مدنٌ منكَّسةٌ على راياتها
....
[شاهد]:***
«وكان صاحبي مُبلِّغًا:
يُصنِّفُ الدموعَ - عادةً - بِحارًا يائسةْ...
يُحذِّرُ الجموعَ: سوف تستطيلُ اليابسةْ...
ولم يكُنْ مُبالِغًا؛
إذ قالَ إنَّ حفنةَ الدم التي يَملِكُها
قد تجرفُ الطوفانَ نفسه إليها والوجوه العابسة
ولم يزلْ رفاقه يصافحون عند رأسه القبورَ وهْي جالسةْ».
صمتَ الزمانَ وقال عُذرًا!
قال انتظرني ثم أَنْظرني ليومٍ لا يَفرُّ المرءُ فيهِ من أبيه وأُمِّه
في شَتْوَةٍ ضاق المحيطُ بغيمِه، فانقضَّ فَجْرًا..
كانتْ شواطئُ حُلمنا العاري تُزفزِفُ تحتَ قصفِ البرقِ، تَرْقيني الحبيبةُ:
[هل لرقيةٍ عاشقٍ أن تستردَّ الرُّوحَ من مَلَكٍ قضاها، هل رضاها أو تَسخُّطُها سيُبدي أو يُعيدُ اليومَ أمرًا؟]
قال اقرإِ السَّربَ الـمُهاجرَ واحفرِ الأخدودَ
إنَّ الطفلَ خادعَ قاتليه وصارَ حُرًّا!!!
اعتادَ أن يتزلزلَ الجبلُ الأشمُّ لصوتهِ؛
إذ يستغيثُ اللهَ سرًّا...
واعتادَ أن ينقضَّ ماءٌ من هناكَ ومن هُنا
يمشي على الماءِ الفتى يختالُ، والغرقى إلى القاع السحيقِ هَلُمَّ تَتْرَى..
قال: استفزَّ الجُندَ أنْ يأتوا بكلِّ الناس للميدانِ،
ثمَّ اغتاب مولانا الأميرَ،
وقال: إنَّ العرشَ قبرٌ منذ صار الحقُّ كفرًا..
قال اقرإ اتَّهمِ الْتَهِمْني باسمِ ناموسِ الهدايةِ؛
لا تزال مسافةٌ تختال بينَ السجنِ والميزانِ،
بينَ براثنِ الولدِ الـمُشاغبِ والجرانيتِ المعلَّق في الثريَّا.
إن يكنْ سحرٌ فإنَّ منَ الخنا السَّامي لَسحرًا..
قال اقرإ الميدان إنَّ الحشدَ دانٍ من قيامته،
وإنَّ على دَمي أن يُثبتَ اليومَ انتمائي للهراء،
وما الهراءُ سوى صفوفٍ في العراءِ تموتُ غَدرًا...
قال اقرإ الصُّبحَ المعلَّقَ في المواقيتِ التي قد لا تجيءُ،
وقد تجيءُ ونحنُ في الصالونِ نشتاءُ البطولةَ
والبطولةُ قُبلةُ الأفعى -
وهلْ في الموتِ فرقٌ بينَ مَن سيموتُ بالسمِّ الزعاف،
ومن يموتُ اليومَ صَبرًا؟!
قال انزعِ القوسَ الأخيرةَ وارمِ قلبي سَمِّيَنْ بالله ربِّي
بوِّإِ السهمَ الـمُحيَّرَ في فؤادي مُستقرًّا
قُمْ واصنعِ الفوضى وأوغل في الحروفِ
لعلَّ في الغايات شِعْرًا،
ولعلَّ فيه حكايةً بلهاءَ عن مُدنٍ مُنكَّسةٍ على راياتها،
ونساؤها يخرجن من شبقٍ إلى شبقٍ،
ويُدنين الكئوسَ من النُّهودِ فلا ترى في الناس عِربيدًا يصُولُ،
ولا ترى في الحانِ سُكرًا..
يستنفرُ الوطنَ السرادقُ كي يسيرَ
إلى عزاءٍ مُقنعٍ؛
فيقول وهو مُغاضِبٌ:
دع لي أقرِّرْ أينَ أَنصبُ أعظُمي!
فَلكلِّ ساحاتي ضُلوعٌ في الهوانِ،
ولي مهادنةٌ مع الحمقى
وإنِّي اليوم مُستاءٌ ولا أُخفيكَ سرًا!!
***