|
رُحْمَاكَ قَلْبِي فَقَدْ أَرْهَقْتَنَا وَجَعَا |
كَفَاكَ نَزْفًا وَإِلا قَدْ نَذُوبُ مَعَا |
القَهْرُ يَلْفَحُ بالأَنْفَاسِ صَدْرَ صَدَى |
وَالنَّهْرُ يُلْهِبُ فِي الإِحْسَاسِ مَا انْدَلَعَا |
وَاسَى الأَنِيْنُ جِرَاحِي فَاشْتَكَتْ بِدَمٍ |
وَزِدْتَ فِيهَا فَمَا أَبْقَيْتَ مُتَّسَعَا |
مَا عُدْتُ أَسْطِيعُ مِنْ كَظْمٍ وَمِنْ جَلَدٍ |
مَا عَادَ يُجْدِي حَدِيثُ الصَّمْتِ مَنْ سَمِعَا |
بَعْضِي يُفَتِّشُ عَنْ بَعْضِي فَأَفْقِدُنِي |
كَطِفْلِ قَلْبٍ بِفَقْدِ الأُمِّ قَدْ فُجِعَا |
تَحْمَرُّ عَيْنِي إِذَا اللَيْلُ البَهِيمُ سَجَا |
مِنْ تُرَّهَاتٍ تُثِيرُ الغَيْظَ وَالنَّزَعَا |
صَبْرًا؟ يَقُولُونَ صَبْرِي شَهْقَةٌ شَرِقَتْ |
مِنْ شَأْفَةِ الصَّمْتِ تَحْكِي دَعَّةً وَدُعَا |
يَحُضُّنِي البَأْسُ لا يَعْنُو لِقَيْدِ يَدِي |
وَيَقْطَعُ اليَأْسُ أَوْصَالَ الْمُنَى قِطَعَا |
كَأنَّنِي وَالشُّمُوخَ الْحُرَّ فِي سَفَرٍ |
نَحْوَ النُّجُومِ العَوَالِي ثُمَّ قِيلَ قَعَا |
رِفْقًا فَفِي ثَائِرِ الوُجْدَانِ عَاصِفَةٌ |
تَكَادُ تَهْدِمُ بِالأَحْزَانِ مَا انْصَدَعَا |
لَئِنْ تَأَلَّمْتَ مِنْ رَوْعِ المُدَى أَسَفًا |
فَقَدْ تَنَعَّمْتَ فِي ضَوْعِ المَدَى مُتَعَا |
إِلَى مَتَى وَسِنِيْنُ الذُّلِّ مُتْرِعَةٌ |
كَأْسَ التَّخَاذُلِ لِلْحُرِّ الذِي جَرَعَا |
أَنَّى نَظَرْتُ فَخُذْلانٌ وَمَنْقَصَةٌ |
وَإِنْ أَصَخْتُ فَرَجْعٌ مِنْهُمَا رَجَعَا |
الطَيْرُ تَأْكُلُ خُبْزَ الرَّأْسِ مَا فَتِئَتْ |
وَالْخَمْرَ يَعْصِرُ مَنْ أَوْعَى لِمَنْ جَمَعَا |
وَالعَادِيَاتُ عَلَى الأَوْطَانِ مُسْرَجَةٌ |
وَالْمُوْرِيَاتُ إِلَى الأَقْدَاحِ غِرْنَ مَعَا |
وَالاتِّبَاعُ لِحَبْلِ الشَّرِّ مُتَّصِلٌ |
وَالاعْتِصَامُ بِحَبْلِ الْخَالِقِ انْقَطَعَا |
مَا زَالَ مِنِّي لِسَانُ الشِّعْرِ مُنْعَقِدًا |
حَتَّى يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ بِمَا وَقَعَا |
بَغْدَادُ قَلْعَةُ مَأْمُونٍ وَمُعْتَصِمٍ |
كَيْفَ اسْتَبَاحَ حِمَاهَا الرِّجْسُ ثُمَّ نَعَى |
فِي لَيْلَةٍ أَظْلَمَتْ قَدْ خَانَهَا نَفَرٌ |
فَأَسْفَرَ الصُّبْحُ يَبْكِي غَدْرَهُمْ جَزَعَا |
دَارَ السَّلامِ أَبَيْتِ الذُّلَّ كَيْفَ مَضَى |
تَارِيخُ بَابِلَ وَالإِسْلامِ وَاقْتُلِعَا |
مَنْ هَؤُلاءِ الذِّينَ امْتَدَّ سَاعِدُهُمْ |
لِيَنْهَبَ الْمَجْدَ والآثَارَ وَالْمَنَعَا |
أَهُمْ رِجَالُكِ مَنْ لِلْفَخْرِ نَخْوَتُهُمْ |
