طوبى...رموها بحصى الإذلال إذ قالوا عنها ينقصها العقل والإدراك، ورشقوها بطمي الكلام لمّا وصفوها بالعاطفيّة المهراق، وشحّوا بالثّناء لمّا طُلب منهم تعداد جميل الصّفات والخصال، ثمّ أغدقوا بالوصف، وفاضت دلاء الإطراء فيما يخصّ الإغواء، وغالوا بالتّحليق في سماء جمال الخَّلق من سحر العيون، وهيف القدود، وحرير الشّعور..
نسوا الفلّاحة التي روت الأرض بعرق جهدها كي تطعم أفواها ما عرفت للّقمة يدا غير يدها، فكانت سيّدة الحقل وربّة البيت.. وتناسوا الأمّ التي أنبتت براعم الحياة، وأضاءت قناديل المثابرة في وجه صغارها، ونسجت أوشحة الحبّ مدفئة بها أكتاف عوزهم، مشعلة مواقد حبّ الحياة في أفئدتهم، مطفئة جمرات كرههم لصعوباتها، ومحتجزة لهم بطاقات دعوات تحقيق أحلامهم.
اختصروا في الحديث عن المناضلة، مَن لفّت أساور المجد على معاصم العزّ والصّمود في وجه رياح الغدر وعواصف الاقتلاع...
أيّتها المرأة الصّامدة صمود الزّيتون في وجه عاتيات الأزمان، طوبى لك كلّما لاح غصن، أو مرّ نسَم يداعب خدّ مثابرتك وحرصك على حياة كريمة تفرشين فيها الطّرق بسجّاد عزمك، وتلوّحين براية الشّرف وحسن العمل، لا تأبهين لمن يقيمون الحواجز معترضين سيرك، ومحيكين لك المكائد بغرض طمسك، تواصلين اللّيل بالنّهار حريصة على تنشئة أفراد يبنون مجتمعا راغبا في التّطوّر، حالما بالتّنوّر، مساهما في التّقدّم والتّطور.
طوبى لكِ امرأة تقتحمين ميادين العلم والعمل غير مخلّة بمبادئ الأخلاق والقيم، تتبوئين المناصب الرّفيعة، تبحثين وتكدّين وتساهمين ببناء حياة رغيدة، تحملين حقائب الهمّ الخاصّ والعامّ، وتواصلين حثّ ذاتك على التّوكؤ على عصا الإصرار والثّبات، وتبثّين روح العزم والمثابرة في أعماق الآخرين والأخريات!
وطوبى لكَ رجلا مساندا حاضنا للطّموحات، ومساهما في فتح الطّريق لتحقيق الأمانيّ ..
طوبى لك أخا وأبا وزوجا ماسحا رشح الجسد تعبًا، ومرمّما شرخ النّفس إرهاقا، وداعما خطوات ارتقاء سلّم النّجاح انتشاءً!
طوبى لكما..