابُ تتّسِقُ
صافي السجيّةِ..ما إنْ يرتجي طرُقاً
يبغي السلامةَ إلاّ سُـدّتِ الطّـرقُ
يستوحشُ النّاسَ ما طالَ الفسادُ بهمْ...
درْكَ الشّقاوةِ.. أوْ ذَلّـتْ لهمْ عُنقُ
ينْأى عن القومِ ما عاثوا وما اجْترحوا
منْ موبقاتٍ.. وَما ارْتادوا ..وما عشقوا
هل" أَخرِجوا آل لوطٍ" ها هنا رجعتْ..!
يستبعدُ الطّهرُ إذْ يُزري به النّـزقُ؟
وهل زهورُ الرّبى في روضها خَبثتْ؟
والشوكُ في حسّهمْ مستحْسَنٌ عبِقُ ؟
أيكْرمُ الـمرءُ ما إنْ يرتدي قُشُباً
وفي الطويـّةِ نفسٌ عافَها الخُلقُ..؟
أم أنّ للمالِ في أفواهِهمْ لُغةً
إنْ مدْبراً سكتوا .. أو مُقبلاً نطَقوا
سيشهدونَ كتاباً ناسخاً عملاً
قدْ يُبْلسونَ إذا ما ينطقُ الورَقُ..!
..صافي السجيةِ، أيّاً كانَ موطِنهُ
يستوطنُ الخيرَ.. بيـْنا الناسُ قدْ فَسقوا
ذاك الذي تزدَري بالكبرِ أعينُهـمْ
أو يضمرونَ بكيـدٍ كيفَما اتفقوا
هو النديّ فإمّـا يرهقوهُ أذىً
يهدي العبيـرَ ..كعـودِ الطيـبِ يحترقُ
وليسَ يشمتُ إنْ حلّ البلاءُ بهمْ
يرجو ..ويهتفُ أنْ رُدّوا ..إذا أَبـَقوا
يدعو لهمْ أبداً ..يرجو لهمْ رشَدا..
محذّراً من سَهَواْ ..عُقْبى الذينَ شَقُوا
يصيحُ يا ليتَ قومي يعلمونَ.. ألا
إنّ الحوادثَ كالأمواجِ تصْطفقُ
* * * * * * * * *
يا ساميَ الرّوحِ لا يغْرُرْكَ سيلُهُمو
كمْ جرَّ من زبدٍ رابٍ ..وكمْ غَرِقوا
ودَعْكَ منْ كدَرٍ قدْ غيضَ منبعُهُ
ففي السماءِ سحابٌ مثْقلٌ غدَقُ
واقنعْ بما تُعطَ...لا تبذلْ مجاملةً
أولـى لك الصّبـرُ أنْ يردي بكَ الملَقُ....
واقبض هُديتَ على جمرِ الإباءِ تَفزْ
وماءُ وجهك لا يهمي ويندلقُ
صلّى الإلهُ على منْ طابَ ذاكرُهُ
ما لاحَ منْ قمرٍ أوْ نوّرَ الشفقُ