أحدث المشاركات
صفحة 6 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 74

الموضوع: حكاية ولد اسمه ورد - رواية في فصول

  1. #51
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    الدولة : مصر/السعودية
    العمر : 36
    المشاركات : 303
    المواضيع : 27
    الردود : 303
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    بدأت بقراءة روايتك صباح اليوم وكدت أن أنهي قراءة كل ما كتبت لولا الوقت
    وها أنا قد أنهيتها الآن
    الأحداث والسرد يدفعاني لأن أكمل القراءة وأنا متشوق للمزيد
    ربما لأن ورد يشبهني كثيرا في فترة الطفولة, إلا أني لم أبح يوما لأحد بتلك المواهب
    بل إنني كنت أكتب الأغنية في كراس الدرس ثم أتوجها باسم فنان من المشاهير كأنها له
    حتى لا يعلم رفقائي أنني من كتبها.

    أعجبني ورد جدا وأشفقت عليه كثيرا
    ربما قد أضاع حقه بسكوته واستسلامه لمن حوله

    فقط في آخر فصل تحدثت عن وحي وكلام له من الله
    فهل تقصد كلاما حقيقيا أم مجرد إحساس بالقرب من الله؟

  2. #52
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله يوسف مشاهدة المشاركة
    بدأت بقراءة روايتك صباح اليوم وكدت أن أنهي قراءة كل ما كتبت لولا الوقت
    وها أنا قد أنهيتها الآن
    الأحداث والسرد يدفعاني لأن أكمل القراءة وأنا متشوق للمزيد
    ربما لأن ورد يشبهني كثيرا في فترة الطفولة, إلا أني لم أبح يوما لأحد بتلك المواهب
    بل إنني كنت أكتب الأغنية في كراس الدرس ثم أتوجها باسم فنان من المشاهير كأنها له
    حتى لا يعلم رفقائي أنني من كتبها.

    أعجبني ورد جدا وأشفقت عليه كثيرا
    ربما قد أضاع حقه بسكوته واستسلامه لمن حوله

    فقط في آخر فصل تحدثت عن وحي وكلام له من الله
    فهل تقصد كلاما حقيقيا أم مجرد إحساس بالقرب من الله؟
    أسعدني كثيرا حضورك الأستاذ الشاعر عبد الله يوسف , وأرجو البقاء معي إلى آخر فصل في الرواية , مثير جدا ما تحدّثت عنه بخصوص مواهبك الرائعة في طفولتك , وهذا فعلا ما يُميّز رواية السير أنّها تكون قريبة من تجارب الآخرين , فكل انسان عنده ما يكتبه عن نفسه وحياته ونختلف فقط في بوحنا , أرجو أن أكون قد وفّقت في هذا البوح بما أريد أن أوصله من رسالة ربما ستكون أكثر وضوحا لاحقا . بخصوص سؤالك أخي الكريم عن آخر فصل ( وحي ) رغم أنّه موضوع شائك يختلف فيه الكثير من الناس ويتطلّب توضيحا ربما لا يتّسع المجال له , أنا أقصد بالوحي كلام الله عز وجل , أنّ الله كلّمه وليس مجرد القرب , والقرب غاية المنى . بارك الله فيك , ولك خالص تحياتي وتقديري

