أحدث المشاركات
صفحة 7 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 74

الموضوع: حكاية ولد اسمه ورد - رواية في فصول

  1. #61
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    ظلام

    ظلام دامس هذا الذي دخله الولد , بعدما تكالب عليه الجميع , وزاد الوضع تفاقما ادخاله عالم الجن من طرف تصرّف ظالم وأحمق من زهرة زوجة أخيه نذير . لاحظ وجود سحلية تقابله على النافذة , تظهر في الليل وتبقى ثابتة لا تتحرّك حتىّ الفجر , عرف فيما بعد أنّها الجنيّة التي تكفّلت بمراقبته ونقل أخباره , ودخلت البلدة من جديد في حرب طائفية , جاءت شديدة هذه المرّة لم يسبق لها مثيل , استهدفوا بها كل الوطن حيث أرادو ادخاله الربيع العربي عنوة . كعادته ورد يمرض في الحروب وأيام الفتن , هذه المرة كان مريضا أصلا فزادت حالته سوءا , وتكثّف الظلام حوله . الذي يعيش هذه الفترة حالكة السواد سيعتقد أنّ فجرها لن يطلع أبدا , وأنّه يستحيل سيأتي يوم وتعود البلاد إلى حالها , ويعود الناس إلى العيش في سلام . سمير اعتنى بورد عناية خاصّة , ينهض في الصّباح باكرا يجلب له فطورا جيّدا , وفي الليل يُعد له الشواء في فناء الدار . ثم ما لبث أن فكّر الإخوة الكبار من جديد في شأن ورد وحالته , وقرّروا نقله إلى العيش في بيت أخته سعاد المطلّقة التي تعيش مع ابنيها وابنتها الصغيرة في منطقة بعيدة مهجورة في أطراف البلدة اسمها ( الشعبة السوداء ) , سميت هكذا لسواد حجارة الجبال المحيطة بها . لم يعرف سبب نقله , وقد رغّبوا الأخت سعاد بمنحها مبلغا ماليا كل شهر لمصاريف أكله . عند انتقاله معهم في سيارة نذير المشؤومة شعر بحالة استنفار قصوى من الجن . الجنية المسخّرة من طرف زهرة زوجة نذير , زعيمة على جيش من الجن الصغار , أحس بهم ورآهم كالذباب أو كحشرات صغيرة الكترونية , هكذا شبّههم , ينتقلون بسرعة بين أذنيه ويطيرون عبر نافذة السيارة بجانبه , ويسمع كلام زهرة معهم . حتى وصل إلى الدار , دخل ونام مباشرة على فراشه الجديد , وبدأ مرحلة أشد من كل سابقاتها في العيش في ظلام .

    لا ينهض من فراشه الّا إلى الحمّام , وبدأت سطوة الجن ومعركتهم . يحرّكون أواني المطبخ , يشعلون جهاز الراديو حين ينامون , ويتحرّكون حوله كالحشرات , ويسمع كلام زهرة ونذير , وإشاراتهما إلى الجنية . لاحظ أنّ أخته سعاد حين تخرج من الغرفة التي ينام فيها إلى المطبخ , تدخل من جديد , في سرعة كبيرة , وتقف أمامه طويلا . وعندما تنام سعاد , تدخل عليه بكأس الماء تضعه بجانبه . تكرّرت هذه الحركات والمشاهد الغريبة , إلى أن وصلت إلى ذروتها حين ذهبت سعاد إلى عملها صباحا . جاءته الجنية في شكل أخته سعاد , سمع حركة أواني في المطبخ , ثم دخلت عليه بصينية عليها فطور , وضعتها على الطاولة , وجلست قربه في الفراش تحاول اطعامه . بدأ الجن يتشكّلون أمامه بشخصيات أناس يعرفهم , وبدأ يسمع الجنية , أنّها معجبة بشكله وبصوته , وفهم أنّها تحاول خطفه وادخاله عالمها . صار لا ينام , يبيت ساهرا في الظلام , لا يعرف الأوقات , يغمض عينيه ولا يفتحها مخافة أن يؤذيه الجن , ودخل حالة صعبة جدا لم يكن يتخيّل أبدا أنّه سيخرج منها . بدأ الإبن الأكبر لأخته سعاد ( سيف ) , يتذمّر من وجود ورد في بيتهم , ونسي أنّه قبل فترة قليلة عاش مع كل أسرته في بيت ورد يخنقونه حتّى لا يكاد يقدر أن يُكلّم أمه أو تُكلّمه . جاء سمير ذات ليلة إلى ورد وهو ممدّدا على فراشه , وهمس له أن يجب أن تغادر وتعود إلى الدّار , ربما تكون قد أثقلت عليهم وسأعتني بك . رجع معه في تلك الليلة والمكان بعيد وناء , وعند الوصول أمام الدار أعاد سيف الأحمق المغرور سوء أدبه مع خاله سمير , أمسكه من قميصه محاولا ضربه . عاد ورد إلى فراشه ومكانه الذي مكث فيه صامتا لا يتحرّك , سنوات عديدة , في ظلام .

