أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ما يدور حولنا الآن هو الموت الحتمي للمثقف العربي(الجزء الثاني و الأخير)

  1. #1
    روائي وناقد سينمائي
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : مصر
    المشاركات : 109
    المواضيع : 37
    الردود : 109
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي ما يدور حولنا الآن هو الموت الحتمي للمثقف العربي(الجزء الثاني و الأخير)

    الكاتب والناقد السينمائي محمود الغيطاني : أظن أن الأمور الحالية بكل ما فيها من عفن و خراب إذا ما ظلت على ما هي عليه فالمحصلة النهائية لكل ما يدور حولنا الآن هو الموت الحتمي للمثقف العربي الذي هو بالفعل شديد التداعي و الزيف و الفساد .
    حاورته / منال خميس / غزة
    محمود الغيطاني كاتب قصصي وناقد سينمائي وروائي مصري صدرت روايته الأولى " كائن العزلة " في أوائل العام 2006 .
    في روايته شرّح لنا واقعاً عربياً مشوهاً ومتردياً ، ثم امتدت خيوط روايته لتقنع كل مثقف مدّعي أنه بثقافته الشوهاء جزء وسبب في و من هذا التردي الحاصل ، وتوحي لكل مثقف أصيل بأن مصيره الانفصام الحاد في شخصيته كبطل الرواية .
    مارس النقد السينمائي بحب شديد وكتب القصةالقصيرة بفنتازيا و باقتصاد شديد أما آراؤه الشخصية فيما يحدث حولنا فهي لكم الآن في هذا الحوار معه عبر الانترنت ..
    • نأتي إلى تجربتك الروائية المفاجئة .. ما علاقتك كناقد سينمائي في الكتابة الروائية ؟ ألا تعتقد نفسك دخيلاً على هذا النوع من الكتابة ؟
    سؤالك شديد الأهمية لأنه يسأل دائما، أولا تجربة رواية "كائن العزلة" لم تكن مفاجئة كما قد يتصور البعض ، فأنا لم أبدأ كناقد سينمائي لأن ذلك كان في مرحلة متأخرة ، أنا بدأت كتابة القصة القصيرة منذ فترة مبكرة جدا و لدي مجموعتين قصصيتين لم تطبعا بعد، ثم بدأت كتابة النقد السينمائي عام 2000 و كان أول مقال سينمائي كتبته عن فيلم الآخر للمخرج يوسف شاهين ، ثم كانت كتابة الرواية في عام 2003 ، إذن فأنا أكتب الإبداع الأدبي قبل الاتجاه إلى الكتابة السينمائية و من ثم تكون كتابتي للرواية طبيعية جدا و منطقية ، و لكن لأني لم أكن أحرص على نشر الإبداع القصصي في الصحف أو المجلات و انصب جل اهتمامي على نشر الدراسات النقدية السينمائية فلقد تصور البعض أني ناقد سينمائي هبط فجأة على عالم الإبداع، و لكن للحق أقول انك إذا ما حاولت تخييري بين الإبداع و النقد السينمائي فبالتأكيد سترجح كفة السينما و لكن ليس معنى ذلك أن الاختيار من الممكن أن يكون سهلا بل هو منتفي على الرغم من ميلي أكثر إلى السينما، و بذلك فأنا لست دخيلا على هذا النوع من الكتابة الأدبية الروائية كما قد يتصور البعض لا سيما و أني انتهيت من روايتي الثانية.