  3. #53
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    مكر

    مكر الإخوة الكبار بدأ برصد حركات ورد ومراقبته , وكثرة الحديث عنه والحالة الغريبة التي دخلها حسب زعمهم , وأخذوا يتحدّثون عنه للأصحاب والجيران . بدأ كلام النّاس يكثر حوله ونظرة الغرابة التي يفتعلونها عندما يرونه في الشارع , رغم خروجه القليل . وبدأ السؤال السحري الذي يُطلقونه سكان القرية عندما يريدون ادخال ضحيّتهم عالم الجنون , وهو : ما به ورد ؟ . تفاجأ مرّة حين كان يمشي في وسط البلدة بسيّارة تتبعه ببطء , اكتشف أنّهم الإخوة الكبار قد تتبّعوا خطواته منذ خروجه من البيت . نادوه فصعد معهم , وأخذ نذير ينتقد طريقة مشيته وأسلوب لباسه , وهو آخر من يمكنه التّكلّم عن الذوق واللباس لأنّه جمع بين بشاعة المنظر والجوهر , ويقول له معنّفا : هل يوجد شخص طبيعي يمشي هكذا في وسط البلدة ؟ وأعادوه إلى البيت . أخبر أخاه الأصغر سمير بما حصل معه فقال له أنّهم فعلوا معه نفس الشيء سابقا . اتّفقوا على برنامج ليُقدّموا لهما الطّعام , ورد وسمير , الغذاء من بيت أحمد والعشاء من بيت نذير مثلا , أو أسبوع من بيت وأسبوع من آخر على أساس أنّهما قريبين , والبيتان ملتصقان بالسّكن العائلي . مع بخلهما الشديد الذي لو سمع به الجاحظ لأفرد له فصلا خاصا في مصنّفه " البخلاء " فقد وجدت سجيّة ( زوجة الأخ الأكبر أحمد ) فرصتها الجيّدة في السحر , وهي تواظب عليه وعندها لوازمه , وان نقصها أي شيء أو احتاجت إلى مساعدة ستجدها قريبا عند أمّها , وحانت فرصتهما الكبيرة لما خطّطاه طويلا من مكر .

    مع بخلهما وتقتيرهما الشديد فيما يُقدّمانه من أكل , فقد كانا يمنّان ويُكثران في المن في أكثر من مناسبة , ولم يتركا شخصا قريبا أو بعيدا الّا أخبراه أنّهما يُقدّمان لهما وجبتي الغذاء والعشاء . مرّة قال نذير لسمير : لماذا لا تغسلان الأواني حين تُعيدانها , وسمير مشغول جدا بعمله المتعب ويعود إلى الدار في أحيان كثيرة في أوقات متأخّرة . وقال له مرّة صراحة : هذا كثير , لقد تعبنا من تقديم الطّعام كل يوم , يجب أن تُدبّرا أمركما بنفسيكما . ثم ما لبثوا طويلا , الإخوة الثلاثة , حتى قرّروا أخذ ورد إلى طبيب أمراض نفسية وعصبيّة , استسلم للأمر ولم يكن في حالة يستطيع فيها القرار والإختيار , خصوصا وقد ألحّوا كثيرا ورغّبوا له الأمر . وقد كانت زوجاتهم تدفعنهم إلى هذا , سجيّة عندها أخ مريض عقليّا , عقوبة ربّانيّة بما تفعله أمها في النّاس من سحر , أرادت أن تُلحق ورد به مكرا . في أول زيارة إلى الطبيب , دخلوا معه وكلّموه طويلا فيما يفعله . تفنّن نذير , وهو أكثر الإخوة حرصا على معالجة ورد عند طبيب عقلي , في سرد والصاق أغرب التّصرّفات بورد , أحيانا كثيرة يصف التّصرفات التي يفعلها هو , والشعور الذي يحس به , لأنّه شخص غير طبيعي , ومريض نفسيّا وعصبيّا , كان يسمعه كل من ينام في البيت عندما يقوم ليلا يتحدّث مع نفسه بصوت مسموع , ويُحرّك الأواني بلا سبب , ويُعيد نفس الحركة عدّة مرّات بسبب وسواسه القهري . حرصوا أشد الحرص على مواعيد الطّبيب الشهرية , وتناول الأدوية . أخذوه مرّة في الصّباح من فراشه بلباس النوم يجرجرانه في وسط البلدة , أحمد يمسك من ذراع ونذير من ذراعه الآخر , وشعره منكوش ولحيته كبيرة , بمظهر المجنون , رآه أكبر أبناء أخواته وكان متّجها إلى عمله فاندهش , وكلّمه , التفت اليه ورد حزينا . مرّة أراد أن يُدخله أحمد إلى الطبيب مع أخ زوجته سجيّة المجنون بإيعاز منها . ومرّة أراد أن يُصدر له بطاقة الأمراض العقلية , بإيعاز منها أيضا , بحجة أنّه سيستفيد من منحة الضمان الإجتماعي , حتى أشفق الطبيب وقال له وورد يسمع : لا تُخرج له هذه البطاقة وتُفسد حياته ومستقبله , حالته لا تتطلّب كل هذا , هذا مكر .