  2. #62
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,229
    المواضيع : 318
    الردود : 21229
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    سارت القصة في خطين مختلفين كل الإختلاف ـ وكل منهما شائك الخوض فيه
    المنحى الأول .. الارتقاء الروحي لبطلنا حتى يشعر إنه في معية الله
    ومن يكن في معية الله يهبه الله قوة مستمدة من إيمانه تختلف عن هذا الضعف
    والسلبية التي رأيناها.
    والمنحى الثاني.. هو تلبس الجن بالإنس ومعاشرته والتحكم فيه ـ ورغم إننا سمعنا
    عن حالات كثيرة بهذا المعنى ، إلا إنه يبق حديث شائك الخوض فيه.
    يتألم الإنسان أن يكون هناك نفوس تحمل هذا القدر من الشر ـ خصوصا إن الأصل طيب
    ولكن يخلق الله من العالم فاسد ، ومن الفاسد عالم
    ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    متابعة معك...
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #63
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    سارت القصة في خطين مختلفين كل الإختلاف ـ وكل منهما شائك الخوض فيه
    المنحى الأول .. الارتقاء الروحي لبطلنا حتى يشعر إنه في معية الله
    ومن يكن في معية الله يهبه الله قوة مستمدة من إيمانه تختلف عن هذا الضعف
    والسلبية التي رأيناها.
    والمنحى الثاني.. هو تلبس الجن بالإنس ومعاشرته والتحكم فيه ـ ورغم إننا سمعنا
    عن حالات كثيرة بهذا المعنى ، إلا إنه يبق حديث شائك الخوض فيه.
    يتألم الإنسان أن يكون هناك نفوس تحمل هذا القدر من الشر ـ خصوصا إن الأصل طيب
    ولكن يخلق الله من العالم فاسد ، ومن الفاسد عالم
    ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    متابعة معك...
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا جزيلا شرّفني حضورك ومتابعتك بارك الله فيك , فعلا المواضيع شائكة يصعب الخوض فيها , ومجالاتها متناقضة , كانت عبارة عن مرحلتين , مرحلة الإرتقاء الروحي أولا , ثم تكالبت عليه القوى الشيرة فدخل العالم المظلم , وفعلا ملاحظتك في محلها بالنسبة للشر مع الأصل الطيب , خالص تحياتي وتقديري

  4. #64
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    الدولة : مصر/السعودية
    العمر : 36
    المشاركات : 303
    المواضيع : 27
    الردود : 303
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    أستاذ عماد
    هل جميع أحداث القصة واقعية أم بها أحداث من خيال الكاتب؟

  5. #65
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله يوسف مشاهدة المشاركة
    أستاذ عماد
    هل جميع أحداث القصة واقعية أم بها أحداث من خيال الكاتب؟
    الأحداث كلها حقيقية أستاذ , وشكرا على المتابعة , خالص تحياتي وتقديري