    • في روايتك " كائن العزلة " شخصيتان مركزيتان تؤمئ احداهما للأخرى كي تقترب ،وبقدر ما تقتربان تبتعدان، وبقدر هذا التناقض تتجاوران ، تنموان ، تلتحمان بحميمية عالية جسدياً ..ولكن عاطفياً وفكرياً لا تلتقيان مما يضعنا في دائرة الاعتقاد أننا في اطار علاقة ملفقة لم تثمر غير النفاصيل التي حركت باقي القص في الرواية ، هل هناك خديعة ما لجذب القارئ ؟أم انها اضاءة لقراءة الأفكار والحقائق الناس وكشف المستور ؟أم ماذا؟
    (مما يضعنا في دائرة الاعتقاد أننا في إطار علاقة ملفقة) عفوا إذا كنت قد استعرت منك قولك هذا ، و لكني رأيته شديد الصدق ليس داخل الرواية و لكن عند سحبه إلى الخارجي و الواقعي الذي نعيشه، بالفعل كائن العزلة كان يريد التعبير عن الكثير من العلاقات الملفقة التي باتت تسود كل ما حولنا ، و لكن بالرغم من ذلك علاقة كائن العزلة بلينا لم تكن ملفقة على الإطلاق ، فهو كان متسقا مع نفسه بكل ما يدور في شخصيته المضطربة من تناقضات ، كما أنها كانت شديدة الاتساق مع ذاتها كأنثى ، أتدرين... رأى البعض أن كائن العزلة ليس في حقيقة الأمر كائن عزلة و أن هذا العنوان خادع ، فهو له أصدقاء و يعمل و يظهر في العديد من الأماكن، و لكني أرى أن هذا الرأي قاصر إلى حد كبير ، لأن الكثير منا يفعل كل ذلك و يخرج و يرى الناس و ما إلى ذلك و على الرغم من هذا يشعر بالكثير من الانفصال و الاغتراب بينه و بين الآخرين بالرغم من كونه يجلس بينهم و يتحدث معهم، و أعود إلى سؤالك ، لم تكن هناك أية خديعة موجهة للقارئ في ذلك ، بل كان الأمر رغبة في كشف أو رصد الكثير من الزيف الذي بتنا نرضاه و نعيشه و كأنه ليس في الامكان أفضل مما كان، سواء كان هذا الزيف أو الفساد سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو فكري، كل هذه الأمور صرنا جميعا نتواطأ على كونها غير موجودة أو نتجاهلها متعمدين لأننا لم نعد نمتلك الشجاعة على مواجهة الذات، فهل كنت قاسيا حينما وضعت يدي على ما نسكت عنه؟ لا بأس و لكن كان لا بد من ذلك.
    • انهيار الباطن لدى الراوي _كائن العزلة_الاعتراف بالهزيمة أمام الخارج وما بينهما من تفاصيل وممارسات وتفاهات اجتماعية وسياسية وسلطوية ...الخ وتتصاعد الاحداث لتصور لنا مأساة الواقع في الصميم من مواجهة تاريخ بآخر وألم بآخر سواه
    من هو كائن العزلة ؟ وكيف اكتسب مشروعية سيطرته عليك كانسان وكناقد فجأة على الورق؟
    بالنسبة لمن هو كائن العزلة فبالتأكيد ليس هو محمود الغيطاني كما ظن ذلك معظم من قرأ الرواية و تلك نظرة غريبة جدا باتت تسيطر على الناس في تناول الأدب و كأن كل ما يكتبه الراوي اليوم هو ذاته أو كأننا بتنا لا نكتب إلا ذواتنا ، و لكن إذا تحول الأمر بنا إلى عدم كتابة شئ آخر سوى ذواتنا فهذا بالتأكيد لا يدل إلا على مستوى الفقر الإبداعي الذي بتنا نعيش فيه ، و هذا ليس صحيح على الإطلاق ، لأني إذا ما كتبت ذاتي فلقد كتبت تجربتي التي امتلكتها و عشتها و من ثم صرت أجوفا و لم يعد لدي ما أكتبه فيما بعد ، فماذا أكتب و أنا لا أمتلك غير تجربتي؟ كائن العزلة هو أكثر النماذج وضوحا بين أبناء جيلي الذي أنتسب إليه، أنا لم أخلق شخصية من فراغ و لم أرغب أن أكون مستفزا كما ظن البعض ، و لكني عبرت بصدق عن أكبر شريحة من أبناء هذا الجيل المتأزم و الشاعر بالكثير من الاغتراب و عدم القيمة و اللاجدوى و اللامعنى و اللانتماء ، تستطيعي الإتيان بالكثير جدا من المعاني الجميلة و القيم لتضعي أمامها لا و تكون تلك هي أزمة هذا الجيل الذي تحدثت عنه، جيل التيك أواي و العولمة ، جيل أسميه أنا جيلا معلقا في الفراغ كانسان ابن سينا في فلسفته