  4. #54
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    الدولة : مصر/السعودية
    العمر : 36
    المشاركات : 303
    المواضيع : 27
    الردود : 303
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد هلالى مشاهدة المشاركة
    أسعدني كثيرا حضورك الأستاذ الشاعر عبد الله يوسف , وأرجو البقاء معي إلى آخر فصل في الرواية , مثير جدا ما تحدّثت عنه بخصوص مواهبك الرائعة في طفولتك , وهذا فعلا ما يُميّز رواية السير أنّها تكون قريبة من تجارب الآخرين , فكل انسان عنده ما يكتبه عن نفسه وحياته ونختلف فقط في بوحنا , أرجو أن أكون قد وفّقت في هذا البوح بما أريد أن أوصله من رسالة ربما ستكون أكثر وضوحا لاحقا . بخصوص سؤالك أخي الكريم عن آخر فصل ( وحي ) رغم أنّه موضوع شائك يختلف فيه الكثير من الناس ويتطلّب توضيحا ربما لا يتّسع المجال له , أنا أقصد بالوحي كلام الله عز وجل , أنّ الله كلّمه وليس مجرد القرب , والقرب غاية المنى . بارك الله فيك , ولك خالص تحياتي وتقديري
    إن شاء الله متابع معك أخي الكريم
    أما بخصوص تكليم الله للبشر من أمثالنا فلا أعلم عنه إلا قول الله:" وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب
    أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء"
    لك خالص تحياتي ومودتي أخي الفاضل

  5. #55
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله يوسف مشاهدة المشاركة
    إن شاء الله متابع معك أخي الكريم
    أما بخصوص تكليم الله للبشر من أمثالنا فلا أعلم عنه إلا قول الله:" وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب
    أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء"
    لك خالص تحياتي ومودتي أخي الفاضل
    تسعدني وتشرفني متابعتك أستاذ , وأحترم رأيك , شكرا جزيلا ولك خالص تقديري واحترامي , ومودّتي

  6. #56
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    مؤامرة

    مؤامرة ادخال ورد مستشفى الأمراض العقلية خطّط لها اسماعيل , نفّذها نذير وأحمد , وباركتها الأخت الكبرى فاطمة , مع صمت وتواطؤ باقي الإخوة والأخوات الكبار . جلس الإخوة الثلاثة الكبار يخطّطون , قال لهم اسماعيل نأخذه إلى طبيب أمراض عقلية كبير في العاصمة , يتابع عنده العلاج حتى يبعثه إلى مستشفى الأمراض العقلية . حدّدوا موعدا مع الطّبيب ونظّموا الرحلة , يأخذه نذير في سيارته التي اشتراها مؤخّرا , ويرافقه أحمد مع صديق لهم , يذهبون إلى العاصمة لزيارة الطبيب ثم يتوجّهون إلى حمّامات طبيعية في أقصى مدن الشرق كانوا قد منحوا لاسماعيل في عمله رحلة عائلية فيها , فاستغل الفرصة . بعد أن ظبطوا وحدّدوا كل الأمور , توجّهوا إلى الأخت الكبرى فاطمة , استأذنوها في أخذ ورد إلى طبيب أمراض عقلية في العاصمة على أساس أنّها أكبر الإخوة والأخوات , والوالدان توفّاهم الله . أذنت لهم وقالت : لا يهم مادام أنّه طبيب وسيعالجه . جاء نذير يجري إلى البيت كعادته عندما يُكلّف بمهمة قذرة , دخل ونادى ورد , وقال له بمكر كبير : ستذهب معنا غدا إلى العاصمة , دون أن يشرح له إلى أين بالظبط ولا سبب هذا السفر المفاجيء . ورد ظن أنّه سيأخذه في رحلة سياحية من أجل التخفيف عنه وإخراجه من الكآبة التي يعاني منها والضغوط التي يعيشها , خاصّة وأنّه قد اشترى سيارة جديدة , وبعض الظن في واقعنا سذاجة وغباء . لكن سمير راودته الشكوك وقال له احذر ربما ينوون أخذك إلى مصحّة عقلية . وعندما اقترب ميعاد السّفر نصحه أن يكون فطنا و يعرف جيّدا إلى أين سيأخذوه , ربما تكون مؤامرة .

