ادهم صبري رجل مخابرات مصري في الخامسة والثلاثين من عمره ويرمز له بالرمز (ن ـ1) حرف النون يعني انه فئة نادرة والرقم واحد يعني انه الأول من نوعه، هذا لان ادهم صبري رجل من نوع خاص، فهو يجيد استخدام جميع أنواع الأسلحة بالإضافة الى إجادته التامة لست لغات حية وبراعته الفائقة في التنكر، حتى اجمع الكل على انه من المستحيل، أن يجيد رجل في سن ادهم صبري كل هذه المهارات واستحق عن جدارة لقب «رجل المستحيل».
ادهم صبري، أو رجل المستحيل هو الشخصية الخيالية التي ابتكرها كاتب الروايات البوليسية المصري الدكتور نبيل فاروق لينافس بها شخصيات عالمية مشهورة في هذا المجال.. مثل شيرلوك هولمز، وتان تان، وسوبر مان، وجميس بوند، وباتمان.
وادهم صبري أيضا هو واحد من ضمن عدة شخصيات خيالية عدة كتبت لتوجه الى الأطفال لخلق بطل قومي لهم يستطيع خلق حالة من الانتماء لديهم، خاصة ان هذه الشخصيات تحارب أعداء يتعلقون في الغالب بالصراع العربي الإسرائيلي، أو بأجهزة مخابرات معادية.
وحسب الإحصائيات فان روايات الدكتور نبيل فاروق المتعددة بلغت مبيعاتها مليونين ونصف المليون نسخة، وهو رقم لم يصل إليه كاتب عربي من قبل، لكن مع كل هذا هل نستطيع أن نقول أن هناك شخصية بطل خارق لدى الأطفال العرب؟، في ظن نبيل فاروق فالأبطال الخارقون العرب موجودون، ولكن ليس بالقدر الكافي، لكنه يفرق بين البطل الخارق الذي يمتلك قدرات لا يمكن أن يمتلكها غيره، وبين البطل الخيالي الذي يمتلك قدرات تفوق قدرات البشر العادي لكن من الممكن أن يصل إليها البشر.
ويقول نبيل فاروق: نحن شعب حاف إذا لم يكن ما نكتبه يتوافق مع الواقع نهاجمه، حتى نشعر الكاتب انه أذنب لأنه اخترع شخصية مثل هذه مع أهميتها في صنع حالة من الانتماء لدي الشباب العربي.
ولا ينكر فاروق أن هناك خيالا لدى الكتاب العرب، لكنه يؤكد انه يوجد في المقابل حالة من الجفاف الذهني تجعلنا نرفض بشكل هستيري أي شيء يخرجنا من الواقع كما أن النقاد لا يتركون شيئا لا يهاجمونه. هم فقط يريدون العلاقة الدرامية في الإطار الاجتماعي والسياسي فحسب، وأي شئ يخالف هذا فهم يشنون عليه حربا شعواء، وهو في اعتقاد فاروق ما يحدد ميلاد شخصيات جديدة. في الوقت الذي المح فيه الى صعوبة خلق شخصية تعيش في الوجدان الشعبي.
نبيل فاروق الذي اصدر عددا كبيرا من الروايات تفوق الخمسمائة تتنوع بين الخيال العلمي والبوليسي وأدب المخابرات في سلاسل تحمل أسماء «رجل المستحيل، ملف المستقبل، كوكتيل 2000، بانوراما، زووم، فارس الأندلس، رجل المستقبل» حققت معظمها رواجا كبيرا، خاصة وأنها تطبع في حجم كتيب الجيب ليسهل على الشباب حملها، يرى ان الروايات البوليسية العربية اكثر إيقاعا من مثيلتها الأجنبية ويقول «عندما اقرأ الأجنبية اشعر بالملل واشعر ببطء الإيقاع» لكنه يري أن السينما الأميركية وتقنياتها المذهلة ساعدت هذه الأشياء على البروز والظهور في العالم كله.