أَمِ اللُصُوصُ وَمَنْ لِلسُّحْتِ قَدْ هَزَعَا |
بَغْدَادُ إِنَّ جِرَاحَ القَلْبِ نَازِفَةٌ |
وَالْحُزْنُ مِنْ لَيْلَةِ الأَحْدَاثِ مَا هَجَعَا |
أَرَاعَكِ القَوْمُ أَنَّ الغَدْرَ طَبْعُهُمُ |
أَمْ هَالَكِ الأَمْرُ أَنَّ الْجُلَّ قَدْ خَنَعَا |
جَاسَتُ عُلُوْجُ الرَّدَى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ |
شَرًّا تَأَبَّطَ في أَحْقَادِهِ الطَّمَعَا |
وَالْمُرْجِفُونَ دُعَاةُ الذُّلِّ تَتْبَعُهُمْ |
لَبِئْسَ مَنْ وَافَقَ البَاغِي وَمَنْ تَبِعَا |
إِلَي فِلِسْطَينَ لَمْ تَرْكَبْ عَزَائِمُهُمْ |
إِلا الْجُحُودَ إِذَا دَاعِي الجِهَادِ دَعَا |
القُدْسُ دَنَّسَهَا بِالفُجْرِ مُغْتَصِبٌ |
وَالتِّينُ قُتِّلَ وَالزَّيْتُونُ قَدْ قُلِعَا |
وَلِلْحَرَائِرِ فِي أَوْطَانِنَا ثَكَلٌ |
وَلِلطُّفُولَةِ بُؤْسٌ يُورِثُ الْهَلَعَا |
وَالغَاصِبُ الغِرُّ لا يَخْشَى بَوَائِقَهُ |
وَيمْنَعُ الغِرَّ عَنْ بَغْيٍ إِذَا رُدِعَا |
وَاحَسْرَتَاهُ وَقَدْ بَاتَتْ مَرَافِئُنَا |
سَيْفًا بِخَاصِرَةِ الأَوْطَانِ قَدْ زُرِعَا |
مَا انْفَكَّ يَرْتَعُ فِي أَعْرَاضِهَا رِمَمٌ |
وَلا يَثُورُ لَهَا بِالسَّيفِ مَنْ رَتَعَا |
يَا أُمَّةً أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ دَاعِيَةً |
لِلْحَقِّ ، إِنَّ سَبِيلَ الْحَقِّ قَدْ قُمِعَا |
وَيَا لَذِيذَ الأَمَانِي وَالْمُنَى دَعَةٌ |
بَابُ الكَرَامَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ قَرَعَا |
هُوَ العِتَابُ لِمَنْ لِلْعِزِّ نَخْوَتُهُ |
لَيْسَ العِتَابُ لِمَنْ فِي طَبْعِهِ نَزَعَا |
دَعْ عَنْكَ دُنْيَا التَّلَهِّي صَفْوُهَا كَدَرٌ |
وَرَشْفَةٌ مِنْ لَمَاهَا العَذْبِ كَمْ خَدَعَا |
لا يَخْدَعَنَّكَ ضَرْعٌ دَرَّ مِنْ جَنَفٍ |
فَلَيْسَ يَسْمنُ مَهْزُولٌ بِمَا رَضَعَا |
دِنْ بِالوَفَاء لِمَا كُلِّفْتَ مُبْتَدِرًا |
وَكُنْ مَعَ الحَقِّ وَالإِحْسَانِ حَيْثُ سَعَى |
وَلُمْ قُصُورَكَ إِنِّي لائِمِي أَبَدًا |
لَنْ يَقْبَلَ اللهُ حَتَّى تُخْلِصَ الوَرَعَا |
أَمَانَةُ اللهِ تَسْطِيعُ الأَدَاءَ لَهَا |
إِذَا التَزَمْتَ بِمَا أَوْصَى وَمَا شَرَعَا |
لا تَيْأَسَنَّ أَخَ الإِسْلامِ مِنْ حَرَجٍ |
لا يَسْلُفُ الضِّيْقُ إِلا يُخْلِفُ الوَسَعَا |
هُوَ ابْتِلاءٌ وَتَمْحِيصٌ لِمَنْ صَبَرُوا |
غَيْمًا تَرَاكَمَ فِي الآفَاقِ وَانْقَشَعَا |
وَالنَّصْرُ وَعْدٌ مِنَ الدَّيَّانِ إِنْ صَدَقَتْ |
مِنَّا النُّفُوسُ فَيَا بُشْرَى مَنِ اتَّبَعَا |