عادت مجددا لتقول أنها ليست سعيدة هذا لا يعني بالضبط أنها تعيسة هذا يعني فقط أنها دخلت مرحلة الحياد..تدرك أنه لا أحد يسأل عنها ..هي ليست حاقدة على أحد
تكتب بشكل متقطع تكتب بشكل عشوائي... ربما هي مشوشة
تقول أنها محظوظة البارحة رمى أحدهم طوب طيطوارة * الحجرة جاوزت رأسها بسنتيمترات..اليوم أيضا كانت محظوظةوضعت اﻹبريق على النار ونسيته تماما ..
عندما خرجت لشراء نسكافيه وبسكويت الشوكلاه قابلت ابنة صديقتها٬ بدا وجهها كالخريطة تحججت بالكرة الطائرة تقنيا يستحيل أن تخربشها كرة٬ ثمة أوقات يبدو فيها الكذب واجبا مقدسا على قول لابيش
طبختْ البدنجان حتى صار أسودا أسود من كل أفكارها...حصلتْ أخيرا على شقة في الطابق الرابع هربت من مطرقة النجار و تواجه اﻵن شمكارة المقهى.
لا شيء هنا سوى العيون المبحلقة ....ودت لو تركلهم لو تشتمهم لكنهاتراجعت عن أفكارها مخافة أن تخدش حياء الجدران
ليس في نيتها شيء ...عادتْ ﺇلى أريكتها السوداء التصقت بها احتضنت الوسادة الصفراء٬ تلتهمها الوساوس تتقب صدرها
أمسكتْ الريموت كنترول أطبقت عليها مخافة أن تهرب .... يوم أخر تهدره أمام الشاشة..صوت المذيع ...سبعة جرحى و قتيلان
صوت الوزير ...ﺈننا نعمل جنبا ﺈلى جنب ..
الطبيب يتفصد عرقا ...الكوليرا تنتشر....منظمة ﺈرهابية
المونولوج نفسه..كل شيء معد سلفا معد بعناية للتشويش عليها...تشرب القهوة وتلعن العالم ....كشمكارة راس الدرب تماما لا ينقصها سوى كأس شاي منعنع وغليون كيف لم تعد تنصت لأحد..لا أحد يستحق
ألقت نظرة سريعة على دفتر ملاحظاتها .. رقم هاتف سناء06015..... وعبارة لنيتشه (لا تحدق طويلا في الهاوية حتى لا تنظر ﺈليك و تنفذ فيك)**
رسمت دائرة وسط دائرة أكبر وسط دائرة دوائر مغلقة ... خط مستقيم يلف عنقها ويكسره
و خط متعرج يأخذها ﺇلى شفير الهاوية وقعت اسمها على هامش الصفحة على الهامش مكانها...
تبصم بالعشرة أن هذه الدوائر لها.. تخصها وحدها..تضغط على الريموت كنترول تقتنص مشاهد عابرة أغنية كيتي بيري ..فيلم هندي لديبكا بادوكان .. برامج ثرثرة... برامج طبخ .. صابون و شامبو وألات غسيل تضغط وتضغط أشياء كثيرة
تغفو أمام الشاشة تصحو مفزوعة كادت تصرخ بل فعلت٬ حلمتْ مجددا بذلك المسخ الذي يطاردها٬ كانت تمد يدها طالبة النجدة تشدها الأيادي أيادي كثيرة على رأسها على عنقها أسفل ظهرها ٬ على بطنها ثم تتقاذفها كالكرة تۡعيدها ﺈليه. يجدبها من شعرها يمرغ وجهها في الطين٬ طعم التراب الجاف في حلقها ٬يَرتعش جسدها تبحث عن شيء ما... تئن تَصرخ لا صوت يصدر عنها٬ لا أحد يسمعها٬ تريد اﻹستيقاظ و تعجز٬ ينقض عليها يَركلها تحاول الانزلاق الهرب محاولاتها مكشوفة٬ يسحق رأسهابحافره يحيله سائلا لزجا٬ تنزف كل سوائلها تسيل ببطء تندفع فو ق التراب تتسرب ﺈلى الشقوق الجافة
...............تَجلس ثم تَقف تدور حول نفسها دورة كاملة تذهب وتجيء تحملق في السقف٬ ترفع رجلاها تمدهما ﺈلى الأعلى رأسها على السجاد جدعها على الجدارتحاول التوازن تضع كفوفها على الأرض تحرك ساقها في الفراغ ...انها اليوغا تقول في نفسها .. ربما الزومبا .. أو الايروبيك ...انها لاشيء ..
