كانت هذه الكلمات وليدة التوغّل في بوح يعبق بالعمق للمبدع : محمّد مثقال خَضّور
بعنوان : خُرافة على الطّريق
توغِلُ المسافاتُ عميقًا في ثنايا الذّاكرة، تلتقطُ مِن باكورةِ أرواحِنا بعضَ الفاكهةِ،
لتزيّنَ بها مائدةَ السّفرِ.
أعمارُنا رحلَةٌ واهِيَةُ الخيوطِ، يضجُّ عنكبوتُها منَ ارتِطامِ فِكْرَةٍ هَجينَةٍ بِنَسْجِهِ.
يَسْتَلُّنا مِنْ وَعْيِنا الغِيابُ، ليَزرعَ الوعودَ في ترابِنا، على غفلةٍ من يَبابِ الصَّدى.
تَضاريسُنا سُنْبُلَةٌ، وَقَمْحُ تفاصيلِها، يَسّاقطُ شيئًا فشيئًا، على بَيْدرِ الأمنياتِ،
تلمُّ نسائمُ التّوقِ بعْضَه، وتبقى البقيَّةُ، طعامًا لِسِرْبِ طُيورِ القَدَرِ.
شهيّةٌ عَذاباتُنا، حين يقضِمُها يومُنا، كتُفّاحَةٍ يُصارِعُ أحْمَرها شَمْسَ أحلامِنا.
قَريبٌ هو المَوتُ مِنّا، بَعيدٌ على القُرْبِ، رغْمَ التخبّطِ ما بَيْنَ أرواحنا والسّكينَةِ،
فضلعُ المسافاتِ قاصِرٌ، وحبُّ التّرابِ الّذي مِنْهُ جِئْنا، تَجذَّرَ في قعْرِ أشواقِنا لاحتِضانِ النَّدى.
سائِحٌ أنتَ يا كَوْكَبي، بَينَ أنقاضِ فَلَكٍ يَتيم.
تُلَمْلِمُ أقمارَهُ في يَدَيْكَ, تُغربِلَها مرّتين، لتنظِمها سلسلةً تُزيّن عُنُقَ المَدى.
ما بين عُمقِ التوغّلِ في مكنونِ ذاتِهِ، وروعةِ التخبّطِ في أناهُ المسافِرَةِ ما بين ماضيها وحاضِرِها،
كان لا بدّ للنّزفِ مِن رحلةٍ تَتَبعثَرُ بين أصابِعِها التّفاصيلُ.