مع الفارق الكبير في التشبيه، و هكذا تلبستني حالة كائن العزلة لأني أعيش بين أبناء هذا الجيل الذين يفجرهم الاستياء مما يدور حولهم و لأني من أبناء هذا الجيل المستاء سيطر عليّ كائن العزلة و رغب منيّ خروجه على الورق، كما أن أشباه كائن العزلة يتواجدون بكثرة عند الكثيرين من الكتاب ، فمن الممكن أن تقرأي رواية سحر أسود للروائي حمدي الجزار، قانون الوراثة لياسر عبد اللطيف، بمناسبة الحياة لياسر عبد الحافظ ، ثلاث حقائب للسفر للروائية منى برنس و غير ذلك الكثير و الكثير مما يكتبه أبناء هذا الجيل لتتأكدي أن هذا الجيل بالفعل مأزوم و يريد أن يقول شيئا خطيرا على الرغم من استفزازيته، إلا أنه يستحق الوقوف المتأمل أمامه لأن كل هذا التناقض وكل هذه المسوخ و كل هذا التغيّب و الانفصال عن الواقع إما بخلق عالم آخر موازي لا وجود له إلا في ذهن صاحبه أو بالتغيّب في ممارسة الجنس الشبقي و الأسطوري أو بالإغراق في الكحوليات أو المخدرات ، كل هذا إنما هو نتاج طبيعي و إفراز غير شيطاني لكل ما يدور حولنا من تهرؤات، منذ فترة قرأت قولا لا أذكر صاحبه الآن- أعتقد أنه الروائي الياباني أوي كنزابورو- يقول "الاستياء يدفع إلى اليأس و الانغماس في الملذات" و هذا الجيل بالفعل مستاء .
    • عن رواية كائن العزلة أنا أقول كأنها " سيرة الحياة التي سقطت علينا"* وحالة كشف تفضح وتفكك حقيقة الحياة الانسانية المرّة التي يحياها كل مثقف عربي اليوم ، الصراع الفكري والجدل المستمر في الرواية أنتج أغلب التفاصيل وفي النهاية نكتشف أكذوبة كائن العزلة وانفصامه عن واقعه واكتشفنا أن صوته العالي طيلة الرواية هو في النهاية صوتا أخرسا متماديا بالصمت وكل ما كان وهم ..
    برأيك هل هذه الحالة التحليلية هي تنبؤ لمستقبل ونهاية المثقف العربي الذي يمعن في استبطان عالمه وتفحص دواعي حاضره ؟ أم أنها حالة انكار للواقع وتأسيس للحياة بمنظور آخر ؟
    * أنا معك في هذا القول الجميل منك ( سيرة الحياة التي سقطت علينا) كم هو معبر و لكنها ليست سيرة حياتي الشخصية ، بالطبع أنا لا أنكر أن الرواية بها بعض من سيرتي التي لا تتعدى 20% من أحداث الرواية و لكنه الجزء البسيط و اليسير الذي يضعه كل فرد فينا في عمله الإبداعي ، و لكني أوافقك أنها سيرة حياة هذا الجيل بأكمله بكل ما يسوده من تهرؤات و تفسخات تدفعه إلى الانفصال التام، و أنا هنا أود الإشارة إلى أمر هام التبس على الكثيرين لست أدري لماذا ، و هو أن لغة الرواية التي رأى البعض أنها غير متناسبة مع الرواية نظرا لأنها من وجهة نظرهم إما متعالية أو كلاسيكية أو قديمة لا توحي بالصدق ، هي من أصدق الأمور داخل كائن العزلة و لم يكن من الممكن اختيار أية لغة أخرى غير هذه اللغة المنفصلة بدورها عن الواقع ، إذن فهي أصدق ما يمكن استخدامه داخل كائن العزلة لأنها منفصلة و تابعة بالضرورة لصاحبها كائن العزلة الشديد الانفصال عن واقعه، و لنعود إلى سؤالك (هل هي تنبؤ لمستقبل و نهاية المثقف العربي؟) أظن أن الأمور الحالية بكل ما فيها من عفن و خراب إذا ما ظلت على ما هي عليه فالمحصلة النهائية لكل ما يدور حولنا الآن هو الموت الحتمي للمثقف العربي الذي هو بالفعل شديد التداعي و الزيف و الفساد ، إلا أن ما يحدث الآن على جميع الأصعدة تقريبا هو القشة التي ستقصم ظهر البعير، و لكن لنكن أكثر تفاؤلا بعض الشئ ، كائن العزلة هي بالفعل رواية تنكر كل ما يدور حولنا من صخب لا معنى له سوى الخواء ، انه يريد القول و الصراخ العبثي "إذا لم يتم الانتباه إلى كل هذا العبث فالمحصلة النهائية أن نتحول جميعا إلى كائن عزلة شديد المسخ مما رأيناه في هذه الرواية.
    • إيقاع النص الداخلي للرواية من منظور شمولي لا يخرج عن مدركات الواقع الحالية والتاريخية ، بمعنى آخر هو قراءة اسقاطية لواقع عربي يثير أسئلة تستدعي اجابات باعتقادك ألم يسقط ذلك الرواية في فخ التنظير واستعراض المعلومات ؟
    لا أعتقد أن الحديث عن الواقع و ما يدور فيه مما نراه يوميا و نعيشه بصدق قد أوقع الرواية في فخ التنظير و استعراض المعلومات بقدر ما أعطاها الكثير من المصداقية و الواقعية التي تفضح كل هذا الزيف و اللامعنى الذي نعيشه اليوم، كما أن هذا الجيل لم يعد يمتلك للأسف أية قدرة على الفعل و من ثم المشاركة ايجابيا فيما يحدث حوله، أتدرين ماذا بقى لهذا الجيل كي يفعله؟ الكلام، مجرد الكلام فقط ، فهو يقف موقف المتفرج المصاب بحالة قاسية من العزلة و اللامبالاة مما يحدث حوله و من ثم يبدأ في الثرثرة و الكلام الذي يدرك جيدا أنه لا فائدة مرجوة منه إلا مجرد التنفيس عن ذاته بدلا من خلق عوالم أخرى متوهمة، و هذا ما رأيناه في كائن العزلة، كذلك فان الواقع العربي على المستوى السياسي و الاجتماعي و الثقافي شديد التداعي مما يجعلني أتساءل هل نحن فقط الذين نرى هذا التداعي أم أن الحكام العرب أيضا يرونه و لكنهم يرغبوننا نحيا داخل أوهامهم المعسولة بأن كل شئ على ما يرام؟ و لكن للأسف مثل هذه الأوهام التي يصدرونها لنا تصنع منا في نهاية الأمر مسوخا، أنا لا أنكر أنه كان في الامكان الاستعانة بالكثير من الوقائع التاريخية الدالة على مثل هذا التداعي الذي نحيا فيه ، و لكن ما الداعي إلى ذلك إذا كان ما نحياه خير معبر؟
    • وإذا ما انتبهنا الى محاولتك سحب القارئ زمانياً الى مرحلة تاريخية مضت بأمكنتها وشخوصها .. أهي حالة نكوص أم امعانا في الألم والانكار للواقع ؟
    هما الحالتان معا يا منال... هي حالة نكوصية و حنين شغوف "نوستالوجيا" إلى الماضي الذي نراه أفضل بكثير مما يحدث الآن على الأقل من الناحية الجمالية التي كان يبتغيها كائن العزلة المهووس بالجمال و الشكل المعماري لوسط البلد و لذلك هناك فصلا كاملا و ليس هينا داخل الرواية بعنوان "توق" يذهب فيه كائن العزلة إلى قاهرة الأربعينيات و السبعينيات و التسعينيات بلا أي ترتيب أو رابط منه و لعلي تعمدت عدم الترتيب الزمني هنا لأن هذا ما يتناسب تماما مع حالة كائن العزلة الهذيانية المنفصلة، و لأني إذا ما حاولت ترتيب الزمن داخل هذا الفصل لوقعت في عدم مصداقية أزمته التي يعيشها مع سيكولوجيته المهتزة الهذيانية، كما أن هذه الحالة في ذات الوقت إمعانا في الألم و الإنكار للواقع و لكن هذا الإمعان لم يكن برغبة خاصة منّي بقدر ما كانت الرغبة الأولى و الأخيرة عائدة إلى كائن العزلة ذاته و الذي أصابته أزمته بحالة مازوخية يستمرئ فيها جلد الذات بمثل هذا الشكل القاسي ، كما أنه بالفعل كان يحاول إنكار كل هذا الواقع و كل هذا الزيف الذي يحياه.
    • المرأة في رواية كائن العزلة .. هل هي المرأة العربية التي يجب أن تكون ؟ أليست بطلة الرواية لينا مبالغة في سلوكها واعتقاداتها اذا ما انتبهنا للجانب التنظيري للرواية ؟ وما نظرتك أنت كروائي عربي للمرأة العربية ولواقعها باعتبار واقعها مادة خصبة جدا للكتابة ؟
    • هذا السؤال في اعتقادي أجمل ما في أسئلتك ، المرأة في كائن العزلة كانت أهم عناصرها ، بل كان هناك إمكانية بالفعل إلى إطلاق اسم لينا على كائن العزلة بدلا من هذا العنوان، إنها بالفعل النظرة التي أبتغيها أنا في المرأة العربية ، إنها المرأة المثال التي تكاد تكون غير موجودة على الإطلاق سوى في الخيال ، المرأة المبتغاة بكل أنوثتها و جمالها و رونقها و شموخها و رقيها الذي ظهر في لينا ، و لكن لا بد من طرح سؤال هام هنا .... هل مثل هذه المرأة المثال موجودة بالفعل في عالمنا العربي؟ بالتأكيد النظرة المتأملة حولنا تؤكد لنا للأسف عدم تواجد مثل هذه المرأة التي إن وجدت لقدستها ، ربما لنضجها و ثقافتها و جمالها و اكتمالها ، إنها الأنثى و فقط، بكل ما يمكن أن تحيلك لفظة أنثى من جمال و معاني راقية، أعتقد أن المرأة العربية قد آن لها أن تكون مثل لينا، أما عن الشق الثاني من سؤالك الخاص بمبالغة لينا في سلوكها و اعتقادها ، فأنا أرى أنك أنت فقط التي ترين ذلك و لكن بشكل ظاهري نظرا للسياق الاجتماعي العربي الخانق الذي يقيد المرأة و الذي ينشأها من خلال مجتمع ذكوري وقح لا يرى فيها سوى متاعا ، و لكني واثق تمام الثقة أنك معجبة تماما بسلوك لينا و أن أية أنثى أخرى تتمنى أن تكون لينا و لكنها لا تستطيع ذلك نظرا للجهامة و العرف الاجتماعي القاسي ، لينا كانت شديدة الاتساق مع ذاتها و ثقافتها الفرنسية التي هي ابنة لها ، امرأة تمتلك إرادتها و تعرف ما ترغبه تماما حتى أنها ترفض أن يتعامل معها الرجل – أيا كان و مهما كانت درجة حبها له- كمجرد أنثى فقط مهمتها الوحيدة هي إرضاؤه جنسيا ، بل تريد منه الاحترام و التعامل معها ككل متكامل ، فهي أنثى و صديقة و مثقفة و ذات لها اعتبار و لقد رأيت في الرواية أنها بمجرد ما شعرت أن كائن العزلة لا يتعامل معها سوى باعتبارها موضوعا جنسيا إلا و تركته مباشرة في قرار شديد الجرأة تحسد عليه و لم تكن نادمة على أي شئ، أما عن نظرتي للمرأة العربية فأنا أرى أنها ترغب كثيرا في التحرر مما هي فيه من هوان اجتماعي و مجتمع سلطوي ذكوري إلا أنها تتحدث فقط و تثير الكثير من الثرثرة و اللغط دون الفعل ، حتى لكأن الأمر توقف بها عند مرحلة الكلام كما كان يفعل كائن العزلة، أما أن تكون امرأة بالفعل كما ينبغي لها أن تكون فهذا للأسف غير متحقق حتى الآن ، ربما لأن المجتمع ما زال يعزلها من خلال نظرته الذكورية المسيطرة حتى من قبل المثقفين أنفسهم الذين يدعون التقدمية و لكنهم لا يتعاملون مع المرأة إلا باعتبارها موضوعا جنسيا ، أو كائنا جميلا سوف يقضي معه وقتا جميلا و ليس هناك أهمية بعد ذلك لثقافتها أو أي شئ آخر و لعل السبب في ذلك يعود إلى أمرين و هما أن المثقف العربي يتمتع للأسف بشيزوفرانيا منقطعة النظير يحسد عليها ، و الأمر الآخر أن المرأة العربية التي نشأت وسط كل هذا القسر و التخلف تساعد الرجل في ذلك، للأسف المرأة العربية لم تتحول إلى امرأة حقيقية بعد.

    * " سيرة الحياة التي سقطت علينا" من أقوال الكاتب والمخرج المسرحي العراقي هادي المهدي

  2. #2
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخ الفاضل الاديب والناقد السينمائي الكبير الاستاذ محمود الغيطاني

    بعد ان اطلعت على الجزء الاول , من هذا الحوار , والذي سلّط الضوء ببراعة , على ازمة التقد والنقاد , وخاصة في مجال النقد السينمائي , حيث وضعت يدك على الجرح مباشرة , قادني الاعجاب والايمان , برؤيتك وتحليلك للمشكلة , الى انتظار الجزء الثاني , من المقابلة الحوارية , والتي جاءت لتعمق الرؤية , وتقرر التوسع في فتح الجرح , طولا وعرضا وعمقا , عبر استخدام روايتك الرائعة " كائن العزلة " كأنموذج دراسة الحالة , ويبدأ التحليل , ليغطي ملامح مشكلة المثقف العربي , وشعور الاغتراب الذي يعيشه هذا المثقف , وتداعيات هذا الشعور وهذه الحالة , مقدما الشواهد , ومستدركا الازمات الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية , التي يعيشها هذا المثقف , نتيجة عدم التوافق والتلاؤم , مع مجتمع الزيف والعصرنة , حيث يشعر المثقف بالغربة, في مجتمع لايملك القيّم , لايملك نواميسا او اخلاقيات , وقد تطرق الحوار بشكل لافت لازمة المرأة , في المجتمع العربي , والتناقض الحاصل , حيث مازالت المرأة , في مرحلة الكلام , ولم تحقق , او لم تسعى لتحقيق ذاتها , في مجتمع ذكوري سلطوي , مستحضرا و احد شخوص رواية " كائن العزلة " وهي لينا , انموذج المرأة المثالي , الذي نتطلع اليه .
    اجدت الرؤية والتحليل , بارك الـلـه بك .
    واعود لاسجل لك ايها الاديب والناقد الفذ , جزيل الشكر , لهذه المقابلة الحوارية , التي نقلتها لنا , ولهذا الجهد الطيب .

    اخوكم
    السمان

  3. #3
    روائي وناقد سينمائي
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : مصر
    المشاركات : 109
    المواضيع : 37
    الردود : 109
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الصديق القدير الدكتور محمد حسن السمان
    أشكرك كثيرا على متابعة الحوار الذي دار بيني و بين منال خميس ، و كم سعدت لأنه يستحق القراءة و أثار شيئا و لو بسيطا من المسكوت عنه في أوساطنا الثقافية الفاسدة ، كما أشكرك على قراءتك الحوار بكل هذا العمق حتى أنني قد ظننتك و الله قد قرأت كائن العزلة من خلال ما كتبته أنت تعليقا على الحوار ، و لقد حاولت اضافة أحد فصول الرواية من قبل الى الواحة الا أني لم أستطع نظرا للمشكلة التي جعلتني لم أكتب في المنتدى منذ فترة و هي احكام الصفحات بعدد معين من الكلمات ، على أي حال تقبل محبتي و تقديري الجم لك
    تحياتي
    محمود الغيطاني

المواضيع المتشابهه

  1. الــحـنـ ـــونة رحلت بجسدها !وتحلق بروحها الطاهره حولنا ...!!!!
    بواسطة سحرحيدر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 11-05-2008, 07:35 PM
  2. قارئة الفنجان( انظر إلى وجه قهوتك وانظر ما يدور قي ذهنك)
    بواسطة سمو الكعبي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 22-12-2007, 09:20 PM
  3. ما يدور حولنا الآن هو الموت الحتمي للمثقف العربي(الجزء الأول)
    بواسطة محمود الغيطاني في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-07-2006, 08:33 PM
  4. أطباء أدباء - قراءة - الجزء الثاني و الأخير
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-04-2006, 06:16 PM