كان ماهرٌ تاجراً ثرياً وبخيلاً جداً ، متزوج وله أربعة من الأبناء والبنات ، ذات يوم رأى في الحلم أنه يذهب إلى الصحراء ويجد واحة جميلة ، وفي هذه الواحة توجد نخلة عالية جداً ، وقام بالبحث والحفر حول النخلة فوجد جرة مليئة بالذهب ، تكرر هذا الحلم كثيراً ، فأخذ ماهر يفكر به ويقول لنفسه لربما كان مناماً وليس حلماً ، ربما إن ذهبت إلى الواحة أجد هذه الجرة حقاً ، ثم قرر أن يتحقق من الحلم بنفسه ، وبدأ يخطط لرحلته إلى الصحراء ، فسأل دليلاً كم يستغرق ذهابه إلى الصحراء و وصوله إلى الواحة ؟ فأجابه الدليل : تحتاج إلى أشهر طويلة قد تصل إلى عام كامل ذهابك وعودتك ، جلس يفكر ماهر في أمر متجره كيف سيغلقه مدة عام ؟ فهو لا يُؤمن لأي شخص ليفتحه بدلاً منه ، ثم قال سأبيعه وأشترط على من يشتريه أن يعيده لي عندما أعود ، سأبيع حماري هذا وأشتري لي جملاً يحمل أمتعتي وطعامي وشرابي ، فهو يتحمل أجواء الصحراء ، وسآخذ معي كل نقودي ، فإن تركتها في المنزل ربما تقوم زوجتي والأولاد بإنفاقها خلال سفري ، ذهب إلى المنزل وقال لزوجته : سأذهب إلى الصحراء وقد يطول سفري لذلك قمت ببيع متجري وحماري واشتريت جملاً ، وسآخذ النقود معي وسأترك لكم اثنا عشر ديناراً ، تصرفون كل شهر ديناراً حتى أعود إليكم ، بدأت رحلته وكان لا يأكل ولا يشرب إلا عندما يشعر بالجوع والعطش الشديد، وكلما مرّ على أناس أخذ من عندهم طعاماً وشراباً حتى وصل الصحراء القاحلة الواسعة ، أياماً وليالياً طويلة قضاها ماهر في الصحراء حتى وصل إلى الواحة ، ثم أخذ يبحث عن النخلة التي عليها علامة كما رآها في الحلم ، بحث وبحث فوجدها ، وأخذ يرقص ويغني من الفرح ، وبدأ بالحفر حول النخلة لأمتار طويلة ، وأخيراً وجد الجرة التي رآها في الحلم ، أخرجها والدنيا لا تسعه من السعادة والابتسامة ترتسم على وجهه بالخط العريض ، فتح ماهر الجرة وهو مغمض عينيه ويتخيل ما بداخلها ، ثم نظر إليها ، يا للدهشة ما هذا ! رأيتها ذهباً لا رمالاً ، أخذ يخرج في الرمال وفجأة إذْ بيده تمسك شيئاً ، قال في نفسه ربما كانت هذه خريطة الكنز ، أخرج الورقة وفتحها وكان مكتوب فيها هذه كنز من لا كنز له ، اختصرت تجربتي في الحياة بهذا الكنز وهو عشر حكم تساعدك في الحياة وهي : -
الأولى : كن في الدنيا كعابر سبيل .
الثانية : كما تدين تدان .
الثالثة : افعل الخير وارمِ في البحر .
الرابعة : لا يأس مع الحياة ، ولا حياة مع اليأس .
الخامسة : ما ضاقت إلا فرجت فقط قليل من الصبر مع قليل من الأمل والتفاؤل .
السادسة : إياك والظلم فإن دعوة المظلوم مستجابة .
السابعة : لسانك حصانك إن صنته صانك ، وإن أهنته أهانك .
الثامنة : من وجد الله فماذا فقد ، ومن فقد الله ماذا وجد ؟
التاسعة : الزم الذكر وكن من قوافل الذاكرين لتفوز في الدنيا والآخرة .
العاشرة : ارسم الابتسامة والسعادة على وجوه الآخرين لتعش سعيداً .
مزق ماهر الورقة وأخذ يبكي ويقول : أهذا كل ما هو موجود ، أين الكنز والذهب ؟ ومن شدة غضبه أخذ يحفر حول الشجر والنخل في الواحة حتى سقط من كثرة التعب ، وقرر أن يعود إلى عائلته وأن يسترجع متجره ، وفي طريق العودة وقبل أن يخرج من الصحراء وجده قطاع الطرق فهددوه وأخذوا منه الجمل بما حمل ، ولم يتركوا له شيء ، صرخ وقال لصوص أعيدوا لي أموالي ، وسار على قدميه في الصحراء وهو يهذي بأمواله التي سرقت ، حتى فقد وعيه في أطراف الصحراء ، فوجده فارساً كان ذاهباً للصيد ، وأخذه معه إلى منزله واهتم به وأطعمه حتى استعاد وعيه وقال لهم قصته ، فأعطوه فرساً جميلة كي يعود بها إلى عائلته ، وعندما وصل البلدة ذهب إلى التاجر الذي اشترى متجره وعرض عليه أن يأخذ الفرس ويعيد له المتجر ، رفض التاجر ذلك وقال له : لقد دفعت لك أموالاً كثيرة أكثر من ثمن هذه الفرس ، عندما تكون معك تعال وخذ متجرك ، بدأ ماهر بالبكاء والصراخ ويقول بصوتٍ عالٍ : ماهر خاسر ، ماهر خاسر ، أعماه الطمع وأضاعه البخل .