فرع الخاطرة
المركز الثالث
إليك
نوال مصطفى الحريري /سوريا
إليك أيها الساكن أعماقي أيها المهاجر العائد بحقائب الوداع..
بعد أن سخر مني القلم ,وتاهت أفكاري بحثا عنك جاءتني رسالتك لتعيد لي مداد
حروفي المشتتة, وترتب أوراقي المتناثرة هنا وهناك .
أذكر أني كنت أرمي بأفكاري على كل قصاصة ورق تصادفني ,وكلما حاولت عبارة الهروب
من ذاكرتي المتعبة أمسكت بها عنوة كي لا تفلت مني , واليوم أخذت ألملمها لأصوغ
لك ردا يليق برسالتك .
كانت رسالتك كغيمة رمادية في أواخر الشتاء حيث يترقب الظمأى هطول بعض المطر؛
إلا أن شمس الهجير تطغى فلا يعرف بعدها حتى الندى .
سأكتب عن حكاية تعلقت بروحي كما تعلق أريج كلماتك بخصائل شعري حين كانت قوافيك
تسكرني كنبيذ معتق يبعث بي إلى الجنون, ولطالما عشت بين أبياتك تسامرني الكلمات
و تداعب ثغري وترسم ملامحي قصيدة من فرح .
أخبرتني يوما أن عقارب ساعتك كانت تتوقف عند تحديد موعدا للقائي فتهم بكسرها ثم
تلتفت إلى أنها ستذكرك بموعدي فتتراجع .
كنت أرى الفرح يرتسم في عينيك عندما تراني وأذكر أني سألتك مرة هل يمكن ان
تنساني ؟ قلت لي ....إذا نسيتك فسألقاك عند ذاكرتي وسأكون عندها قد نسيت نفسي
فتذكريني بها .
كانت رسائلك يا ساكني براكين من أشواق تكاد تلهب أوراقها وكنت أحس الحرف ينبوع
صدق يتدفق بين السطور .
كنت الأسطورة التي لم تكن سوى فارسها........فما أسعدني حين أستذكرك تبعث في
نفسي فرحا لا يتسع له فضاء ولن أنسى ذاك السرور الساطع من عينيك عندما أتيت أول
مرة لزيارتي في بيتنا أردت يومها أن أطير وأردت أن يكون لي فضاء أكبر بكثير من
فضاءاتنا كي يحتوي فرحتي .....أما وقد اخترت الرحيل ..؟!فما أضيق الدنيا لحزني
وآه.. آه ما أقربك وما أبعدك؟!
غيمتك يا سيدي أمطرت على وجهي حزنا لا يجف وها هي سطورك تودعني فتغيم عيناي
شوقا للقياك فل تمطر غير برد يثلج وجنتي.
وهنا وجدت نفسي أبحث بين سطورك عن كلمة تبث في نفسي الأمل ولو سقطت سهوا ولكن
هيهات ...فقد هجرت كتاباتك, وأوراقك وضاقت بإسمي حروفك؛ فلن أكون ملهمتك بعد
اليوم, ولن تصوغ حروفك الموجعة قصائد تغازلني أو تبكيني....فقد نفيت خارج حدائق
أفكارك؛ فأصبحت كلمات مبعثرة لا تقوى القصائد على احتوائي .
ويجتاح نفسي اليأس فأعللها بحروف كتبت لي وحدي, أذابت حولها شموعك وأطوي آخر
صفحات الحب عندي, وأبحث عن كلماتي الضائعة أودعها قوافل الوداع التي رست في
شاطئي دون استئذان
ولكن.........هل تراني سأذرف دموعا أم أن ابتسامة ستدهشني !؟ فكلا الحالتين رد
فعل لأمر واحد....هو أني أعترف بالإنكسار .
وعبثا حاولت لملمة نفسي الممزقة لتنتابني حالة من الفوضى قررت بعدها أن أبكيك
حتى يموت اسمك في عروقي.. ولترحل ابتسامتي على أول سفينة تستعد للقائك,
أودعك وكلي شوقا إليك ولن أستجدي فيك قلبي المكسور ولن أبوح بأعذاري ...؟لأني
على يقين أنه لاتبدل رأيك الكلمات ..ولو كانت صادقة .
هاهي عرى ميثاقنا تنفصم وتبقى مشاعرنا ذكرى لا تموت .
فوداعا لأيام مضت ووداعا لنفوس آلمها الصفاء ، ووداعا لأوراق ضاقت بها الكلمات
..
سيدي ...أرجو أن تكون ذكرياتنا شفيعة لي فتبدد عن محياك غمامة الحزن والشك.