    في هذا السفر الطويل تعرّض ورد إلى شتّى أنواع الإذلال من أخيه الكبير نذير , يصرخ في وجهه ويشتمه أمام صديقه , ويتّهمه في تصرّفاته . فتح باب السيارة ليغلقه جيّدا , فصرخ في وجهه : تريد أن ترمي نفسك ؟ مع تنمّره أوصى الصّديق المرافق بحراسته , وحدّثه كثيرا عنه هامسا , ولفّق الأكاذيب أنّه خطر وينوي الهروب . حين ركنوا السيارة في زاوية من شوارع العاصمة المزدحمة ذهب نذير مسرعا إلى عيادة الطبيب تاركا ورد خلفه يتبعه , تفصله مسافة كبيرة عنه والشارع زحمة والناس كثيرة , يغيب عن نظره كثيرا وأوشك ورد أن يتيه فعلا بين الشوارع . أحسّ أنّهم يريدون التّخلّص منه بأي طريقة , فالرحلة التي خُصّصت من أجله وجد نفسه مُهمَلا فيها . الطبيب عيادته كبيرة ويُرسلون له الحالات الصّعبة , قام بفحوصات وكتب له أدوية جد خطيرة , منها دواءا يوقف نبضات القلب يستعملونه بكثرة في الإنتحار . اشتروا الدواء مباشرة وأعطوه فشرب الأقراص , بدأ يغيب عن الوعي , يتمايل في مشيته كالسكران , ولا يكاد يرى أو يعقل شيئا . ذهبوا إلى الحمامات الطبيعية في الشرق , وورد في حالة أشبه إلى النوم منها إلى اليقظة , كأنّه يرى كل ما أمامه في المنام , ومن غفلته دخل رجله في بركة ماء تغلي , فاحترق . عادوا به إلى البيت بحروق بليغة في رجله , لزم الفراش , وتكتّموا على ما أصابه كي لا يتّهمونهم أنّهم أهملوه . أول ما يشرب الدواء يقع مغشيّا عليه في غيبوبة كاملة , أحيانا يسقط أرضا عندما ينهض كي يذهب إلى الحمام , لاحظ سمير أنّه يُغمى عليه مباشرة بعد شربه الدواء , قرأ العلبة فعرف أنّه الدواء الذي يستعملونه في حالات الإنتحار , وقد تعرّف عليه في تربّصاتهم عند دراسته الطب . عندما أخبر الأخ الأكبر أحمد بهذا أصر على أن لا يُوقف الدواء وقال له : لا تعرف أنت أكثر من الطبيب . أبعد سمير هذا الدواء عن ورد , توقّف عن شربه , ولم يعد إلى الطبيب , وفشل ما دبّروه من مؤامرة .

  7. #57
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    الدولة : مصر/السعودية
    العمر : 36
    المشاركات : 303
    المواضيع : 27
    الردود : 303
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    بربك يا أخي, ما كل هذا الحقد الذي يكنّه هؤلاء الأخوة لأخيهم؟

  8. #58
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله يوسف مشاهدة المشاركة
    بربك يا أخي, ما كل هذا الحقد الذي يكنّه هؤلاء الأخوة لأخيهم؟
    نعم يحق لك أن تسأل وتتعجّب , والقادم أفظع

