|
عَجَباً بناتُ الدهْرِ لاطمَ أضْلعي |
ودَمَي عَزَاها باكِياً معْ أدْمعي |
في شامِنا تُهماتُها و شكيّةٌ |
مُتبدّعٌ بِدْعَ الأذى بتفجّعِ |
إنّي ... حنانُ العُربِ مُرْضِعتي بَلغْ |
تُ وفطْمُها يا شامَنا لمْ ينْفعِ |
وشغافُ قلْبي قد هتكْتُ سُتورَهُ |
ودموعُ عيْني ساترٌ بتمنّعِ |
إنْ سالَ شِعْرٌ فالدموعُ سوابِقٌ |
وطبيعَتي وجْدٌ بغيْرِ تصنّع |
إنّي وإنْ وَهَنَتْ عِظامُ قصيْدتي |
فالطفلُ في أحْشائها لمْ يوْضعِ |
يبْكي "دمشقَ" و"حمصَ" مُذْ نَزَلَتْ بِها |
أحقادُ أرْضٍ كاشحاتُ المطْلعِ |
ويَرَى السماءَ خَبا سَنا أنواءِها |
مُذ حَلّ ب "الشهباءِ" نازلُ بلْقعِ 1 |
ليْلي وصالَ نهارهِ ببُكاً مَعي |
والشِّعرُ جاءَ ينوحُ شامَ الأرْبعِ |
فابيضّ منهُ شَعرهُ وعيونُهُ |
فارْمي قميصكِ للنديمِ المُجْزعِ |
لله دُرّكِ عَفّةَ الروحِ الندَى |
إنْ بانَ سِترٌ طرْتِ لمْ تتقشّعِ |
لو كلَّ دارٍ دارَ فيها غيْرُها |
لمَضَى جميعُ الإنْسِ شامَ الموْضِعِ |
ما لي أراكِ اليومَ عابِسةَ الخُطى |
ودمٌ عَلا زهْرَ الدُنى بمُتضوِّعِ |
فكَرِهْتُ طَلْعَ البدْرِ إنَّ طلوعَهُ |
يسْترْجعُ الشامَ الّتي لمْ ترْجِعِ |
وحمائمٌ حوْلي تنوحُ معي وفي |
شامٍ حوائمُ ليلةٍ لمْ تهْجَعِ |
وسوادُ حُزْني قدْ أحاطَ فما أرى |
إلّا بياضَ غرابِ بيْنٍ أبْقعِ |
كَفّي على كَفّي وحوْقلةً فَمي |
فتركْتُها كَفّي تَفُتُّ بيْرمَعِ 2 |
يا ويْحَ نفْسي لمْ أطأْ أرضَ المَها |
لكنْ أرَى في الشامِ قِبْلةَ مَصْرعي |
وأرَى النساءَ عجِافَ حُسنٍ إذ بَدا |
الحُسنُ للعشّاق شامَ المنْبعِ |
ضَنَتِ الدموعُ بأخْتِها حتّى ضَنىً |
بَلغَ العيونَ وبعْضُ دمْعي لمْ يعِ |
جمْرُ الغَضَا كَبَدي وفي قلْبي لَظَىً |
الشمْسُ جذْوتُها وإنْ لمْ تسْطعِ |
وعَلَا على النفْسِ الجَريحةِ دُمَّلٌ |
وخُراجُهُ تيْهٌ ولسْتُ ب "يوْشع" |
لوْ عادَني طبٌّ بماءٍ زمْزمٍ |
لسَقَى حَجِيجاً حولَ سنِّ المِبْضَعِ |
فَعَلوْتُ قافِيَتي أدُقُّ حروفَها |
بدموعِ غُربَتِها تهيمُ بمخْدعي |
ما رقَّ لي سُهْدٌ ولا ليْلٌ دنا |
إلا تُزاحِمُني جَوىً في مضْجَعي |
ما رفَّ لي طرْفٌ ولا ظلٌّ أتَى |
إلّا رأيتُ خيالَها يمْشي مَعي |
إنْ تُهْتُ في أرْضٍ رواسِمُ دمْعِها |
بانتْ كإحداثيّتي في مَرْجعي |
وضياعُ بوْصَلَتي لأنّ مَجالَها |
يتنافرُ العبراتِ حين تودّعي |
فكأنّ روْحي زوْجتي وشفعْتِ لي |
في وصلِها ما دُمْتِ دُبْلةَ إصْبَعي |
ولقدْ أنِفْتُ سلامَ أهْلكِ إذ أرَى |
نفْسي بنجْدتِهم قصيرَ الأذْرُعِ |