عرض في رمضان الماضي على شاشات الفضائيات العربية مسلسل مخابراتي بعنوان «العميل 1001» للدكتور نبيل فاروق، ورغم أن المسلسل لم ينجح مثل رواياته إلا انه يقول «أنا كتبت الموضوع بشكل مختلف، ولا يوجد كاتب يرضى عن عمله حين يحول الى دراما، فالمخرج له رأي والممثل له رأي، والمنتج أيضا.
حالة الجفاف الفكري الموجودة في العالم العربي حدت في رأي نبيل فاروق دون صنع فيلم عن شخصيته الشهيرة «ادهم صبري» ويقول «تأكد إننا لو صنعنا الفيلم سيتم مهاجمته، وسيتهمونه بأنه تقليد للأميركي، مع انهم يقبلون الأفلام الأميركية، وكأن البطولة قاصرة فقط علي هذه البقعة من العالم» وأضاف في مرارة «نحن لدينا ديناصورات لا بد أن تنقرض» انه يقصد النقاد طبعا.
ومع أن نبيل فاروق يقدم شخصية تاريخية تحمل اسم «فارس الأندلس» إلا انه يرى أن الشخصيات التاريخية مثل خالد بن الوليد يصبح من الصعب اعتبارها شخصيات خيالية لان الكاتب إذا كتب عنها سيكون ملتزما بإطار تاريخي، وهذا هو الفارق بين المؤرخ الذي يلتزم بالحقائق والأديب الذي يتزاوج مع الحقائق.
المشكلة الأكبر في المجلات العربية والتي فشلت في صناعة «بطل خارق» إننا في العالم العربي ـ الكلام هنا لنبيل فاروق ـ لم نصنع مجلة أطفال صحيحة حتي لحظة حوارنا هذه، وتحكمنا دائما مجموعة من الهواجس الكثيرة مثل أن البطولة الفردية ممنوعة مع أننا نقرأها من الأجانب.
نبيل فاروق الذي كتب لفترة مغامرات شخصية باسم بطل مجلة باسم يقول «مشكلة المجلات أننا نريدها أن ترضي الكبار، ولا نأخذ في اهتمامنا أهمية أن ترضي الصغار وهم من نتوجه إليهم، كما أن المجلات عند نشأتها يلجأ المسؤولون عنها الى البحث عن كبار الكتاب ليكتبوا فيها مع أن هذا ليس صحيا، فنجيب محفوظ لو كتب للاطفال قد يفشل».
مشكلة أخرى تتعلق بأبطال المجلات تطرحها الدكتورة زينب العسال رئيس تحرير كتاب قطر الندى، نائب ورئيس تحرير مجلة قطر الندي، حيث تقول أن مشكلة قطر الندى ان الشخصية كانت تغيب ثم تعود للظهور، ورسمها وكتبها اكثر من كاتب ورسام، وكل رسام يرسمها وفقا لرؤيته الشخصية، فمرة تكون شخصية خيالية ومرة تكون شخصية تراثية، ومرة تكون لفتاة عصرية، وهذا ليس عيبا في الشخصية ولكنه لن يخلق منها بطلة يكبر الأطفال معها وتظل في وجدانهم.
الكسل والاستسهال أحد أسباب عدم وجود بطل خارق عربي في رأي زينب وتقول: نحن نترجم ونرى أن ذلك اسهل لنا من الكتابة مع أن هناك شخصيات عربية تراثية كثيرة، تصلح كأبطال خارقين مثل سندباد، والذي حوله الغرب الي فيلم ومسلسل، ولدينا علي الزبيق، والأميرة ذات الهمة، والظاهر بيبرس والشاطر حسن، وكلها موجودة في تاريخنا وأضاف لها الضمير الجمعي أساطير وجعلها خارقة، وهم موجودون في حياتنا وفي تاريخنا لكن لم نقدمهم في الدراما نتيجة لضعف في الإمكانيات، وحتى عندما تقدم شخصية يتم ذلك بشكل غير لائق، لا يحب الأطفال أن يروها على الشاشة مشيرة الى إحدى الشخصيات الناجحة وهي شخصية سندباد والتي كان هناك مجلة باسمها خصيصا في منتصف القرن الماضي وكان يرسمها الفنان الراحل حسين بيكار ويكتبها محمد سعيد العريان.