  9. #59
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    سوء

    سوء أدب ووقاحة شديدة أن تُرسل الأخت الكبيرة لورد وسمير ملابس أولادها الداخلية وجوارب زوجها الممزّقة , وسوء أخلاق وقلّة ذوق أن تطلب الأخت رشيدة من سمير أن يشتري الأدوية التي يكتبها لها طبيب النساء , بدلا من أن تطلب ذلك من زوجها , سوء تقدير أن يُسأل ورد فقط عن غذائه وعشائه , ماذا أكلت ؟ سوء معاملة وقلّة احترام أن تجلس أخته بجانب رأسه وتحكي له يوميّاتها وهمومها كأنّها تتكلّم مع أمّها أو أختها . وكأنّهم كانوا ينتظرون هذا الوضع , وكأنّ مشهد ورد هذا كان في مخيّلتهم وكان حلمهم , وكأنّ ما حدث لورد هو فألهم . بسبب ما يفعله هؤلاء الإخوة والأخوات زادت حالة ورد سوءا , صار لا يُغادر فراشه , وعاش مع نفسه وصمته , يكتفي في الصّلاة أن يُردّد في قلبه مع الآذان , فيُوقف صوت التلفاز , ويُردّد في صمت . مكوثه في صالة البيت والنافذة التي تقابله , نافذة الصالة الملتصقة بساحة البيت , التي تراها زهرة زوجة نذير , من نافذة غرفتها , جعل زهرة تراقبه , وتلاحظ حركاته التي يفعلها ويداوم عليها بصفة مستمرة , وفي أوقات ثابتة , كتوقيفه الصوت عند سماع الآذان , حتى البرامج التي يُتابعها , وحاولت أن تكتشف سرّه والوقوف على ما يفعله ويريد فعله . بدأت تُرسل له اشاراتا لتضليله , يُساعدها زوجها ويستعملان ابنهما البكر شديد الغباء أيوب . يناديه الطفل أيوب من نافذتهم المطلّة على البيت وعندما ينهض ورد لا يجد أحدا , ثم يسمعهم يضحكون , ترفع زهرة صوت تلفازهم في الوقت الذي يوقف فيه ورد صوت تلفازه . متعة الأخ الأكبر نذير الكبيرة في المكر , نظرا لفراغ وقته وقلّة عقله , وحاول جهده ادخال ورد عالم الجنون , يسخر منه ويغمز عليه ابنه , ويفتعل بعض القصص التي يمثلونها لإرباك تفكيره ومخيّلته حتى يفقد الثقة في سلامة عقله , وهذا أقصى ما يمكن أن يفعله المرء من سوء .

    سجيّة تبعث الغذاء بالتقتير , وكأنّه دواء وليس غذاء . وعندما تُرسل أوانيها القديمة الحقيرة ويأتي بها ابنها أو زوجها الأخ الكبير أحمد , يجب على ورد أن يأكله والّا اتّهموه أنّه يعتقد أنّهم يسحرونه فيما يُقدّمونه من أكل . يأتي أحمد بأكله مُعنّفا كأن يقول غاضبا : هاكم الأكل , ويلف على المطبخ ووسط الدار , ويقول : لماذا لا تُنظّفان ؟ ومثل هذا النوع من الكلام الذي لو قيل للمساجين لأحسّوا بامتهان الكرامة . يدخل عليه اسماعيل الذي يسكن بعيدا بلا استئذان , يفتح الباب , يُطل عليه وكأنّه ميّت , ويُلقي نظرة في الثلاجة , ثم المطبخ والحمام , ليعرف تطوّرات معيشته مع سمير باستمرار . أمّا مكر سجيّة زوجة الأخ الأكبر أحمد فهو لا يختلف عن شريرات وساحرات الأساطير , تماما كزوجة أب سندريلا مثلا . استغلّت فرصتها جيّدا , حتى ماليّا , وهي شديدة البخل والحرص على المال , فكانت تشتري للأكل من المبلغ الذي قد أخصّه زوجها , أرذل الأنواع وأقل الكميات , كي تحنفظ بباقي النقود ولو كان قليلا . وعندما تبرمج خروجا لزيارة ما , ترسل له مع ظلام الفجر , اناء عجين ( معكرونة ) بيضاء , مطبوخة في الماء فقط , لا مرق ولا حتى قطعة خبز معها . وتبقى بجانبه ينتظرها حتى موعد الغذاء . زهرة زوجة الأخ نذير , بعد طول المراقبة وكثرة التحليلات وعمق الاستنتاجات , أرادت أن تدلي بدلوها وتشارك الجميع تجربتهم في هذا الولد , كي تُبرز وجودها أيضا في العائلة . كمن يصمت دهرا وينطق كفرا , قالت لنذير زوجها : عندي الحل , وسأخبرك بالتفصيل قصة ورد , وأكشف لك سر ما به من سوء .

