كان في زمن بعيد ولد نشيط، كان يذهب للمدرسة في تمام الساعة الثامنة، وكان شقي يحب اللعب والضحك وفيه ذكاء ليس لأحد إلا للقليل، ولكن كان فيه شيء لا يحبه أحد من حوله ولا يحبه أي إنسان يحب الصدق هو أنه كان يكذب، وكان يخترع أشياء لم تكن حدثت، وكان كلا من والديه ينصحه بأن يترك الكذب لأنه ليس شيء حسن بل سيء وفي غاية السوء.
وفي يوم ذهب الولد لكي يتنزه في الغابة المجاورة لقريته، وفي أثناء سيره فيها وجد قرد صغير يمشي في الغابة وكأنه ضل طريقه، وبعد ثواني معدودة ذهب القرد الصغير للولد وسأله: هل رأيت شجرة كبيرة في أول طريق عليها بيت صغير مكتوب عليه القرد الجميل
وقال له: القرد لو أخبرتني أين هو أعطيتك هذه الموزة الكبيرة،
فقال له الولد: نعم رأيته هناك وأخبره عن مكان.
ذهب القرد بسرعة إلى المكان الذي أشار إليه الولد، ولكنه عاد حزين لأنه لم يجد منزله الصغير وأخذ يسير في طريقه حتى وصل لشجرة صغيرة وجد القرد الولد عندها.
وقال له: لم أجد بيتي الصغير وبعد ذلك وجد الشجرة تهتز بقوة فنظر إليها فوجد أمه ففرح فرحا شديدا، وأخذته أمه وضمته إلى صدرها وقال لها يا أمي هذا الولد كذب علي فلقد قال لي أن البيت من هذا الطريق وأعطيته موزة كبيرة مكافأة له.
فقالت له أمه: سوف نعاقبه على كذبه فأخذت أم القرد الصغير هذا الولد إلى البيت الصغير.
وقالت لزوجها: كيف نعاقب هذا الولد على كذبه، فخاف الولد وقال لهم: أبي صياد ماهر إذا عرف أنكم أخذتموني سيعاقبكم بالصيد، ولكنهم كانوا يعرفون أن أبوه طبيب مشهور وطيب القلب.
ونظر الولد بجانبه فوجد حذاء رائع شكله جميل فقال لهم إذا أعطيتموني هذا الحذاء لا اخبر أبي بما فعلتموه بي.
فقالت أم القرد: سنعطيك الحذاء شرط أن تلبسه دائما فوافق الولد واخذ الحذاء، وقالوا له هذا الحذاء سحري فنحن نحذرك من الكذب فسوف يضرك فقال: أعاهدكم على عدم الكذب، واخذ الولد الحذاء وبمجرد خروجه من البيت الصغير نسى عهده مع القرود وذهب للبيت.
وفي صباح اليوم التالي ذهب الولد للمدرسة وسأله أصحابه: من أين لك هذا الحذاء الرائع فلقد أعجبنا جميعا ولكنه لم يخبرهم بالحقيقة، وقال بعثه خالي لي من الخارج وبعد أن قال لهم ذلك أخذ الحذاء يضم على رجليه حتى كاد أن تنفصل عن جسده، فعرف أن تحذير القرود له كان صحيحا، وأن هذا الحذاء سحري فأخبرهم بالحقيقة فأخذ الحذاء يفتح ويخف الألم شيئا فشيء.
وذهب الولد للبيت وسألته أمه: من أين أتيت بالحذاء؟ فقال لها: أن صديق أهداه له فأحذ الحذاء يضم على رجليه والألم يزداد فأخبر أمه بالحقيقة.
فقالت له أمه: كنت أتمنى أن أشتري لك مثل هذا الحذاء السحري وألزمتها أن يلبسه دائما.
وكان الولد كلما كذب ضم الحذاء على رجليه ويتألم الولد فيرغمه الحذاء على إخبار الناس بالحقيقة وبعد أشهر من ذلك تعود الولد على قول الصدق، ولم يعد يكذب أبداً..
ومن وقتها أحبه الناس جميعاً.. واحتفظ الولد بحذائه، وسماه "الحذاء المنجي من الكذب".