وتتصور زينب أن صناعة البطل أصبحت صعبة الآن، ولا بد أن تمر سنوات حتى يقوم الوجدان الشعبي لدى الأطفال بتركيب هذا البطل، غير انها ترى أن ذلك يلزمه أيضا اللجوء الى وسائط أخرى بخلاف الورق مثل الفيديو والسينما والتلفزيون، لكن لا توجد إمكانيات تساعد على ذلك ملحمة الي وجود شخصية تتشكل الآن وهي شخصية بكار التي ولدت منذ عشر سنوات ويحبها الأطفال العرب. ولا ترى زينب أن التراث والشخصيات التراثية تحد من الخيال الذي يجب على الكاتب الاعتماد عليه، فشخصية مثل عنترة بن شداد على الكاتب أن يضيف إليها ولا بد أن يقدمها بطريقة يحبها الطفل لكننا في رأيها نحب الاستسهال. فنكتفي بهذه الشخصيات بحكاياتها التاريخية ولا نفكر حتي في حالة ايجاد شخصية في كيفية نشر هذه الشخصية على مستوى الأطفال العرب، كما تغيب عن الكتاب العرب روح العمل الجماعي، فشخصية مثل سوبر مان يقوم بكتابتها اكثر من شخص ويرسمها اكثر من شخص، وهناك من يدرس أبعادها النفسية والاجتماعية والسياسية.
كاتب الأطفال محمود قاسم ورئيس تحرير كتاب الهلال للأولاد والبنات قدم 750 حلقة إذاعية لبطل اسمه حب حب، ولذا فهو يرى أن الأبطال الخارقين موجودون في العالم العربي، وقال: هناك شخصية ادهم صبري والأطفال يعرفونها جيدا ويحبونها، وربما لا يعرفها الكبار لأنهم لا يتابعونها.
ويضيف هناك شخصيات خارقة كثيرة في الأدب العربي مثل سندباد وقديما كانت هناك شخصية حافظ نجيب اللص الظريف على غرار ارسين لوبين، وهذه شخصيات يبتكرها الأطفال بحبهم لها، وليست لشخصيات هي التي توجد لهم وتفرض عليهم كما يحدث الآن. ويقول قاسم إن كل بطل للأطفال يأخذ من رصيد الشعب الذي ابتكره فسوبرمان يحمل تقاليد وعادات شعبه، وهو بطل أميركي ينقذ أميركا، وتان تان ينقذ فرنسا، والناس في فرنسا يحبونه جميعا ويحبون كلبه وشخصية حب حب التي ابتكرتها هي شخصية عربية تناضل من اجل القضايا العربية ومعه صقر يرمز للحضارة العربية.
ويعتقد قاسم أن التراث والقصص التراثية والاعتماد على وجودها يحد من تدفق الخيال، لان أسماء الشخصيات التراثية معروفة سلفا ومعروف ما فعلته، وبالتالي يكون التحرك الابداعي في إطار ضيق.
* الأبطال الجبابرة.. محاولة متواضعة لمحاكاة الغرب > تناولت وسائل إعلام غربية بنوع من الاحتفاء «أي كي كوميكس» كدار عربية لنشر سلسلة مغامرات مصورة لشخصيات خارقة عربية، هم زين وجليل وراكان وآية. الأبطال رسموا بالمعايير الأميركية، ولكل منهم قصة فريدة وقوى خارقة. وقد أسست «أي كي كوميكس» في مصر عام 2002 وقد نالت قدرا كبيرا من الاهتمام الإعلامي، وبحسب القائمين على الدار فإن الشخصيات الخارقة هي نتاج سنوات طويلة من التفكير والتصميم، والأمل هو في أن تصل هذه الشخصيات للعالمية.. وقد تم تصدير نسخ من المجلات المصورة لعدد من الدول الغربية بالفعل.