بياضُ اللِّحى فيهِ كلُّ عجيبْ
وكل غريبٍ وليدُ المشيبْ
تباعدُ قربٍ وقربُ ابتعادٍ
وأنَّاتُ وجدي لقلبي وَجيبْ
بياضُ الذوائبِ مني دليلٌ
على وصل شيبٍ وهجرِ حبيبْ
متى يدنُ مني المشيبُ اشتياقاً
يقلِّبْ غرامي انقلاب المغيبْ
إذا المرءُ أسعدَهُ الوصلُ يوماً
فلا بدَّ يلقى سنين النحيبْ
كأنَّ اللياليَ ردَّتْ ديوناً
إذ استبدلتْ جدبَنا بالقليبْ
قِفي ودِّعيْ كلَّ سعدٍ تولَّى
أيا روحَ شعري بكفٍّ خضيبْ
ولا تكِليني لقلبي ودُنياً
فهاتيك تُردي وهذا يخيبْ
وما العيشُ إلاَّ سحابة صيفٍ
تذوبُ من الريحِ أنَّى تصيبْ
وقفتُ على شاطئ العيشِ أَرنو
لصنَّارة الموتِ طُعمٌ غريبْ
هو الحبُّ في شَصِّ هذي الحياةِ
نغصُّ به بعد بلع الحبيبْ
بلَعتُ حبيبي وقد يبلعنِّي
فمُ القرشِ لقمَتُهُ لا تخيبْ
كذا الحبُّ نأتي ونحيا ونمضي
ولم نملأِ القلبَ مما يطيبْ!؟
سوى ذكرياتٍ فلا شيء باقٍ
من الأمسِ، ما بالديار عَرِيبْ
كأن الربيعَ على رَبع سلمى
تلوُّنُ ثوبِ العروس القشيبْ
تشقُّ الحشائشَ ريحُ شمالٍ
كما انشقَّ عن وجهِ سَلمى السبيبْ
حِصانٌ جموحٌ طوى الأرض طيًّا
على أرضها صورةٌ لا تغيبْ
أرى الحبَّ شوطاً يطيبُ بقلبي
وأشواطُ أخرى كنارِ اللهيبْ
فلا الدمعُ بردٌ على نار وجدٍ
ولا الذكر شهدٌ بثغر الحبيبْ