|
يا أنتَ لا تقفُ الشِّفاهَ سماءَ |
للأرض مئذنةٌ تكونُ رداءَ |
خلِّ العراءَ بدمنةٍ خَرساءَ |
وأنخ بأرضكَ كِسوةً ونداءَ |
وأصخْ إليكَ رهافةً بيضاءَ |
ما كنتَ إلا غيمةً وطفاءَ |
وإذا تمرُّ على النَّثير رُواءَ |
أورقتَ أنتَ مسافةً خضراءَ |
. |
. |
لا تغفُ أعتابا ولا أبوابا |
الخيلُ واقفةٌ .. إليكَ كتابا |
ضَوئيَّةٌ لا تلمسُ الأسبابا |
إلا إذا ما كانتِ الأنسابا |
أنسيبُها يرقى بكَ الأنخابا |
أمْ سكبُها أملى عليكَ ثيابا |
أم قلبُها وترٌ يشقُّ غيابا |
لتكونَ لحنا .. ذائبا مُنسابا ؟ |
. |
. |
كمْ وقفة تشتارُها أوقاتا |
والسَّفحُ فوضى يَسترقُّ ثباتا |
حتَّى إذا حيٌّ أتى أمواتا |
قيلَ انتبهتَ إلى القُدوم حياةَ ؟ |
تعدُو إلى نظم يكونُ شتاتا |
نجمًا لعلَّ به تكونُ فراتا |
شجرٌ تحركَ بغتةً وفواتا |
تعدُو به. هلْ تملكُ المرآةَ ؟ |
. |
. |
لا تسألنَّ عن الرؤى أبراجا |
اصعدْ وإلا فانزلنْ أدراجا |
إنَّ السِّوى يتأبَّطُ الأحراجا |
لا زيتَ حتَّى توقدنَّ سراجا |
لا ترحلنَّ زجاجةً ومزاجا |
قبلَ الرحيل إليكَ إذ تتناجى |
تهتاجُ أنتَ وتعتلي أمواجا |
أرأيتَ ذا جبلا وذا مِنهاجا ؟ |
. |
. |
أبحرتَ لمحا غاديا روَّاحا |
بين الزُّجاجةِ والمدى أرواحا |
تطفو على أمدائها لوَّاحا |
وإذا رسبتَ همى الشذيُّ نواحا |
زبدٌ سترفوه هناكَ جناحا |
خذكَ الجناحَ رويَّةً وجماحا |
ضُمَّ التناثرَ واتَّسقْ ألواحا |
واخرقْ فأنتَ تضمُّها ورياحا |
,. |
. |
أتريدُ أنْ تغفو؟ يفحُّ زنادا |
ليلٌ إلى ليل وقد يتمادى |
ينداحُ أرصفةً تلحُّ عنادا |
أن تنجلي، منْ ومضةٍ، أجسادا |
جسدٌ يطيرُ بحدسِه آمادا |
ويفرُّ، ملتبسًا إليكَ، مهادا |
منْ وهلةٍ أولى يَمرُّ سوادا |
في وهلةٍ أولى يَخرُّ عمادا |
. |
. |
وإذا تمادَى طائرًا يتوارى |
جسدٌ به كانَ الجدارُ جدارا |
مَن بعده سيقبِّلُ الأحجارا |
ويقولُ كنتُ لها أنا .. أسفارا ؟ |
فاقرأ، أقولُ له، ترَ الأقمارا |
ترعاكَ ليلا .. باذخا يتجارى |
وعليكَ ألقتْ ثوبَها أخبارا |
مسحورةً .. مبهورةً .. أعذارا |
. |
. |
أعذلتَها وسألتَها إحرازا ؟ |
ما ليسَ معناكَ القديمُ مجازا ؟ |
معناكَ ترسله هناك جوازا |
للواقفاتِ على الكلام ركازا |
اسبكْ مقالا يرتبكْ إلغازا |
ما همَّها .. أعذلتَها إيعازا |
كيْ ترتدي كلماتُها إيجازا |
والنَّخلُ خاويةٌ بها أعجازا ؟ |
. |
. |
ما هَمَّ. نافرةً تهشُّ كناسا |
وتبشُّ نائرةً به أقباسا |
وترشُّ، حائرةً، هنا أنفاسا |
فمن الذي يتأولُ الأقداسا ؟ |
ماذا تأولَ سافرٌ إحساسا |
وكناسُها لا يُرتأى إبلاسا |
اتركْ مقالتها تُردكَ لباسا |
واسلكْ إلى ليل بها مقياسا |
. |
. |
ماذا تمثَّلَ صاحبي فأحاطا |
بحَديقةٍ .. حينَ استرقَّ رباطا ؟ |
ماذا تمثَّلَ هدأةً ونشاطا ؟ |
فأتى حديقتَه .. يمدُّ بساطا ؟ |
