لحْظّة .. وتَتَراقُصُ النُجومْ بعد أن شربت خُمرة الليلُ السّـاحر / سمفونيةِ الحُزن / رنين الحُب / دفء الإنتظار/ ولوعة الفراق ، كان يلوح في وجهِ المُســافرين بعد ان اتخذوا الليل جمـــلاً ....
عناااق طويل ، دموع ساخنة جرت على تلك الأحداق المحمرة والأوداج التي فاقت حرارة الجمـر" لينـا سنشتاق لمرحك / لبسمتِك / صوتك ..... يالله كم كم .........
غاب الصوت مع حشرجةِ العَبرات...
أودِعُكِ ...
وماحانت ساعاتِ الوداعِ
ومازلت أناديكِ على أعتاب داري
وأرتب بعثراتكِ التي كانت بجواري
وعبر حناني الجياش
أقبِلُكِ عند الصحوِ وقبل المنامِ
أودعُكِ .... ولازلتِِ
تطوفين بأحلامي
- " أمي ، أبي ، إخوتي ...... لا تبكوا هذه السنين ستمضي سريعاً كلمح البصر ، أريد أن أعودُ لكم بـــ هدية عظيمة ، أريد أن أحطم نظرة المتعالين اتجاهنا ، ســـأعود لكم مُحملة بالشهادة لتفخروا بي أمام كُل من يحاول أن ينظر إليكم بإزدراء ...هيا لا أريد أن أرى دموعكم ، ابتسموا لأتذكر آخر بسماتكم قبل أن أغادر "
ابتسموا ... واعلموا
قبل ان أحلق مع النوارس
إني بعينِ الله أمضي
والله لي خيرُ حارس
حُضن / عناق / طمأنه ..... وصوتِ من بعيد " حان موعد إقلاع الطائرة على المسافرين التوجه إلى الصالة الرئيسية "
مشت بتثاقل فـ الفراقُ خلفها والمستقبل أمامها ، لا تريد الإلتفات للخلف بيد ان الأكف كانت تُرفع تنتظر تلويحة يدها ، لكنها لم تلتفت , ماكانت تُريد سوى شيء يحفزها على المُضي قدماً ...
كانت تسير وكأنها تخطوا في الهواء فوق الثلجِ
تمضي بجسدها الطاهر
طامحة نحو الأمام
بخطواتها الأخيرة
تسير حافيةً نحو الخُلود ..
دقائق وارتفعت الطائرة التي تحملها ، فتحت الشباك لتنظر إلى وجه مدينتها للمرة الأخيرة ..
هاه ! تنفست بعمق ..... " هُنا كانت أجمل الذكريات وأقساها " هنا ولدت وهُنا لعبت
هُنـــا قلبي قد نمى لكنه سرعان ماقسى ، لا أحتمل تذكر صورة أخي الصغير حينما كان بحضني مريضاً وفي مرضه يبتسم " احكيلي حكاية " حكاياتي كانت مملة , قاطعتني الممرضة وأصرت على أن تعطي له إبره ضد الحُمى الشوكية ولا أدري مانوع الإبرة التي غُرست بجسمك الصغير ، ماكُنت أدري يا أخي أنك ستموت بين يدي ... ماكُنت أدري ! سامحني يا أخي !
زمهريرُ النوحِ يُعاتب أنفاسها
مقاديرنا جاءت إلينا هكذا
نلون حياتنا بالبياض
ويستعصي البياض
محوِ السوادَ
شعرت بالإختناق فأغلقت النافذة واسترخت بكوب عصير بارد يُهدئ من روعهــا ....
بعد ذلك رددت قولها في نفسها مراراً " علي أن أنظر للمستقل ، لا أريد النظر إلى الماضي ، هيــا يا لينا تشجعي قوي عزيمتك وعيشي بالكفاح "
أخذت جريدة من ضمن الجرائد التي وِزعت على المسافرين ...
مقال كان بعنوان " طريقك للنجاح " قرأته بشوق ، شدتها مقولة الدكتور روبرت سكولر " لن تنجح أبداً إذا لم تبدأ ولاتجعل أي مشكلة تكون حجة لعدم التصرف فبعد العاصفة تطلع الشمس ، والإشراق يأتي دائماً بعد الظلام ، والشتاء يتحول دائماً إلى صيف "
بعدها قرأت قصيدة لـ " يولينا درونينا " مطلعها يقول " لايجوز العيش إن لم نختبر طعم المحن ، في كتابِ العُمرِ نلقى كلّ أنواعِ الفصولِ "
مقولات بعد مقولات .... زادت لينا قوة وإصراراً لـ تُصبح إنسانة ذات شأن لـ تكون بين العُظماء
رسمت عدة خُطط تسير عليهـا أغمضت عيناها ساعة ساعتين وربما ساعات ، وإذا بصوتٍ يوقظها من سباتها " قد وصلنا بحمدالله إلى مدينةِ كندا وعلى الرُكاب الإستعداد للهبوط "
فتحت النافذة كان منظراً رائعاً ومدهشاً قطراتُ المطر تعانق زجاج النافذة والغمام يغطي اخضرار المدينة مُتطاولة البُنيان ياااااااه وأخيراً وصلت ، هُنا سأبني أحلامي ، هُنــا ســأكون أو ....... لا أكون ! قالت كلمتها الأخيرة بتردد .... " هي حتماً يجب أن تكون الدكتورة لينــا " !
