الكتاب الإلكتروني..هل يقضي علي الكتاب المطبوع؟
تحقيق: د. زينب العسال
.............................
د. السيد نجم: علينا الاعتراف بثورة "النت" في مجال المعلومات
حسني سيد لبيب: الضوابط مطلوبة.. لمنع الإسفاف والتفاهة!
شبلول: لا تعارض بين الرقمي والورقي
د. الضبع: حركة موازية تفيد ثقافتنا العربية
طرحت "قضايا أدبية" السؤال في ندوتها بنقابة الصحفيين: هل يتقلص دور الكتاب الورقي. أو يختفي. في ظل المد الواضح للكتاب الإلكتروني؟
الشاعر أحمد فضل شبلول نائب رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب وجد أن إجابة هذا السؤال تؤكد أن الكتاب الإلكتروني لا يغني عن الكتاب الورقي. علي الأقل الآن. ولمدة عشرين عاما قادمة علي الأقل أيضا. فلايزال للكتاب الورقي سطوته وتأثيره. ولا تزال الأجيال التي تتلمذت أو تعلمت من خلال الكتاب الورقي. التي نستمد منها ثقافتنا سواء المسموعة أو المقروءة أو المكتوبة. ولانزال نطرب أو نستمتع. عندما نمسك بكتاب ورقي طبع قديما أو حديثا يحمل رواية جيدة. أو ديوان شعر أو مجموعة قصصية أو مسرحية أو دراسة أدبية أو نقدية. أو حتي دراسة علمية. أو أي شكل من أشكال الأدب والثقافة. لم نزل نسعد بذلك. ولاتزال رائحة الورق تجذبنا. حتي وإن كانت تلك الرائحة قديمة وعطنة. بل إن البعض يجد متعة كبيرة عندما يجذب كتابا قديما من فوق رفوف مكتبته. وينفض ما علق به من تراب. ويبدأ في فتح صفحاته المهترئة. أو التي اصفرت جراء عدم استخدامه لسنوات طويلة. أو جراء أمراض الورق كل هذا وغيره يشي بأن الكتاب الورقي لايزال متسيدا الموقف في اللحظة الراهنة. وأننا لم نتعود بعد علي قراءة كتاب بأكمله. بل نصف كتاب. بل مقالا طويلا علي الشاشة الإلكترونية. فمازالت أعيننا غير قادرة علي ذلك. ولاتزال عملية الربط بين حاسة العين والإدراك من خلال الشاشة. ولوقت طويل نسبيا. ضعيفة ورغم أن الكتابة عبر الشاشة حققت تقدما ملموسا. ربما أكثر من عملية القراءة. ولعلنا نستطيع القول إننا نعيش لحظات مشابهة من خلال ثورة النشر الإلكتروني. وثورة الإنترنت. وما أحدثته وتحدثه من تغيرات في البني الاجتماعية. وعلاقات الناس بعضهم ببعض.. مع ذلك فإنني أري أنه لا تعارض حاليا بين الورقي والرقمي. فكل منهما في خدمة الآخر. الرقمي جاء ليكمل الدور المفقود أو الناقص للورقي في عصر المعلومات. الورقي يمهد منذ سنوات للعصر الرقمي والثورة الرقمية. بدليل هذا الكم الهائل من الكتب الورقية المؤلفة والمترجمة والمقالات والأبحاث المنشورة ورقيا. وتتحدث عن ثورة الوسائط المعلوماتية. أو ثورة الإنفوميديا. وثورة النشر الإلكتروني. ومستقبل ما بعد الإنترنت. وعلاقة الكمبيوتر بالثقافة والفنون.... الخ.
وفي تقدير د. مصطفي الضبع أن النشر الإلكتروني ليس بديلا. لا مضادا للنشر الورقي. وإنما يمثل النشر الإلكتروني شكلا ووسيطا مساعدا يعمل علي توسيع إطار المنشور حتي لو كان ورقيا. بدليل إعادة نشر أعمال تراثية. أو أعمال عرضت ورقيا. ولكن نظرا لحالة التوزيع والنشر في الوطن العربي بكل ما لها من مشكلات. نجد أن الساحة العربية تحديدا أشد احتياجا للنشر الإلكتروني. وهو المثال الواضح في الساحة الثقافية العربية. وعلي هذا الأساس يمثل النشر الإلكتروني أحد أهم الركائز لحركة النشر الثقافي العربي. والملاحظ أن حركة النشر الإلكتروني كما أنها أفرزت كتابها ومبدعيها. فقد أفرزت نقادها أيضا ولهذا يمكن اعتبارها حركة موازية للنشر الورقي. أو مكملة للنشر الورقي يمكن الإفادة منها لخدمة الثقافة العربية.
أما د. السيد نجم فقد عقد مقارنة بين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي فالرقمي يمكن تخزينه في اسطوانة منخفضة التكاليف خفيف الوزن. لذا يسهل استخدامها وحملها ونقلها من مكان لآخر ويمكن فتح الحاسب الآلي في أي بقعة من العالم كما يمكن عن طريق الإنترنت التواصل مع الآخرين والتحدث إليهم.. فمثلا يمكن التواصل مع إخواننا عرب المهجر. وأدي سهولة التوزيع إلي اكتساب النشر الإلكتروني ميزة أكبر في توزيع الكتاب عن الورقي. أضف إلي ذلك تطبيق التقنية الفنية الرقمية في الإخراج الفني للكتاب الإلكتروني. بإمكانات لا تتوافر للكتاب التقليدي. كما أمكن استخدام التقنية الفنية للحاسب الآلي في كتابة رواية رقمية لا تصلح للطباعة المتعارف عليها. ويشكل هذا اللون من الكتابة الرقمية للرواية عالما جديدا في مجال الإبداع الأدبي والفني.
لكن السيد نجم أبدي تحفظه علي هذا الشكل الجديد من الكتابة. وأشار إلي محاولة في هذا المجال لم تنل قبولا من وجهة نظره. وذكر أن الروائي الأردني محمد سناجلة هو صاحب أول رواية رقمية تفاعلية في الأدب العربي. وقد اطلق عليها اسم "ظلال الواحد". ثم تلاها برواية أخري هي "تشات" وصفت بأنها الأكثر اكتمالا ونضجا في مجال الكتابة الرقمية المنتجة حتي الآن إلا أننا والقول لسيد نجم لا يمكننا الاستغناء عن الكتاب الرقمي. برغم أهمية الاستفادة من التقنية الرقمية حيث يمكننا طباعة الكتاب الرقمي لسهولة قراءته. كما أن فنون المسرح والسينما والتليفزيون لم تلغ الفنون المستحدثة فنا قائما. فللكتاب الورقي مجاله جنبا إلي جنب مع الكتاب الإلكتروني. وقد نجح النت في إحداث ثورة في الإعلام. من حيث سرعة نشر المعلومة قبل أن تنشرها الصحف وتبثها الإذاعة وقنوات التليفزيون.
ضوابط
وتحدث الروائي حسني لبيب عن ضعف المواقع العربية من حيث أدائها لوظيفتها وعلي سبيل المثال لم يتم تنمية حاسة الابتكار للطفل وتساءل عن مستقبل الكاتب المحترف مع دور النشر الإلكتروني. وأصبح هذا النشر بلا مقابل. وفي هذا هضم لحقوق الكاتب. لذا من المهم وضع ضوابط للنشر الإلكتروني كي نحفظ للكاتب حقوقه. ولا مانع من أن يدخل اتحاد الكتاب طرفا لضمان حقوق التأليف. ولم يخف لبيب إعجابه بالكتاب الورقي. فمن الممكن بعد خمسين عاما من صدور الكتاب الورقي. أن يتناوله المرأ من ركنه الأثير في المكتبة. وينفض التراب عنه. ويتصفحه. أو يقرأه وشدد حسني لبيب علي النظر في الموضوعات التي يكتبها أصحابها ولا تخص ثقافة النت. منها التعليقات السخيفة والتافهة. والشتائم والتلاسن بألفاظ لا تليق. مما يشكل عبئا علي المساحة التي يشغلها أصحابها بلا طائل. ويري لبيب أن أصحاب المواقع مسئولون عما ينشر فيها. لمنع الإسفاف والتفاهة.
واستعرض القاص سيد عبدالحميد التطور التاريخي لصناعة الحاسب الآلي. منذ كان حجمه في حجم غرفة كبيرة. كما أن التقنية الفنية للحاسوب اعتمدت منذ تصميمها الأولي علي النظام الثنائي. أو اللغة الثنائية التي تعتمد علي الوضعين: الصفر والواحد. والتي كانت سببا لثورة المعلومات. وللتطور السريع لتكنولوجيا المعلومات. وتحدث عبدالحميد عن المنافسة بين الكتابين الورقي والرقمي. وعن أهمية استخدام الكتاب الورقي جنبا إلي جنب مع صنوه المنافس له. وعند نسخ الكتب القيمة والتراث والموسوعات وغيرها. يفضل تصويرها علي "السكانر" فتظهر كل صفحة بحالتها في الكتاب الورقي. وطالب سيد عبدالحميد بتنظيم علاقة النشر علي النت مع وجود رقابة. وضمان حقوق المؤلف.
أما د. حازم كيوان فقد أبدي تخوفه من المنافسة بين التقنية الرقمية والطباعة التي قد تقضي علي أصل النص الطباعي.
...............................
عن صحيقة "المساء" ـ 29/7/2006م.