مع بزوغ كل فجر يصيح الديك معلنًا ميلاد يوم جديد، يوم تكسبه وآخر تخسره، فاجعل الأول حافزًا، والأخير موعظة، واعلم أن الدنيا سوق منفضّة، بضاعتها كاسدة، باع فيها من باع، واشترى من اشترى، وطوبى لمن فاز بحسن العمل، فأنت تُسلِم قيادك للذي خلقك كل مساء، طائعًا مختارًا راجيًا، فلربما تكون صيحة الديك التي لا شقيقة لها، تزود فإن الطريق طويل، والعمر قصير، وما بين الطول والقصر أرجوحة النفس تعبث، فلا يغرنّك الإشراق الذي يلد الذبول، ولا الحياة التي توصل إلى الموت، وتيقن أنك صائر إلى ما صار إليه سلفك، فخذ من روامسهم عبرة، واعلم أن صحة الأبدان في الطاعات، وسمو الأرواح في التوحيد، وأنّ الزبد يفتن العين، لكنه لا يحمل السفن، وأنّ النجوم تُبهج الليل، لكنها لا تُذهب وحشته، وأنّ القدر تأتيه لا يأتيك، فاحزم حقائبك، واحرص على أن تكون بُجْرًا، فلا تدري في أي سبيل تسير، وتيقن أنّك مقبل على من لا يظلم عنده أحد، فخذ صالح الأعمال رديفك كي يكون وجاءك، وتقرب إلى الله يقربْك، فإنه خص المقربين، وانهل من مورد لا ينضب، يُبرّدْ عليك حرّ يوم الجمع، وكبّلْ شهوتك قبل أن تكبّلَك، ، واشهد لله بالوحدانية يُشهدْ لك، وصلِّ لربك يوم الرخاء يَصلْك يوم الشدة، وزكِّ نفسك تُزكَ، وصُمْ يوم القدرة يُصَمْ جسدك يوم العجز، وحجَّ برضًا تُقمْ لك الحُجّة، وادعُ الله التثبيت والهداية، لعلها تكون ساعة إجابة.