  6. #66
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    فجر

    فجر الليل الطويل يولد من رحم حلكة الظلام , صوت ظل يناديه من داخل أعماق نفسه , أن انهض . صوت خافت لكنّه عنيد , يقول له : العبرة ليست في الانهزام , الهزيمة سهلة , والمنهزمون كُثُر , البطولة في الانتصار . لم يتوقّف الصوت حتّى سمعه الولد الذي أنهك جسمه وروحه عناء رحلة الظلام الطويلة , التي دامت لسنوات عديدة , حتّى اعتقد الجميع أنّه انتهى ومات . الّا الأخ الأصغر سمير , لم يفقد أبدا ثقته فيه . بقي صامدا كالجبل , متمسّكا بأرق خيط للأمل , يقول له دائما : لو اعتقد الناس جميعا أنّك انتهيت , أو فقدت عقلك , تأكّد أنّني أنا أؤمن بك وبقوّتك وارادتك . بحث ورد وفتّش عن المخرج من أزمته , قام يتلمّس في الظلام باحثا عن باب الخروج , فلم يجد الّا الله وحده , الكفيل بانقاذه . تدرّج مع نفسه , بدأ بعودته إلى الصّلاة , صلّى أول جمعة بتحدّي وشجاعة كبيرة , ثم بقي يواظب على صلاة الجمعة فقط , عدّة أسابيع , وبدأ يُصلّي كل الأوقات . اتّخذ أذكارا يتلوها بعد كل صلاة , وهي كتابين : الدعاء المستجاب , الذي فيه أدعية موزّعة على أيام الأسبوع , ودلائل الخيرات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم . استمر على تلاوة الكتابين عقب كل صلاة , مع تدوير سبحته في الصلاة على النبي والإستغفار , في نهار وليل , وبعد صلاة فجر .

    التزم بقراءة سورة البقرة كاملة بعد صلاة العصر كل يوم , يجلس في وسط الدار , ويتلوها بصوت مرتفع . أحب في تلك الأيام مشروبا حلوا , مشكّل من حليب ممزوج بعصير لوز واجاص , صار يشربه عند تلاوته السورة , مع كعك في ساحة الدار قرب الأشجار . وذات عشيّة زاره ابن بنت خاله الكبيرة المتوفية , ولم يكن يزوره أحد , جاءه مع ابنه الصغير محمد . جلسا معه في صالة الدار وقدّم لهما مشروبه الذي يحبّه , لاحظ أنّ الصغير لا يشرب , قال له : اشرب يا محمد هذا العصير , انّه حلو وسيعجبك , نظر اليه الطفل باسما وقال له : أنا أحبه لكن لا أشربه . رأى ورد في وجه الطفل كأنّ النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يُكلّمه . في رحلة بزوغ الفجر سار ورد على اشارات يتلقّاها في الطريق , تُحفّزه وترشده , وتدلّه عند كل منعطف , وظهر له شيخ الطريق صاحب الوقت الذي وصل اليه سابقا قبل أن يدخل محنته . كان يظهر له ويُكلّمه في أشكال أناس يلتقيهم في يوميّاته , ويدلّه على أمور يفعلها وأوراد يلتزم بها . تحسّنت حالة ورد كثيرا , صار يخرج ويتحرّك , وفي يوم أتاه شخص لا يعرفه , من بلاد أخرى , رقاه . مع رقيته تكلّم الجن على لسان ورد , ولم يسبق أن حدث معه هذا في رقية من قبل , وأخبره عن عدّة أسرار وخفايا تخص ماضيه وما حصل له , لقد سحروه منذ بداية شبابه , عند الثامنة عشرة أو أقل , كي لا يثبت في عمل , وهذا ما حصل له , وربط عن الزواج , مع سحر اذلال ومهانة , كي يصبح شخصا منبوذا , وضيعا وحقيرا . هذه الرقية المباركة ختمت مرحلة بزوغ الفجر , أصبح ورد طبيعيا جدا , وبدأ يتأهّب لعودته . عرف أنّ ما كان فيه ابتلاء من الله وامتحان يُحضّره لمرحلة نجاح كبرى قادمة , وقد نجح في الإمتحان , صبر وانتصر في البلاء , وعبر المحنة في سلام . كل ظلام يصنعه ليل , أكيد سيعقبه فجر .