يُضنينيْ القلق لن أغفو
فــ قُبيل الصبح سأستقبُل
الشُروق المُبكر لحُلمي!
نزلت من الطائرة كانت Mrs suziبانتظارها ، تصافحتا وذهبتا للعائلة التي ستسكن معهم لينا
Mrs suzi عرفت لينا على ابنتها البالغة عشرين عاماً والتي في عُمر لينا تقريباً baty
وضعت حقائبها ، رتبت ملابسها ، شربت كوب من الشاي ، ثُم ثُم ..... يجب أن أطمئن والدي على عودتي سالمة ....
كانت سوزي تُعد وجبة الغداء لها لكنها أصرت على أن تجري الإتصال قبل أن تأكل حتى ترتاح
وصلت نحو الكابينة وأطرافها ترتعش برداً / خوفاً / وشوق ، دقت بعض ارقام وحَنين صوت أمها الحنون انتشلها بقوّه " ألووو ألووو من المُتصل ؟"
- " أمي أنااا ليناااا وصلت بالسلامة كيف حالكم ؟؟
- " ليناااااااا نحن بخير يا ابنتي ان كُنتِ بخير .... "
- أنا ولله الحمد يا أمي بخير وهُنا الأجواء مُريحة والعائلة التي أنا معهم جداً لطفاء معي لاتقلقي علي يا أمي ..... ابلغي سلامي لأبي وإخوتي ..... هيا يا أمي انا مضطره لأن أغلق الخط الآن "
- " يا ابنتي ياحبيبتي اهتمي بنفسك ، تغذي جيداً ، نامي جيداً ، و كوني مُطمئنة ! "
- أحبـــــ ـ ـ ـ ـكُـ ـ ـ ـ ـ ـــم ـ ـ ـ ـ ـ وانقطع الإتصال
إني أيقظتُكِ يا أميْ
برنينٍ جداً مُتأخِــر
ها أنتِ إلى صوتي تأتين
لــ نبضاتِ شعوري تستمعين
فــ أحس بدفء أنفاسِك
يتخلله شوقُ لقُربيْ والحَنين
Mrs suzi وضعت الغداء منذ فترة طويلة انتظرت لينــا لتأكل معهم الوجبة ...
ذهبت الى الكابينة التي بجوارهم لكنها لم تجد سوى جثّة ملقاةُ في الأرض يحملُها الإسعاف !
.
.
.
وبعد أربعةِ سنوات مَــرت ببطء غير معهود اختلط فيها القلق والخوف حيث لايعرفون مصير ابنتهم الغائبة ولم يسمعوا لها حسيساً ولا نجوى منذ فترة طويلة سوى بعض الرسائل المجهولة التي تصلهم وتُطئنهم أنها لاتزال بخير !....
دُق جرس المنزل بقوّة ليلاً
- من الطارق ؟
سمع صوت فتاة تتحدث بلهجة أجنبية I'm Baty !
تثاقل واختنقت أنفاسه والعَبرة تسكن عينه لم يستطع حمل نفسه .... لم يُرد فتح الباب إنها حتماً تحمل أسوأ الأخبار يـــ ابني لا تفتح أنا لا أستطيع تحمل سماع الأخبار السيئة
لا تفتح الباب فأنا مُنهـــار
طُرق الباب مراراً كان من الواجب أن يُفتح ، كان من الواجب أن يضعوا أنفسهم في الأمر الواقع ويصبرون ....من الواجِب أن تستمر الحيــاة بحلاوتها و ..... مرارتها ! ...
ذهب الإبن الصغير وكفاه ترتعشان فهو أصغر من أن يتحمل الــهموم..... وقسوتها !
كُلما اقترب من الباب ... عاد الى الخلف .... مَ مَ مَن مَن ؟ .....تُجيبه مرة أخرى بالإنجليزية
Please open the door ? I'm Baty !
فتح وإذ ...
وإذ ... أنه يــ رى
اخته لينا تحتضنه بقوّة
صمتٌ وبكاء
صمتٌ وحنين
صمتٌ وعناق
صمتٌ وفرح
يرفرف على يديها حُلمها ....
الدكتورة الخَــرساء لينــا........"
-----
.
.
.
.
من روحِ الوردِ
................تنبعثُ الـــ تراتيل