أسَقى المكانَ مسافةً ونقاطا |
أمْ أنَّه لفَّ المكانَ قماطا ؟ |
أولادةٌ أولى تخُبُّ صراطا |
وإذا تمطَّى .. كانتِ الأقراطا ؟ |
. |
. |
جسدٌ تكوَّنَ وارتآكَ قناعا |
حتَّى تكونَ لبيته مِصراعا |
لكنَّما وزنٌ هوى فأضاعا |
بقصيدةٍ عنوانَها وأذاعا |
جسدٌ يُقفِّي بالرَّويِّ مشاعا |
بين الكلام صحيفةً ويراعا |
ما للغريبِ يؤمُّه .. ملتاعا |
ويزمُّه لمُصرِّعين ضياعا ؟ |
. |
. |
ما للغريبِ إذا بكَى أليافا |
كانتْ هنا .. فتحولتْ أطيافا |
وتجولتْ مسبيَّةً أصدافا |
والبحرُ نامَ بحضنها أطرافا |
كانَ الغريبُ لبحره مجدافا |
والبحرُ نامَ إذا أتمَّ قطافا |
ماذا قطفتَ إليك إمَّا وافى |
ذاكَ الغريبُ مُعدّلا أوصافا ؟ |
. |
. |
ها غربةٌ أخرى تشذُّ وثاقا |
عتباتُها كانتْ له أنفاقا |
عرباتُها لا تستتِبُّ سياقا |
وتشبُّ محوًا كاتبا أنساقا |
كمفازةٍ بيضاءَ لا تتلاقى |
عذلا ولا تستنهضُ الأشواقا |
هذا البياضُ يمدُّها أحداقا |
وبها التَّردُّدُ قابضٌ أعناقا |
. |
. |
كحكايةٍ خنْساءَ لا تتباكى |
إلا تملَّكَها القذى أشواكا |
أذكيتَ أقباءً تضجُّ هلاكا |
وترجُّ أشياءً تعدُّ شباكا |
قولٌ: سآوي عصمةً ومِلاكا |
والماءُ يلهثُ مزبدًا فتَّاكا |
قولٌ: فهذا الموجُ كانَ حراكا |
من أينَ تبتدئُ البكاءَ فكاكا ؟ |
. |
. |
كمْ تقرعَنَّ البابَ. ما يتعالى |
من نشوةٍ .. تشتارُه أحوالا |
أبدلتَ لاسمكَ حلةً وسؤالا |
لكنَّه اسمكَ .. رحلةً تتوالى |
كمْ ترجعنَّ حقيقةً وخيالا |
من بئركَ الأولى تهمُّ حبالا |
والبئرُ ناظرةٌ بكَ الأشكالا |
في مائها تتمثلُ الأمثالا |
. |
. |
مثلٌ من الشِّعر القديم نظاما |
ماذا يقولُ بداءةً وختاما ؟ |
كنَّا نلاحقه .. وكانَ حماما |
ماذا نقولُ: أكان، ثمَّ كلاما ؟ |
كنَّا إلى مثلٍ نرى الآحلاما |
في شعْرنا العربيِّ والأوهاما |
حتَّى الغرام إذا أهلَّ ضراما |
كنَّا إلى قيس .. نشفُّ غراما |
. |
. |
كنَّا نفُضُّ كلامَنا الوسنانا |
منْ ألفِ ليلته همى ألوانا |
نتخيَّرُ المعنى لنا أكوانا |
فتحار شرفتنا، هنا، هذيانا |
كنَّا أرقنا حُبسةً وبيانا |
والليلُ يجلسُ، بيننا، ظمآنا |
كنَّا أرقنا للجليس دنانا |
فازَّاورتْ شمسٌ بنا إمكانا |
. |
. |
كنَّا أفقنا نرقبُ الأشباها |
متوجِّسين يُسافرون جباها |
ما بين تاريخ إذا يتماهى |
منْ حيثما تاريخُهم يتناهى |
قولٌ: ففيمَ نُرتِّبُ الأمواها |
منْ بعدِ خفقتها فليسَ تضاهى ؟ |
قالوا: تأملنا الكلامَ شفاها |
حتَّى أخذنا .. وجهةً ومتاها |
. |
. |
كنَّا هناكَ مَراوحًا ومرايا |
فلنا الهبوبُ فراشةً وشظايا |
وهُنا أكنَّا .. لوحةً وبقايا |
منْ ريحنا أمْ دوحةً وثنايا ؟ |
لسنا هُنا إلا الزَّمانَ مطايا |
نعدُو بنا فإذا المكانُ حنايا |
وإذا الجَنانُ طبيعةً وطوايا |
يُلوي بأثوابٍ تجنُّ صبايا |