  7. #67
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    عودة

    عودة ورد إلى عالمه الجميل جاءت سريعة ومفاجئة , في أقل من عام , عاد أفضل ممّا كان , خيّب ظنون من كادوا له , وحدث ما لم يكن في الحسبان . الذي استطاع أن يحوّل دفتر ذكريات إلى وسيلة تواصل ممتعة أيام الشباب واليفاعة , كيف سيفعل إذن مع وسائل التواصل الجديدة , ووسائط الصوت والصورة ؟ عندما قرّر أن يفتح حسابا في الفيسبوك , أراده باسمه الكامل وصورته الشخصيّة , وأن يعبّر فعلا عن شخصيّته . أخذ الأمر بجديّة منذ البداية , وقرّر العودة إلى الفنون التي يعشقها , خاصّة الرّسم , تدرّج مع نفسه في عودته , الرسم بالأقلام ثم المائي , إلى الزيتي . أخذ يرسم ويضع صور رسوماته في الفيسبوك , ليشاهد ويكتشف تفاعل الناس , ويتواصل معهم . وفتح صفحة خاصة بالكاريكاتور , يضع فيها الكاريكاتور كل يوم , عن الأحداث التي تمر محليّا ودوليّا , أو يُعبّر عن أمثال ومعاني في صميم المجتمع . لقيت رسوماته الكاريكاتورية اقبالا , ورواجا كبيرا , يحتفظ بها الشباب في هواتفهم ويتبادلونها بينهم . وعاد إلى الكتابة , تفنّن في منشوراته , وبدت جرأته واضحة , والحريّة الداخليّة التي يتمتّع بها . صالة المنزل التي شهدت أحلك الليالي صارت لياليها أنسا وبهجة , كلما أنهى لوحة زيتية يدعو صديقه المغني وعازف العود ورفاقه يصحبونه في لمساته الفنية الختامية , وينقلها على المباشر في الفيسبوك , أسماها " ليالي ورد " وتابعها الناس بإعجاب كبير . أقام حفلة عيد ميلاد في وسط الدار , في سهرة جميلة حضرها الأصدقاء ورقص فيها شباب الحي , وأحيتها فرقة موسيقية . شكّل ظاهرة , وحالة لم تحدث من قبل , اعتقد بعض الشباب المغرور أنّ نجاحه جاء فقط مع الفيسبوك , ولم يعرف أنّ تاريخه في الإبداع طويل وحافل , وهذه مجرّد عودة .

    اشتغل في رسم البورتريه للناس , بمقابل مالي بسيط , ونجح , يرسلون له صورهم عبر مسنجر الفيسبوك ويرسمها . ثم رسم على الجدران في المؤسسات التربوية , كالمدارس الإبتدائية ودور الحضانة , واشتهرت رسوماته . لم تمض الّا فترة قصيرة حتى امتلأت جدران البلدة بخطوطه البديعة وألوانه الزاهية , محلات مختلفة ومطاعم . أحبّه الناس قبل فنّه وصار مُلهما للكثيرين , أراد أن ينجح أيضا في اليوتيوب , ويمارس هوايته الدفينة في الفيديو . أول بودكاست له صوّره بالهاتف وشاركه فيه فنان كبير من وهران , وفي رمضان أنجز برنامج الفوازير , اختار موضوعا من التراث الشعبي القديم , يتحاور في كل حلقة مع فنان أو شخصية معروفة من المنطقة , يقدم معه الفزورة , وهي عبارة عن قول شعبي جسّده وعبّر عنه في رسم كاريكاتوري . نجح البرنامج الذي بثه في قناته التي افتتحها في اليوتيوب , اجتمعت على مشاهدته الأسر , وأشاد به الأعيان والأئمة في المنطقة . ومرّة حين كان يرسم على جدران ساحة مدرسة ابتدائية , دق جرس الإستراحة وخرج التلاميذ مسرعين . تأمّلهم ودارت في ذهنه فكرة , ماذا لو خرج هؤلاء التلاميذ فوجدوا نشاطا في الساحة ؟ , أنشطة ومسابقات وجوائز , فكّر في برنامج سمّاه " جرس الفسحة " صوّر أول حلقة في تلك المدرسة , ثم انتقل بين عدّة مدارس في أحياء المدينة . تلقّى ترحيبات من مفتشين تربويين , وأشاد به المعلمون ومديرو المدارس . وأعجب التلاميذ الصّغار فصاروا يكلّمونه في الشارع فرحين . تعامل معه الناس كالنجوم , يُكلّمونه المارة الذين لا يعرفهم مشيا أو من السيارات , يلتقطون معه الصور . والذي أعجبه خاصة في نجاحه في الوسائط الإجتماعية , أنّه وصل وأحبّه كل الناس , من مختلف شرائح المجتمع والمستويات , المثقف , العامل , البسيط , المرأة , الشيخ , والطفل , وحمل في قلبه الخير للناس , أراد أن ينفعهم بما عنده من رصيد ثقافي , ويسعدهم بفنّه , نظرا للتجربة الصّعبة التي مرّ بها , التي لا يتمنّاها لشخص آخر , وشكرا لله أن أخرجه من المحنة , وأعاده ومنحه أكثر ممّا أمل ورجاه , وكانت أروع عودة .

