انه ابو الاسود الدؤلى
فقد كانت المصاحف التى جمعت فى عهد الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه والتى امر بتوزيعها الى اقطار الاسلام خالية من النقط والشكل لان العرب اعلم الناس بخبايا لغتهم وبيان حروفها ولما كثرت الفتوحات الاسلامية اختلط اللسان الاعجمى باللسان العربى وكان الاعاجم يعسر عليهم التمييز بين الحروف للكلمات القرآنية لانها غير منقوطة ولا مشكولة فخشى امير المؤمنين ان يفضى ذلك الى اللحن فى كتاب الله تعالى وتبديل كلماته العزيزة عن مواضعها فأخذوا من الوسائل ما يكفل للقرآن حفظة من التحريف وصيانته من التصحيف
ويرجع اسباب ضبط المصاحف بالشكل الاعرابى وهو مايعرض للحرف من حركات كالضمة والفتحة والكسرة وكما جاء فى الاتقان لعلوم القرآن للامام السيوطى وماورد فى تاريخ المصحف الشريف لائمة القراءات وعلومها : يروى ان امير المؤمنين معاوية بن ابى سفيان كتب الى واليه بالبصرة يطلب عبيد الله بن زياد فلما قدم عليه كلمه معاوية فوجده يلحن فرده الى ابيه وكتب له كتابا يلومه على وقوع ابنه فى اللحن فبعث زياد الى ابى الاسود الدؤلى وكان عالما كبيرا فقيها بالعربية والنحو ولغة القرآن وحروفه وقال له ان هؤلاء الاعاجم قد افسدوا لغة الغرب فلو وضعت شيئا يصلح الناس به كلامهم ويعربون به كلام الله تعالى فأبى ابو الاسود فأمر زياد رجلا ان يجلس فى طريق ابى الاسود ويتعمد اللحن فى قراءة القرآن فقرأ الرجل من سورة التوبة (ان الله برىء من المشركين ورسوله) بجر اللام من لفظ رسوله وهى مرفوعة اى ورسوله
كذلك برىء من المشركين فاستعظم ذلك ابو الاسود وقال عز وجه الله ان يتبرأ من رسوله صلى الله عليه وسلم ثم رجع ابو الاسود الى زياد والى البصرة وقال له قد اجبتك الى ماطلبت وكان ذلك فى عهد معاوية بن ابى سفيان حيث بدأ ابو الاسود فى وضع إعراب كلمات القرآن وذلك بوضع مداد يخالف لون مداد المصحف وذلك بوضع نقطة فوق الحرف المفتوح ونقطة امام المضموم ونقطة فى اسفل المكسور وللتنوين نقطتان حتى تم الشكل المطلوب لاعراب الالفاظ ولما جاء الخليل بن احمد الذى عاش مابين 100هـ - 175هـ فى عصر الدولة العباسية اخذ نقط ابى الاسود وحور فيه بنبوغه فجعل نقط الاعجام المميزة للحروف بدلا من النقط مما يسهل على المتعلمين القراءة والكتابة دون حاجة الى لونين للمداد فاخترع الشكل المستعمل الان بأن كتب الضمة واوا صغيرة تكتب فوق الحرف والفتحة الفا والكسرة ياء والشدة رأس سين والسكون رأس فاء وهمزة القطع رأس عين حتى آلت الى الشكل المعروف الان مما ادخله علماء القراءات فى القرآن من ضبط وشكل وشىء من الاختزال والتحسين مما فيه خير وصلاح ونور لقراءة القرآن مجودا مرتلا
منقول