تعود لسريريها و تتكور داخله تضع يدها تحت رأسها و تشد الغطاء٬ تۡغطي رأسها ٬ ترقد على ظهرها على بطنها في كل الوضعيات٬ الباعوض يستأنف رحلته الإستكشافية لجسدها يَرتشف ما تيسر له من دمها يۡصفي حساباتهِ القديمة معها٬ تترائ لها خراطيمه الصغيرة مغروسة في عروقها تۡباغت ﺈحداها بضربة طائشة –الحظ لا اسم له* - تلصق جسدها الصغير بالجدار٬ يخرج السائل المائع من بطنهاالسائل يۡكو٘ن بۡقعةحمراء صغيرة على الحائط بقعة هي مثواها الأخير سائل هو مجموع أعضاءها المتكومة فوق بعض
وَدت لو تجمع أحشائها من جديد أن تلحم أنسجتها لو تشكلها باعوضة جديدة ثم تۡعاود ضربها كالكريكت أو البيسبول ترتد وترتد وترتد ﺈلى ما لانهاية تشعر بنشوة النصر٬نصر يعيد لها اعتبارها..كم هي قاسية في تفكيرها ..العالم قاس أيضا
تحك وجهها ساقها تحك رقبتها٬ أسفل جبهتها الباعوض ينخر جلدها يغرف من دمها٬ تدهن وجهها بزيت الغليسرين و الزيت العود * تزفر بحنق.. تسبح في بركة من الزيت
معاركها مع الباعوض اعتيادية جدا تنتهي دوما بخسارتها خسارات لاتعد ولا تحصى٬ كلما مضى يوم كلما أدركت صلابة عدوها في أخر معركة جمعت بينهما رشة واحدة من مبيد الحشرات وحَملوها للمستشفى٬ اختنقت شيئًا فشيئًا سعلت فَتحتْ فمها عن اخره٬ لا شيء يدخل صدرهاو لا تخرج ﺈلا الكحة ٬ الجفاف يحرق رئتها٬ غَطستْ في نوبة سعال ٬ في المستشفى ربوطها بأنابيبِ الأوكسجين ٬ الأنبوب يضخ غازه ﺈلى جسمها عاد لها نبضها٬ كان الأوكسجين البارد يدخل أنفها يسري في حنجرتها تشعر به يدور في رأسها ينشردبيب النمل داخلها ﺈعادة الحياة كانت تَستلزم أن يزيل الممرض تنورتها و يحقنها أعلى عضلتها .... تشجر اﻹحراج داخلها غطت ما تبقي منها التنورة لا تكاد تسترها..نسيت أن تلبس ملابسها الداخلية ربما يسخر منها الان الممرض هناك أو ربما يحكي قصتها لزميلته السمراء يخبرها عن المرأة التي نسيت ارتداء ملابسها الداخلية
كانَ من عاداتها في طفولتها في ليال الصيف الحارة أن تَنام عارية٬ تنزلق بجسدها الصغير العاري تحت اﻹيزار* و تغمض عينيها تقول أنها لا تطيق الحر
في أحيان أخرى كانت تفرغ قارورة الماء على اللعبانة* البيضاء ثم تنام في فراش مبلول ٬ تتسلل الرطوبة ﺈلى أظلاعها وتسري.
كانت منهمكة بقتل الباعوض تتربص به تمارس تفاهاتها الاعتيادية ٬ عندما رن صوت الهاتف الرتيب نفسه رسالة جديدة على الواتس− اب ٬ تجهل مرسلها رسالة تحمل تحية لا أكثر٬ تجتاحها موجة من الأفكار حول مصدر الرسالة٬ تتوه في الافتراضات .البارحة في منتصف الليل رن هاتفها جاءها صوته صوت دافئ .
- حكيمة ...واش حكيمة الزاكورية؟
- لا أخويا النمرة غالط
- سامحي لي أختي صدعتك
- ما كاين باس
يتلكأ ثم يتنهد تنتبه لصوت الهواء الخارج من صدر مخاطبها قَطعتْ الخط ٬أنهت مشواره عند هذا الحد٬ كانت على يقين أن ﺈحداهن أوقعت به كما تفعل مريم غالبا ساورتها رغبة في الضحك ..في القنص يصير الرجال حمقى٬ زوار الليل من طينته كۡثر تستطيع أن تحصيهم اﻵن٬ الرجل الذي باغتها ذات ليلة بلهجة وقحة
أنا جن ﺈلي يضرب أمك... كاد يغمى عليها من الخوف الرجل الذي غازلها عنوة متخيلا أنها حبيبته حليمة
المرأة التي سألتها عن ابنتها سمية
الثمل الذي أفرغ جوفه في رأسها حدثها عن كل شيء كومة من القصص و من الوجوه لا تعرفهم
على أغاني أم كلثوم أخبرها عن تحصيله الجامعي٬ على أنغام سيرة الحب سرد لها افتراءت زوجة أخيه٬ و على الأطلال بكى أمه٬ وضعها داخل ﺈطار مشتت ثم اختفى
...........
ﺈنها السابعة صباحا
أشعلتْ عود الند ..عطر يواكب مزاجها ..ليست من هواة البخور على أية حال.. لملمت حاجياتها فوطة سروال قميص و أشياء أخرى٬ دلفت للدش صفعها الماء الباردعدلت حرارته ثم أغمضتْ عينيها٬ قطرات الماء تنساب بخفة فوق فروة رأسها٬ ثم تَزحف عابرة خصلات شعرها فتفاصيل جسدها٬ كانت تتأملها تتدحرج فوق جلدها ثم تغرق في القاع٬ تسلك طريقها نحو المجاري ثم المواسير.
مارست طقوسها المعتادة داستْ فقاقيع الصابون بباطن قدمها٬ تمايلتْ غنتْ تحت الرشاش٬ حاولت الوقوف على أطراف أصابعها ثم رفعت ذراعها للأعلى بدت سيقانها قصيرة أقصر مما ينبغي٬ قفزت ﺈلى ذهنها صورة نتاليه بورتمان في فيلم البجعة السوداء٬ أمطرتهاذاكرتها بسيل من مشاهد الفيلم ٬ مشاهد استيقظت كلها دفعة واحدة أشياء أعتقدت أنها منسية الأصابع المتورمة للبطلة .. حذائها الصغير ..شعرها ..صالة تداريب الباليه ..امتدادات الأجساد الرشيقة سيقان و أدرع.. القبل الساخنة للمدرب.. ليست تشبههاالبتة هي بطة سوداء .. بطة مكتنزة سوداءو كفى
كانت تعتقد أن الباليه فن روسي الأصل لكن سارة أخبرتها أنه ايطالي الأصل شغفت به احدى الملكات ... في صغرها كانت مفتونة بالتزحلق الفني تتابعه بشغف على الشاشة الصغيرة بينما تمضغ الخبز و الشاي الأجساد الناعمة الأجساد الفاتنة تتمختر فوق المزالج ..هي هناك تمضغ الخبز والشاي
تحت الدش تتوهم أشياء كثيرة ليست ذات معنى٬ شيء ما في الدش يحفز أفكارها الأكثر تطرفا فتحت عينيها٬مدت يدها نحو الصنبور أدارته و غارت أوهامها ﺈلى الجحيم انتهى الدش على مشهد موت البجعة.
مسحت قطرات الماء عن وجهها شعرها ثم جسدها
٬متجردة من كل شيءوقفت أمام المرﺂة تعثرت بوجهها وجه جد قديم ٬ حدقتْ في جسدها العاري إلى كل تفاصيله و تضاريسه٬ استدارت ﺈلى اليمين ثم ﺈلى اليسار لها أشياء بارزة أكثر من اللازم وأخرى ضامرة ٬بطن مدور شفاه ممتلئة عيون ضيقة ونظرة بلهاء٬ لاشيء يمت لمقاييس الجمال بصلة ٬ المرايا لا تكذبۡ أبدا أنها تفضح أسوء ما فينا ٬ خاب ظنها ﺈنها بشعة و انتهى الأمر
رغبة واحدة تستحوذ عليها باتت هاجسها الأول عمليات التجميل ٬ لو أتيحت لها الفرصة سوف تغير أنفها بأنف أخر أكثر دقة٬و عيونها بعيون أوسع و بلون فاتح٬ تحب الأزرق السماوي لا مانع لديها من الرمادي في الأيام القلائل الماضية فكرتْ جديا في تثبيت خصلات زرقاء أو أرجوانية على شعرها٬ للخروج عن الدارج و التمادي في الجنون ٬ عندما سمعتها خالتها تتحدثعن الوشوم رمقتها بنظرة حانقة أرفقتها بعبارة
- الوشوم حرام باغا ثقبي جلدك ﺈيوا الله يدينا في الضو ها د الجيل عاد يطير استغفر الله العظيم ...ﺈيوا الله يسمح ليك
-ﺈنها لا تصغي ردت سارة ..رفع عنها القلم
-راك غ تعودي كي الزعافة نشطبوا براسك السقف.. أشمن أرجواني
عَاودت التحديق في المرآة مجددا بدا لها رأسها كالزعافة معتوهة تماما٬ تمنت۫ لو كانت لها عينا قطة واحدة رمادية و الأخرى بۡنية٬ عيون واسعة جميلة براقة و مۡخيفة فكرت في ميمي قطها الأسود الذي رمت به ﺇلى الشارع
فكرة التغيير تۡعشش في مخها تسري في كل كيانها الأهم أن تتخلص من رأسها_ هذا الرأس المدرب على نهشها - ٬ ترغب برأس فارغة و قد رفيع٬ شيء معقول ومتناسب مع الموجة العالمية موجة الصدور المكتنزة و الملامح المعدلة٬ الشفاه المنفوخة والوجوه المشدودة
تتذكر أنها قرأت عن المهندس الروسي الذي يفكر باستبدال جسده العاجز بجسد أخر ٬اجتهدت كثيرًا في محاولة يائسة لتَخيۡل البلوك٬ الجسد البارد الممدد على المصطبة البيضاء ...القلب بلا نبض.. و الرأس المقذوف أعلى الطاولة جهاز التبريد ...الدم في كل مكان ....الوجه ألأزرق.. .. رائحة الموت رائحة الحياة ..العروق النافرة حاولت عدها واحد .. اثنان ..ثلاثة٬ عروق كثيرة تشجرت داخل رأسها ...اللون الأخضر الذي يغطي الدكاترة و اللون الأحمر الذي يغطي كل شيء الأحمر على الحيطان على الشراشف على الأرض ٬حاولتْ تخيل شيئا متقنا لكن بلا جدوى٬ كان خيالها قاصرا شعرت بالخيبة٬ تخيلت الجمجمة مثبتةعلى نخلة جدها و الجسد مغروس في الجنان ثم اليد التي تنمو في أصيص الحبق خاصتها ٬ أعادت۫ تركيب الأطراف غير ما مرة٬ وزعتها بعدالة على أۡصۡصها٬ حديقة من الأطراف البشرية
حاصرتها البيض الالالاتتخيله ذبائح العيد أيمكن أن يقطعوا رأسه كما نفعل نحن بخراف العيد ؟تعتقد أنه لن ينجو....
خراف العيد لا تنجو
موت أضاحي العيد شيءحتمي لا يمكنها شيء ﺈزاءه لا ﺈمكانية للنجاة٬ ثلاثون عاما وهي تكرر نفس المشهد٬ الخروف المعلق في السطح الرأس المحروق فوق الكانون*٬ الدم في كل مكان ورائحة الشياط
باستثناء مرة واحدة نجى خروفهم انفجرت بطنه قبل العيد بأيام ٬ قالت۫ لها أمها حينها في مواسم الأعياد يطعمون الخرفان الخميرة ينفخونهم يا بنيتي فتنفجربطونهم بدت فكرتها غريبة.
في السنة التالية مات خروف الجيران رمى بنفسه من السطح كاد أن يأخذ معه عايشة النفنافةبعد أن تمسكت بطرف ساقه الخلفية٬ كان المشهد كاريكاتوريا ثم انتهى نهاية درامية٬ فكرت أنه انتحر سلم نفسه للموت طواعية٬ كان انتحارًا مبررًا له أسبابه المقنعة جدا..لو كانت مكانه لفعلت ما فعله بالتحديد
سمِعٙت۫ يوما أن اللحم الذي نأكله هو الخوف٬ لأن الحيوانات قبل ذبحها تفرز الكثير من الأدرنالين و نتغذى على لحمها المۡشبع بالأدرنالين٬ ما نأكله اذا هو الخوف بدا التفسير منطقي ﺈلى حد ما ... عموما هي ليست مولعة باللحم تبقى السندويتشات و البطاطس المقلية طبقها المفضل
عادت للمرآة مَررت أصابعها عليها مسحت أثار البخار٬ حدقت فيها استقرت عيونها في أعمق نقطة منها كانت ترى أفعى بنفس عيونها الضيقة٬ ولسانها السام كانت أشبه بحنش بوسكة حنش الصحاري الأسود ٬حنش يحترف الشر عبئت رئتيهي بالهواء ثم نفتته كما تفعل الأفاعي بصقت۫ سمها ...
٬لبست بسرعة تجاهلت رأسها المدجج بكل شيء وخرجت في عجالة ٬ساعة لا تكفي أبدا ٬ لا تكفي امرأة لتكون في كامل فتنتها.
................
بدأت الأشياء تنفلت منها تدريجيا أدركت۫ متأخرة أنها اكتسبت عادة قضم أظافرها ٬عض الجلد الميت الذي يطوق أصابعها الجلد الميت و الحي تنتابها شهوة العض شهوة الدم٬ شيء ما داخلها يستجد شيء تجهله
بدأت تفقد السيطرة على بعض أعضاءها لسانها... أعصابها ...و أحيانايدها ﺈشارات جسدها واضحة٬ جزء من خلاياها يتأرجح بين العافية و العطب٬تتهاوىجزئيا ٬ في الواقع لاشيء يبقى حاله
لسانها بدأ يسبق حواسها الأخرى قبل أيام قالت لأمها(لماذا تزوجته ..أبي؟كان عليك أن تهربي قبل ثلاثين سنة)
تطايرت كلماتها في الهواء بدا الأمر يصلح كﺈعلان سخيف لشيء ما ٬ كشيء بزغ من السديم من العدم ثم تطاير كعبوة ناسفة٬ ٬ ظلت تلوم نفسها لأيام ٬ في تلك اللحظة تحديدا استشعرت رغبت بغسل يدها فركت كفها بالصابون
في الأسابيع الفائتة كسرتْ مزهرية.. كأس ..صحن.. زجا ج النافدة ..مائدة ..لوحة .. قطعة وراء قطعة كانت تخمد ضيقها بالكسر تطفئ شيءما يستعير داخلها٬ كانت مرتبكة و منهكة تماما.
في المكان المعتاد ذاته ركنت۫ سيارتها قرب حافته المكان الوحيد الذي يستوعب فوضاها كلما ضاق صدرالمدينة فسحتها الوحيدة.. منذ سنوات واظبت على هﺬ ه الزيارات٬ لملاحقة دوامات الماء تتبعها بلا غاية خرير الماء يشعرها بالسكينة يشعرها بلانهائية الأشياء
واد (ح......) يتألق وسط حقول القمح و الذرة٬ صوبت كاميرتها الرقمية نحو صفحة الماء ألمتلألئة تحت أشعة الشمس زوج بط أسود خلفه بطيطات صغيرة ٬ سلحفاة صغيرة تحرك زعانفها تحت الماء٬ عدلت العدسة التقطت صورة ثم أخرى و أخرى بعدها نسمة هواء رطب بعثرت خصلات شعرها . توقفت۫ جالت ببصرها ٬ حدقتْ في لون الماء الأخضر. استندت۫ على مسند كرسي السيارة٬ و ثنت ساقيها اِسترخت۫ أنسجمت مع رائحة المكان٬ تخيلت۫ أشياء كثيرة تخيلت۫ أنها ممدة على العشب الأخضر تتوسد ذراع أحدهم -جنتل مان -هكذا تسميه يطعمها عنبا تقضمه وتقذف رأسه بالعظام ٬جنتل مان بعيون بنية واسعة جنتمل مان أسمر ٬بلون الأرض وبرائحة الأرض شخص يحب الوديان مثلها يحب أغاني الراب و الأيرين بي وولد الحوات ...
لا يتشاركان الكثير .. يتشاجران على الريموت كنترول و يشجعان نفس الفريق٬ هي لا تحب كرة القدم لا تهتم بالأشياء المستديرة لكنها قد تشجع الفريق الخاسر شفقة لا أكثر
جنتل مان يعلمها كيف تصطاد الفراشات لتقدمها عشاء للعناكب٬ يعلمها كيف تربي الحمام الزاجل وكيف تلتقط الخنافس .على قمة جبال ألتا أو على حافة شلالات نيغارا .......يخبرها أنه يحبها سوف يقول لها بالحرف أحبك بقدر غضبك علي وأقبل جبينك وخدك أمسك أنفك بيدي وأكتم أنفاسك كالسنوريات أقتلك .
يأتي اعترافه كالأفلام الهوليودية أو البوليودية تماما شخص يحب حكايا الجدات٬ في ليالي السبت الباردة يدعوها لرقص السلو على موسيقى هادئة ٬ بدت لائحة شروطها طويلة و غير منطقية
أبقي عينيك مفتوحتين ... اهبطي الأرض عزيزتي... تنهرها سارة .. لا وجود للجنتل مان ﺈلا في خيالك ترغبين برجل مفصل على مقاسك ﺈنه ليس فستان تخيلي عباس و علال و ابراهيم..على قد لحافك مد رجليك ا مولاي
(أنتِ حمد لله الي جاك سعيد ىمول الزريعة .. مول الزريعة وبزاف عليك ....نوضي أبنيتي أنت طالقاها تسرح ....ﺈيوا شلا ما علمك٬ غير تقديم العشاء للعناكب ..ديها في راسك ع الله يجيب لك غير ﺈنتي العشا٬ قاليك عشاء العناكب ..ﺈيو ا الله يجيبنا في الصواب)
-أنا حرة في خيالي يقول درويش –ترد هي
-حرة ..منين ...أ حبيبتي منين طلات عليك الحرية ...خليني ساكته أحسن
فكرة تفصيل رجل بدأت تختمر داخلها٬ ودت لو تبتكر شيء يليق بمستوى جنونها٬ مزيج من رجال المجالات رهط من الرجال في السموكين رياضين .. مغنين . مثقفين ..حتى المجرمين لا تستثنيهم وجوه شقراء و سمراء مسطحة داكنة مدورة بغمازات أو دونها بحواجب رفيعة أو غليظة رجال بلا شوارب بلا لحى بلبدة سوداء كالأسود اﻹفريقية أو بشفاه مقسومة ..تشعر أن السينما خربقت عقلها
صوت صفير صاخب يخرجها من خيالها المريض كل شيء ينهار داخلها و يتبخرالجنتل مان٬ لم تعد تراه يعود للعدم—يصير ضبابا٬ تفيق على ضفة الواد كل شيء لازال على حاله أشجار التين٬ تنتصب بوجهها تسقط أوراقها تتخلص من هشاشتها٬ سرب حمام يندفع في عباب السماء٬ وسحابة عابرة في الأفق تحجب أشعة الشمس٬ قطيع خرفان يجتاز المنحدر المتعرج٬ حمار شارد بين الأعشاب الشوكية٬ تحت الحشائش جيوش الحشرات الزاحفة تمارس حياتها الاعتيادية٬ بتفاني شديد تأكل تشرب وتتكاثرمثلها تماما
على الرابية القريبة حقول الذرة لا يحدها شيء بيوت حجرية حمراء بأسقف قرميدية رمادية ٬ أكوام القش مطلية بالطين ٬ (نوادر) بمحاذاة الطريق مقبرة مهجورة يحدها سور طويل وتتوسطها قبة خضراء٬ ضريح ولي صالح تجهل اسمه لكنها تتوقع أنه شيء يبتدأ ب (مولاي) على غرار كل القبب الخضراء .قبة خضراء و ولي صالح لكل قبيلة كنوع من العدالة الاجتماعية كل شيء يتوهج تحت الشمس حتى هي تتوهج كالبلور
تقذف الحصى نحو الماء٬ تحملق في الدوائر التي تخلفها مويجات خفيفة تتهادى ببطء تذكر ها بدروس الفيزياء و مختبر العلوم الذي يشبه المخزن كل شيء فيه لا يصلح لشيء...تضحك بصخب التعليم الذي يقود للدوائر
تجول ببصرها في جميع الاتجاهات تحب الوديان تحب أن تغطس قدميها في جنباتها٬ أن تترك أثار أصابعها على الطين الزلق أن تضع صنارتها وتنتظرثم لا شيء يأتي بعدها ٬ تصطاد سمكة تنتزع روحها تكون ملاك الموت للحظة واحدة٬ تلعب دور القاتل المتسلسل٬ سلة من الجثث جثث لا تدفنها بل تأكلها كهانيبل لكترا٬ تبدأ بابتلاع فريستها من الرأس كما تفعل الأفاعي و تبقي الأجساد المتصلبة للتحلية . لأسباب غيرمفهومةبدأت تشعر برغبة في أكل الأجساد بقضمها قضمة قضمة رغبة بلا معنى.
أستغرقت في اللاشيء تاهت خلف التيار الهادئ للماء و أحاديث أمها التي لا تنتهي تلك الواقعة تذكرها بطه حسين لا تعرف على وجه التحديد الشبه بينهما بين الأخ الأشقر و بين طه حسين
دغدغها الجوع ساقتها قدميها ﺈلى الخيمة/المطعم بتثاقل شديد بضع كراسي مرصوصة و موائد متسخة عامرة بالذباب تهشه بين الفينة و الأخرى٬لمحت الطواجن فوق الكانون رائحة اللحم
شنو تاخدي؟
شنو عندكم؟
أتاي و المسمن
بغيت نتغدى
كاين طاجين
ديلاهاش؟
طاجين خضرا باللحم
ماكينش دجاج ؟
كاين
جيب واحد
طاجين اخر بطنها سيزداد تكورا٬تختلس النظر ﺇلى الخيمة بألوانها الحمراء مزيج من الأحمر و الأخضر الحصيرمن الدوم اليابس الأرض صلبة تحتها ٬ ديكور بسيط ديكور كل مواسم الخيول التي وطئتها٬ كلب أسود يترنح بين الزائرين٬ فلاح يستحث بقراته على المضي قدما٬ الغبار المتكوم فوق الموائد
بمحاﺬاتها رجل طويل القامة بجلبابه المخطط و عمامته البيضاء تقاسيمه تبدو مألوفة بأنف حاد ٬ خدود غائرة و بجفون متدلية نسخة مكررة عن كل الوجوه البدوية٬ نصف نائم تقريبا رأسه مثقل بالنوم و رأسها يضج بالنحل—ظلت للحظة تلتقط صوت بكاء حار لكائن صغير _هكذا تسميه _ يحوم حولها تحشره أمه في حضنها تجبره على الصمت تقرص فخده صراخه يتمدد و يتمدد٬ يغدو عويلا يتعب ويستسلم لصدرها الضخم
ﺈلى جانبها الأيمن الشاب الذي يلف سيجارة الحشيش كان بامكانها رؤيته بوضوح يلعق الورق و يلفه يهز رأسه يستطلع الأجواء كنظام كشف ردار متنقل يعصر سيجارته داخل صدره و ينفتها في الهواء تتصاعد الدوائربشكلها الحلزوني
يخرج هاتفه يتطلع في شاشته٬ تسمع دندنة الموسيقى يدخن يدير رأسه يميل و يتمايل مع اللحن أو مع الحشيش٬ لا أحد يعرف على وجه التحديد يعلو صوته و ينخفض يبتسم أحيانا ثم يعود لمص لفافته و بخها في الهواء٬ تبدي امتعاضا من الرائحة ترمقه بحذر ثم تشيح ببصر ها ليست حمل عربدته...التشرميل موضة رائجة
يعلن هاتفها العصيان يومض للمرة لا تهتم له كل علاقاتها مع الهاتف شبه مقطوعة هشة ٬ ﺈنه لحالات الطوارئ القصوى٬ علاقتها بالهاتف تشبه كل علاقاتها تؤول للصفر ستنفذ بطاريتها يوما ما مثل الهاتف ستومض لاخر مرة ثم تنطفئ لاخر مرة تغدو باردة كالصقيع تصير خشبا أزرقا٬ لكنها قبل ذلك تريد أن تفعل الكثير من الأشياء يجب أن تجرب كل الأشياء لائحتها طويلة جدا عكفت على تحضيرها قبل أعوام٬ تبقيها تحت سريرها و أحيانا بين كتبها٬تحملها معها دوما لائحة تطول و تقصر حسب مزاجها أشبه بورشة بناء ترممها بين الفينة و الأخرى٬ مصممة على الخروج من الحياة بأقل خسائر وبكثير من المغامرات
قررت أن تزور قبائلا في أقصى صحاري افريقيا ثم تراجعت عن الفكرة مخافة أن تنتهي أطرافها بين فكي الأسود الجامحة أو القطط البرية ثم حولت وجهتها ﺈلى أستراليا هناك سوف تكون عشاءً فخما لديناصور الكومود
خطرتْ ببالها الأناكوندا ستلتف حول جسدها و تديره تعصره ثم تبتلعها دون مضغ٬ موت بطيء بالغ الوحشية لن تلفظ جثتها ستمتصها على مهل ستكون ضيفا ثقيل في أحشائها
مۡصرة هي على جنازة مختلفة شيء مغاير و استثنائي ترغب بطقس جنائزي مختلف٬ كطقوس الهنود يحرقون جسدها وتنزلق روحها لتدخل الجنة دون حساب٬ تدرك أنها لن تنتهي للجنة٬ ليست مؤهلة لنهاية مشابهة تجترالفكرة و تمضغها٬ مشهد الجثة الطافية على نهر الكانغ مشهد مغري يصلح كنهاية جميلة لفيلم ممل٬ ﺈنها احدى نزواتها الجديدة رغبتها في الحصول على نهاية بمشهد أسطوري
-للجنون حدود تعقب سارة لكن أنتِ لا حدود لك
-نهايتي ستكون على مزاجي
ستختلق من القصص الكثير لتقنع أهلها بمراسم دفن على هواها٬ موقفها واضح جدا أنها عاشت على هوى الناس وتريد أن تموت وتدفن على هواها شيء سمته٬ حرية الموت
كان يجب أن تحور كل الأمور في سبيل تبرير نزعتها الغريبة٬ قد تدعم رغبتها بنظريات كثيرة كتلك القائلة أنه في العهود القديمة كان السوماريون يدفنون مع الميت الجعة و الخبز وأن بعض القبائل في أمريكا اللاتينية يدفنون موتاهم داخل جذع شجرة ٬وبعد مضي سنتين يعيدون فتحها يدفنون العظام و يحتفظون بالجمجمة يعلقونها في مكان ما للذكرى .ماذا لوعلقوا جمجمتها هي أيضا على باب شقتها أو أمام ردهة العمارة أو في المطبخ ؟؟ جمجمة منخورة نخر الدود أنسجتها و ترك التجاويف الملساء فقط
لربما تقول لهم أن توباك شاكور بعد أن حرقوا جتمانه دخن أصدقاءه رماده مع الماريجوانا دفن بطعم الحشيش ...
كلما تخشاه هو أن تحظى بمأتم عادي بالطقوس المعتادة ذاتها٬ نساء يتظاهرن بحزن عابر لفقدانها و دموع مفتعلة طقوس لا جدوى منها٬ ستقبل _ على مضض_ أن يمددن جسدها على خشبة ثم يغسلنها يعصرن بطنها يربطن شعرها يغلقن فمها ثم يلففنها في ثوب ناصع البياض.وقد يطلقن المسك
...ستسمع همسهن من خلف الباب -سكتوا راها كتسمعوكم دابا -
مون الأمانة ده أمانتو ...لهلا يوسخ لينا فراش..الله يدينا في طرف صحتنا ...العمر سالا..
كيفاش ماتت ؟
سوف يستعرضن لحظاتها الأخيرة ببطء شديد يستعرضن فيه خصالها٬ لأول مرة ستكون هي البطلة يتكلمن عنها بكل ود الود الذي لم تحصل عليه في حياتها.