  8. #68
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    تألّق

    تألّق ورد يُصاحب إبداعه , وكأنّه على موعد مع النجاح والشهرة , بدأ نجمه يسطع ويتوهّج . كتب الرواية التي كان يحلم بكتابتها منذ كان صغيرا , " أقواس الحب والذكريات " يصف بلدته المتميّزة بالتراث ويعرض جمال تقاليدها وعاداتها في إطار قصة عاطفية اجتماعية , نشرها في حلقات قصيرة في الفيسبوك وصاحبت منشوراته صورا تُعبّر عن أحداث القصّة مثّلها مع أصدقائه , تابعها الناس بإعجاب شديد , أراد طباعتها في كتاب , وانتاجها في مسلسل وفيلم سينمائي لاحقا . التقى بصديقه الذي يعمل في الخليج من جديد عبر وسائط الأنترنت , فرح بلقائه كثيرا ودلّه على مسابقة للقصص العربية في المانيا , موضوعها قصة تحكي عن بلدة عربية , اقتطع بعض الأجزاء من روايته وشارك بها كقصة قصيرة . عاد إلى الموقع الأدبي الذي نشط فيه قديما , سجّل من جديد , وتألّق في كتابة القصص , أشاد بكتاباته أدباء عرب كبار . وعندما انطلقت مسابقة دولية أعلنها أمير خليجي في صناعة الأمل بمشاريع تخدم المجتمع العربي والشباب , شارك فيها بمشروع تشجيع الشباب على الإبداع , بادر إلى النشاطات المختلفة وأعمال الخير , وتطوّع في تزيين الشوارع , وانطلقت مسيرته بين ابداع وتألّق .

    مشاركته في مسابقة صناعة الأمل , ساعدته على التّعرّف على نجوم فن كبار , صار صديقا للكثير منهم , ورد المحبوب من طرف الناس والبسطاء , عنده قبول عند المشاهير والنجوم , سريع التعرّف عليهم ومصادقتهم . رسم اللوحات الزيتية , نقل التلفزيون أعماله , وظهر في أكثر من مناسبة , تم تكريمه في مصر في معرض فن تشكيلي دولي مثّل فيه بلده , قدّمته الصحافة المصرية بصفة الفنان الكبير , وتكلّموا عنه في التلفزيون المصري . بدأ يتّجه إلى السينما التي يحبّها منذ طفولته ولم يجد كيف يمارس هوايته لها . طموحه أخذه إلى صناعة الأفلام القصيرة , والإعداد لإنجاز مسلسلات درامية , يتعاون معه فيها فنانون كبار ونجوم , ومبدعون من مصر . دفع ملف الحصول على بطاقة فنان , وضع فيه ابداعاته القديمة وما نشرته له الصحافة من قصص وأشعار ورسومات تعبيرية وكاريكاتور في الثمانينات عندما كان يافعا , فقد احتفظ بها في سجل " أيام " . كرّموه في عدّة محافل وقدّمت له الكثير من الشهادات الشرفية والهدايا . أجرت معه جريدة كبيرة ناطقا باللغة الفرنسية حوارا مطوّلا عن انجازاته في المجالات الفنيّة ومسيرته , واختاروه في الإذاعة المحليّة الفنان الضيف في رأس السنة , يستقبلون معه العام الجديد في حوار طويل ثم بثّه على جزئين , الجزء الواحد في حدود الساعة , تكلّم عن الفن , وعن حياته وطفولته خاصة , مواهبه وابداعاته المبكّرة , وذكريات المنطقة . بدى مرحا في الحوار , خفيف الظل , اكتشف المستمعون جوانب جميلة جديدة فيه . ابداع مع بساطة وقبول , يؤدي حتما إلى توهّج وتألّق .