  10. #60
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    مهمّة

    مهمّة الكشف عن سر ورد وما به من سوء , تكفّلت بها جنّية , سخّرتها زهرة زوجة الأخ نذير , وعقدت معها صفقة عند أحد السحرة المشعوذين . تتكفّل الجنيّة بجلب أخبار ورد إلى زهرة مقابل التّمتّع به وبجسده جنسيّا . بدأت زهرة تبخّر , ويصل البخور إلى فراش ورد الذي لا يُغادره . في هذه الأثناء كان قد بدأ ورد يعيش حالة خاصّة مع نفسه , يريد أن يحافظ على ارتقائه الروحي الذي وصل إليه , وبدأت تتشكّل عنده بعض الوساوس . ينام فقط صامتا على فراشه , يقابل شاشة التلفاز , لا يتكلّم , ولا يتحرّك , حتى مصباح الصالة لا يطفئه , وجهاز التّحكم لا يُحرّكه الّا بحسابات دقيقة في تفكيره . يتفرّج صامتا , عندما يسمع الآذان يوقف صوت الجهاز ويُردّد مع المؤذّن في قلبه . يقوم يأكل وهو جالسا على فراشه في موعد الغذاء والعشاء , يؤنسه أخوه سمير الذي يُقدّم له الأكل ويُحدّثه رغم صمته وعدم تجاوبه معه . صار يخشى أن يخرج سمير ولا يعود ثانية , بتأثير وساوس غزت نفسه المتعبة , فكلما خرج سمير وأغلق باب الدّار , بمجرّد أن يسمع صوت غلق الباب القريب منه يقول في نفسه كلمة ( رحمة ) ويحرص على قولها مباشرة مع صوت غلق الباب , ويخشى ان لم يقلها لن يعود سمير مرّة أخرى , ولا يطمئن قلبه حتى يسمع صوت فتح الباب عند عودة سمير . وعندما يحين موعد النوم , ينام على شقّه الأيمن , يقرأ أذكارا مُعيّنة ويُغمض عينيه أملا في أن يفتحها في الصّباح ويكون حيّا , لأنّه بدأ يتخيّل نفسه أنّه لو أغمض عينيه ولم يقرأ هذه الأذكار سوف لن يفتحهما ثانية ويصبح ميّتا . مع غلق عينيه واطفاء نور الصالة , وأنوار الدار , بدأ يشعر بلمسات تتحسّس جسمه , تلمس شعره , تُقبّل شفتيه . ثم شعر بخيوط سرواله تفتح عقدها , ولمس مناطق حسّاسة في جسمه , حتّى يبدأ قذف المني . يتكرّر هذا كل يوم مع بداية الظلام , حتى خاف قدوم الّليل , ومع صمته الذي فرضه على نفسه , وحرج الموقف , لم يستطع البوح بهذا إلى أخيه سمير الذي يوجد احترام كبير بينهما , رغم أنّه اعتبرها أمورا خطيرة وجد مُهمّة .

    تصرّفات الجنيّة التي يبدو أنّها عشقته , تكرّرت في النّهار أيضا , بصفة كبيرة وفي أوقات كثيرة . وسبّبت احراجا كبيرا لورد , فأحيانا يكون جالسا مع سمير في الغذاء , يبدأ يقذف بغزارة ويبلّل لباسه والفراش . تتحكّم زهرة في جنيّتها الشّاذة بواسطة البخور , فيغطي البخور كل فراش ورد , وأحيانا يكون سمير متّكئا على الفراش الموازي يشاهد التلفاز . الجنيّة تتحرّك في جسم ورد حسب ما تريد , وبدأ بذكائه وفطرته النّقيّة يفهم ما يدور بينها وبين رئيستها في هذه المُهمّة زهرة . أحيانا يشعر بها في قلبه تكتشف عواطفه وأحاسيسه , وأحيانا أخرى قرب أذنه فيسمع ما يدور من حوار بينها وبين زهرة . ثم في جبهته وناصيته , عندما تريد الجنيّة أن تغوص في أعماق ذاكرته , يبدأ جبينه يتصبّب عرقا , وتبدأ أحداث ماضيه وحياته السابقة تعود أمام مخيّلته , وكأنّه يُشاهدها في شريط فيديو , ويسمع ما تقوله زهرة للجنيّة ويكون معهما زوجها نذير , عندما يُريدان نذير وزهرة التوقّف عند حادثة معيّنة يسألان الجنيّة فيتوقّف شريط الذكريات عند هذه الحادثة , ويتعرّفان على كل تفاصيلها . وجبين ورد يتصبّب عرقا , وهذا أشد ما أرهقه نفسيا وعصبيا . هكذا دخلا حياته كلها وتعرّفا على كل تفاصيلها مهمّة وغير مهمّة .

صفحة 6 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة