[SIZE="5"]كتب الاستاذ /محمد أبو كشك يناقش موضوع التجربة الشعرية
قرأيت أن تلك القصيدة مساهمة في الرد
الشعر يتنفس
لا حرج على الشعر
إذا أبحر داخل أعماق
النفس البشريةْ
إن راح يقلب ما فيها
من نزعات ..وغوايات
وحوارات نفسـيةّ
أن يفتح نافـذةً للشمس
تضئ جوانبهـا السريـةّ
ويناقش كل شواردهـا ..ويعبدهـا
وينقي ما فيها من أعطاب الهمجيـةْ
ويقيم الحـد الفاصـل
بين الفوضـى والحريـّةْ
****
تختلف كثيراً دفقـات الفـكر العقليّةْ
عن إيقـاعات الشعـر الفنيـّةْ
ليست خفقـات الشـعـر
كموسيقى الطرب العرضيـةْ
إذ تحمل غايـات أسمى
وتجمع موجـات المعنى
كي تطبعهـا في أنفسـنا
لغـة تتفاعل بين العقـل
ونبض القلب .. وعمق الوجـدِ
وبالصبـوات الحسيّةْ
*****
إن الشعر يقدم
خارطةً للنفس البشريـّةْ
تعكس ما فيها من أحـلام
.. أو أوهام
أو هـزات عرضيةْ
*****
أكبر مشروعات الشعر هو الإنسان
من غـير نقاش أو برهـان
فإذا خسر الشعر فقد خسرت
كل الإنسانيـّةْ
بل تلك قضيّـةْ
لا يوجد داخل أعماق النفس البشريـةْ
أي مناطق جدليـةْ
قد يحظر فيها الشعـر
ولا محميـات شعريـّةْ
للشعر بأعماق الوجـدان
كما للطب ببنيتـنا البدنيـّةْ
مشرطـه ريشتـه الفنيـّةْ
بل يُعْـرَف فيه الوثبـات الثوريـّةْ
ما الشعـر بداعي ضـلالٍ
أو ترويج للعبثيـّةْ
إن الخلل الزاحف
بالأسلحة العصريـّةْ
يستدعي جد تدخله .. من غير رويـّةْ
*****
ولقد يتوقف نبض الشعـر
ولا يتنفس في سجن قيود فكريـّةْ
قد ضاقت واختصرت كل العالم
في نظرات فرديـّةْ
ترغب أن تجمع رحب الأفق
بحافظة شخصيـّةْ
لو هرب الشعـر
لداخل قوقعـة العصبيـّةْ
نفقـد قمـراً ..سيضئ لنا أفق المدنيـّه
****
فانزع أية أوهـــــام
قد تحجب عنك الرؤيةَ
وتأمل آفـاق الكون السحريـّةْ
قد يتفاوت حظ الناس
من الإحساسِ
فذاك يدب بعمـق الأرض
وذاك يحـلِّق بالآفـاق العلويـّةْ
والشعر يحاول
أن يجمع بين الأضـداد
يقدم منهـا صوراً حيـّةْ
أو يرسم أطواراً رمزيـّةْ
ويحاول فك طلاسم
أقفال النفس الأثريّةْ
كي تفتح ما فيها
من أسرار جمال مطويّةْ
*****
لا حـرج على الشعر
أن يرسم صوراً
كي نستخلص منها المعـنى
ونحـدد فيهـا موقعنـا
ما يمكن أن نأخذ منهـا
أو ماذا نعطيهـا منـا
لا حرج إذا راح يشـكِّل
صيغـة تركيب عناصرنـا
والأرقى منهـا و الأدنى
لا ضير إذا أخذ يسجـل
وقع وجيب خواطرنـا
أن يستقبل هزات مشاعرنـا
كي نفهم ما يخفى منهـا
ونحاوره ويحاورنا
ويردد نبض تجاوبنـا وتفاعلنـا
ويترجمنـا ويسطّرنـا
لنعيـد صياغة أسطرنـا
ويضئ الضوء الأحمر أحيـاناً
ويحـذرنـا
من صور قد تستدرجنـا
إن سقط الشعر ببـئر توجسـنا
فستسقط كل مقاصدنا
فتداعي الصورة أخطـر
من أن تغضي عنه مداركنــا
فلنكتب توكيلاً للشعر
نوقعه منّا ... كي يتحدث عنا
أو ليواجه معنا .. ما يشغلنا
[/SIZE]