  9. #69
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    محاولة

    محاولة فاشلة لارباك ورد وإعادته إلى الحالة التي دخلها , وأرادوها أن تكون هي حالته الطبيعية , متناسين طفولته الذكيّة الموهوبة . أخته رشيدة ترتدي ثوب المرشدة الدينية والإجتماعية , صارت تتدخّل فيما ينشره في الفيسبوك , بتحريض من ابنتها الكبرى ملاك محامية الفقراء المتخرّجة من الجامعة المحلية , والأخت الكبرى فاطمة أيضا تتدخّل بتحريض من ابنها العزيز الذي لا يذكر ورد كيف كبر , السمين الأسود كقلبه , الذي يمنع أمه من تقديم اي شيء لورد وسمير وان كان أكلا , أيضا الأصغر صاحب الإسم الغريب صارت له كلمته , اسمه عبارة عن لقب صعب النطق ليس له أي معنى . الأخوات الكبيرات يفتقدهن ورد في عيشه وتدبير أموره لكن يجدهن سريعا أمامه يُعاتبنه على منشور في الفيسبوك . والقصة الكبيرة بدأت مع الأخت بركة حين زوّجت ابنتها آمنة , وكتب ورد منشورا صغيرا يُعبّر عن تذمّره من عرس في العائلة لا يحضره وكأنّه غريب . أوصل اليها الخبر زوج ابنتها رابحة البدوية البلهاء ذات العيون الزرقاء , وهذه ميزتها الوحيدة , والله وحده يعلم لو كانت كلها زرقاء ماذا كانت ستفعل . كلّمته بركة في صبيحة جمعة في هاتفه , وأمطرته نيران غضبها , ثم ألّبت الأخ الأكبر أحمد , فجاءه الدار صارخا مؤنّبا , وبدأت أخطر وأفشل محاولة .

    كلّمت ابنة الأخت رابحة خالها سمير , شتمته وليس له دخل في الموضوع , ثم كلّمت خالها ورد وأسمعته ألوان السباب والشتائم , كلام حقير وفاحش واهانات , لم يجبها بأية كلمة , بقي صامتا حتى أنهت سبابها وأغلق هاتفه . بعد صلاة الجمعة كلّمته أخته الكبيرة أميمة القاطنة في بلاد أخرى , عاتبته بشدّة وطلبت منه صراحة أن يوقف حسابه في الفيسبوك , ويتوقّف عن النّشر , وابناؤها يتفاخرون بعرض صور قارورات الخمر في منشورات يومياتهم . اتّحدوا جميعا وأعلنوها حربا ضد ورد , في الهاتف وفي الفيسبوك , في محاولة جاهدة لعزله واسقاطه بعد أن فاجأهم نهوضه وعودته السريعة والقويّة . قاطعوه جميعا , كبيرهم وصغيرهم . يتقابل مع أبناء اخوته أو أخواته وجها لوجه ولا يلقون له حتى السلام أو التحية , وكثيرا ما ينتظرون أن يُسلّم هو عليهم , مرة كان واقفا في وسط البلد مع سمير وجاءت الأخت الصغرى مريم مع ابنتها , همست لها : لا تكلّميهما . وفي محاولة من ورد لتلطيف الأجواء وابقاء شعرة صلة معهم , بعد كل ما فعلوه , ذهب مع سمير في عيد الفطر لزيارتهم في بيوتهم جميعا , في بيت الأخت الكبرى فاطمة لمّح ابنها الأكبر جليل لهما بأنّهما غير متزوجين وليس لهما أولادا , وعندما كانا خارجين , قال ساخرا : لماذا لم تأتيا بدراجة , في اشارة حقيرة منه أنّهما لا يملكان شيئا ولا حتى سيارة . عادت معاملتهما من طرف الجميع بعد هذه المحاولة أسوء وأكثر تجاهلا ومكابرة , ما أنبلها وما أفشلها من محاولة .

  10. #70
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    نهاية

    نهاية الظالم ذل وخيبة , ونهاية المظلوم عز وهيبة . جمال أغلق محله ولم ينجح في أي مشروع بعده , جريدة " واحة " توقّفت عن الصدور , الإذاعة المحلية لم يعد يسمعها أحد . الفتاة المتربّصة في شركة الكهرباء خرجت دون أن تشتغل , ومن كلّفها بالسحر لا زال يمارس نفاقه في المجتمع , يلتقيه ورد ويضحك في وجهه , لأنّ عقابه قد تأجّل إلى دار البقاء . الأخوات الكبيرات تجاوزن الستين والإخوة الكبار على أعتابها , فاطمة خرّفت هي وزوجها المعتوه , تحرّك يديها بحركات غريبة وتنطق كلماتا غير مفهومة , أولادها مصابون بالعقم , الكبير جليل بعد معاناة سنين طويلة أنجب طفلا مريضا , في رأسه الماء يقضي حياته في علاجه بلا أمل , الآخر سكّير ومدمن مخدّرات , والصغير صاحب الإسم الغريب طلّق مباشرة بعد زواجه , وابنتها الوحيدة المتكبّرة المغرورة تسكن بعيدا عنها لا تراها الّا نادرا . أميمة قضت حياتها مع زوج متسكّع عديم التربية والأخلاق يهينها باستمرار ويخونها , أولادها السكّرين كأبيهم عاقّين , يتلفّظون لها بأقبح الكلمات وليس لها أي حكم أو كلمة عليهم , ولا حتّى على ابنتها . بركة تزوّج عليها زوجها بعد عرس ابنتها آمنة , الذي افتعلت بسببه المشاكل , وآمنة تطلّقت , تمشي بجلباب في الشارع تحمل ابنها الرّضيع كالمتسوّلة مع إحدى أخواتها الكثيرات . الإخوة الثلاثة , عصبة الشر , خرجوا إلى التقاعد , وقعدوا في ركن منزو في وسط البلد مع أراذل القوم , للخوض في سير وأعراض الناس واجترار نفس الحديث يوميا . أحمد زوّج ابنته إلى شرطي من إحدى مداشر الشمال النائية , والأخرى متخلّفة عقليّا تشبه خالها المجنون , ابنه ( يُبرّح ) في الأعراس وتقبض أمّه أجره من النقود , الإبن الآخر أخرق موسوس , تأتيهم في كل وقت أم زوجته الساحرة بمشيتها العرجاء . اسماعيل ( سواق الهانم ) يشتغل سائق سيارة بلا أجرة , لمشاوير زوجته ومعارفها , سيارته ممتلئة بالنسوة باستمرار , مع زوجته العجوز لم ولن ينجبا . نذير وزوجته اللذان يتحكّمان في الجن لا يُمكنهما السيطرة على تربية ابنيهما الوحيدين , أو التحكّم في السجائر الإحتياطية التي يسرقانها من أبيهما الذي سيقتله التدخين يوما , ويتسكّعان مع خريجي سجون القصّر في جرائم السرقة والمخدّرات . رشيدة المرشدة الدينية والإجتماعية ابنتها الكبرى ملاك في الثلاثين ولم تتزوّج بعد وابنها الوحيد مدمن مخدّر ( الزطلة ) . سعاد زوّجت ابنها البطال سيف عنادا ومكابرة وتأتيها الإستدعاءات من المحاكم لتسديد ديونها , والصغرى مريم تعيش مكتئبة معزولة مع ابنتها ( جحود ) التي يعاكسها أحقر المشردّين في الشارع وابنها الصغير غريب الأطوار , نجت من عدّة محاولات انتحار , كأنّ الدنيا الحقيرة التي تعيشها تأبى لها مغادرة أونهاية .

    بعد حصوله على بطاقة الفنان بدأ ورد يفكّر في انشاء مؤسسة اعلامية , يُحقّق أحلامه , وينجز ما أمل فيه , يطبع كتبه وينتج أفلاما , يُفكّر في دراسة الإخراج والسيناريو في فرنسا , وانتاج أعمالا ضخمة في المستقبل , وانشاء مؤسسة للأعمال الخيرية باسم والدته ( خاتم ) وأبيه ( الخير ) صدقة جارية لهما . سمير سيكمل دراسة الطب في فرنسا , أو يُغيّر ويدخل المجال الفني مع ورد . يتزوّجان ويسافران , يلفّان الدنيا ويعيشان أسعد حياة , سمير ينجب ولدا يسميه ورد , أمّا ورد فسيسمّي ولده اسما جميلا لم ولن يخطر على بال انسان , فهذه هوايته وموهبته . مع آخر ورقة في البوم ذكرياته وصل إلى الدار . عندما دخل وجد رسالة تنتظره , دعوة من مذيعة التلفزيون المتألّقة دنيا تستضيفه في برنامجها " ذكريات " تلتقي فيه ألمع نجوم الفن , الرواد والجدد المتميّزين , في حوار تلفزيوني في القناة الرسمية , على المباشر , يقف فيها ورد عند محطّات حياته المهمّة من بداية إلى نهاية .

    تمت

صفحة 7 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة